التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري

التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري


05-13-2012, 01:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=390&msg=1336868853&rn=0


Post: #1
Title: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 01:27 AM

(1)


Quote: مشكلتنا في السودان اننا لا نريد ان نسمع الحقيقة . بابكر بدري كتب تاريخ حياته في اخر عمره . و قام بتسليم ما كتب الى تلميذه في رفاعة محمد شبيكة ناظر مدرسة النهضة في امدرمان . و تلميذه في رفاعة كذلك و زوج ابنته و عميد مدراس بيت الامانة الاولية و الوسطى و الثانوية عبيد عبد النور . و لكن لم تنشر كل الاشياء . و لكن الدكتور بابكر علي بدري أورد بعض الاشياء في الجزء الأول عند اعادة طبعة , لم تورد في طبعة الخمسينات .
في سنة 1910 م قام ارتين باشا , الذي كان مسئولاً عن التعليم في السودان (أرمني ) بمقابلة بابكر بدري و أعجب بألمامه بكل التفاصيل بأحداث السودان . فطلب من بابكر بدري ان يكتب تاريخ السودان . فقام بابكر بدري بكتابة عدة كراسات ضخمة , كل كراس اربعة و ستين صفحة . فسمع بالموضوع الشيخ ود البدوي صاحب القبة في حي السردارية بامدرمان , على مرمى حجر من قبة المهدي . فطلب الكراسات , و طلب من بابكر بدري ان يرجع بعد فترة . و عندما رجع بابكر بدري وجد ان الشيخ ود البدوي قد أشعل ناراً و بدأ في تمزيق الكراسات و حرقها . و بالرغم من غضب بابكر بدري الشديد , لم يكن في استطاعته ان يرد على الشيخ ود البدري , الذي كان محترماً جداً و حتى خليفة المهدي كان يحترمه . و بالرغم من أن خليفة المهدي قد أعدم ثلاثة من رؤساء القضاء , في فترة قصيرة . الا انه أبقى على ود البدوي . و الذي عاش لعمر مديد . و قام بتعليم السيد عبد الرحمن الذي كان يسكن جاره في المنزل الذي أعطاه له سلاطين باشا و ونجت باشا السردار . و كان له مرتب خمسة جنيهات يستلمها السيد عبد الرحمن من السردارية كل شهر . الشيخ ود البدوي كان يقول لي بابكر بدري ( انت ما عارف اخلاق السودانيين , السودانيين ما عاوزين يسمعوا النصيحة , لو الكلام دا طلع حا يقتلوك ) .
بعد عشرات السنين و عندما كتب مكي شبيكة أول بروفسيور سوداني , كتابه عن تاريخ السودان ( السودان عبر القرون ) . و هذا كتاب علمي بالوثائق , انتظره الانصار بالرغم من انه انصاري ابن انصار و اعتدوا عليه بالضرب المبرح . الى ان حسبوه ميتاً . و أتى والده الذي كان تاجراً في الكاملين غاضباً . و ذهب الى السيد عبد الرحمن في السرايا . و احتج على خيابة الاولاد الذين لم يقضوا على ابنه . و رجع غاضباً الى الكاملين بدون أن يزور ابنه في المستشفى .


..//2

Post: #2
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 01:30 AM
Parent: #1

(2)


Quote: الاخت الاستاذة تراجي مصطفى في سودانيات تطرقت لدار حزب الامة الحالية , في شارع الموردة امدرمان . و ذكرت أن حزب الامة قد اشترى الدار بدعم من القذافي و ايران . كما كانت هنالك مداخلة و اشارة الى تحقيق قام به الدكتور فرانسيس دينق مع أبن الناظر بابو نمر و ذكر فيها أن هذا المنزل كان منزل جده على الجلة . وأن سلاطين كان يسكن بالقرب منهم في جزء صغير من المنزل . و هذا الكلام غير صحيح . فهنالك لوحة من الرخام في الركن الشمالي الشرقي على الشارع العام , وضعت بواسطة مصلحة الآثار , و تشير الى ان هذا المنزل هو منزل سلاطين باشا . و في الركن المواجه منزل القاضي الشرعي ابراهيم مالك , ابن عم بابكر بدري و زوج ابنته .
كنا نجوب هذه المنطقة دائماً . و هي منطقة طفولتنا و صبانا . و لكن بعد أن اشتراها حزب الأمة كان من يقترب من الدار يواجه بنظرات نارية . و كنا نحس بأننا لا ننتمي الى امدرمان . بابكر ابراهيم مالك أول حفيد لبابكر بدري و من أوائل الاطباء السودانيين , و كان متزوجاً من بريطانية في الاربعينات . لم يتحرك و هو شيخ كبير بسرعة , عندما مر موكب السيد و صرع بلكمة و اغمي عليه . و لم يتوقف أي انسان لأسعافه . فهذه الدار حبلى بالمشاكل .
لقد اشترى حزب الامه هذا المنزل بسبعة مليون جنيه سوداني , هذا كلام الدلالين في السودان . و هذا في الثمانينات , و لكن ما يهمني هو ما حدث قديماً . عندما سقطت امدرمان سمحت السلطة للناس بالاحتفاظ بمنازلها . و لكن منشآت الحكومة مثل بيت المال و سوق الرقيق و الموردة والمشانق و السجن و مجلس القضاة و السوق و الزرايب و بيت الخليفة و حاشيته و أهله صارت ملك للدولة . و يجب ان نلاحظ انه كان للخليفة اكثر من مئة زوجة . و كان لأبنه شيخ الدين مجموعة من النساء . و الخدم و الحشم . و لهذا امتدت مساكنهم من جنوب قبة المهدي الى بوابة عبد القيوم جنوباً . و كان لكل عشرة نساء قهرمانة . و هي مسئولة عن اكلهم و شربهم و راحتهم و تجهيزهم للخليفة . و لكل قهرمانة احد الخصيان على اقل تقدير . و كان رئيس الخصيان هو عبد القيوم الذي يعرف بالاستاذ . و كان مسئولاً من الداخل و الخارج و يحرس البوابة . و لهذا يضحك اهل امدرمان عندما يوصف الشخص بالاستاذ . و عملية الخصي عرفت منذ ايام الفراعنة . و لقد تخصص فيها رجال الدين الاقباط و كان واحد من كل أربعة من الصبيان يموت في العملية . بعد أن يعالج الجرح بالنطرون و يدفن الصبي لعدة ايام حتى يمنع من الحركة .
كان لكل ######## وامراء المهديه مجموعه من النساء. وكان للنور عنقره ( انقاراه ) ، وعرف بانقاراه لاحمرار عينينه تشبيهاً للكركدى 120 امرأه ويسكن فى ابروف . الخليفه ضم اثنين من اسلاب المتمه الى نسائه وهما زينب ونخيل الجنه . كما كان متزوجاً من ام سلمه ابنه المهدى . وعندما كبرت اختها وصارت جميله ، طلق ام سلمه فى الصباح وتزوج شقيقتها فى نفس اليوم . وهذا لا يصح شرعاً لان ام سلمه لم تكمل عدتها . كما كان الشيخ الهميم فى السلطنه الزرقاء متزوجاً من شقيقتين ، وهذا مذكور فى طبقات ود ضيف الله ، وهو جد ود مدنى السنى الذى سميت عليه مدينه ود مدنى . وعندما طالبه الشيخ الخشيم بأن يفسخ زواج احداهن رفض قائلاً له يفسخ جلدك . واصيب الخشيم بمرض جلدى عرف بالخشيم .


