السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .

السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .


04-12-2008, 11:00 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=359&msg=1240340121&rn=49


Post: #1
Title: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-12-2008, 11:00 AM
Parent: #0




السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " (1)



مقدمة:

لن نسقط في مصيدة التبسيط المُخل . فلم تكن الرواية سيرة ذاتية أو سيرة " أبوسن " أو سيرة " عبد الله الطيب المجذوب " أو سيرة حياة مصطفى سعيد حقيقة كانت حياته ، أم بالوناً أو أكذوبة . لن نتبع مكر السياسة في تفكيك الفعل الإبداعي ونحيله لأبجدية أو شفرة نتلصص بها على حياة الطيب صالح الخاصة ونُلبسه " قَرْمَصيص " الرقص الذي يروق لنا . بالفعل لم يمُت الكاتب وفق تلك النظرية التي تقول بذلك ، رغم أن الكاتب منذ أن بعث بالنص للطباعة والنشر فقد أصبح مثلنا يقرأ ويفتح ذهنه للأحلام وبروقها . في قلم الكاتب أو أصابع رؤاه الكثير الذي يتدفق من الحياة الإبداعية وهي تتخلق على يديه ، له نصيب من الشخوص ولنا نصيب ، ولكن الشخوص فارعة الطول ، ضخمة ، ذهبت بالجسارة المدى البعيد . منها ملامح واضحة للعيان ومنها عالم غامض ضبابي ومنها تفاصيل وصور متقطعة ، وسرب من طيور السرد تحبس الأنفاس وهي تُحلق وأنت تقرأ ، وجاذبية سينمائية تأخذ بمجامع النفوس .

لا يهم رأي كاتب الرواية ، والنذر اليسير من الإفصاح الذي فاح في أركان أو زوايا لقاءات إعلامية ،فإني أرى أن معظم الذين يديرون تلك اللقاءات من قليلي التجارب ، ومن الذين يمرون على الكون الروائي مرور الشهب . لا يتوقفون كثيراً عند القدرة الخلاقة للنص وهو يعبر التاريخ والجغرافيا واللغة والسحر والجنون وعلوم الإجماع والنفس البشرية، وكنوز لا أول لها ولا آخر . لكل صفحة من السفر الروائي بوابة ، وعند كل بوابة ماردٌ يسهر على دخول العابرين : من المتجولين كالسياح يقفزون من أفراح الدهشة ، ومن دخول الحاذقين الذين ينصبون خيامهم عند كل تعبير و عند كل كلمة ، يُدقِقون في القفزات السلسة التي تلتف من حول الزمان والمكان ، ثم يعود بك الطريق . كل شخص في الرواية ، مَلِك في مملكته ، لا ينازعه ملكه أحد . من كل الألوان والأنفس والأطياف والأبدان كانت هنالك تماثيلً منحوتةً بصبر . جلس الكاتب لكل كلمة ولكل حرف جلوس العُباد في هياكلهم الساكنة في صمت ، والأبخرة برياحينها تملأ المكان .
كان مطلع ستينات القرن الماضي هو تاريخ الكتابة ، ولكن الرواية إن دققتَ بصيرتك فهي عمل إبداعي تمهل فيه صاحبه ، وهيكل الرواية كاسراً كل تقاليد كتابة الرواية العربية حينئذ . فاح من الرواية سحر اللغة العربية وسحائبها المكنوزة التي تنتظر ساحراً مثله لصياغة أورادها وكتابة أدعيتها.

