مرثية الحردلو: كان فناناً حتى أطراف اصابعه ..بقلم :الحسن محمد سعيد

مرثية الحردلو: كان فناناً حتى أطراف اصابعه ..بقلم :الحسن محمد سعيد


06-10-2012, 11:51 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=390&msg=1339325464&rn=0


Post: #1
Title: مرثية الحردلو: كان فناناً حتى أطراف اصابعه ..بقلم :الحسن محمد سعيد
Author: adil amin
Date: 06-10-2012, 11:51 AM


clip_image68.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

زين الرجال ..
كان فناناً حتى أطراف أصابعه

الحسن محمد سعيد*



رحم الله سيد احمد الحردلو ، زين الرجال ..

في إحدى الأمسيات كنا نسير معاً ، في شوارع صنعاء ، وكان يحب هذه المدينة وأهلها ، ويعشق أمسياتها ، ومجالس ( قاتها) .. توقف فجأة وقال لي خالطاً الجد بالهزل:

- قلبي يحدثني بأنني سأموت قبلك.. ماذا ستكتب عني ؟!

تعجبت لهذا القول ، الذي رماه عليَّ دون مقدمات ـ فانداحت دواخلي التي كانت ساكنة في شكل دوائر تتلاحق، كأنها سطح بحيرة تلقت حجراً من السماء..

قلت مازحاً ، وأنا أغالب لطمة حديث كالهول الأعظم:
- سأكتب عنك ما كتبه الشاعر صلاح عبد الصبور ، عن إبراهيم المازني ، في كتابة القيَّم ( ماذا يبقى منهم للتاريخ ) وهو يتحدث عن عمالقة التنوير في مصر .. سأقول للناس (كان فناناً حتى أطراف أصابعه)

شعرت لحظتئذٍ أن عبارتي المازحة أراحته، فأطلق قهقهته العالية ذات اللزمة الخاصة به ، ومضينا في طريقنا ، نواصل ما أنقطع من حديث ..

ظل هذا الموقف حاضراً في ذهني ، ومحفوراً في ذاكرتي.. وها هو الآن يتجدد مجلجلاً.. فقد صدق حدسه ، إذ إختاره الله إلى جواره، وأصبح واجباً عليَّ أن أفي ما وعدته به .. وها أنذا أقول لكم صادقاً: (كان فناناً حتى أطراف أصابعه)..

والغريب في الآمر أن تلك ( العبارة) ألحت عليَّ في موقفين:

الأول: عندما توفى المهندس والفنان التشكيلي والكركتيرست والكاتب اليمني الساخر عبد اللطيف الربيع، فجاءتني تدق باب الذاكرة، وهي أكثر صدقاً في التعبير عن هذا الفنان الرائع..

والثاني: عندما توفى الفنان السوداني محمد وردي، فسكنتني هذه (العبارة) نائحة تطرق أبوابي في رثاء هذا الفنان العملاق..

إنني أشعر الآن ، كأني على قدر معها .. فقد رحل الشاعر الإنسان!!

علاقتي بالحردلو ترجع لعام 1965.. ولكن حقيقة كنت أعرفه دون أن يعرفني قبل هذا التاريخ، لأنه شاعر له أسمه في الساحة الأدبية السودانية..

ومن المواقف التي يجب أن تذكر ، وقد (جاء يوم شكره)، أن جاءني الصديق محمود محمد مدني، رحمه الله ، وهو يحمل ظرفاً .. أعطاني الظرف وطلب مني قراءة ما فيه والتفاكر حوله ..

فتحت الظرف ، فوجدت فيه مخطوطاً بقلم الحبر الأزرق، عبارة عن أورق ( فولسكاب ) أبيض مستطيل ، بخط يد نظيف وواضح الحروف والكلمات ، كل مجموعة منها (مدبسة) مع بعضها، وتمثل ( حلقة ) لمقال ينشر على خمس حلقات.. لفت نظري أسم سيد أحمد الحردلو، فتوقفت قليلاً، ثم واصلت إلتهام الكلمات والسطور.. فانطبع الخط ورسم الحرف في ذهني.. وصرت من يومها، أعرف خط الحردلو بين مئات الخطوط..