..//3

Post: #3
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 01:32 AM
Parent: #2

(3)


Quote: سلاطين باشا كان ظابطاً نمساوياً من الهوسار . و هؤلاء كانوا احسن جنود في العالم . و لقد استعان بهم الانجليز في حربهم ضد جورج واشنطن . و لكن بعد هزيمة سلاطين في ام ورقة بواسطة مادبو , صار جنوده ينسبون الهزيمة لعدم اسلامه , فأعلن اسلامه . و لكن بعد سقوط الابيض سلم للمهدية على يد نائبه خالد زغل بن عم المهدي . و صار جزءاً من جيش المهدي , و لكن المهدي سلمه للخليفة عبد الله التعايشي لأنه من دارفور . وقد كان رئيس الاركان في جيش الخليفة فيما بعد وفاة المهدي . و كان يشرف على العرضة و تدريبات الجيش . كما كان ملازماً للخليفة . و لقد اعطاه الخليفة خدماً و حشماً و حريماً . احداهن فاطمة البيضاء زوجة الزاكي طمل بعد تعذيبه و قتله في سجن الساير . و الساير كان في الركن الشمالي الشرقي من بيت الخليفة . و هو سجن امدرمان الحالي . و الساير هو اسم المدير .
الرحاله الاوربيون مثل إسبيك ، إستانلى او ليفينق إستون او ديشولو ، لم يتطرقوا ابداً للنساء الافريقيات ومن المؤكد ان سنينهم فى افريقيا قد جمعتهم بنساء افريقيات وكأن الزواج او التعامل مع الانثى الافريقيه شئ مخجل . من القلائل اللذين صرحوا باعجابهم للمرأه الافريقيه كان الرحال البريطانى بيرتون الذى كان معجباً بجمال الاثيوبيات والصوماليات .
في جنوب مجمع الخليفة كانت دار الامانة , و هي دار الرياضة بأمدرمان الحالية , التى يحتفظ فيها بكل الاسلحة و المعدات الحربية , لتكون في متناول يد الخليفة و الجهادية . و كانت فيها غرفة عالية على ارتفاع سبعة أو ثمانية أمتار في الجزء الشمالي . و هذه لحفظ المعدات الطويلة . منها الرايات التى كان يتحدث بها . و كان يستعملها الظابط فرج الله , في طابية فرج الله التى كانت بالقرب من جامع النيلين الحالي . و عندما كاد جنوده ان يموتوا بالجوع بعد حصار المهدي , طلب فرج الله من غردون أن يسلم عن طريق الرايات . فسمح له غردون .
المنزل الحالي لحزب الامة كان بكامله مسكناً لعبد القادر أو سلاطين باشا أو شواطين , كما كان الخليفة يناديه عندما يكون غاضباً منه . و عندما يكون راضياُ عنه يناديه بولدي عبد القادر . و كان له خيل و حمير و اغنام و خدم و عبيد . و كان يسكن في منزل آخر قام بأصلاحه و تجميله , و كانت له حديقة في منزله الاول كعادة الاوربيين . إلا ان الوشايات , و التحذيرات جعلت الخليفة عبد الله يطلب منه الانتقال من منزله , حتى يكون تحت مراقبة الخليفة . فلقد سكن المقدم يوسف ميخائيل و شقيقيه جرجس و مليكه بعيدا في المسالمة . لأن الخليفة كان يثق به و يحبه . و لقد كتب يوسف ميخائيل مذكراته في الثلاثينات , عندما قبض على زوجته فكتوريا بتهمة صناعة الخمر , و أخذ هو العقوبة في سجن الأبيض , و هنالك كتب المذكرات .


..//4

Post: #4
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 01:35 AM
Parent: #3

(4)

Quote: من الممكن جداً ان علي الجلة قد اخذ المنزل بعد هروب سلاطين . و لكن المنزل قد بناه سلاطين تحت اشرافه و بدعم من ود عدلان الذي كان امين بيت المال . و كانت تربطه صداقة مع سلاطين . كما ربطت سلاطين علاقة صداقة متينة مع علي الجلة و عبد الرحيم ابو ضقل زعيم المسيرية . و كانت تربطه صداقة و احترام مع مادبو . و لقد ارجع لمادبو نحاسه الذي غنمه منه في بعض معاركهم الاولى . و أهداه مادبو خير خيله ( صقر الدجى )
حكومة الحكم الثنائي احتفظت بالاماكن التي كانت مركز الدولة المهدية و وزعتها كمدارس مثل مدرسة بين الامانة الاولية , و مدرسة النهضة الوسطى جنوب دار حزب الامة مباشرة و الاذاعة السودانية الأولى , و كلية المعلمات , و مدرسة الدايات , و مستشفى امدرمان , و اشلاق البوليس , و اسطبلات الخيل , و مدرسة الارسالية الامريكية , و ميز الاطباء , و مدرسة المساعدين الطبيين , و أول كنيسة في امدرمان و هي على مرمى حجر من قبة المهدي , و مساكن الكنيسة , و ملجأ القرش , و الزائرات الصحيات , و مدرسة امدرمان الثانوية للبنات التي كانت مؤسسة ضخمة شمال بوابة عبد القيوم تشمل سكن المدرسات و الاساتذة و الداخلية , و منزل المفتش الذي كان يجاور كلية المعلمات , الخ .. و كان هنالك مكتب التنظيم المحصور بين الكنيسة و ملجأ القرش , حيث يحتفظ بي المجارف و ابو راسين و المعاول و الحصى و الحجر و مواسير الصرف و كل ما تحتاجه المدينة من ادوات .
و صار منزل سلاطين مدرسة الرشاد . و بعد (شكلة) بابكر بدري و المفتش برمبل و بسبب طول لسان بابكر بدري و اغتيابه للمفتش كما اعترف في مذكراته ,رفض أن يعطى برمبل الاحفاد قطعة الارض المواجهة لدار حزب الامة اليوم . و هي مدرسة الاحفاد الاولى . بابكر بدري اشتكى المفتش برمبل لمكتب التعليم , و تراجع برمبل و أعطى هذه الارض للأحفاد . و هي ارض الحملة . و الحملة كان يؤخذ اليها الحمير الضالة و الغنم و البهائم . حتى لا تأكل الشجر الذي كان يزرعه برمبل . و يدفع الانسان قرشين للغنماية و خمسة قروش للحمار في اليوم . للأكل زائداً غرامة . و من هنا يأتي الكلام ( تاني تجي الحملة ) .


..//5

Post: #5
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 01:38 AM
Parent: #4

(5)