كنـز هي الرواية ، وسنفتح ما وسعنا الزمان من ثقوب فيها . نُقلب الكنوز وحجارة الياقوت وهي تُبرِق تخطف الأبصار . تركَتَ الرواية للقارئ الكثير من الضباب الذي يُغطي المرآة وهو ينظر ، بيديه عارية تمسح الغيوم عنها ويرى نفسه فيها ، كأنه يراها أول مرة في حياته . أشرَكَنا النص في معرفة الشخوص . ولج النص من الشكل وبنيان الجسد إلى عالم الأفكار وخزائن الأذهان بقدرتها غير المحدودة في رسم صور وأحداث جسام وبطولات تتنقل برشاقة بين كل الذين وردت أسماؤهم أو أفعالهم في جسد الرواية .
ربما اليوم نيف وعشرة رسائل دكتوراه ينهل أصحابها من بئر " موسم الهجرة إلى الشمال " الذي لا ينضب . لن نكون إلا من زمرة القُراء ، ننفث تاريخنا المعرفي ونطوع قصيدة النص الباهرة ، لنُمتع أنفسنا بالدهشة كما قال الشاعر " عمر الدوش "

لقد أفسحت الرواية لنفسها مكاناً بين أمهات الأسفار : منذ دانتي ، و تشوسر ، وتوموس مالوري ،و شكسبير ، وجون ملتون ، و جون دون ، وصمويل جونسون ، وجيمس بوزول ، وروبرت بيرنز ، و ويليم بلاك ، و ويليم وردورث ، و جون كيتز ، وجين أوستن ، والأخوات برونتي ، وتشارلز ديكنز ، و توماس هاردي ، وألفرد تيسنسون ، وأوسكار وايلد ، و جورج إليوت ، وماري أن إيفنز .

ونواصل
***

Post: #2
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-12-2008, 01:13 PM
Parent: #1




السباحة في بحر رواية " موسم الهجرة إلى الشمال " (2)



في البدء :

قطفنا بعض النصوص من جواهر الرواية إيذاناً بأنا أمام بحر روائي لا ساحل له . أخضرٌ يميل لزرقة داكنة . السقف ماء مُسطَّح ومن فوقه عالمنا الذي نحيى . من تحته لُجة لكل عُمقٍ فيها كائنات ومساكن وكهوف . غيلان ، يأكل القوي فيها الضعيف ، ويبتلع الضخم فيها الأسراب الصغيرة ولا يشبع . الصغار فيها كثيرة التوالد تكفي لإطعام الكبار الضخام . تماماً كأسراب الظباء وحمير الوحش وكثرتها تتناسب وقلة الوحوش الكاسرة التي تفترس عند الجوع ، تماماً ككثرة الحشائش وغزارة نموها مع قلة الكائنات التي تأكُلها . توازن بيئي عجيب ، يحاول الإنسان بسعيه المحموم وراء صراع البقاء وقوى العقل المنفلت أن يعبث بهذا التوازن .

ونواصل

***

Post: #3
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-12-2008, 01:58 PM
Parent: #2




السباحة في بحر رواية " موسم الهجرة إلى الشمال " (3)
حُسنة بنت محمود :



حين سلمت عليها أحسست بيدها ناعمة دافئة في يدي . امرأة نبيلة الوقفة ، أجنبية الحُسن ، أم أنني أتخيل شيئاً آخر ليس موجوداً حقيقة ؟ .قامة ممشوقة تقرب من الطول ، ليست بدينة ولكنها ريانة ممتلئة كعود قصب السكر ، شفتاها لعساوان طبيعة ، وأسنانها قوية بيضاء منتظمة . وجهها وسيم ، والعينان السوداوان الواسعتان . أنا مثل ود الريس وملايين آخرين ، لست معصوماً من جرثومة العدوى التي يتنـزى بها جسم الكون ." امرأة أحس حين ألقاها بالحرج والخطر ، فأهرب منها أسرع ما أستطيع . نزل عليّ قول محجوب :" لماذا لا تتزوجها أنت ؟" خفق قلبي بين جنبي خفقاناً كاد يفلت زمامه من يدي .