الموضوع كان عبارة عن رسالة طويلة موجهة إلى رئيس الوزراء .. كان ذلك قبل شهور من ثورة أكتوبر 1964، أبان فترة الديمقراطية التي أعقبت حكم الفريق إبراهيم عبود (العسكري) ..

كان وقتئذٍ رئيس الوزراء هو محمد احمد محجوب، كما أنه في نفس الوقت يشغل منصب وزير الخارجية..

كانت رسالة الحردلو الشخصية لمحمود محمد مدني هي الرجاء بنشر ذلك المقال في واحدة من الصحف المستقلة : الأيام أو الصحافة أو الرآي العام.. وكان محمود محمد مدني في ذلك الزمن يعمل ضمن هيئة تحرير صحيفة الصحافة.. إستعجبت!! لماذا لم يعمل محمود على نشر المقال في جريدة الصحافة التي يعمل بها؟!!.. لم أسأله !!

أخذت المقال ، وقرأته بتأنٍ وعمق ، ساعدني على ذلك ، جمال لفظه، وقوة منطقه، وشجاعة كاتبه ، وشاعرية كلمته..

حينما جاءني محمود محمد مدني في اليوم التالي، لم أجد صعوبة في إقناعه بنشر المقال في جريدة ( الميدان) الناطقة بإسم الحزب الشيوعي السوداني..

وكان وقتها ، قد تحالفت الأحزاب التقليدية لإقصاء حكومة التوافق الوطني التي أعقبت ثورة أكتوبر مباشرة .. كانت الأحزاب التقليدية تواقة لإجراء إنتخابات ، وتشكيل حكومة ديمقراطية .. وتم ما أرادت ، حيث تولى فيها إسماعيل الأزهري رئاسة مجلس السيادة، ومحمد أحمد محجوب رئاسة مجلس الوزراء إلى جانب وزارة الخارجية..

وأذكر أننا ذهبنا معاً لجريدة ( الميدان) وكانت بالقرب من مطبعة التمدن بالخرطوم، فوجدنا سمير جرجس وعمر مصطفى المكي وآخرين لا أعرفهم ، ربما التجاني الطيب كان واحداً منهم، لا أذكر بالضبط.. قلنا للأستاذ سمير جرجس: هذا المقال أرسله سيد احمد الحردلو من القاهرة، وطلب نشره في جريدة الأيام أو الصحافة أو الرأي العام ، ولكنا وعلى مسؤوليتنا ، خالفنا طلبه، وجئنا بالمقال إلى ( الميدان) فإن لم (تنشروه)، نرجو إعادته لنا ..

أذكر أن سمير جرجس أخذ المقال ، دون أن يبدي لنا إهتماماً به.. لكنه وعدنا مخلصاً ، بأنه إذا لم ينشره سيعيده إلينا ..

كانت المفاجأة ، أن وجدنا المقال منشوراً في اليوم التالي في جريدة الميدان، وبأخراج وواضح وبارز .. ثم واظبت على نشرة بطريقة متوالية.. بل إنني عرفت فيما بعد أن نسبة توزيع ( الميدان) قد زادت بطريقة غير مألوفة.. والسبب يرجع لذلك المقال الفريد..

عندما حضر الحردلو من القاهرة، أتى به محمود محمد مدني إلى منزلنا في حي ( المايقوما) في الخرطوم.. وكان ذلك بداية معرفتي به معرفة شخصية، ومن تلك اللحظة تعمقت صلتي به، وأذكر أنني كتبت مقالاً عن مجموعته القصصية الوحيدة ( ملعون أبوكي بلد)..

