التمويل الاصغر..العذاب الأكبر.!

أن تعلن حكومة نيتها الاهتمام بالفقراء ومحاربة عدوهم؛ الفقر، شيء لا محالة عظيم، ولتحقيق هذا الهدف النبيل، تتأهب الحكومة وتشمّر عضلاتها لمنازلة الفقر، ومطاردته، في الأرياف، وأطراف المدن، وجوف بعض أحيائها الصامتة الصامدة، رغم استبداد الفقر القاهر ... في كل فج عميق بربوع بلادنا ... فالفقر أخصب تربة لانبات أجود أنواع الجوع خاصة (الكافر)...! فالجوع الكافر سريع جداً في تغذية الجسم بالأمراض وإكسابها الهزالة وفقدان التوازن والزهللة خاصة حينما تطول فترته، ويفوت المواطن وجباته الثلاث بفعل الفلس والعطالة و(نشفان) الحال..! وهي أيضاً تربة معطاءه لبذر الجهل، الذي يتكاثر بكثافة بفعل هجر التعليم بسبب الطرد من المدارس عندما يعجز رب الأسرة عن دفع جنيه الأسبوع أو الأزيار أو أية (حركة) تبتدعها بعض إدارات المدارس لحلب جيوب الفقراء اليابسة...
فمشروع التمويل الأصغر، يعتبر أحد معاول الدولة لهدم صرح الفقر وقلاعه المنيعة، فرياحه اجتاحت العديد من المرافق وعصفت بالأعمال الصغيرة فلم يعدّ أصحاب الدكاكين ومحلات التجزئة والحرفيين قادرون على مجابهة مشاكل إيجار محالهم، فضلاً عن رسوم المحليات المتعددة، حتى وجد الكثير منهم نفسه قابعاً تحت خط الفقر، فعمله لا يغنيه ولا أولاده من جوع، ولا يكفيه لتسديد ما سلط عليه من جبايات وضرائب فأصبح مشدوداً بين الالتزامات الأسرية والمطالبات المالية من المحليات.. فيمم أكثرهم وجهه نحو مؤسسات التمويل الأصغر، أملاً في طوق نجاة والتحرك خطوة لتحسين وضعه المالي.. وبالفعل استفاد بعضهم ولكن وجد أغلبهم متاريس شروط لا قبل لهم بها لكي يحصلوا على تمويل لمشاريعهم أو دعم لأعمالهم القائمة عشرات السنين.. فقد حكى لي بعض من أصابه اليأس وزادته إحباطاً تلك الشروط ويعتقدون أن التمويل الأصغر الذي جاء باسم الفقراء أكثر المستفيدين منه هم من لا حاجة حقيقية لهم للحصول على التمويل.. فالمحتاج بحق وحقيقة لا يناله بفعل شروط الحصول عليه كالضمانات والشيكات وغيرها.. صحيح أن الحصول على تمويل لابد من اخضاعه لشروط ولكن لا ينبغي أن تكون معسرة تفوق طاقة الفقير وتقف عقبة كأداء أمامه.
فإذا استمر الحال كذلك، سيصبح مشروع التمويل الأصغر مشروعاً للتمويل الأكبر و ليس الأصغر..! فمعاناة الحصول عليه تجعله أيضاً مشروعاً للعذاب الأكبر.
..!
عمود معطيات ( الآن)

تسلم يا عمكـ

شكرا ليك انت يا عمك