هذا الوصف الذي فلت من راوٍ عاشق ، ومن قبله عاشق أول هو "مصطفى سعيد "ثم الموله " ود الريس " يثير فينا شوقاً لمعرفة تلك السيدة التي نهضت في قرية ، يقولون عنها " وادعة " ومرقت مروق السهم وسكنت أودية الشياطين التي يستعيذ منها العامّة . لم نجد تفاصيل وأسرار زواج مصطفى سعيد الثاني ،أي زواجه من حُسنة بنت محمود ، لكن غرابة زواجه الأول ، يجعلنا ننظر بحذر كيف تزوج تلك الجميلة الريفية الفارهة . تقول هي عن مصطفى من بعد رحيله :كان زوجاً كريماً وأباً كريماً.

لقد أوجدت لنا الرواية أركان الشخصية ملتفة بالخطر كما في أوصاف الراوي ، وأوصاف "محجوب " تارة أخرى كنساء المدن أو بنت مجذوب حين تقول عنهاشيطانية الفعل . خرجت حُسنة عن قوانين القُرى بوداعتها المُفتعلة ، وقبضتها الحديدية على الحريات .
أجنبية الحُسن كما وصفها الراوي ، وهو وصف من تذوق الأسفار وشاهد من صنوف النساء ما يوسع من أفق المعرفة .شرسة تتسلق الشجر وتصارع الأولاد . كانت وهي فتاة تسبح معنا عارية في النهر. هذا الوصف غني بمعرفة الدُنيا وتجارب الذكور ومعرفة عوالمهم منذ الطفولة الباكرة . مثل ذلك التاريخ ، وتلك الشراسة في مبتدأ الطفولة تنهض أنوثة ريانة . لا أظن مصطفى سعيد قد رمى نرد الصُدفة ليتزوج . لا بُد أنه قد نبش في الأثر والتاريخ عن سيدة تصلُح لدُنياه الجديدة ونسله القادم في المستقبل المنظور .

لم تكن مجنونة لتقتل ود الريس وتقتل نفسها ، لكن وصف الراوي بأنها العاقلة الوحيدة في القرية ، والجميلة وهي عشقه الوحيد في حياته ، يجعلنا نقول أن تلك المتفردة الأوصاف ، المتنمرة المسلك في الطفولة ، والمتغيرة من بعد زواجها بمصطفى لتُصبح مثل نساء المدن لهو شيء لم تُسرف الرواية في الحديث عنه . كأن الراوي يحاول صدنا أن ننافسه عشقه الفادح ، ومأساته الحقيقية التي اعترف بها ، فقد تزوج من قبل وله من زوجته من النسل الذي يبني أركان الحياة الأسرية ، ولكن حبه الحقيقي اكتشفه من بعد رحيل مصطفى وارتجافه عند ما لاح له خطر العشق الذي اكتشفه ذات زمان وهو يأمل كاذباً أن يتوسط لزواج ود الريس ، ومن بعد صدمة المأساة.

عند مرآها أو لمس يدها فإن الشهوة تنـز بقطراتها من قِدر الكون ، ذاك حمَّال الغرائب والعجائب التي نظمها الكاتب في رباط عظيم ونسجٍ أعظم ، تتبدى كمسبحة الجَدّ ، بحباتها المنحوتة من خشب الصندل و يختبئ في عناقيدها الغرام الديني المُقدس .
"حُسنة" جديرة بالمحبة ، بل بفيضان العشق وأمواجه الكاسحة، أحبتها الأنفس التي تذوقت الأسفار وجنون طيشها ، وأحبها من القرية و وداعتها الكذوب واحد طاعن في السن مثل " ود الريس " ، هو على حافة القبر أراد أن يذبحها ، ويرشي بها الموت ليمهله !!.
نهضت السيدة "حُسنة" من سباتها ، ودخلت عالم مصطفى سعيد ، صانع الإيحاء الذي يُغرى الكائنات الأنثوية ، ويستنطق الشياطين الساكنة في قاع الجُمجُمة لتقوم من منامها ، فقد مات النبي "سليمان" وأكلت دابة الأرض منسأته .