كان كريماً معنا ، فلم يعاتبنا على تجاهلنا لرغبته ، في نشر مقاله في أحدى الصحف الثلاث المستقلة .. ولم يغضب في نشر مقالته في صحيفة حزبية صارخة..

ومن المفارقات التي عرفتها بعد ذلك، أن الأستاذ أحمد سليمان المحامي، وكان وقتها عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، قال للأستاذ عبد الله علي إبراهيم وهو كاتب يساري له قلمه المميز، وطعمه الخاص ، ورحيقه الذي يدل عليه، ما معناه : نريد منكم عرض مبادئ الحزب بالأسلوب الذي عالج به الحردلو فكرته في رسالته لرئيس الوزراء.. هذا الأسلوب الجميل البسيط، هو الذي يدخل العقل والقلب معاً..

ومن المفارقات أيضاً أن هذا المقال الذي نشرته ( الميدان) كاد يحرم الحردلو من الإنضمام لوزارة الخارجية.. فنكون أنا ومحمود قد أجرمنا في حقه، وإن كنا نقصد له الخير، كل الخير..

لقد تقدم سيد أحمد الحردلو ، وهو خريج آداب ، لغة إنجليزية، جامعة القاهرة ، لإمتحان عُقد في وزارة الخارجية ، فكان أول دفعته.. كانت تلك نتيجة باهرة ، ميَّزته .. فتحدث الأستاذ عبد الكريم ميرغني وكيل وزارة الخارجية ساعتئذٍ للأستاذ محمد أحمد محجوب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ، وقال له كما هي عادته عندما يخاطب المحجوب :

- يا Boss ( ياريس) الحردلو صاحب مقال ( الميدان ) هو أول الدفعة، هل تقبله أم لكم رآي آخر؟

كان المحجوب عظيماً في هذا الموقف ، وهو المفكر والشاعر والقاضي والمثقف، والرائد الذي لا يكذب أهله.. فقال له:

- فهل هناك أعظم من هذا الشاب.. هؤلاء وأمثالهم من يشغل وظائف الخارجية..

رغم أن الحردلو هاجمه في ذلك المقال ، إلا أن الهجوم لم يشعله غضباً، ولم يحمَّله إنتقاماً ، ولم يعمه عن الحقيقة.. هؤلاء هم الرجال الذي رفعوا إسم السودان عالياً في المحافل الدولية.. وهؤلاء هم رجالات ديمقراطية ( وست منستر) التي تشربناها منهم ومن جيل الإستقلال..

كانت ( مقالة ) الحردلو تلك قطعة من الشعر الأصيل الكلم.. والفكر المستنير الحر.. والجسارة الشجاعة بوعي .. والنبع الذي يتفجر غديره من مبادىء ثورة أكتوبر 64.. والكلمة المهيبة التي تستمد عنفوانها من الحق.. رسالة فيها من روح الإنسانية ، والبحث عن الدولة المدينة ، ما جعلت عملاقاً في حجم محمد أحمد محجوب، يتقبلها بما تستحق من إحترام..

إتخذ الحردلو في تلك ( المقالة ) منهج الكاتب والشاعر والروائي العظيم عبد الرحمن الشرقاوي، في رسالته الشهيرة (من أب مصري إلى الرئيس ترومان)، وإن أختلف الموضوع والمخاطب.. فكانت لها فرادتها السودانية الخاصة التي تستمد رحيقها من أرض السودان ، غاباته وصحاريه، وروافد نيله.. كانت قطعة فنية لفنان رضع ذلك الفن من باسقات نخيل الشمال، وشموخ جروفه، في تنقاسي وناوا..

ذلك هو الحردلو الشاعر، الذي إسْتعرتُ له عبارة صلاح عبد الصبور الخالدة، بأنه كان (فناناً حتى أطراف أصابعه) .. أما الحردلو الدبلوماسي المثقف، فقد خبرته في صنعاء، عن قرب، وعايشته كصديق، فتأكدت لي أنسانيته وحبه لخدمة الناس، مادياً ومعنوياً..

