لماذا لن يمر الربيع العربي علي السودان--- مقال جيد

03-18-2012 01:19 AM
معاوية يس

هو ليس سؤال العرب، بل وحدهم السودانيون لا يعرفون لماذا لا يريد فصل الربيع أن يتغشّاهم، ولو من باب التغيّر المناخي الذي تُعقد له المؤتمرات وتخصص له الموازنات في بقية بلاد العالم العربي التي تتعاقب فيها أربعة فصول وتهبّ فيها ثورات «الربيع العربي». ومن السودانيين مِنْ قائلٍ إن عمر البشير العائق الأكبر للثورة السودانية الثالثة منذ استقلال البلاد في العام 1956. ومنهم من يقول إن ضعف المعارضة هو أكبر حجارة العثرة منذ أكثر من عقدين.

أقوالهم كثيرة مثل كثرة سحناتهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم وأفكارهم، حتى لتظننّ أنه لن يأتي يوم يتفقون فيه على شيء. وعندي أن المعطَّل الرئيس في السودان هو ضعف الشعور بالوطنية، الذي يقود بدوره إلى إعراض عن التضحية، ورفض ذاتي لفكرة فداء الوطن بالدم والمال والروح، وهي ليست من قبيل الإساءة ولا تبخيس بذل من يرون في أنفسهم شعوراً جامحاً بحب الوطن، بل هو تراكم على مدى عقود لغياب التربية الوطنية، وعدم وجود مناهج دراسية لتغذية التلاميذ والطلاب بحب وطنهم وتقديسه والاستعداد للتضحية من أجله.

وتبرز هنا الحقيقة المتمثلة في أن المطرب السوداني الراحل محمد وردي قام منفرداً بسد تلك الثغرة الخطرة، من خلال أناشيده الوطنية التي تجاوزت حواجز الانتماء السياسي الضيّق لتتغنى بعظمة الأبطال الذين قاموا بدور كبير في صنع التاريخ السياسي الحديث لبلادهم. تصوروا أن بلاد المليون ميل مربع (سابقاً) لم يكن في مدارسها على مختلف مراحلها درس في الوطنية، باستثناء بضع حصص عن تاريخ السودان.

ولم يعرف جيلنا ترديد النشيد الوطني (السلام الجمهوري) إلا بعدما صرنا رجالاً، ولم يكن علم السودان يرفرف على السارية في المدارس على عهدنا. وجاءت بعدنا أجيال لم تعد تعرف حتى أسماء العظماء الذين حكموا بلادنا بعد تحررها من الاستعمار البريطاني.

ولما تم فرض أداء تحية العلم والنشيد الوطني في المدارس كان الوطن نفسه مختطفاً، وإذا كان شعار الأنظمة العسكرية هو «البيان بالعمل»، فإن تلاميذ وطلاب العقدين الماضيين شبعوا من النظر إلى مشاهد التمرغ في الفساد، وتطاول البنيان، وسلب الحريات، والتخلي عن مجانية التعليم، وأضحوا يقادون إلى التجنيد الإلزامي والتجييش الشعبي في الميلشيا التابعة للمحفل الحاكم، ليُعلَّموا أن حب الوطن وحماية ترابه يعنيان أسلمة مناطق غير المسلمين، وسرقة الفرح والأمن من عيون أطفال المناطق غير العربية في السودان.

وكان بدهياً أن يستتبع ذلك شيوع نزعة إلى الأنانية وإيثار النفس والطمع في جني أكبر قدر من المكاسب واقتطاع الغنائم، وأضحى تأمين القوت وتحصيل الرزق يتطلبان قدراً من البراعة في النفاق الاجتماعي وتملق ممثلي رجال المحفل الحاكم في الدواوين الحكومية ودور الحزب الحاكم. وهي أثرة لم يخترعها العوام، بل تأثروا بها مما شاهدوه لدى أبقارهم الطائفية المقدسة التي عمدت إلى التصالح مع النظام، ورضيت من الغنيمة ببضعة كراسي في السلطة لأبناء سادة تلك البيوتات الطائفية التي لا همَّ لها سوى الانتفاع والانتفاخ وأكل أموال الموالين لها.

لذلك كله، ولغيره من أسباب تَعِزُّ على الحصر، لم تعد الدعوة للخروج في تظاهرة، أو تنظيم اجتماع حاشد، أو تنظيم حملة مقاطعة أو إضراب سياسي، تجد من يصيخ لها سمعاً، ومن شدة انهماك السودانيين في شواغل حياتهم اليومية، أضحت مشكلات الناس التي تنشرها الصحف اليومية ملهاة يتسلَّوْنَ بها، كما الكلمات المتقاطعة أو مطالعة الأبراج.

يبدو أن ما يزيد الطين بلَّة أن نظام المحفل الحاكم نجح في استنساخ عناصره وكوادره التي هيّأ لها أن تتظاهر بأنها هي المُعَارِضة، وبأنها الداعية إلى تيارات التحرر والثورة، في حين أنها عناصر المحفل وثعالبه، وليست دعواتها تلك سوى حيل للتخذيل وتشتيت أفكار الناس وبث اليأس في نفوسهم.

* صحافي من أسرة «الحياة».