صرَّحت بنت محمود : إن أرغموها على زواج لا تُحبه فستُطلق شيطان القتل من عقاله ، وكانت كما وعدت . جُرأة لا تُشابه أهل القُرى . هي مدينية الهوى ، أجنبية بوهيمية المسلك ، تنفذ ما تعِد بصلابة القُساة. هذا العالم الخرافي وراءه مدارس في علوم النفس البشرية وغرائب عوالمها . فسلطة مصطفى سعيد قد جرجرت كل ضروب المعارف الخبيئة ، ونثرها هو في معابده : هناك في بقاع المستعمر ، وهُنا في القرية . تقف "حسنة " على النقيض من " جين مورس " تلك التي أحبت ، وعند الشهوة من بعد طِراد تبدلت شهوتها وامتزجت بالموت . و"حُسنة " لم تُحب " ود الريس " وعند شهوته الفادحة ، الجارحة ،اشتهت الموت لا الجنس ، ونحرت قلبها ومهرت الإخلاص لعشقها الأول بالدم .

ونواصل

***

Post: #24
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-26-2008, 05:25 AM
Parent: #2

Quote:


قطفنا بعض النصوص من جواهر الرواية إيذاناً بأنا أمام بحر روائي لا ساحل له




Post: #4
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-12-2008, 08:13 PM
Parent: #1

Quote:

السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " (1)



Post: #5
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-12-2008, 08:48 PM
Parent: #1

Quote: لن نسقط في مصيدة التبسيط المُخل . فلم تكن الرواية سيرة ذاتية أو سيرة " أبوسن " أو سيرة " عبد الله الطيب المجذوب " أو سيرة حياة مصطفى سعيد حقيقة كانت حياته ، أم بالوناً أو أكذوبة . لن نتبع مكر السياسة في تفكيك الفعل الإبداعي ونحيله لأبجدية أو شفرة نتلصص بها على حياة الطيب صالح الخاصة ونُلبسه " قَرْمَصيص " الرقص الذي يروق لنا .

Post: #6
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-12-2008, 10:03 PM
Parent: #5




السباحة في بحر رواية " موسم الهجرة إلى الشمال " (4)
حُسنة بنت محمود :



قطوف من سيرتها : من أقوال الجد ، الراوي ، مصطفى ، محجوب ، بنت مجذوب و أقوالها عن نفسها :


حديث جد الراوي عن مصطفى :
ص 10" جاء إلى البلد منذ نحو أربعة أعوام ، واشترى ارضاً تفرق وارثوها ، ولم تبق منهم إلا امرأة فأغراها الرجل بالمال واشتراها منها ، ثم بعد أربعة أعوام زوجه محمود إحدى بناته . قلت لجدي :" أي بناته ؟ " فقال :" أظنها حُسنة " وهز جدي رأسه وقال :" تلك القبيلة ، لا يبالون لمن يزوجون بناتهم " . لكنه أردف ، كأنه يعتذر ، أن مصطفى طول إقامته في البلد ، لم يبد منه شيء منفر ، وإنه يحضر صلاة الجمعة في المسجد بانتظام ، وأنه يسارع بذراعه وقدحه في الأفراح والأتراح "

ص 89 بصوت الراوي :" فتضاحكت وقلت لجدي :" ما شأني بزواج ود الريس ؟" فقال جدي :" إنت وكيل العروس ".