كان ذو صداقات كُثر للمثقفين اليمنيين.. تعمقت تلك الصداقات في القاهرة وباريس ولندن وتونس.. وعندما جاء صنعاء سفيراً ، فتح لنا (صالونه) لنتعرف وبعمق إلى هامات فكرية وثقافية وسياسية يمنية، أمثال الأستاذ الدكتور عبد الكريم الإرياني، رئيس الوزراء السابق، ووزير الخارجية وقتئذٍ.. الأستاذ الدكتور عبد العزيز المقالح الشاعر الأشهر ومدير جامعة صنعاء، ورئيس مركز الدراسات والبحوث اليمنية.. الأستاذ الدكتور يوسف محمد عبد الله .. الأستاذ عبد الله غانم.. الأستاذ باديب.. الأستاذ عمر الجاوي.. الأستاذ الدكتور سعيد الشيباني.. الأستاذ زين السقاف وغيرهم.. وغيرهم .. وكان مجلسه دوماً يحفل بالفعاليات الثقافية والسياسية اليمنية على إختلاف المذهب والمشارب والإتجاهات ، فإتاح لنا فرصة أن نكون قريبين من كل هؤلاء ، لنعرف المجتمع اليمني الذي نعيش فيه..

ليس ذلك فحسب، بل فتح ( ديوانه) للقيادات الفكرية والثقافية العربية فأقتربنا لأول مرة من محمود أمين العالم ، عبد الوهاب البياتي ، سهيل أدريس، سليمان العيسى.. بل لا أبالغ أن قلت أننا تعرفنا بعمق ناضج إلى الشاعر السوداني محمد الفيتوري.. فكانت فترته بصنعاء فترة حية مليئة بالعطاء الذي أصبح تاريخاً وذكرى..

لم يكن ذلك العطاء عند تلك الروافد الوفيرة فحسب، وأنما تعداها لبسطاء السودانيين الذين أجبرتهم ظروف الحياة القاسية للهجرة، ونتيجة لأسباب متعددة، أصبح وجودهم في اليمن، بلا ( مشروعية قانونية) ، فأثقلت كواهلهم الإلتزامات المالية كغرامات عقابية.. سعى مخلصاً لدى السلطات اليمنية فأكرمته بحل كل ذلك الأشكال بأريحية حاتمية .. أبعد من ذلك ، فكان سعيه المقدر لدى السطلات اليمنية ، ليجعل أبناء السودانيين يدرسون في جامعة صنعاء مجاناً ، بما في ذلك كلية الطب.. وأشهد بذلك لله وللتاريخ..

كل ذلك لم يشفع له ، عندما غابت المبادئ والأخلاقيات التي حملها محمد أحمد محجوب يوماً ، فكان نصيبه الطرد من وزارة الخارجية للصالح العام.. ولكن اليمن لم تنس قدره فمنحته حق اللجوء السياسي على أرضها، ليكون كريماً كما كان.. فأنشد لها ديواناً (أنتم الناس أيها اليمانيون)..

حلم بسودان عملاق ، كريم الأرومة، عربياً وأفريقياً، فأنشد رائعته: (يا بلدي يا حبوب)..

ولكنه ....
- الزمن الوغد !!
- الزمن المنحط!!

هدته السياسة.. وهداه المرض.. فأضعفته الأيام بظلمتها السرمدية
رحل عنا سيد أحمد.. مات في بلد :
مبتور القامة !!
مجزوز الساقين!!

رحم الله سيد أحمد الحردلو، زين الرجال.




صنعاء 08/06/2012

Post: #2
Title: Re: مرثية الحردلو: كان فناناً حتى أطراف اصابعه ..بقلم :الحسن محمد سع
Author: adil amin
Date: 06-10-2012, 12:05 PM
Parent: #1

Quote: حلم بسودان عملاق ، كريم الأرومة، عربياً وأفريقياً، فأنشد رائعته: (يا بلدي يا حبوب)..