Quote: سمعنا و نحن صغار ان آل ابو العلا قد اشتروا المنزل بثلاثة الف جنية و هذا مبلغ كبير وقتها . و نحن في المدرسة الأولية كنا نشاهد العمال و هم يقومون بالتشطيبات الاخيرة . و كنا نعجب بالعمال الذي كان يتعلقون بالسقف عالياً و يركبون السقف الذي كان غريباً , و بعض العمال كان من المصريين .
المنزل كلف ستين ألف جنياً وقتها . و هذا مبلغ خرافي في ذلك الزمن . و لقد أكتمل المنزل في سنة 1953 . و هذا نفس الزمن الذي اكتمل فيه منزل الصادق المهدي و أحمد المهدي و آل البرير و كثير من الاسر التى اصابت حظاً . و سبب تلك الانتعاشة ان اسعار القطن تضاعفت عدة مرات عالمياً . و صار حي الملازمين ارقى حي في امدرمان . و قديماً كان يمكن ان يشاهد الانسان منزل الصادق المهدي من سوق حي الملازمين , لأن منزل العم خليفة محجوب و آل المغربي و آل ابوالقاسم , و منزل حكيم باشا مستشفى امدرمان الذي صار مكتب الجوازات لم يكونوا قد بنيوا بعد .
في ايام الحكومة الانتقالية و مع وفود الاستقلال الوفود العالمية التي كانت تأتي الى السودان , أتى وفد امريكي . و قبل تلك الايام حضر نائب الريئس نكسون عندما كان الريئس ايزنهاور رئيسا لأمريكا , و لم يكن هنالك ما يكفي من الهوتيلات للجميع و امدرمان في الخمسينيات لم تعرف الصرف الصحي . فتنازل آل ابو العلا و نزل في ذلك المنزل الوفد الأمريكي . وربما أحس آل ابو العلا بانهم واصلين وانهم قد اسدوا خدمه للحكومه . وتساهلوا فى معاملتهم للمزارعين .
في ذلك المنزل شاهدت سيدة افرنجية و عرفت فيما بعد أنها ذروة سركسيان . و هي طبيبة تخرجت في نفس السنة مع الدكتورة الاخت خالدة زاهر الساداتي أول طبيبة سودانية . و لقد تخرجا من جامعة الخرطوم . ذروة لم تمارس الطب بعد أن تزوجت سعد ابو العلا و ذروة شقيقة تكوة سركسيان أول صحفية و صاحبة مجلة .
آل ابو العلا عملوا في شرق السودان و خاصة في سنجة و لكن الفلوس الكثيرة اتت من زراعة القطن , خاصة مشروع جودة . كما بنى آل ابو العلا اكبر عمارة في الخرطوم . و هي عمارة ابو العلا في شارع القصر . و لسؤ الحظ بنى هذا المنزل بعرق ودماء المزارعين في جودة . جودة كانت اكبر مشروع خاص في النيل الابيض , 48 بوصة و يعني 18000 فدان . و هذا يعني الاف المزارعين . و كان عبارة عن اقطاعية كاملة , تحوي بلدة كبيرة بسوق عامر و كثير من القرى و الحلال , و شاحنات و جرارات و رافعات و مضخات عملاقة . و كل هذا كان بتمويل من البنوك المتعطشة الى الاستثمار , لتوفر رأس المال بعد الحرب .
لم يقدم آل ابو العلا الحسابات لعدة سنوات . بل كانوا يعطون المزارعين سلفيات . و كانت الغرامة لعدم تقديم الحسابات عبارة عن مئة جنية حسب قانون لائحة سحب مياه النيل . القانون كان مع آل ابو العلا . و عندما منع المزارعون الشاحنات من التحرك بدون دفع حساباتهم , استعان آل ابو العلا بالبوليس . و كان ظابط البوليس السماني من أهل المنطقة . و كان مصحوباً بخمسة من العساكر . احدهم عسكري صغير لم يُقدر أن ابو شاتين مساعد رئيس المزارعين المكادي كان يعرف الظابط الوسيلة , و لم يكن يريد به شراً , بالرغم من غضب ابو شاتين الواضح . فأطلق النار و أردى ابو شاتين , و قتل الظابط و العساكر . فأنتقم الجنود بمذبحة ضخمة . و طورد المزارعون و انتشرت جثثهم بين الاحراش و الشجيرات . و شحن ما يقارب من الثلثمائة شخص و ادخلوا في عنبر . مات أكثر من مائتين منهم بالاختناق بالعنبر . و عندما كانوا يطلبون المساعدة , كان العساكر يشتمونهم .و أحد الذين مد يده طالباً المساعدة طعن بالسنكي . و خلد صلاح احمد ابراهيم هذه الحادثة بقصيدتة الرائعة عشرون دستة من البشر . لا يزال المنزل يذكرنا بتلك المأساة .


..//6

Post: #6
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 01:40 AM
Parent: #5

(6)

Quote: القانون لم يكن في صالح المزارع . فعندما قبض على صاحب متجر البون مارشيه بتهمة الجاسوسية , اطلق سراحه , لأنه لم يكن قد صدر قانون في عقوبات السودان يتطرق للجاسوسية . البون مارشيه كان متجراً , و أسعار الأحذية و الملابس فيه في غير متناول السودانيين . بل كان السودانيون يصفون أي شئ باهظ الثمن بـــ ( اصله من البون مارشيه ) .
سلاطين هرب من ذلك المنزل بأن اخذ سيفه و قال لنسائه بأنه سيدخل ليتعبد , و أن من تتجرأ على ازعاجه سيقطع رأسها . و كان قد اخبر الاخرين بأنه ( كادي العود ) , و هذا يعني انه سيشرب شربة لكي يتخلص من الامساك أو الألم في بطنه . و لهذا لن يذهب الى الجامع . لأنه كان كما يقال قديماً ( لازم الفروة ) , و هذا يعني ان عليه ان يؤدي كل الأوقات في الجامع تحت نظر الخليفة . و هرب . و رجع لكي يحكم السودان لمدة ستة عشر سنة , و هذا الى سنة 1914 . عندما نشبت الحرب بين موطنه النمسا و انجلترا . و مما تذكر ابنته في النمسا ان والدها كان يحب السودان بشكل جنوني و لقد عاد الى السودان بعد الحرب .
سلاطين كان في اتصال بعلي الجلة و عبد الرحيم ابو ضقل عندما حضر لفتح السودان . و الحقيقة أن اغلب أهل السودان كانوا قد كرهوا المهدية . و لقد أندفع حسن النجومي الذي كان قائد سلاح النار في جيش عبد الرحمن النجومي , و هو يرفع علماً ابيضاً . و سلم للجيش الغازي في شمال السودان و قال لقد كرهنا المهدية . عبد الرحيم ابو ضقل زعيم المسيرية هو الذي طارد الخليفة شريف ابن عم المهدي و اعتقله و اعتقل ابناء المهدي و سملهم الى الجيش الغازي . و عبد الرحيم ابو ضقل كان موظفاً في حكومة التركية . و كان مشهوراً بالشجاعة و الحكمة , و هو الذي انقذ الفارين من مذبحة ابو حراز . بعد أن اوقع الانصار مجزرة فظيعة في البلدة . و تعقبوا الفارين نحو الابيض الى أن ساعدهم عبد الرحيم ابو ضقل المعروف بكسار الخيل , لأنه كان يعرف أن الناس تحب خيلها . و كان يطلق النار على الخيل فيتوقف البقية .و هو الذي اوقف المذابح في قوندر عاصمة اثيوبيا القديمة, و أنقذ الرهبان و القسسة من القتل , عندما فتحها الانصار و احرقوا المدينة و اغتصبوا النساء .
الانجليز لم يقتلوا ابناء المهدي الفاضل و بشري و الخليفة شريف و البقية في الشكابة . و هذا بعد أكثر من سنة من سقوط امدرمان . بل لقد أعطاهم الانجليز مساكن و مزارع . و لكن السبب في المذبحة هو صالح جبريل والد الشاعر توفيق صالح جبريل . و لقد كان ملازماً للجيش البريطاني و كان من اهم رجال مخابراته و هو الذي زار الشكابة و حذر الجنود السودانيين من اصل غير شمالي , بأنه ما دام الخليفة شريف و أولاد المهدي عايشين , فستعود المهدية و سيعود الاسترقاق و اصطياد العبيد , و حدثت المذبحة بدون تدخل من الانجليز . و المذبحة حدثت بعد ان غادر صالح جبريل الشكابة بفترة بساعات .
توفيق صالح جبريل هو المؤسس الأول لجمعية الاتحاد و التي من عبائتها خرج اللواء الابيض . و في حوادث 1924 التي استشهد فيها عبد الفضيل الماظ و شنق سابت و فضل المولى و الآخرون , و حكم على علي البنا بالسجن . هرب سيد فرح المحسي الى مصر . و المجموعة تحركت عندما أكد لهم المصريون بأنهم هم الذين يديرون المدفعية الثقيلة . و أنهم عندما تحرك السودانيين سيدكون المعسكر البريطاني . و عندما لم يتحرك المصريون ذهب لهم سيد فرح سباحةً , و وصلهم و في جسمة رصاصتين . و لكن المصرين قالوا : ( ما جاتناش اوامر ) . و ساعد الظابط سر الختم صالح جبريل في هروب سيد فرح الى مصر , بل لقد تواصل و ذهب له في مصر .
و بعد هزيمة سليمان ابن الزبير باشا . هرب رابح فضل الله خيرة قوات الزبير باشا , الى شاد . و هو الذي اعطى انجمينا اسم انجمينا , لم يقتل جسي باشا سليمان الزبير . و لكن ادريس باشا الدنقلاوي و هو جدي لامي و الذي كان يعمل عند الزبير باشا , ثم انفصل منه , هو الذي دبر قتل سليمان ابن الزبير . و هو السبب في الايقاع بين سليمان و جسي باشا . بسبب تنافسهم في تجارة الرقيق .
رابح فضل الله فتح وداي و شاد , و هزم و قتل الجنرال لامي , و يطلق اسمه على المدينة فورتلامي . و التي هي انجمينا الحالية . و في سنة 1900 عندما تمكن الفرنسيون بجيش جرار من قتل رابح فضل الله , الذي كانوا يلقبونه بنابليون افريقيا , دفنوه دفناً اسلامياً , و بنوا على قبره مبنىً جميلاً , و وضعوا على رأسه اربعة مدافع في كل الاتجاهات . و لكن جريدة الأهرام قامت بسبه و وصفته بأحد مسببي المشاكل و زعزعة الاستقرار . و الأهرام كانت كل الوقت بوقاً للسلطة . و هذا الموضوع مذكور في كتاب دفع الافتراء للمؤرخ السوداني الاستاذ محمد عبد الرحيم .
في نفس الوقت الذي دارت فيه معركة شيكان , كانت معركة التيب في شرق السودان و التي جرح فيها كتشنر جرحاً بليغاً في وجهه و أرسل الى بلده للعلاج . و كسر البجة المعسكر الأنجليزي , و خلد الشاعر اللورد كيبلين بقصيدة يصف فيها البجة بأعظم المحاربين في العالم . بعد معركة التيب وضع القائد الأنجليزي جائزة مالية ضخمة للقبض أو لقتل عثمان دقنة . الا أن لندن طلبت منه بالتلغراف أن يسحب المكآفئة و وصفوها بأنها عمل غير حضاري و غير شريف .
الآن بالرغم من اختلافنا مع بن لادن , ندين عملية قتله , و ندين بشدة معاملة جثمانه بطريقة غير كريمة . و لهذا يبقى الامريكان مجموعة من رعاة البقر الحمقى . بغض النظر اذا كان هذا ريغان أو ابن خالتنا اوباما. سيظل الامريكان متخلفين . و سيبقى هنالك فرق بين الحضارة و المدنية . فالمدنية تقاس بالخدمات الاجتماعية الموجودة في المجتمع , و لكن ليس كل مجتمع متمدن مجتمع ذي حضارة . فالمدنية يمكن ان تحدث في عقود قليلة , و لكن الحضارة عملية طويلة جداً .
لقد اكرم سلاطين صاحب المنزل الذي هو الآن مركز حزب الامة , اصدقائه الذين وقفوا معه في المهدية . منهم علي الجلة و عبد الرحيم ابو ضقل و آخرون . وصاروا نظاراً في قبائلهم . و لم يكرم صديقه ود عدلان الذي كان امين بيت المال لأن يعقوب جراب الرأي أوعز للخليفة بشنقه , لأنه لم يوافق على نهب غلال أهل الجزيرة . و ود عدلان هو الذي رفض ان يشرب الماء و طلع الى المشنقة و وضع الحبل حول عنقه .
الشخص الوحيد الذي سمعنا ان سلاطين قد عاقبه , هو الشخص الذي كان يسخر من سلاطين و أصر على ان يختن سلاطين بعد أن انضم الى المهدي . و قام سلاطين بعد رجوعه الى السودان بسجنه و نكاية فيه حلق ذقنه , فقال هازئاً لسلاطين ( الحسنتو انت بقوم تاني , لكن الحسنتو انا ما بقوم تاني ) .