ص 90 :"لذت بالصمت . فقال جدي وهو يظن أنني لم أفهم :" ود الريس يريد أن يتزوج أرملة مصطفى سعيد ". مرة أخرى لذت بالصمت ، فقال جدي :" ود الريس لا يزال شاباً ، وهو صاحب مال . وعلى أي حال المرأة يلزم لها الستر . ثلاثة أعوام مرت على وفاة زوجها . ألا تريد الزواج أبداً ؟ "
:" قلت له إنني وصي على الولدين ولكن المرأة حرة التصرف وأولياؤها موجودون . فقال جدي :" إنها تثق بكلامك لو حدثتها فقد ترضى " . أحسست بغيظ حقيقي أدهشني ، إذ إن هذه الأشياء مألوفة في البلد . وقلت لجدي :" إنها رفضت رجالاً أصغر منه سناً ، إنه يكبرها بأربعين عاماً " . لكن جدي أصر على أن ود الريس شاب وأنه ميسور الحال وإنه متأكد أن أباها لن يمانع ولكن المرأة نفسها قد ترفض ولذلك أرادوا أن يجعلوني واسطة خير . "

ص 91:" وأتصور حسنة بنت محمود ، أرملة مصطفى سعيد ، في الثلاثين من العمر ، تبكي تحت ود الريس الذي بلغ السبعين ، ويتحول بكاؤها إلى قصص من قصص ود الريس المشهورة عن نسائه الكثيرات ، يتندر بها رجال البلد ."

ص 94 على لسان الراوي :" انصرف الولدان وظلت واقفة أمامي . قامة ممشوقة تقرب من الطول ، ليست بدينة ولكنها ريانة ممتلئة كعود قصب السكر ، لا تضع حناء في قدميها ولا في يديها ، لكن عطراً خفيفاً يفوح منها . شفتاها لعساوان طبيعة ، وأسنانها قوية بيضاء منتظمة . وجهها وسيم ، والعينان السوداوان الواسعتان يختلط فيهما الحزن والحياء . حين سلمت عليها أحسست بيدها ناعمة دافئة في يدي . امرأة نبيلة الوقفة ، أجنبية الحُسن ، أم أنني أتخيل شيئاً آخر ليس موجوداً حقيقة ؟ امرأة أحس حين ألقاها بالحرج والخطر ، فأهرب منها أسرع ما أستطيع . هذا هو القربان الذي يريد ود الريس أن يذبحه على حافة القبر ، ويرشي به الموت فيمهله عاً أو عامين ."
قال الراوي :
" وفجأة قلت لها : هل أحببت مصطفى سعيد ؟ ".
فقالت حُسنة :
ـ " كان أباً لأولادي " ، " وكان زوجاً كريماً وأباً كريماً . طول حياته لم يقصر معنا " ، " أحياناً بالليل كان يقول كلاماً بالرطانة " ، " أعطاني الرسالة المختومة بالشمع . قال لي أعطها له إذا حدث شيء . وقال لي : استشيريه في كل ما تفعلين. بكيت وقلت له : إن شاء الله ما في عوج . فقال : فقط من باب الاحتياط والدنيا ما معروفة ."

ص 98" أحسست بها تبكي في صمت ، ثم ارتفع بكاؤها. وتحول إلى شهيق حاد ، ارتعش له الظلام القائم بيني وبينها . ضاع العطر والصمت .."

ص 100 " جلست حيث أنا بلا حراك وتركتها تبكي وحدها لليل حتى سكتت . وكان لابد أن أقول شيئاً ، فقلت :" التعلق بالماضي لا ينفع أحداً . عندك الولدان ، وأنتِ ما زلت شابة في مقتبل العمر . فكري في المستقبل . من يدري ، لعلك تقبلين واحداً من الخطاب العديدين الذين يطلبونكِ " ." أجابت فوراً ، بحزم ، الأمر الذي أدهشني :" بعد مصطفى سعيد لا أدخل على رجل ".لكني قلت :"ود الريس يريد زواجك ، وأبوك وأهلك لا يمانعون . كلفني أن أتوسط له عندك "...وأخيراً أحسست بصوتها في الظلام كأنه نصل :" إذا أجبروني على الزواج ، فإنني سأقتله وأقتل نفسي ".

