قانون مكافحة التجسس: تحذير و(فيديو مفزع وصور)

خارج الدوام
قانون التجسس
محمد عثمان ابراهيم
www.dabaiwa.com

المتهمون بالتجسس تراهم مرة واحدة يختفون بعدها للأبد!
المرة الأولى التي رأيت فيها متهماً بالتجسس كانت بعد سنوات قليلة على ما عرف في أدبيات مايو بالغزو الليبي. الشاب المتهم كان غريب الملامح بعض الشيء بشعر كثيف وهندام أنيق، عرفت بعد سنوات أنه يشابه هندام ومظهر الأفارقة الأمريكيين في السبعينات. كانت الدعاية النميرية حينذاك موجهة ضد ليبيا. أوقف مواطنون الشاب وسألوه بعض الأسئلة ثم تركوه يذهب لحال سبيله، لكن متطوعاً جديداً جاء الى الزمرة المتزايدة واقترح أن يتم إبلاغ للأجهزة المختصة لأن الشاب ربما كان تابعاً لل(مرتزقة)!
اتمنى أن يكون الشاب قد نجا من تعسف المواطنين والسلطة الهائجة!
بعدها بسنوات رأيت متهماً آخر بالتجسس في مكان آخر. كان حافياً دائماً، يسكن في حفرة يخرج منها حين يحتاجه الحراس للخدمة. كان صغيراً لم يبلغ العشرين ولحظت انه يقفز للوراء إذا حرّكت يديك أثناء الحديث! كان ممتلئاً ومثقلاً بالوحشة والخوف والرعب!
مرة قمت شخصياً بإيواء هارب من اتهام بالتجسس. أراني أثر حديدة البوت على رأسه بعد أن فقد المحقق معه اعصابه. حذاري من ان يفقد المحقق المخمور بالسلطة أعصابه. الجنرال عيدي أمين دادا ، المستحق لأضعاف كراهية سكان الكوكب الأرضي حقق مع رئيس الكنيسة اليوغندية الأسقف جاناني لووم لدقائق قليلة ثم وضع المسدس في فم الضحية وداس على الزناد. أعاد وضع مسدسه في مكانه وخرج غاضباً قائلاً للحاضرين لقد انفعلت " I lost my temper " وفي اليوم التالي أذاع راديو كمبالا أن الضحية تعرض لحادث سير أودى به مع وزيرين كانا يرافقانه!
في أمريكا ما زالت قصة إعدام جوليوس وإيثيل روزينبرج تقض مضاجع الضمائر الحية هناك. السلطة اعتبرتهم خونة فأعدمتهم فيما البعض اعتبرهم ضحايا وإبنيهما مايكل وروبرت ظلا يعيشان في الفضيحة ويدفعان الثمن لأكثر من خمسين عاماً تلت.
في السودان التعسف في استخدام السلطة لا مثيل له فيمن يلبسون (الكاكي) ومن لا يلبسون، خفراء المستشفيات ، الأطباء والممرضون ، المدرسون، الأزواج، الذكور، الكماسرة ، مدربو كرة القدم، والساسة يملأون فم الجماهير بالحصى إذ يفتحونها بالهتاف. ترى هل درست كليات العلوم السياسية الظاهرة؟ وهل نحن قوم –بطبيعتهم- متسلطون؟
الأجهزة الحكومية (خصوصاً تلك التي تحمل السلاح) متسلطة بطبيعة تكوينها وتربيتها فكيف إذا عثرت على لعبة جديدة في يدها تسميها قانون مكافحة التجسس؟ كيف يمكن ان نحرم الأصابع من توجيه الإشارة الغليظة: هذا جاسوس؟ برلماننا المطيع –مع الإحترام- غير مؤهل في المرحلة الحالية لإقرار قانون كهذا.
إصدار قوانين بهذه الأهمية يحتاج الى وقت وتداول ومشاورات ودراسات وحوار وتهيئة للرأي العام ، وقبل ذلك يحتاج الى فتح النوافذ والحديث فلا تتعجلوا.
نحمد الله أن قانون التجسس لم يكن على البال قبل عشرين عاماً وإلا لكنا الآن نقيم حفلات التأبين للصادق المهدي، وحماد بقادي، ومحجوب عروة!
نواصل بعد غدٍ.