..//7

Post: #7
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 01:43 AM
Parent: #6

(7)

Quote: المنزل لم يكن ملكاً لأنسان , و لا أدري كيف انتقلت ملكيته لآل ابو العلا . فمدارس الاحفاد مثلاً و جامعة الاحفاد مسجلة بأسم الشعب السوداني . بالرغم من أن تكلفة بنائها قد دفعها المتبرعون , و أكبر المتبرعين كان ابراهيم عامر ازرق , ابن عامر ازرق الذي يضرب به المثل ( قميص عامر , الفصلوه في الريف و طلع قدر سيده ) . و لعبد المنعم محمد القدح المعلى في بناء الاحفاد . لأنه هو الذي قدم الضمان للمفتش برمبل بأن المبنى سيكون خير من المستوي الذي يطلبه برمبل . و لقد قام بالرسومات و البناء المهندس ابراهيم احمد . و هو والد المناضلة متعها الله بالصحة سعاد ابراهيم احمد . و أن كان للسيد عبد الرحمن نصيب كبير في انشاء الاحفاد بدعمه المادي و الادبي . و كما شارك اخرون منهم رئيس الجالية اليونانية كونت ميخالوس الذي كان يحب السودان و يخلص له . و كما ذكر لي الاخ السفير علي حمد ابراهيم أنه قابل ابن كونت ميخالوس و كان يبكي لأن النميري قد ضايقهم و طردهم من السودان و كان يقول كيف انا ما سوداني , انا مولود في السروراب . و السروراب لا يعرفها كل السودانين , و هي قرية صغيرة خارج امدرمان بالقرب من الشيخ الطيب .
المحسن عبد المنعم محمد كانت له افخم دار في امدرمان و هي الدار المواجهة لكلية امدرمان . و هو من اسرة ابو العلا , و هو مولود في امدرمان . و كانت تلك الدار الفاخرة تمتلئ يوم الجمعة بالمساكين و الشحاذين و المجزمين و المبرصين . و كان عبد المنعم محمد يتناول الاكل معهم , و يوزع عليهم المال و الكساء . و كان يريد أن يتبرع بكل ماله للأوقاف , ألى ان اوقفوه بالشرع . و أعطى ثلثي ماله للأوقاف و ترك الثلث للورثة . و الميدان في الخرطوم سمي بأسمه نسبة لفضله وأحسانه .
الخالة زينب عبد القادر , المعروفة بحنينة الصحة , كان من الممكن ان تكون وارثة منزل سلاطين . ولكن الواضح ان سلاطين حتى بعد ان صار حاكماً لم يكن يمتلك ذلك المنزل . الخالة زينب كانت ثاني سودانية تركب الدراجة . لأنها كانت مفتشة صحة و لها شلوخ عريضة . و شلوفتها مدقوقة ( وشم ) . و كانت تطوف كل امدرمان , و لأنها امرأة يسهل عليها دخول المنازل . و أول مرأة سودانية تركب الدراجة هي ست بتول عيسى , من أول تلاميذ رفاعة , و زميلة زينب بنت الاسطى , و التي هي أول من استعمل اللون الزرعي ( تركواز) في عمل الطواقي لدعم مدرسة البنات في رفاعة , و لهذا صار يعرف هذا اللون بلون زينب .
ست بتول هي والدة الصناعي ادريس الهادي صاحب المسلة في شارع الاربعين , و هي أول قابلة سودانية عملت 67 سنة متواصلة اغلبها تطوعاً كمدرسة في مدرسة الدايات , كرمتها الامم المتحدة و لم يكرمها السودان . الخالة حنينة عاشت عمراً مجيداً و في نهاية التسعينات كنت اطالب شقيقاتي و آخرين ان يسجلوا منها , و أن يستمعوا اليها . و لكن من يهتم . ست بتول كانت تسكن في شمال منزل سلاطين , دار حزب الامة الحالية . و من احفادها احمد و محمد و وعلي و مجموعة من البنات .
كل ما كتبته هنا كتبته من الذاكرة بدون الرجوع لكتاب . فأرجو المعذرة اذا كان هنالك بعض الغلطات .
التحية و الرحمة للجميع
ع. س. شوقي بدري





http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/1...-05-14-19-02-08.html

Post: #8
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 01:59 AM
Parent: #7


مقال مهم جدا ........
.
.
يعني مذبحة ( عنبر جودة ) تسببت فيها شركة أبوالعلا نظرا لعدم دفع رواتب
العمال الغلابة .....!!!!!
.
.
التحية والتقدير للعم شوقي لهذا المقال الرصين .

