أحداث أمدرمان... ولا زلنا في دوامة المغامرة..

فيما عدا تلك الحالات التي أتيح فيها لشعبنا الإمساك بأزمة الأمور بيده، وتقرير مصيره بنفسه ، فإن كل التجارب التي عشناها منذ الاستقلال كانت عبارة عن مغامرات، إن اختلفت في دوافعها ومآلاتها، فقد اتفقت في نتائجها الكارثية على الشعب السوداني..
فتارة ينجح المغامرون في الوصول إلى أهدافهم (الانقلابات الناجحة) وتارة يخفقون، (الانقلابات والحركات المسلحة الفاشلة) .. وفي كل الأحوال فإن الوطن وإنسانه هو الذي يدفع الثمن، من أمنه واستقراره وحريته وكرامته ومستقبل أبنائه...
ما حدث بالأمس لا يعدو أن يكون حلقة في مسلسل المغامرات الطائشة التي تزيد الداء في جسد الوطن داء. وإذا كان وصف ما قام به خليل وزمرته بالمغامرة واضحا، فإن تعاطي الدولة وجيشها مع هذه الحركة أيضا كان مغامرة خطيرة وقى الله شرها.. فكيف سمحت الأجهزة الأمنية لهذا الكم الهائل من العربات والأسلحة بالدخول إلى العاصمة مع بعد الشقة بين الحدود مع شاد؟ كيف تسللوا وحواجز التفتيش في طرق المرور السريع تعكر صفو المسافرين المدنيين؟
وإذا افترضنا أن العملية كانت استدراجا لقوات خليل حتى يتم كشف خلاياهم النائمة في أرجاء العاصمة، فإن إدارة معركة بهذا المستوى وبصورة مفاجئة في الأسواق والشوارع والأحياء السكنية كان من شأنه أن يحدث مجزرة ويضيف كارثة إلى كوارثنا المتتالية..
لقد كانت مغامرة .. ولا ندري إذا ما كانت فصولها قد انتهت أم أن وراء الأكمة ما وراءها...