في رحيل (الصبح) علي العمودي

في رحيل (الصبح) علي العمودي


03-05-2012, 12:21 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=380&msg=1330946509&rn=2


Post: #1
Title: في رحيل (الصبح) علي العمودي
Author: قلقو
Date: 03-05-2012, 12:21 PM
Parent: #0

صباح الخير
كان ذلك منذ سنوات بعيدة، عندما تسللت للروح كلمات جذلة بلغة جميلة، ونغم أجمل، وكانت تلك بداية تعرفي على السلم الخماسي الذي يميز الأغنية السودانية، وبصوت قامة من قاماتها، الفنان الذي ودعنا الأسبوع الفائت محمد عثمان وردي.

وفي تلك الحقبة المبكرة من قيام صرح إماراتنا الشامخ، كانت هذه السواعد السمر من أرض النيلين، تنتشر في مختلف مجالات وميادين التنمية، في دور لا تخطئه العين في البلديات وتخطيط المدن والشرطة والقوات المسلحة ودور العلم والقضاء، في زمن البدايات الصعب. وكان لثلة من أبناء هذه المنطقة فرصة للدراسة في “حنتوب” ومعاهد وكليات “مقرن النيلين”.

في سبعينيات القرن الماضي، تابعت حفلاً بسيطاً له في دبي، اقتربنا من رجل لطالما صدح بصوته للحق والعدل وحقوق البسطاء في كل مكان في الحياة الحرة الكريمة، كان التزامه وانحيازه للبسطاء طاغياً على أعماله التي استفزت الطغاة الذين اضطروه لارتياد المنافي في تجارب لم تحل دون إثرائه للأغنية، الوطنية منها والعاطفية.

قد يعتقد شباب “الربيع العربي” أنهم اخترعوا الشعار الشهير”ارحل”، من دون أن يدركوا أنه دوى في أروقة ومدرجات جامعة الخرطوم خلال ستينيات القرن الماضي، ليضع نهاية للحكم العسكري بقيادة الفريق إبراهيم عبود، ويصدح هرم الأغنية السودانية برائعته الشهيرة “أصبح الصبح، ولا السجن ولا السجان باق”.

و“التقى جيل البطولات، بجيل التضحيات” في سيرة امتدت ثمانين حولاً، “ومن يعش ثمانين حولاً لا أبالك يسأم”، بحسب زهير بن أبي سلمى، ولكنها لم تك كذلك مع قامة بحجم وردي، رواها بأزيد من 300 أغنية، ومحطات تختصر قصة وطن أبصر النور على أرضه موحداً، ورحل عنه مقسماً، ولم تك كذلك عند إنسان مرهف مؤمن بأن الفن رسالة، والوطن أمانة، صادحاً بأنه “أبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا، بالذي أصبح شمساً في يدينا، وغناء عاطراً تعدو به الريح فتختال الهوينى”.

“رحلت وجيت، في بعدك لقيت، كل الأرض منفى”. إلا أن الجسد وهن، والوضع أسن، فكان الرحيل وكان الفراق.

في جنازته، اتحد السودانيون كما لم يتحدوا، تناسوا الخلافات والأحزاب والجغرافيا والسياسة، وذرفوا الدمع كثيراً. وشاءت المصادفة أن يُشيع عشية توزيع جوائز الطيب صالح قامة سودانية أخرى، جال أصقاع الأرض، حاملاً هَم أرض ليست بعاقر، تلد نجباء، وترسلهم للريح تبعثر أحلامهم، وتبدد نبؤات ترنموا بها لغد آت، وخذلت الأيام والقرطاس والقلم.

هكذا قدر مبدعين يقبضون أمانة الكلمة كالجمر، ويسيرون كحفاة على دروب الأشواك والآلام، فالحمل ثقيل ووطء الأمانة أثقل، يذوون سريعاً كما وهج الشموع يكابدون صرير الريح، وأنين الجراح، وعثرات الليالي الطويلة وعزلة الزنازين الرطبة وسطوة الأزمان المتهاوية.

أصداء رحيل وردي رددتها ضفاف أنهر عشقها كما جبال النوبة وأمواج بحر ارتادها وروضها حتى استسلم بحب ودفء لأرض احتضنته بحنان أم باعدت الأيام بينها ووليدها.

رحم الله وردي، وأحسن عزاء أهله ومحبيه في السودان، والوطن العربي الكبير، وتحية للمتيمين بوطن في حضرة جلاله “يطيب الجلوس”، أحبوه “ملاذاً” وناسه”عزازاً”، أحبوه “حقيقة” وأحبوه “مجازاً”.


علي العمودي
•كاتب صحفي من اسرة"الاتحاد" منذ العام 1983
•عضو مؤسس في جمعية الصحفيين
•عضو الاتحاد الدولي للصحفيين
•شارك في العديد من الدورات الاعلامية المتخصة في الولايات المتحدة وبريطانيا ومصر
•قام بتغطية الكثير من الاحداث في العديد من مناطق العالم الملتهبة، وكذلك القمم الخليجية والعربية
•له مؤلفان تحت الطبع"يوميات من القرن الافريقي"و"مسافر بلا حدود"

Post: #2
Title: Re: في رحيل (الصبح) علي العمودي
Author: hassan bashir
Date: 03-05-2012, 12:47 PM
Parent: #1

الأخ العزيز قلقو

شكراً على إيراد هذا المقال المؤثر للكاتب المثقف والمستنير والمطلع والمهذب والمتواضع علي العمودي في رثاء الراحل محمد وردي.

Post: #3
Title: Re: في رحيل (الصبح) علي العمودي
Author: فيصل محمد خليل
Date: 03-05-2012, 01:07 PM

Szia testvér

ما قادرين نتخيل الدنيا من غير وردي

Post: #5
Title: Re: في رحيل (الصبح) علي العمودي
Author: قلقو
Date: 03-05-2012, 06:01 PM
Parent: #3

Szia barátom
Quote:

ما قادرين نتخيل الدنيا من غير وردي

الأشكال يا صديقى من الذى سيغنى لثورة الشعب القادمة ؟

Post: #4
Title: Re: في رحيل (الصبح) علي العمودي
Author: قلقو
Date: 03-05-2012, 02:07 PM

شكرا أخى حسن بشير على التعليق الجميل...والمرحوم وردى يستحق كل جميل.وشكرا للأستاذ العمودى .