Post: #1 Title: في وداع فَرَّاج كُربَة الهـمّ القَّبايلو يزِحَّـنْ Author: عبدالله الشقليني Date: 03-25-2012, 11:56 AM Parent: #0
.
لوحــة من رسم الفنان المرضي
في وداع فَرَّاج كُربَة الهمّ القَّبايلو يزِحَّـنْ
إلى محمد إبراهيم نُقُد في عليائه : (1) نُمت غريراً ومسحت أدمع الباكيات .و في أحلك حلقات الخناق التي كانت تحاصرك وتطلب رأسكْ ، كنت تُطيب أفراح أبناء وبنات حزبك . تأتي لأفراحهم وأتراحهم مُتخفياً ترتدي لباس العامة ، وتلعب الصقرية عند غناء أفراح الزواج وتُبارك وتتمنى النبات بالبنين والبنات والسّعد. عشتَ متخفياً ومتنقلاً بين بيوت العامة من أبناء وبنات شعبك ، لا بيت مملوك لك ولا حرزاً تخاف عليه، ولكنك قبّلتَ أرض موطنك وملكت قلوب الأوفياء . سيرتك مداد من نور يسطع خير سيرة لأنقي الذين وهبوا حياتهم لشعبهم ، وذهبت مرضياً عليك من كل الذين يحبون السودان الواحد .حياتك صفحة مورقة . بوجودك ثبَّتَ حزبك الديمقراطية نهجاً استراتيجياً منذ سبع وعشرين عاماً خلت. كنت ولما تزل رفيقاً بالجميع . سندَ ظهرُك أحمال التاريخ كلها ، ورضيت أن تكون سكرتيراً عاماً منتخباً عندما تهيب المقام الشباب . فكنت سفينة عبرت على ظهرها الصافنات تسبح في الريح بلباس التجديد والحداثة والفن والثقافة ، قلباً وقالباً ، مبنى ومعنى . وعرفت المدخل الحق ليكن منهاج الحزب الثابت هو نهج المصالحة مع المجتمع ومكوناته الثقافية المتنوعة ، و المحبة لأهله الذين زرعوا الخير ولا شك سيحصدون . (2) كان الراحل أيقونة جيل الحركة الوطنية ، وهب حياته الخاصة والعامة لخدمة شعبه من خلال العمل في مسيرة حزبه ، وسيرته الشخصية كقائد لحزب حمل شعلة الحداثة منذ بواكير الأربعينات من القرن الماضي . واجه وحزبه عنت الحكم الدكتاتوري الأول والثاني والثالث و تحمل ورفاقه مكر الإسلام السياسي الذي تآمر أصحابه على إقصاء حزبه من الحياة السياسية في الستينات وخالفوا أحكام القضاء المستقل . ونحر نظام مايو قيادات من حزبه ، فقاد الراحل الأستاذ " محمد إبراهيم نقد " حزبه في أحلك ظلمات الحياة السياسية صيف العام 1971م، بعد أن تم ذبح قادة من الحزب الشيوعي بدعوى تنفيذ مذبحة بيت الضيافة التي قادتها الاستخبارات الأجنبية ،المعروفة الأصل والنسب وبأيدٍ سودانية ولاذت بالفرار . وفضحت نفسها حين أعلن الرئيس السادات أن الوحدة الثلاثية الفوقية التي ضمت دكتاتوريات مصر وليبيا والسودان قد ولدت بأسنانها في الخرطوم . فاكتملت الحلقة الثانية من التطهير والسحق لأهم قادة الحداثة الثقافية في السودان .
قدم الراحل حياته الخاصة قرباناً لهدف نبيل ،وحرم نفسه من الحياة الطبيعية ومهر سنوات عمره للهدف ، وصار قائداً لحزبٍ عُرف عند الناس بعفة اليد ، رغم ملاحقة الإسلام السياسي له ولحزبه بتُهم الكفر والخروج عن الملّة ، آملين قتل الحياة الإنسانية والثقافية والفنية التي لما يزل يبشر بها ولبثّ الكراهية لدى عامة الشعب والبسطاء ، وفشلوا. (3) الأرض تغتني بكَ كنزاً ، ربما تعود للحياة سُنبلةً بلون فرح الشعب بمستقبله زهوراً ناصعة في الوجدان .حياتك وارفة ، وخيل ريحك خاضت معارك الوطنية واحدة إثر أخرى . فيموت الجسد الناحل وتبقى الفكرة . كَنَسَت سيرتكَ كل سير الذين وقفوا بكروشهم ليغطوا الشمس وبريقها فخسروا . للشعب موعدٌ لا يشبه مواعيد الثورات الفطيرة ، وربيع وطننا لن يقهره جيش الدكتاتورية الإسفيري أو شرطته أوعساكر جيشه أو أمنه المسيّس . بدأت الدنيا بكلمة ، وتنبت الكلمة فكرة ، وتأتي الفكرة بالريح يقصف كل مرابع الخزي والعار التي يحاول أصحاب السلطان أن يمسخوا بها أبناء وبنات الشعب السوداني النبيل وتحويلهم إلى سارقين ومرتشين ومغتصبي أطفال وضعيفين مولولين أمام فجرهم الكاذب . ألف تحية لأبناء وبنات الشعب السوداني ، فهو أبيّ بهيّ ، تلد نيرانه جمراً ، كما تلد نيران أعدائه الرماد .