ولكنه ....
- الزمن الوغد !!
- الزمن المنحط!!

هدته السياسة.. وهداه المرض.. فأضعفته الأيام بظلمتها السرمدية
رحل عنا سيد أحمد.. مات في بلد :
مبتور القامة !!
مجزوز الساقين!!

رحم الله سيد أحمد الحردلو، زين الرجال.






ناوليني القات وابتسمي*
نعم اخي الحسن محمد سعيد..هو كذلك وحتى لا تبقى تجربة صنعاء حلقة مفقودة في دارونية السيرة الذاتية للرجل القامة سيد احمد الحردلو..السفير السوبر..في البلد الاستثنائي..الذى يقدر السودانيين...اليمن السعيد...
ولا ذلت اذكر عندما اتصلت به تلفونيا لاخبره بان مقاله الذى ارسلة معك قد تم نشره في صحفية الثورة اليمنية واثار ضجة الضو في المكان..اخبرته اني عادل امين واتصل به من صنعاء والنشيد الاخضر ويبدو ان كلمة صنعاء اشعلت فيه جزوة الحياة..واخذ في هذيان الشاعر يسالني عن اليمن وعن احوال اهلها وعن الشعراء الذى لا يتبعهم الغاوون..وعن المقايل وعن باب اليمن والتحرير ومقيل المقالح العتيد وعن د.نزار غانم...حتى انقطع الاتصال..
رغم ان الاقدار لها تصاريفها..ولكن لو حمله الذى عنده علم من الكتاب ، على اجنحة الريح من بلاد كوش عبر بحر القلزم الى عتبات بلقيس عند حضارة مارب ..كمااراد ان يفعل جن سليمان بعرش بلقيس..لنهض من مرضه العضال..وحدق بلا وجه ورقص بلا ساق..وزحم بطبوله وراياته الافاق....
رقصة البرع في ميدان التحرير...او الزرنيق في تهامة..او ترانيم المحضار في سواحل المكلا..او خفقة امواج عدن..ولا بد من صنعاء وان طال السفر..الله يرحم (سيد...احمد) الحردلو...هكذا مجزئة كما ينطقها اليمنيون...


هوامش مقطع قصيدة للحردلو من كتاب جسر الوجدان بين اليمن والسودان/د.نزار غانم

Post: #3
Title: Re: مرثية الحردلو: كان فناناً حتى أطراف اصابعه ..بقلم :الحسن محمد سع
Author: مبارك عثمان
Date: 06-10-2012, 03:46 PM
Parent: #2

رحم الله الحردلو السفير البلد الممثل الحقيقي
للسودان حيا ومميتا ونذكر ايامنا معه في هذا البلد السعيد
يوم كلنا نوزن اجسادنا ذهبا وقيمنا بكل اطيافنا تحت رعايته بعدالله
رحمك الله رحمة واسعه
ولله درك ياهذا البلد وذاك اذ جمعتنا بامثال هولاء الدرر من الرجال

Post: #4
Title: Re: مرثية الحردلو: كان فناناً حتى أطراف اصابعه ..بقلم :الحسن محمد سع
Author: adil amin
Date: 06-10-2012, 06:54 PM
Parent: #3