(نقلاً عن السوداني 11 مارس 2012)

عيدي أمين يحاضر وزراءه عن الطريقة المثلى للتعامل مع المتهمين بالتجسس

فيديو يصور عملية قتل عيدي أمين لأسقف الكنيسة الكاثوليكية اليوغندية (مشهد مزعج للغاية)

جوليوس وإيثيل روزنبيرج

الطفلان مايكل وروبرت يتشاركان قراءة صحيفة قبل إعدام والديهما. لاحظ مانشيت الصحيفة المتحامل


مايكل وروبرت هنا بعد حوالي نصف قرن على اعدام والديهما

* الصورتان والصورة السابقة من أرشيف نيويورك تايمز

خارج الدوام
قانون لحماية المعلومات قبل قانون التجسس
محمد عثمان ابراهيم
www.dabaiwa.com


ينشغل المجلس الوطني هذه الأيام بمداولات حول قانون جديد لمكافحة التجسس يقول المعنيون إن غيابه كان يشكل ثغرة في التشريعات سمحت بتسرب الكثير من المضار الى جسد الوطن وهذا قول حتماً مردود! كان يمكن للقوانين القائمة أن تتعدل بحيث تستوعب ما طرأ من نزوع لاحظته أجهزة الدولة نحو التجسس، ولكن الغرض في غياب الحاجة الملحة، يصبح تمليك السلطة لقانون مرعب يمكنها من قهر الخصوم وتلبيس التهم.
سيكون قانون مكافحة التجسس المقبل أداة في يد السلطة لمحاربة المعارضة الشريفة، وكسر هيبتها، وإرهابه، فإذا جلس مسئولو الحكومة مع السفراء الأجانب وفضفضوا لهم بما تقوم به الدولة من أعمال يصبح الأمر مقبولاً(ولو نشرتها ويكيليكيس) وإذا لبى ناشط يخاصم الحكومة دعوة دبلوماسي أجنبي سيتهم بالتجسس والتآمر على البلاد!
سيحرم القانون المقبل نشطاء حقوق الإنسان من التواصل مع رصفائهم حول العالم وذاك أمر ضروري بالنسبة لحركة كونية تستلهم قيمها من الجنس البشري كله.
سيتم تجريم المراسلات، والمحادثات الهاتفية مع الشخصيات الأجنبية ومع الأصدقاء وعلى الفيسبوك وتويتر وستتحول هذه الى أدلة جنائية ستلقي بالفاعلين وراء الشمس!
أكثر ما (لا) يدهشني هو صمت منظمات المجتمع المدني! السبب معروف فالوقت لا يكفي للتقديم للمنح الأجنبية والتي ستصبح عما قريب وبالاً على متلقيها! هل يقرأني الباقر العفيف ومركزه؟
في مصر مبارك ألقت السلطات القبض على مفكر محترم (سعد الدين ابراهيم) ومجموعة من مساعديه بمركز إبن خلدون، وحاكمتهم، وسجنتهم بتهمة التجسس وكانت الأدلة عبثية تضم دراسات، وإستبيانات، واستمارات كان الباحثون يعبئونها عن طريق التحاور مع الناس.
إن البرلمان الحالي والذي يقوم بمناقشة هذا القانون الخطير يفتقر الى المساندة الشعبية، والى عضوية مجموعة مؤثرة من أهل المعرفة، والفكر، والإستنارة إلا من رحم ربي، وهو برلمان تم تشكيله بتفويض جماهيري (مختلف عليه) في وطن آخر غير وطننا اليوم، وتحت نظام حكم آخر، ومن أجل تنفيذ أجندة لا حاجة لنا بها في سودان ما بعد الإنفصال. بهذه الصفات كان على البرلمان ان يأكل ويشرب، ويقر التشريعات الأقل أهمية حتى يأتي آخر يملك تأهيلاً أفضل، ومساندة أكبر، وظروف عمل أروق.
كيف يمكن للبلاد أن تقر قانوناً بهذه الخطورة دون ان تسمع رأي منصور خالد، وكمال الجزولي، وفاروق أبوعيسى، وأمين مكي مدني، وحسن الترابي؟ لماذا لا يقوم البرلمانيون بمشاورات في دوائرهم؟ ولماذا لا يفتح البرلمان المجال للمواطنين لطرح آراءهم وقد يقدم أهل الخبرة (وأغلبهم لا يتمتعون بعضوية المجلس الموقر) آراء مفيدة يستأنس بها النواب؟
المطلوب الآن وفي هذه المرحلة قانون لحماية المعلومات يلزم الوزراء وكبار الموظفين، بالحفاظ على أسرار البلاد، ويحرم مساعديهم من التبجح والتباهي في جلسات السمر، وفي هذا يمكن الإستفادة من تجارب الكثير من الدول المشابهة لظروفنا قبل ان ياتي أحمد ابراهيم الطاهر، ومحمد الحسن الأمين وبدرية سليمان بقانون التجسس هذا.

