محاية باخوس, سمك وفول

محاية باخوس, سمك وفول


05-16-2012, 12:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=390&msg=1337166652&rn=0


Post: #1
Title: محاية باخوس, سمك وفول
Author: محمد مكى محمد
Date: 05-16-2012, 12:10 PM

فى الحالات العادية , ترى ذلك المشوار بعيداً جداً ولكن اذا ما تعلق الامر بمحاية باخوس , تنهب الشارع نهباً
بالطريق الشاقي الترام , عبر حفر دلوك ثم الحُفَر الاساسيه, حيث يستقبلك حسن , الكاهن الاكبر , هاشاً باشاً
إذا ما كنت من رواد الكرمة المعبد و يقدم لك ( الضواقة) من المخصوص, فتتسرب الى داخلك أولاً ثم تسرى فى
عروق وجدانك , فتنفرج الاسارير ويسيل اللعاب مدراراً وتبحث عن مكان لاخراج فائضه ثم تبدأ بتلاوة طلباتك من
جنس المحاية بمقدارين أو ثلاثه, حسب وحده العيار المتفق عليها وبمقدار من ينتظرونها.
وتبدأ التحضيرا بلمة عفوية مقصوده, عفويه لان الجميع يتظاهر بأنه حضر لبيت ناس فلان, او لمصطبة علان بالصدفة
أما مقصوده لان هذه (الصدفه) توافق يوم محدد من الاسبوع ومكان وزمان محددين , مع بداية مواعيد ( الكاروشة), وطبعاً الفرض مفهموم.
وهذه العاده عند أغلب الندماء السودانيين, بغض النظر , داخل السودان ام خارجه. يبدأ المشوار بأخذ ( الابريتص) من راس حمام الجيران المطل على الشارع
وتتسلقة فروع البلاب التى بين فرقاتها مخابئ آمنه لكل الادوات وصغار العصافير.
وغالباً ما يكون الحديث مع رفيق الطريق عن المستقبل القريب ماذا سيحدث ومن سيحضر واذا ما تم حجز الفول من بلة الفوال.
ويدب فى جسك نشاط غريب ووتتلاشى الخطوات المتسكعة وتتحول للخطوه واحد وعشرين بوصة , ويبدأ نقاش طويل ينسيك طول الطريق
وينزل الصمت الرهيب كلما اقتربت المسافة من صومعة باخوس , تطلق العنان بالتفكير فى نشوتها. يزيد الاحساس بالنشوة المرتقبة
.أما إذا كان رفيقك من النوع ( الشوشاوة) , فإنه يظل صامتاً طوال الطريق , ثم يصير ثرثاراً فجأة, عندها تعرف بأنك أقتربت من الهدف
ولا يصمت الا عندما يمسك بكباية القزاز ويجلس فى (طرف عنقريب) يشبه قطعة الباسطة , زمان طبعاً.

Post: #2
Title: Re: محاية باخوس, سمك وفول
Author: محمد مكى محمد
Date: 05-16-2012, 12:43 PM
Parent: #1

وما أن تبتل عروقة حتى يطلب كباية محايه كاملة , " شوف باللاى المحاية دى جملية كيف" يقولها وفبل أن يحتسيها
فتذهب معه الى داخل حجره, ذات طاقتين كل شى فيها غير منتظم, حتى (مروق) السقف كل واحد لا يشبه الآخر ومن الطاقة
يتسرب ما أتى من ضوء المدينة وشعاع القمر الشاحب , وقد تجد شخصين أو ثلاثة يجلسون على( بنابر) وربما تواجد (لستك) الغسيل
بالداخل ايضاً . لاتعرف ملامحهم فقط تتشابه اشباحهم الا من طال أو قصر. واحياناً ترى ملامح أحدهم حين يأتى آخر ويزيح (الملايه)
التى على مدخل الغرفة وتمثل بابها. فتلقى التحية ثم تتخذ مكاناً فى ركن الغرفة وتجلس على ما تيسر
ويواصل صاحبنا الثرثرة ويصير فى قمة الوداعة.
بعد ان تفرغ الكباية , سرعان ما يطالب ( الشوشاوة) باخرى ويتوالى فى وضع الاسباب لاقناعك " فلان الليلة جاى وانت عارفة براك
حيشرب المحاية دى كلها براو" أو " فلان جايب معاه ضيوف وانا ما عارف الشايلنو ده حيكفى ولا لا" " يا خ ما دايرين نجهجه راسنا ساى أخير
نمشى من هنا كويسسن, عشان لو نقص ما نتشرا" ز وفى غمضة عين وهو يشبه إسماعيل فى كتاب المطالعه ,تبدو بسمة فى شفتيه, لا تراها بعينك انما يصلك
الاحساس بها , حاملاً (كبايتن) . وبعد إفراغ نصف كوبه الثانى , يصير كائناً اجتماعياً كاملاً ومنفتحاً على الجميع وسرعان ما يتعرف على كل من بالغرفة
وويتحث مهم كأنهم أصدقاء عمره ويتررك وحيداً وبصير من الصعب إخراجة وتكثر ردوده على شاكلة " ياخ دقيقه واحده بس" " آى حسع بمنش بس انت أصبر شويه"
ولكن عندما تقول له " أوكى خلاص خليك انت قاعد هنا , انا حأشيل المحاية وأمشى" يتنفض سريعاً و "يعدل" الجلابيه ويتحرك نحو الباب.

Post: #3
Title: Re: محاية باخوس, سمك وفول
Author: محمد مكى محمد
Date: 05-16-2012, 01:08 PM
Parent: #2

طريق العوده يكون محفوفاً بالمخاطر أكثر, لان بعد (ضربة الهوا) تكون المناوره بين حفر مياه الغسيل و(البلاعات) اصعب
ويكن الظلام قد أرخى اسداله على المدينه العتيقه.ويكون اهتمامك منصب على أربعة أشياء. ان لا تقابلك (دورية بوليس)
وان لا تقابل أحداً من ناس ( الحله) وان تحافظ على( المحاية ) سليمة, وان تشغل رفيقك بالحديث حتى لا يقوم بتصرف مشبوه.
الحالتين الاولى والثانية لا تمثلان مشكلة كبيره , طالما نعرف ( الجخانين والزقايق) حيث يقل المارة ولكن هذا يزيد من احتملات المخاطرة
بألاخرتين حيث يكثر عدد الكـــــلاب , مما قد يسهم فى (سكَّة) ودلق المحاية.أو قد يقوم صاحبنا بالتحرش بالكــــــلاب بنفسة إثارتها .
وتتسابق مع الزمنالى مكان "الجلسه" لتجد الجميع قد تواجدوا بالمكان وتتعالى أصوات العتاب " إتأتخرتو كده مالكم؟"يا خى زهجتونا وقربنا نمشى زاتو"ز
ومن حسن حظنا فى ذلك الزمان لم تكن هناك ( موبايلات) والا لكانوا قد اتصلول حتى قبل أن نصل لحسن نفسة.
وسرعان ما تهدأ ثورتهم مع الرشفة الاولى وتبدا من هنا رحلة أخرى.