Post: #9
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 02:07 AM
Parent: #8


عشرون دستة من البشر للشاعر الكبير صلاح احمد ابراهيم

عشرون دستة
لو أنّهم ...
حزمةُ جرجير يُعدُّ كيْ يُباعْ
لخدم الافرنج في المدينة الكبيرة
ما سلختْ بشرتهم أشعةُ الظَّهيرة
وبان فيها الاصفرارُ والذبول
بل وُضعِوا بحذرٍ في الظلِّ في حصيرة
وبلَّلتْ شفاههُمْ رشَّاشَةُ صغيرة
وقبّلتْ خدودهم رُطوبةُ الإنْداءْ
والبهجةُ النَّضيرة
****
لو أنَّهُم فراخ
تصنع من اوراكها الحساء
لنُزلاء (الفندق الكبير)
لوُضعوا في قفص لا يمنعُ الهواء
وقُدم الحب لهم والماء
لو أنهم ...
ما تركوا ظماء
ما تركوا يصادمون بعضهم لنفس الهواء
وهم يُجرجرون فوق جثث الصحاب الخطوة العشواء
والعرق المنتن والصراخ والاعياء
ما تركوا جياع
ثلاثة تباع
في كتمة الأنفاس في مرارة الأوجاع
لو أنهم
لكنهم رعاع
من (الرزيقات))
من (الحسينات)
من (المساليت)
نعم ... رعاع
من الحُثالات التي في القاع
من الذين انغرست في قلبهم براثن الإقطاع
وسلمت عيونهم مرواد الخداع
حتى اذا ناداهم حقهم المضاع
عند الذين حولوا لهاثهم ضياع
وبادلوا آمالهم عداء
وسددوا**ديونهم شقاء
واستلموا مجهودهم قطنا وسلموه داء
حتى إذا ناداهم حقهم المضاع
النار ...والرشوةُ ...والدخان
والكاتب المأجور...والوزير
جميعهم وصاحب المشروع
بحلفهم يحارب الزراع
يحارب الأطفال والنساء
وينثُر الموت على الأرجاء
ويفتح الرصاص على الصدور
ويخنق الهتاف في الأعماق
ويفتح السجون حيث يُحشد الإنسانُ كالقطيع
ويحكم العساكر الوحوش
فيحرمون الآدمي لُقمة في الجوعْ
ويحرمون الآدمى جُرعة من ماء
ويغُلقون كل كوة تُمرر الهواء
وفي المساء
بينما الحُكام في القصف وفي السكر
وفي انهماك بين غانيات البيضينعمون بالسمر
كانت هناك...عشرون دستة من البشر
تموتُ بالإرهاقْ
تموتُ باختناق
لو أنهم ...
لكنهم



Post: #10
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: خالد العبيد
Date: 05-13-2012, 02:38 AM
Parent: #9

التحية والتقدير للعم شوقي لهذا المقال الرصين

Post: #11
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 03:02 AM
Parent: #10


الأخ الأستاذ خالد العبيد
سلام ...

شكرا للمداخلة .....
العم شوقي رجل شجاع ذكر معلومات وأشياء خافية على الناس
وحتى ( صناع القرر ) بيتجنبوا الخوض في مثل هذه الأمور ....
وأول مرة أعرف بأن شركة أبوالعلا هي شرارة مذبحة عنبر جودة
علما بأن العساكر هم أداة ( تنفيذ ) ولكن الأعلام كان فقط مسلط الضوء
على العساكر وترك المتسبب الرئيسي في هذه المذبحة التي راح ضحيتها
الآف الأبرياء ....

رحم الله شهداء مذبحة ( عنبر جودة ) وربنا ينتقم من تسبب في هذا الأمر ...

مجددا التحية والتقدير للعم شوقي .

تحياتي ..

Post: #12
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 03:14 AM
Parent: #11

Quote: حتى إذا ناداهم حقهم المضاع
النار ...والرشوةُ ...والدخان
والكاتب المأجور...والوزير
جميعهم وصاحب المشروع

Post: #13
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 04:33 AM
Parent: #12

Quote: مشكلتنا في السودان اننا لا نريد ان نسمع الحقيقة . بابكر بدري كتب تاريخ حياته في اخر عمره .
و قام بتسليم ما كتب الى تلميذه في رفاعة محمد شبيكة ناظر مدرسة النهضة في امدرمان . و تلميذه في رفاعة
كذلك و زوج ابنته و عميد مدراس بيت الامانة الاولية و الوسطى و الثانوية عبيد عبد النور . و لكن لم تنشر
كل الاشياء . و لكن الدكتور بابكر علي بدري أورد بعض الاشياء في الجزء الأول عند اعادة طبعة , لم تورد
في طبعة الخمسينات .

Post: #14
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-13-2012, 08:40 AM
Parent: #13

Quote: كانت هناك...عشرون دستة من البشر
تموتُ بالإرهاقْ
تموتُ باختناق
لو أنهم ...
لكنهم

Post: #15
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: محمد الطيب يوسف
Date: 05-13-2012, 12:27 PM
Parent: #14

مقال دسم وجميل يحمل قدر هائل من المعلومات التاريخية ,,,

حقيقة شوقي بدري تأريخاً يمشي بيننا

Post: #16
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-14-2012, 00:42 AM
Parent: #15

الأخ محمد الطيب يوسف
سلام ..

شكرا للمداخلة ...

نعم العم شوقي تاريخا يمشي بيننا ....وياريت ناس الصحف يتركوا ليهو
مساحة لنشر مثل هذه التوثيقات ...

تحياتي

Post: #17
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-14-2012, 01:19 AM
Parent: #16

والد عضوة المنبر الأخت نجلاء سيد أحمد يروي أحداث عنبر جودة .....