(السوداني، 13 مارس 2012)

سلام يا ادروب

Quote: منصور خالد، وكمال الجزولي، وفاروق أبوعيسى، وأمين مكي مدني،

هو القانون معمول لمنو ما لي ديل ذاتهم لووووول


الترابي : لو واحد هوب ناحيتو حيعملو مسخرة وويجعل منه مثلا
اصلا هو يعتقد ان كل هؤلاء الموجودين بالبرلمان اميين ولا يفقهون شيئا

كلام مهم جداً وتنوير ضروري تشكر عليه..
فهناك العديد من التشريعات تصيغها أجهزة النظام الحالي على مقاس هيكلها فحسب ..
دون أدنى اعتبار للمتغيرات سواء على النطاق الداخلي كما تفضلت..
أو على النطاق الأممي..
آمل أن تحرك هذه المقالات ساكن الفعل بين القانونين ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات السياسية..
إذ أن قوانين حماية الدولة مسؤولية جمعية وليست فرض كفاية..
لايجوز أن تنفرد بها جهة دون الأخريات حتى لا يتم تسخيرها واستغلالها بالكيفية التي تكرمت بالإشارة إليها ..
خاصة وأن شعرة الفرق بين الاعمال التخابرية وتلقي العون الإنساني ..
غدت جد رقيقة في ظل ما شرعته المنظمات الدولية من قوانين انتقصت الكثير من مبدأ سيادة الدولة.

Quote: هو القانون معمول لمنو ما لي ديل ذاتهم لووووول

يا محمد ابراهيم
دي هي المشكلة ذاتها أن يتم تصميم القانون لمواجهة أفراد معينين. تجربة إصدار مثل هذه القوانين أرهقت دولاً كثيرة حول العالم.
لكن إيه رأيك في موقف المجتمع المدني في السودان؟
غايتو لو حصلنا فايدة من قانون مكافحة التجسس الجاي دة حتكون في حرمان التجار بتاعين منظمات المجتمع المدني من الحصول
على المنح الأجنبية والمشاركة في المؤتمرات والأسفار الخارجية.

Quote: فهناك العديد من التشريعات تصيغها أجهزة النظام الحالي على مقاس هيكلها فحسب .. دون أدنى اعتبار للمتغيرات سواء على النطاق الداخلي كما تفضلت.. أو على النطاق الأممي.. آمل أن تحرك هذه المقالات ساكن الفعل بين القانونين ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات السياسية.. إذ أن قوانين حماية الدولة مسؤولية جمعية وليست فرض كفاية.. لايجوز أن تنفرد بها جهة دون الأخريات حتى لا يتم تسخيرها واستغلالها بالكيفية التي تكرمت بالإشارة إليها .. خاصة وأن شعرة الفرق بين الاعمال التخابرية وتلقي العون الإنساني .. غدت جد رقيقة في ظل ما شرعته المنظمات الدولية من قوانين انتقصت الكثير من مبدأ سيادة الدولة.

الأخ محمد علي
الشكر لك أنت لأنك جئت هنا بالمفيد الكثير. ينبغي على الحكومة ألا تستغل جهاز الدولة لتفصل القوانين على مقاس الخصوم. هذا عمل غير مقبول.
أغلب منظمات المجتمع المدني في السودان تضبط مشروعاتها وفق مزاج الجهات المانحة فإذا كانت الجهات المانحة تعمل في موضوع الرق مثلاً، تقوم منظماتنا بصياغة (بروبوسال) لنشاط في مجال الرق. في الغالب هي لن تجتهد ضد مشروع قانون التجسس لأن هذا لم يخطر بعد ببال الجهات المانحة. غذن دعوتك للمنظمات لن تجد أذناً تسمع ولكن قانون التجسس سيريحها جميعاً من أي نشاط في السمتقبل القريب.
أتفق معك بخصوص موضوع المنظمات الإنسانية وأتمنى أن تقرأ الرابط التالي لمقال نشرته عن هذا الأمر قبل عامين تقريباً :
الغوث في زمن الحرب
هذا مع تقديري ومودتي

سلامات يا محمد عثماننا

والله لو الحكومة جادة -فلنفترض انها جادة- في مكافحة التجسس تعمل حاجتين:

- تكف عن التدخل في شئون الغير (مصر،ليبيا، تشاد)
- و تمنع التعامل الدوني مع امريكا و قطر

بس

تاني البتجسس دا، المتجسس ليها شنو ذاتو!؟