َـقذىً بِـعَينِكِ أَم بِـالعَينِ عُوّارُ أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أهل

َـقذىً بِـعَينِكِ أَم بِـالعَينِ عُوّارُ أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أهل


03-23-2012, 02:54 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=380&msg=1332510892&rn=0


Post: #1
Title: َـقذىً بِـعَينِكِ أَم بِـالعَينِ عُوّارُ أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أهل
Author: Asma Abdel Halim
Date: 03-23-2012, 02:54 PM

قَـذىً بِـعَينِكِ أَم بِـالعَينِ عُوّارُ أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ

بالرغم من أنباء مرضه ومحاولات علاجه لم يكن موته في حساباتي، لأن أملي كان كبيراً في عودته لذلك الوطن المتطلع لأمثاله.
عرفته حين كان يغشى أستاذي الجليل أبو الريش عليه الرحمة حين كان "أدهم وأبو الريش" ملء السمع والبصر.
جلست إليه في منزل أخته ليحدثني عن ما سألته عنه. فكان كريماً معطاءً لايبخل برأي ولا نصيحة. كان يملك تلك الملكة القوية العليا التي قال عنها ألبرت أنيشتاين
It is the supreme art of the teacher to awaken joy in creative expression and knowledge.
وحين أتيته أطلب إذنه في ترجمة كتابه كنت أستعد بكل ما عندي لأني توقعت أن يجلسني على كرسي ساخن ويسألني كما المتحري . ولكني سعدت أيما سعادة حين قال في بشاشة أن ليس لديه مانع. وأنه يذكرني من مكتب أبو الريش. وقال ما عرفت معناه الآن قال أننا في السودان ما محظوظين إذ أن معرفتنا بالخيار يسابقنا فيها الموت فنفقدهم ونحن في أشد الحاجة لهم. وسرعان ما غير الموضوع حين رأى سحابة الحزن تكسو وجهي وقال في بشاشة أنه يطمئن لقيامي بالمهمة. ولم يفته أن يؤكد أن معرفته بهالة تزيد من حماسه. ضحك كثيراً لاحتجاجى على أن تكون أصغر أخواتي سببا في تحقيق مهمتي. فحدثني طويلاً عن ما يكنه من حب لشباب السياسيين وكيف أنه يزكي حماسهم في كل الأوقات. وعندما نادى محتجاً على عدم إكرامي بكباية شاي أتاني الشاي على يد من أحبه واحترمه، رجل أفنى زهرة شبابه في خدمة الحزب.
مكتبه متواضع يشاركه فيه التيجاني الطيب. يتبادلان الحديث مع ضيفتهما التي رفع تواضع الرجال من مقام المكان عندها. سلمني إذنه وودعنى على الباب ويا لأسفي الشديد كان هذا آخر يوم رأيت فيه وجهه ولكن واصلت اتصالي به.

حين قرأت خبر وفاته في رسالة من ساندرا هيل هُرعت لسودانيز أونلاين وكانت تتشح سواداً لوفاة علم آخر هو حُميد. وكأني بسوادها يزداد حُلكة ويستحيل ظلاماً دامس يسكن أرجاء المكان
وناحت النائحة وسمعته صوتها عاليا

الليلة يا الضليل يا شدر المقيل
اللية يا الصنديد أب راياً سديد
يا مقنع الكاشفات يا عشا البايتات

لم أجد ما أصفه به أبلغ من وصف الخنساء لصخر
لَـم تَـرَهُ جـارَةٌ يَمشي بِساحَتِها لِـريبَةٍ حـينَ يُـخلي بَـيتَهُ الجارُ
وَلا تَـراهُ وَمـا فـي البَيتِ يَأكُلُهُ لَـكِنَّهُ بـارِزٌ بِـالصَحنِ مِـهمارُ
وَمُـطعِمُ القَومِ شَحماً عِندَ مَسغَبِهِم وَفـي الـجُدوبِ كَريمُ الجَدِّ ميسارُ
مِـثلَ الـرُدَينِيِّ لَـم تَنفَذ شَبيبَتُهُ كَـأَنَّهُ تَـحتَ طَـيِّ البُردِ أُسوارُ
جَـهمُ المُحَيّا تُضيءُ اللَيلَ صورَتُهُ آبـاؤُهُ مِـن طِوالِ السَمكِ أَحرارُ
مُـوَرَّثُ الـمَجدِ مَـيمونٌ نَـقيبَتُهُ ضَـخمُ الـدَسيعَةِ في العَزّاءِ مِغوارُ
فَـرعٌ لِـفَرعٍ كَريمٍ غَيرِ مُؤتَشَبٍ جَـلدُ الـمَريرَةِ عِـندَ الجَمعِ فَخّارُ
فـي جَـوفِ لَحدٍ مُقيمٌ قَد تَضَمَّنَهُ فـي رَمـسِهِ مُـقمَطِرّاتٌ وَأَحجارُ
طَـلقُ اليَدَينِ لِفِعلِ الخَيرِ ذو فَجرٍ ضَـخمُ الـدَسيعَةِ بِالخَيراتِ أَمّارُ
لَـيَـبكِهِ مُـقتِرٌ أَفـنى حَـريبَتَهُ دَهـرٌ وَحـالَفَهُ بُـؤسٌ وَإِقـتارُ
وَرِفـقَةٌ حـارَ حـاديهِم بِمُهلِكَةٍ كَـأَنَّ ظُـلمَتَها فـي الطِخيَةِ القارُ
أَلا يَـمنَعُ الـقَومَ إِن سالوهُ خُلعَتَهُ وَلا يُـجـاوِزُهُ بِـالـلَيلِ مُـرّارُ