ص 105 :" قلت لمحجوب :" لكن لماذا هذا الغرام الفجائي ؟ ود الريس يعرف حُسنة بنت محمود منذ كانت طفلة . هل تذكرها وهي طفلة شرسة تتسلق الشجر وتصارع الأولاد . كانت وهي فتاة تسبح معنا عارية في النهر . ماذا جد الآن "
ورد محجوب على الراوي بعد صمته مدة يفكر ثم قال :" ولكن الحقيقة أن بنت محمود قد تغيرت بعد زواجها من مصطفى سعيد . كل النسوان يتغيرن بعد الزواج ، لكنها هي خصوصاً تغيرت تغيراً لا يوصف . كأنها شخص آخر . حتى نحن أندادها الذين كنا نلعب معها في الحي ، ننظر إليها فنراها شيئاً جديداً . هل تعرف؟ كنساء المدن ".

قال الراوي:
ص 108:" ثم ، مثل ضربة مفاجئة تنزل على أم الرأس ، نزل عليّ قول محجوب :" لماذا لا تتزوجها أنت ؟" خفق قلبي بين جنبي خفقاناً كاد يفلت زمامه من يدي . ولم أجد الكلمات إلا بعد مدة . قلت لمحجوب وصوتي يرتجف :" لا شك أنك تمزح ". " وأحسست بعطرها ليلة أمس وتذكرت الأفكار التي نبتت في رأسي بشأنها في الظلام . وسمعت محجوب يضحك ويقول " لا تقل لي أنك زوج و أب . الرجال يتزوجون على زوجاتهم كل يوم . لن تكون أولهم ولا آخرهم "
:" وتركته وذهبت ، وإن كنت قد أيقنت من حقيقة ستأخذ كثيراً من راحة بالي فيما بعد . إنني ، بشكل أو بآخر ، أحب حُسنة بنت محمود ، أرملة مصطفى سعيد . أنا مثله ومثل ود الريس وملايين آخرين ، لست معصوماً من جرثومة العدوى التي يتنـزى بها جسم الكون ."

قالت بنت مجذوب :
:" بعد صلاة العشاء بزمن استيقظت على صراخ حُسنة بنت محمود في دار ود الريس . كان البلد ساكناً لا تسمع فيه حساً . الحق لله إنني ظننت أن ود الريس أخيراً نال حقه منها . الرجل المسكين أشرف على الجنون . أسبوعان مع المرأة لا تكلمه ولا تدعه يقربها . وفتحت أذني مدة وهي تصرخ و تولول اللهم يا رب أغفر لي . ضحكت وأنا أسمع صراخها . قلت في نفسي : ود الريس لا تزال فيه بقية . واشتد الصراخ . وسمعت حركة في بيت بكري لصق بيت ود الريس . وسمعت بكري يصيح يا راجل أختشي على دمك . لازم تعمل ليك فضيحة وهلولة ؟ ثم سمعت سعيدة امرأة بكري تقول : يا بت أحفظي شرفك ، ما هذه الفضائح ؟ العروس البكر لا تعمل هذا العمل . كأنك لم تجربي الرجال من قبل ؟ وأخذ صراخ بنت محمود يشتد ، ثم سمعت ود الريس يصرخ بأعلى صوته : يا بكري . حاج أحمد . يا بت الريس . يا جماعة . بت محمود كتلتني . قفزت وثوبي يجرجر ورائي لا يكاد يسترني ، وخبطت باب بكري وباب محجوب ، وجريت إلى بيت الريس فوجدت باب الحوش مغلقاً . ولولت بأعلى صوتي وجاء محجوب ثم بكري ثم اجتمع علينا الناس . ونحن نكسر باب الحوش سمعنا صرخة واحدة تهد الجبال من ود الريس . ثم صرخة مثلها من بنت محمود . وخلنا أناو محجوب وبكر ي . قلت لمحجوب : أحبس الناس من دخول البيت . لا تدع امرأة تدخل البيت . وخرج محجوب وصرخ في الناس ، وعاد ومعه عمك عبد ... الكريم وسعيد والطاهر الرواسي وحتى جدك المسكين جاء من بيته " .