رابط البوست :

اكبر جريمة بعيد الاستقلال (عنبر جودة على لسان ابو السيد)

Post: #18
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-14-2012, 01:35 AM
Parent: #17

مقتطفات من حديث والد نجلاء سيدأحمد :

Quote: اكتشاف الحدث :
-
كنت في حالة من القلق والخوف علي مصير واحوال المزارعين

وكانت تتواتر اخبارهم الينا وتحمل اخبار الموت والدمار لذا لم انم في تلك الليلة

وعند الساعة الخامسة صباحاً خرجت وكنت امتلك وسيلة حركة في ذلك الزمن وهي موتر وذهبت الي المستشفي مكان عملي

ولكن في غير وقت عملي وهناك علمت من بعض الزملاء الممرضين ان احد المعتقلين

وهو شاب صغير استطاع التسلق علي اجساد المعتقلين وتمكن

من كسر زجاج المنور في اعلي البناية

وتم طعنه بالسونكي من البوليس الذي يحرس العنبر

واحضر للمستشفي لتلقي العلاج وكان يعرفني وانا لا اعرفه


Quote: .. نده الي باسمي وقال عبارة ( الحق الناس في العنبر انا خليني الناس ماتت)

وفوراً ذهبت الي مدير المستشفي وكان مصري وهو عضو في الحزب الشيوعي

المصري وأسمه بيومي المصري

وحرك اسعاف بسرعة الي العنبر وكانت منطقة العنبر محظورة

ولكننا بحكم استخدامنا للاسعاف تمكنا من الوصول الي العنبر

وكان بابه مسمكر بخشب بشكل صليب فقمنا انا والدكتور

وبعض البوليس بمحاولة كسر الباب

وبعد جهد ومعاناة تم فتح الباب واستقبلتنا اجساد الشهداء

من المزارعين فقد كانت متكدسة في محاولات يائسة منهم

لاستنشاق الهواء ووجدنا موقف عسير وصعب لقد استقبلتنا كمية من المياه

التي تصببت من اجسادهم حتي وصلت الي ركبنا


Quote: وبدأنا البحث عن الاحياء بينهم ان وجدوا

وذلك بالبحث عن اي حركة في الانف تدل علي الحياة

ولكن وجدنا اجساد متشابكة ومتخشبة فارقت الحياة

ووجدنا سبعة لم تفض ارواحهم بعد فنقلناهم الي المستشفي

وكان من بينهم طفل يبلغ من العمر 15 سنة ليس بمزارع

وانما كان يعمل في البابور وللاسف لم نجد اوردة للستة الباقين

حتي نتمكن من ادخال دربات لانقاذهم

ونجا الطفل وحده ولكنه أصيب بالجنون واذكر ان اسمه ابكر احمد

من ابناء الفور من منطقة اسمها قارسيلا وهرب قبل اتمام علاجه بالمستشفي


Quote: وبشكل تقريبي يمكن ان نحصر عدد الذين حشروا في ذلك العنبر المشئوم

تقريبا في كل باب حوالي 50 نفر وفي كل شباك حوالي 23 الي 25 نفر

واذا تم جمع الستة شبابيك والبابين بالاضافة الي الذين تساقطوا في العنبر حوالي 300 فرد

وصدمت ايما صدمة عندما وجدت الشيخ الشهم المناضل اسماعيل عساكر

رئيس اتحاد مزارعي جودة داخل العنبر مستشهدا مع رفاقه المزارعين

فحملت جثة عساكر في الاسعاف

واتصلت بالرفاق اذكر منهم يونس الدسوقي

حتي يتم تكريم عساكر ودفنه بما يليق به وقاموا باستلام جسده الطاهر

وكان التعامل مع باقي الشهداء بأن حفرت لهم حفر وطمرت اجسادهم فيها بدون اي من المراسيم

المتبعة في الدفن ولا حتي سمح لذويهم بالتعرف عليهم

ودفنوا تقريبا كل عشرة شهداء في حفرة وذلك ما تناهي الي مسامعي من الاخبار

والتأم اجتماع بهدف الخروج الي الشارع للتنديد بهذه الجريمة الشنيعة


والخروج من أجل من بقي حياً من المزارعين بجودة

ولكن حاصر البوليس الموكب واعتقل عدد من الشرفاء وقدموا لمحاكمات

Post: #19
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-14-2012, 01:45 AM
Parent: #18