للراحل من الدراسات والأسفار : قضايا الديمقراطية في السودان - حوار حول النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية - علاقات الأرض في السودان: هوامش على وثائق تمليك الأرض - علاقات الرق في المجتمع السوداني - حوار حول الدولة المدنية. ودراسات تخص حزبه .
ألف وردة تتفتح في ذكراه العطرة ، التي تقف شامخة بين الذين حملوا أوطانهم في صدورهم . ألف سلام عليه حين وُلد وحين رحل وهو مقيم في قلوب الأوفياء لأوطانهم . قدّم ما استطاع لخدمة الوعي ودخل وحزبه وجدان شعوب أهل السودان وأسهموا في تفجير طاقات الشباب الفنية والثقافية والاجتماعية بالقدر الذي أصبحت تحمل شعلة الفكر والتجديد والحداثة . أللهم اسكنه مسكن الصديقين وأدخله الجنان الباسقة التي وعدت الذين أحببتهُم بالنعيم الذي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر بقلب بشر .
في وداع فَرَّاج كُربَة الهـمّ القَّبايلو يزِحَّـنْ
Post: #12 Title: Re: في وداع فَرَّاج كُربَة الهـمّ القَّبايلو يزِحَّـنْ Author: Nasr Date: 03-25-2012, 10:23 PM Parent: #11
مثل أبطال الأساطير تماما ستون عاما وهو يثابر لكي يفتح كوة للشمس في عتمات مظلمات مدلهمات كسيزيف الذي عاقبته الآله في أساطير اليونان القديمة (حينما سرق شعلة الحياة وأهداها للبشر) عاقبته بأن يحمل صخرة أعلي الجبل ثم ما أن تتدحرج فيحملها مرة ومرات إلي ما لا نهاية مثابرة (أضخم مرات من مجرد نضال) كان كامو قد قال عنها "المثابرة في حد ذاتها ... كافية لتملأ قلب الإنسان. على المرء أن يتصور سيزيف سعيدا".
كخالد بن الوليد الذي غشي المعارك وقاد الحروب وأبتدر الفتوحات ومات علي سريره كما يموت الجنباء كما قال (ولا نامت أعين الجبناء )
أرث ثر من إعمال الفكر والنظر الفاحص العميق خلفه محمد إبراهيم نقد منذ كتاباته الأولي في إقتصاد القطن وحتي آخر مساهماته في الدولة المدنية ( وفي وسط ذلك مساهمة مبدعة بما لا يقاس عن علاقة الشيوعيين بالإبداع والمبدعين)
هي للناس بعده بومة منيرفا التي تطير مع العسق وطائر الفينيق الذي ينهض طائرا من رماد الموت مبشرا بفجر جديد
Post: #13 Title: Re: في وداع فَرَّاج كُربَة الهـمّ القَّبايلو يزِحَّـنْ Author: عبدالله الشقليني Date: 03-26-2012, 09:23 AM Parent: #12
Post: #14 Title: Re: في وداع فَرَّاج كُربَة الهـمّ القَّبايلو يزِحَّـنْ Author: خالد المحرب Date: 03-26-2012, 10:40 AM
استاذى الشقلينى يكفيه فخرا لا حاسب بنوك ولا ركب موديل الناس دى رايحه ساهى لكن التاريخ دا هو المحك (ريكورد) غير قابل للنقاش
Post: #17 Title: Re: في وداع فَرَّاج كُربَة الهـمّ القَّبايلو يزِحَّـنْ Author: عبدالله الشقليني Date: 03-27-2012, 06:51 AM Parent: #14
Quote: استاذى الشقلينى يكفيه فخرا لا حاسب بنوك ولا ركب موديل الناس دى رايحه ساهى لكن التاريخ دا هو المحك (ريكورد) غير قابل للنقاش
تحية لك أخي الأكرم : خالد المحرب وهو فقد وطني ، برحيله ، رحل ركيزة من مناضلي الأربعينات وجيلها
الأحباء من أين أبدأ ؟ بل أين أقف؟ . ربما في ربوة عالية ، وريح تعوي ، وسماء حمراء من دم المعارك التي نشبت بين الأرض والسماء ، وراح من موتاها الفقراء !.من أين لنا خبز الأكرمين وأعراس الفرح التي نشهد عندها " بوشَّة حَريمْ و نِعمَة كريم " ، فكل الأبجديات أضحت منغلقة ، وأقفال الفأل قد ضيعت مفاتيحها الأيام وهي تطوي الأحباء في بحر الغياب .