ص 128" أستغفر الله العظيم وأتوب إليه . وجدناهما في غرفة ود الريس القصيرة المطلة على الشارع . كان المصباح موقداً . ود الريس عارياً . كان البرش الأحمر يعوم في الدم . ورفعت المصباح . وجدت بنت محمود معضوضة ومخدشة في كل شبر من جسمها . بطنها أوراكها . رقبتها . عض حلمة نهدها حتى قطعها . الدم يسيل من شفته السفلى . لا حول ولا قوة إلا بالله . ود الريس مطعون أكثر من عشرة طعنات . طعنته في بطنه وصدره وفي محسنه " . ولم تستطع بنت مجذوب أن تستمر . بلعت ريقها بصعوبة وارتعش حلقومها ثم قالت :" اللهم لا اعتراض على حكمك . وجدناها على ظهرها والسكين مغروزة في قلبها . فمها مفتوح ، وعيناها تبحلقان كأنها حية . و ود الريس لسانه مدلدل بين فكيه ، وذراعاه مرفوعتان في الهواء ".

قال الراوي لمحجوب :
ص 132:" ماذا قالت ؟"
نظر إلي دون عطف وقال " حين راح لها أبوها وشتمها جاءتني في البيت مع شروق الشمس قالت تخلصها من ود الريس وزحمة الخطاب فقط تعقد عليها لا تريد منك شيئاً ، قالت : يتركني مع ولديّ لا أريد منه قليلاً ولا كثيراً ، قلت لها لا ندخلك في المشاكل . نصحتها أن تقبل الأمر الواقع . أبوها ولي أمرها وهو حر التصرف . وقلت لها : ود الريس لن يعيش إلى الأبد رجل مجنون وامرأة مجنونة ما ذنبنا ؟

قال الراوي لمحجوب:
ص 133:" قلت له وأنا أبذل جهداً كبيراً حتى لا أبكي :" حسنة لم تكن مجنونة . كانت أعقل امرأة في البلد . أنتم المجانين . كانت أعقل امرأة في البلد وأجمل امرأة في البلد . حسنة لم تكن مجنونة "

ص 142 :" لا يوجد عدل في الدنيا ولا اعتدال . وأنا أحس بالمرارة والحقد ، فبعد هؤلاء الضحايا جميعاً ، توج حياته بضحية أخرى ، حُسنة بنت محمود ، المرأة الوحيدة التي أحببتها ، قتلت ود الريس المسكين وقتلت نفسها من أجل مصطفى سعيد ."

ونواصل

***

Post: #7
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: كمال علي الزين
Date: 04-12-2008, 10:06 PM
Parent: #6

(*)

Post: #8
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-13-2008, 06:19 AM
Parent: #7


العزيز كمال علي الزين
تحية لك ..
ومرحباً بطوافك


Post: #10
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-13-2008, 06:07 PM
Parent: #7

Quote:


(*)



Post: #9
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-13-2008, 01:36 PM
Parent: #1

Quote: بالفعل لم يمُت الكاتب وفق تلك النظرية التي تقول بذلك ، رغم أن الكاتب منذ أن بعث بالنص للطباعة والنشر فقد أصبح مثلنا يقرأ ويفتح ذهنه للأحلام وبروقها . في قلم الكاتب أو أصابع رؤاه الكثير الذي يتدفق من الحياة الإبداعية وهي تتخلق على يديه ، له نصيب من الشخوص ولنا نصيب ، ولكن الشخوص فارعة الطول ، ضخمة ، ذهبت بالجسارة المدى البعيد .