تحقيق وتصوير: سلمى سلامة


الزمان 16/2 من العام 1956، المكان منطقة جودة جنوب النيل الابيض أي قبل ان يتفيأ الشعب السوداني ظلال الاستقلال وقبل ان يسكت صوت الملحمة الوطنية وننشد: اليوم نرفع راية استقلالنا.. صرخة منطقة جودة التي انتحبت بسببها كل البيوت حين ودعها الآباء المزارعون بمعاولهم ولم يعودوا إليها.. فقد كان الخروج بدون عودة.. جودة ذلك العنبر اي مخزن الجمكسين الذي كان مسرحه حامية كوستي، سجن بداخله أكثر من «200» مزارع ليصبح عنبر جودة سجناً لم يشهده تاريخ البشرية وقصة الموت فيه تبدو اقسى من افران الغاز في مسلسل النازية.. عنبر جودة صار قصيدة في دفاتر الشعراء وكلمات خطت باقلام الكتاب جلها كانت خيوطاً لتصوير الحدث (الرأي العام) وبعد بحث مضني في اطراف الولاية عثرت على ثلاثة من الناجين من فرن جودة الذي لم ينجُ منه سوى عدد لم يتجاوز اصابع اليد الواحدة ليرووا تفاصيل اللحظات العصيبة وكيف خرجوا للحياة بعد ان رأوا الموت بأعينهم.---دماء وسط المزارععمره تجاوز الـ (59) عاماً.. يسكن في احد احياء مدينة ربك في حي الزهور وفي منزله العامر بأسرته التقيناه وكنا نظن قبل لقائه بأننا سوف نجده متوكأ على عصاة وان ظهره قد انحنى ان لم يكن بفعل الزمن فبالمأساة.. البداية كانت من هنا من منزل أحد الناجين وهو العم «محمد سعد شيبون».. رحب بنا بكلمات تفصح عن لهجته «البقارية».. عم سعد كانت ذاكرته قوية فبدأ يسوق تفاصيل الحكاية منذ اليوم الأول حيث قال: «في ذلك الزمان من سنة 1956 جلس إلينا شخص اسمه «العبيد ود عامر» وقال لنا ان هذا العام لن نسلم محصول القطن لتلك الشركات حتى تدفع لنا ارباح الاعوام الماضية، وقمنا بالاضراب الأول وفي ذلك الوقت حضر إلينا المأمور واسمه «القليم» وجلس إلينا ولكن عاد إلينا العبيد ود عامر وقال إن فك الاضراب يعتبر كلاماً غير مجدي وبالفعل قمنا باضراب كانت مدته ثلاثة أيام.صمت «عم سعد» قليلاً واعتدل في جلسته وقال: في صبيحة يوم الثلاثاء من ذلك التاريخ اتى عدد من «العساكر» وفي تمام الساعة الثامنة كونت لجنة ولكن المزارعين رفضوا فك الاضراب واشتبكوا مع اللجنة المكونة.لم اترك عم سعد هذه المرة لصمته وهو يسترجع الذاكرة للايام السوداء حيث سألته ماذا حدث بعد ذلك اليوم؟قال في تمام الساعة التاسعة صباحاً من نفس اليوم جاءت قوة وجدت كل المزارعين يقفون داخل مزارعهم فاطلق علينا مسيل الدموع ولكننا لم ننفض من المكان، بعدها دخل الصول «السماني» وسط المزارعين ليتفاوض معنا وقال إن الحكومة قررت ان تعطي كل مزارع «10» جنيهات، وطلب منا فك الاضراب ولكننا رفضنا.دقائق معدودات حتى اطلق فيها الصول السماني صافرة اطلاق السلاح واطلق علينا السلاح وقبل ان يغادر السماني المزارعين أصابته طلقة في رأسه فسقط ميتاً فاشتد علينا الضرب فسقط في الحال ما لا يقل عن «17» مزارعاً هنا بدأت ملامح عم سعد تأخذ نوعاً من الحزن حيث تذكر اخوته الذين صعدت ارواحهم في تلك المعركة ومحصول القطن الذي تحول الى كوم رماد.كانت الساعات تمضي بطيئة واليوم اطول من الدهر وعم سعد والمزارعون يغادرون منطقة جودة بعربات القندرانات - جمع قندران - لم يعلموا بأنه سيكون الوداع الاخير.ومن جودة الى كوستي رسمت تلك (القندرانات) خط المأساة حين وقفت امام (الكوبري) كأنها تعتزل المشاركة في الحلقة الاخيرة من مأساة عنبر جودة لم يتصالح (الكوبري) في ربك مع عربات (القندرانات) فوقفت ليترجل منها المزارعون وعلى ظهور اللواري قطعوا الكوبري للوصول إلى حامية كوستي وقفوا امام مخازن الجمكسين التي اعدت لهم لتكون افراناً طبيعية تعمل بحرارة الاستواء التي لا يضاهيها غاز او اي وقود.تمكن العطش والجوع من عم سعد ومن معه ولم يتذوقوا طعاماً طوال اليوم حتى تم ادخالهم في عنبرين احدهما كان عنبر المأساة وهو العنبر الذي كان بداخله عم سعد فقد فاق عددهم المائتي مزارع في ذلك العنبر الذي امتلأ عن آخره بعد ان تم تشميعه ولم يترك مكاناً فيه للهواء.دخل عم سعد العنبر وجفاف حلقه يزداد لحظة بعد لحظة وظلام العنبر أشبه بالقبر، كان عم سعد ومن معه يطلبون ماء مقابل واحد جنيه للصفيحة، ولكن لم تشفع لهم اغراءاتهم لان من بالخارج يتجاهلون النداء الذي انخفض حين صارت الكلمات مجرد اشارة وبدأ العرق يسيل وكأنه ماء مدلوق بالداخل.كان عم سعد يسمع من ينطق بالشهادة ومن يكبر فبدأت تلك الاصوات تتضاءل رويداً رويداً، انها الروح حين تفارق الجسد.. لم يعلم عم سعد ان اخوته المزارعين صعدت ارواحهم الى السماء في العنبر وانه خرج الى الحياة حين فتح عينيه في مستشفى كوستي وادرك بأنه وعدد لم يتجاوز اصابع اليد كتبت لهم الحياة في ذلك العنبر وان الباقين ذهبوا في رحلتهم الابدية.اعتقال داخل المسجد«53» عاماً مرت على حادثة جودة ولايزال عمنا سعد شيبون يتقيأ دماً، فرائحة المبيدات أي الجمكسين في العنبر اثرت على صدره فهو حتى لحظة لقائنا به لم يشف من ذلك الاثر.من يحاكم من؟ ومن يبحث عن الحقوق الضائعة؟غادرنا منزل عم سعد بعد ان حفنا بكرمه لنبدأ مشوارنا الثاني البحث عن العم «آدم علي المنوفل» الذي عثرنا عليه في ذات المدينة أي مدينة ربك في مكان عمله محل لغسيل الملابس الذي يشرف عليه.. جلسنا إليه في ضل «راكوبته» بالدكان حيث كان يلفحنا السموم في ذلك النهار فتصورنا نحن هكذا يتصبب منا العرق فكيف تحمل عمنا منوفل «غملة» جودة كما اطلق عليها.. بدأت استمع إليه وهو يقول: كنت في ذلك الوقت لا اتجاوز الـ «30» عاماً أي من الشباب الذين كانوا في تلك «الغملة».اذن حدثنا عم منوفل كيف تم ترحيلكم الى كوستي؟يقول بعد تلك المعركة التي سقط فيها الصول السماني ذهبنا الى حلة العمدة يونس لأنها كانت آمنة وفي فجر اليوم الثاني للحادثة وبينما كنا نؤدي صلاة الصبح في مسجد العمدة رأينا العساكر قد احاطوا المكان (لا دخول ولا خروج) وحجزونا في المسجد وبعد ذلك كنا نزحف وخلفنا كانت افواه البنادق مصوبة نحو رؤوسنا وظللنا هكذا حتى طلوع الشمس، وفي تلك الاثناء طلبوا منا ابراز النوتة لتوضيح العامل من صاحب الحواشة وبعد عملية الفرز جاءت القندرانات وطلبوا منا الصعود بالقوة واحيطت جميع الاتجاهات في العربات بالعساكر.وفي تمام الساعة السابعة مساء دخلنا مدينة كوستي دون ان نتذوق أي طعام او قطرة ماء وبعد تفتيشنا أدخلنا في عنبرين انا كنت في عنبر الموت اي العنبر الذي لم ينج منه سوى اربعة من بينهم انا فقد كانت رائحة الجمكسين في العنبر شديدة النفاذ وحدها كانت كافية للاختناق ففي تلك اللحظات كانت الاصوات داخل العنبر تتعالى وهي تقول (دايرين موية.. نحن متنا) ومن شدة العرق كان المزارعون يعصرون (جلاليبهم) فيسيل العرق إلى الخارج كالماء دون ان يحرك هذا ساكن العساكر الذين يطوقون العنبر، وفي تلك الاثناء كنت انادي على شخص يدعي الامباشى عبد الله بالخارج وقلت له «الناس جوه العنبر ماتوا» فرد علىّ بأنه سوف يقتلني ان لم اسكت وقام بتصويب «السونكي» في اتجاهي فاحدث ثقباً دون ان يصيبني بأذى وعلى فتحة السونكي وضعت انفي واخذت اتنفس لذا كنت الوحيد الذي خرج من العنبر يسير على قدميه فقد كنت اسمع المزارعين وهم ينادون على بعضهم وبعد أن تمّ فتح الباب في السادسة صباحاً لم يخرج احد يسير على قدميه غيري وتم اخراج الجثث التي بلغ عددها حوالى «299» مزارعاً ومن بينهم اذكر ذلك المزارع واسمه «آدم عزاز» الذي كان من فوقه اولاده محمد وغبيشة كما اذكر مشهد الموتى فقد كانوا متشابكين وجمعت ملابسهم واحذيتهم في ارتفاع اعلى من «الراكوبة» التي كنا نجلس تحتها وتم اشعال النيران التي لم تلتهمها إلاّ في يومين.