ناوليني القات وابتسمي
صحيفة 26سبتمبر

< سيد احمد الحردلو
(1)
جاءت تموسق
خطوها
وكأنه خطو اليمن
هل أنت نهر
أم نهارُ
يا مليحة- أم وطن؟
(2)
هل تبصرين وجوهنا
تنداح
من بدء الزمن؟
تروي لنا أخبارنا
من عهد مأرب..
أو يزن
كنا هناك
فاننا
في البدء.. كان لنا سكن
(3)
ماذا جرى؟
فأنا أرى
كل العروبة في شجن!
وأكاد أبصرها
تموت و ليس يسترها كفن
كيف الهروب
من الهروب
وماالذي يجري- إذن-؟
ماذا مقام الحر
في وطن..
مباح ممتهنٌ
ماذا يكونُ
الحسنَ والحسناءُ
في عصر الدِّمن؟
(4)
هذي- إذن- صنعاء-
عصماء العواصم
والمدُن
ترتاح
في ظل الجبال..
كأنها ظل الزمن
أسوارها
تحكي لنا
سجناً وسجاناً ظعن
والله- يا صنعاء-
حين وجدت
نصفك في عدن
ألفيت نفسي
مثل عصفور
يدندن في فنن
هل مرة
شاهدت عاصمة
تخلت للوطن؟
أو أن حكما سابقا
مازال موفور البدن؟
من غيركم..
ياسادة الدنيا..
ويا أهل اليمن!
(5)
ان النهار أتى
وعلق شمسه
فوق القنن
هل تطعمينا سلتةً..
فيها شفاءُ
من وهن؟
هل ذقتها دفدافة
تغلي..
بصوت قد رطن؟
من لم يذقها
لم يذق شيئاً- بتاتاً-
في اليمن!
(6)
يا.. ناوليني القات
وابتسمي
فأنت لنا وطن
والقات يشجيني
وبعض القات..
أخره شجن
هذي مداعتنا.. تكركر
من لدنك الى تبن
إن السجاير محنة
لكنها
أشهى المحن
كيف الهروب
من الهروب
وما الذي يجري- إذن-؟
هل أنت
أسفة علينا
أم على هذا العفن؟
هانحن
في وطن نحب
وليس فيه لنا سكن!
هل نحن
مكتوب علينا
ان نموت على حزن
أوليس للإنسان
في هذي العروبة..
من ثمن؟
أوليس..؟
إن القات يطربني
كما الوجه الحسن
(7)
يا.. ناوليني القات
وابتسمي،
فأنت لنا وطن
وأنا أرى
أن الخلاص-
كما البداية-
في اليمن.

صنعاء - يوليو 1992م
السفيرالسوداني السابق لدى اليمن.

Post: #5
Title: Re: مرثية الحردلو: كان فناناً حتى أطراف اصابعه ..بقلم :الحسن محمد سع
Author: adil amin
Date: 06-10-2012, 07:02 PM
Parent: #4

شكرا يا مبارك
على مرورك البهي
وبالله كلم الناس ديل
عن ما تعلمناه من اليمن ولم يتعلموه في الشتات
وكيف نهضت اليمن كطائر الفينيق من رماد الربيع العربي المزعوم...وانظر الى الاشارات في قصيدة حفيد زرقاء اليمامة الراحل الحردلو في وصف اليمن وشعبها...
الى خارطة طريق مزمنة
واجدر الناس ان يوصم بالفشل
هو الذى لا يتعظ من ااخطائه ولا يستفيد من تجارب الاخرين

Post: #6
Title: Re: مرثية الحردلو: كان فناناً حتى أطراف اصابعه ..بقلم :الحسن محمد سع
Author: adil amin
Date: 06-13-2012, 11:41 AM
Parent: #5

images-f5aedd813910.jpg Hosting at Sudaneseonline.com




اليمن الماضي العريق والحاضر الزاهر

باب اليمن- صنعاء
مراتع الشاعر الراحل سيد احمد الحردلو

Post: #7
Title: Re: مرثية الحردلو: كان فناناً حتى أطراف اصابعه ..بقلم :الحسن محمد سع
Author: adil amin
Date: 06-14-2012, 09:51 AM
Parent: #6

29-12-08-493828117.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


ثغر اليمن الباسم عدن
وان بقيت خطوات شاعرنا الفيلسوف على الرمال..فقد رحل شاعرنا الفحل ..