[email protected]
0 | 0 | 214

Quote: وكان بدهياً أن يستتبع ذلك شيوع نزعة إلى الأنانية وإيثار النفس والطمع في جني أكبر قدر من المكاسب واقتطاع الغنائم، وأضحى تأمين القوت وتحصيل الرزق يتطلبان قدراً من البراعة في النفاق الاجتماعي وتملق ممثلي رجال المحفل الحاكم في الدواوين الحكومية ودور الحزب الحاكم. وهي أثرة لم يخترعها العوام، بل تأثروا بها مما شاهدوه لدى أبقارهم الطائفية المقدسة التي عمدت إلى التصالح مع النظام، ورضيت من الغنيمة ببضعة كراسي في السلطة لأبناء سادة تلك البيوتات الطائفية التي لا همَّ لها سوى الانتفاع والانتفاخ وأكل أموال الموالين لها.

Quote: وكان بدهياً أن يستتبع ذلك شيوع نزعة إلى الأنانية وإيثار النفس والطمع في جني أكبر قدر من المكاسب واقتطاع الغنائم، وأضحى تأمين القوت وتحصيل الرزق يتطلبان قدراً من البراعة في النفاق الاجتماعي وتملق ممثلي رجال المحفل الحاكم في الدواوين الحكومية ودور الحزب الحاكم. وهي أثرة لم يخترعها العوام، بل تأثروا بها مما شاهدوه لدى أبقارهم الطائفية المقدسة التي عمدت إلى التصالح مع النظام، ورضيت من الغنيمة ببضعة كراسي في السلطة لأبناء سادة تلك البيوتات الطائفية التي لا همَّ لها سوى الانتفاع والانتفاخ وأكل أموال الموالين لها. ]

الغريبة دى نفس الاشياء التى ادت الى الربيع العربى فى تونس - مصر - اليمن - سوريا

هناك أسباب أخرى لم يتطرق لها المقال وفى ظنى أنها الاسباب الاساسية لعدم مرور الربيع علينا

علينا أن نسأل أنفسنا أولا لماذا لم تكتمل الثورة فى اليمن وسوريا ؟
وعلينا أن نسأل أنفسنا هل إكتملت الربيع فى مصر ؟

نسأل أنفسنا بعمق أكثر ونحاول أن نتلمس الاسباب الأعمق سنجد أن الثورة ليست صدفة والربيع ليس فصلا يمر على الذين هم (يتمنون) التغيير ولا يعملون له

هناك أزمة قيادة (متفقين على ذلك) ولكن هل من أتى بالربيع من حولنا هم القيادات المعروفة ؟
هناك ضعف فى الاحزاب . ولكن هل من أتى بالربيع من حولنا هم الاحزاب ؟
من أشعل الشعلة من حولنا هم الشباب . فأين نحن من الشباب ؟
ومن دعم الثورات من حولنا هى النقابات . فأين نقاباتنا ؟
من دعم التغيير من حولنا هو المجتمع المدنى . فأين منظاتنا التى تعمل لدعم الثورة أو التغيير ؟
ومن قام بالربيع من حولنا التنظيم والتناغم ومن بعد ذلك اللحظة المناسبة أو الحدث المناسب .. ولدينا كمية من الاحداث المناسبة التى بإمكانها خلق مليون ثورة وثورة .. ولكن تمر سدى .. وبكل أسف لا نجلس (فى الواطة) لتقييم لماذا مرت لحظات الربيع ومعطياته علينا ولم يمر علينا

الأخ ود العجمي سلامات

يتملكني أحيانا إحساس بالإحباط و آخر بالشفقة لحال بعض الأخوة هنا ما أن يتظاهر العشرات حتي يملأوا البورد الثورة إنطلقت وما عارف شنو...

ولو سألت معظم معارضي الإنقاذ هنا يقولو ليك ديل خلاص أيامهم كملت....وبنسمع في الأسطوانة دي وما في أي تغيير .....

الثورة لا تصنعها الأحزاب و لا المعارضة...الثورة يصنعها الشعب..فضعف الأحزاب ليس السبب في بقاء الحكومة ولكن هو عدم وجود الرغبة الأكيدة للتغيير...ودة لأنة التغيير يا حبيب تمنة غالي .....دم وموت الشعب دا ما داير يدفعو....علي الأقل الآن....

ياخي البلد خربت وبلغت الروح الحلقوم وناسناساكتين كلما يخبتوهم يقولو هل من مزيد

شكرا هيثم الصديق ..
لكن ليس هذا هو معاوية يس الذي نعرف ..
ما عهدنا في الرجل إحباطاً من قبل و لا قنوط ..
بل مقالاته دائما بمثابة تنوير عام للشعب عما تخفيه دهاليز سياسة الحاكمين ..
فـ(استيلاد) الاحباط و نشره و (تمكينه) بين الناس هو واحد من أهداف (الجماعة) ..
ومن آفات بقاء (المحفل الحاكم) ..
- هذا المصطلح السياسي و النعت البليغ - من صنع معاوية - الذى نعده معولاً
من معاولنا الشعبية في دك أركان (المحفل) ..
لأن ( للقلم و البندقة فوهة واحدة ) ..


و سأعود .. لأن المقال أزعجني جداً ..
لأرى ( من هكَر معاوية يس ) ..

سلام يا عبد اللطيف وشكرا علي التعقيب....

أختلف معاك قليلا في رؤيتك للمقال...

أنا أعتقد قليل من الواقعية مهم جدا....الإنقاذ سؤاتها واضحة وما دايرة يوضحوها للناس...

والشعب الخانع الساكت عايش فظائعها كل يوم ....فيا هو جباااااان وخاييييف من تمن الحرية أو هو راضي ومبسوط....

أتفق تماما مع المقال....علينا أن نسأل لماذا صمت القبور ...من هذا الشعب الملكوم....أو كما قال القذافي مخاطبا الثوار...ما السودانيين ما لا قيين ياكلو و ساكتين إنتو ما لكم...