عبارات يصحبها غضب قالها عمنا منوفل حيث قال لم نعوض ولم نأخذ حقوقنا ولم يحاكم احد فكل ما تم عمله هو ان طلب منا القاضي عبد العزيز شدو بتمثيل الواقعة في العنبر حين طلب منا ان ننادي بنفس النداء السابق (دايرين موية) وبالفعل ادرك ان من بالخارج يسمعنا ولكن لا شيء بعد ذلك فأنا الآن كما ترون ادير هذا المحل من اجل الرزق ولم آخذ شيئاً من تلك الايام سوى الذكريات الاليمة ولحظات الفراق القاسية لرفقاء باقين في ذاكرته القوية، نعم انها (غملة) جودة أسوأ مأساة تسجلها حكومة وطنية في فجر تحول الى ظلام.ومن عمنا آدم المنوفل بدأنا رحلة البحث عن الرقم الثالث من الناجين من ذلك العنبر.فقد كان الوصول إليه شاقاً نوعاً ما فهو يقطن في احد الاحياء التي كانت تتبع لمنطقة عسلاية وهي الحلة الجديدة، طوال الرحلة كنت أتخيل تفاصيل الشخصية الاخيرة لابطال عنبر جودة وبعد رحلة سؤال استغرقت أكثر من ساعة عثرنا على منزله فوجدناه قادماً لتوه من واجب عزاء.. تفاصيل وجهه توحي إليك بأن ذاكرته طوت الحدث، ولكن ما ان جلسنا إليه حتى تدافعت الكلمات وهو يصف الحادثة وكأنها وقعت اللحظة انه عمنا (محمد جديد النيل) الذي التف حوله احفاده وهم يستمعون لرواية الجد لأول مرة حين بدأ يحدثنا فقال: كنت في ذلك الوقت صبياً قوى سألته: كم كان عمره في ذلك الوقت فقال فوق الثلاثين ببضع سنوات.. اخذ عمنا جديد يصف لنا ساعة دخوله العنبر فقال: بعد مرور ساعات على دخولنا وبعد ما اعيانا النداء من طلب الماء شعرت بألم في فمي وجفاف في حلقي وان جسدي يتسلخ خاصة ساعدي الايمن تأهبنا جميعاً للموت حين بدأت ارواح المزارعين تتصاعد الواحدة تلو الأخرى شعرت بأنني لن اخرج من هذا السجن اخرجنا ملابسنا علها تخفف علينا شدة الحرارة فعرقنا داخل العنبر كان يخرج كالسيل من تحت الباب الذي اغلق بعربة من عربات الجيش حتى يشوى من بداخله!لم يدرك عمنا جديد كيف خرج من العنبر لأنه لم يحس بالوجود إلاّ بعد ان دلقت عليه الماء فوجد نفسه في مستشفى كوستي، وان فمه تقرح من شدة الحرارة فصار يشرب الماء «بالبراد» ويبلل له الخبز باللبن ليأكله.. ظل هكذا «21» يوماً في المستشفى التي دخلها مزارعاً مدافعاً عن حقه ليخرج منها الى سبيل آخر وطريق غير الذي دفع فيه ثمناً غالياً بفقدان خمسة من اقربائه في تلك «الغملة».الصول.. السمانيكانت الشمس تميل الى الغروب وعمنا جديد يتأهب لصلاة المغرب ودعته قبل ان يسدل الليل بظلامه واسدل انا ستار الحكاية.. إلى أي حكاية المشروع والمزارع التي تحولت الى مأساة، إذن أي مشروع كان اصل الحكاية؟!!الاستاذ يونس النور يونس عضو المجلس التشريعي لولاية النيل الابيض واحد ابناء جودة حدثنا عن الفاجعة الوطنية فقال تم تأسيس المشروع الذي يسمى مشروع (جودة الزراعي) شركة ابو العلا في العام (35) وكانت العلاقة بين الشركة والمزارعين علاقة انتاج تقوم على تقسيم الارباح «58%» للشركة و«42%» للمزارعين وفي المواسم «53- 54- 55» أي ثلاثة مواسم لم يتم دفع أي ربح للمزارعين هنا قام اتحاد المزارعين كوسيلة ضغط بحجز المحصول وعدم رفعه للمحالج وكان هذا قرار اتحاد مزارعي جنوب النيل الابيض والتي كان يرأسها العبيد عامر.. هنا تحركت الدولة وتوصلت الى قرار فك الاضراب دون اخطار مزارعي جودة بفكه.وفي يوم 16/2/1956تحركت قوة من شرطة كوستي بقيادة الصول السماني وكان يصحبه الناظر «الشريف مكي عساكر» وفي موقع تجمع المزارعين في كيلو «4» بمنطقة جودة اجتمع الناظر بقيادة الشرطة مع رئيس اتحاد المزارعين الفرعي بجودة واسمه «اسماعيل عساكر» وتفاوضوا في فك الاضراب إلاّ ان اتحاد المزارعين رفض ذلك إلاّ بعد صرف كل الاستحقاقات السابقة هنا أمر الصول السماني بضرب المزارعين المتجمعين في الميناء اي مكان تجميع القطن ويقال بموافقة الناظر الشريف عند رفع اشارة الضرب بواسطة الصول السماني تم قتل الصول لتبدأ المعركة بين الشرطة والمزارعين والتي سقط فيها حوالي «43» من الاهالي و«6» من افراد الشرطة بعدها رجع افراد الشرطة الى كوستي.هنا تشير كل الدلائل الى ان احد اقرباء الصول المتوفى في الحادثة توعد بأخذ الثأر له وهو له منصب ونفوذ في الجيش.ويسوق يونس في حديثه حيث قال: في صبيحة يوم 18/2 من سنة 56 طوقت القرية بالعساكر من كل الاتجاهات وجُمع المواطنون في صفوف خماسية بدأت بكبار الرجال ثم صف النساء يليه صف الاطفال يليه صف القبائل الجنوبية ليتم بعدها اطلاق سراح الجنوبيين والاطفال والنساء وامروا الرجال بالتقدم خارج القرية وتم تجميعهم امام شرطة جودة واستبعدوا العمالة الوافدة أي عمال «اللقيط».ودون ان يتذوقوا أي طعام او شراب تم ترحليهم بأربع شاحنات وتوجهت بهم نحو حامية كوستي حيث مسرح الحدث الذي سبقت تفاصيله على لسان الناجين منه.ويذهب يونس في حديثه بأن المواطنين في تلك المنطقة قطنوا هذا المشروع من أول رحلة الى درجة الاستقرار لذا كانوا يجهلون حقوقهم لذا لم تتبن أية جهة مسألة التعويض أو حتى رعاية الاسر التي يتمت.ولكن هناك محاولة كانت تلوح مع بزوغ ثورة مايو حيث كان الرئيس النميري ينادي بقيام المدينة النموذجية في مدينة جودة لاسر الشهداء وبناء مستشفى باسم عنبر شهداء جودة إلاَّ ان احداث (ابا) حالت دون وصول الرئيس ليظل الحلم معلقاً على مر الحكومات المتعاقبة التي لم تقدم طوبة واحدة لاعمار المدينة المنكوبة .مقابر الشهداءمقبرة الشهداء بحي الصايم مربع «36» بكوستي اصبحت الآن تحت مباني السكان بعد ان تم توزيع المنطقة الى قطع سكنية واصبحت المقابر غير واضحة المعالم.. كنا بصحبة المهندس «محمد بشرى» الذي دلنا عليها ووسط تلك المباني المتناثرة وقفنا على القبر فقد ماتوا في يوم واحد وفي عنبر واحد وفي قبر واحد دفنت اجسادهم إلاّ واحداً حسب ما قاله لنا العم يوسف علي عبد الرحمن الذي حدثنا عن قصة القبر المجاور لقبر الشهداء فقال هذا القبر هو قبر الشيخ الطيب فعندما دفن مع المزارعين وجدوه بالخارج وعندما حاولوا دفنه مرة اخرى ايضاً وجدوه خارج المقبرة لذا دفن وحده ويقال بأنه رجل ورع وتقي.قبر الشهداء تعرى تماماً من اي سور يحميه اللهم إلاّ حطام سور متساقط شيده الرئيس جعفر النميري في فترة السبعينيات ولكنه انهار بفعل السرقات لسياجه فلم يبق إلاّ حطامه لتصبح المقابر مرتعاً للنفايات والفضلات الآدمية.. هكذا نخلد ذكرى الاحداث!.أكثر من «300» امرأة رملت وايتام كانوا يبحثون في حطام المزارع عن شيء يأخذهم الى بر الامان واجيال دفعت الثمن جيلاً بعد جيل.. عنبر جودة سطور بل صفحات سوداء في دفاتر الحكومات الوطنية.عم سعد شيبون والعم منوفل علي والعم محمد جديد والسؤال الباقي:
من يعاقب من؟
.


Post: #20
Title: Re: التاريخ بالماشة ... بقلم: شوقي بدري
Author: Ridhaa
Date: 05-14-2012, 02:00 AM
Parent: #19

Quote: تم تأسيس المشروع الذي يسمى مشروع (جودة الزراعي) شركة ابو العلا في العام (35) وكانت العلاقة بين الشركة
والمزارعين علاقة انتاج تقوم على تقسيم الارباح «58%» للشركة و«42%» للمزارعين وفي المواسم «53- 54- 55»
أي ثلاثة مواسم لم يتم دفع أي ربح للمزارعين هنا قام اتحاد المزارعين كوسيلة ضغط بحجز المحصول وعدم رفعه للمحالج وكان
هذا قرار اتحاد مزارعي جنوب النيل الابيض والتي كان يرأسها العبيد عامر..