Post: #11
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-13-2008, 11:27 PM
Parent: #1




السباحة في بحر رواية " موسم الهجرة إلى الشمال (5)
حُسنة بنت محمود :



إن القرية الوادعة الساكنة وأهلها الطيبين كما كنا نعتقد في بدء السرد الروائي ، نكتشف في الختام أنهم أكاذيب كبرى . فالظاهر للعيان ماء وخضرة ونخيل ومساكن ، وأهل طيبون يتشاركون السراء والضراء ، لكن يكنـزون كل غرائب الدُنيا: عالم باطن تلتقي عنده كل الممنوعات بعالم ظاهر يطفح بالتقوى . لا يصطرع النقيضان ، بل يجلسان على مائدة العُشرة بنعومة تُحيِّر .

طرائق الزواج وفق شرائع الأهل ، لا شرائع خيارات الأفراد . لا يرضَون زواج الغريب ولو ظهر نبله وسلك مسلك الكرام ، فهو مقبول على مضض . تلك من ضعف التطور ونقائص الوعي التي تستحق الوقوف عندها بتفكُر ، فتجديد الخدمات وانتشار التعليم وإقامة المشروع و نهضة التعاون الذي يخدم عامة الناس لم يواكبه تغيير في المفاهيم وقيم المجتمع الراسخة بالقدر الذي يواكب ذلك التطوير والتحديث ، تماماً كما صرح " محجوب " صديق الراوي .

إن النفور من الغريب وفق معطيات الرواية لم يكن وراءه استعلاء عرقي بل غرابة الأصول العشائرية ومسلك الاختيار للأقرب. فمصطفى سعيد قادم من المدن ، وأصوله من قبائل الرُحَّل لها ما لها من تقييم وفق مفاهيم سكان الزراعة المُستقرين وتوجٌس مُحتمل من بداوة الرُحَّل . لم تشفع له في نظر الجّد أنه قادم من المدينة ورفعة مكانتها الاقتصادية والحضارية ، و رغم أن مصطفى كان صاحب رزق وأرض .

إن غصب المرأة على الزواج بمن لا ترضي تسنده عادة وتُجوزه أعراف ولكن لا يسنده دين . إن صورة القرية التي حلُم "مصطفى سعيد " أن يعش فيها الحياة الهادئة الوادعة لم تكن بتلك الوداعة ولا ذاك الهدوء . لم يكن الحادث المأساوي الذي أودى بحياة " ود الريس " و " حُسنة بنت محمود " صناعة مسلك نفث فيه مصطفى سعيد روحه ، بل هو نتاج حرية القرار الذي ورثته السيدة"حُسنة " من خلال فترة زواجها بمصطفى سعيد وصنيعه الدافئ الصبور معها ليُطلق حيواتها الباطنة . عرفت المحبة من بعد الزواج ، وا ستدرك الزواج العاطفة بمجيئها المُتأخر من بعد قرار الزواج ثم بدأت صناعة الألفة. كان مصطفى كما تقول " حسنة " أبو أولادها وصاحب العُشرة ، إلا أن الحرية ينتزعها الفرد عنوة . لقد نفّذت قرار قتل " ود الريس " لأنه اعتدى على جسدها ولا تبرر ورقة العقد ملكية ذلك الجسد و لا عبودية استرقاقه. قتلته رفضاً للظلم الفادح وغزو الجسد بقسوة، و نذرت دمها لتُطفئ الحريق الذي سيظل صاحياً إن عاشت حياتها من بعد ، وتهلك حياة أطفالها من بعد في تعاسة لا أول لها ولا آخر .

أيمكننا أن ننسب الدماء الغزيرة التي رشّت المكان الذي يأمل الكثيرون أن يصبح دفء الألفة الزوجية لرجل مثل مصطفى ، غرز وجدانه في كبد سيدة ريفية ، نبيلة ، وسيمة وَلود مُثمرة ؟ . إن "لمصطفى سعيد "كل أدوات صناعة البشر ، وتحريك عقولهم الباطنة وغرائزهم الدفينة إن هو ارتأى ذلك . لم يودعها مصطفى قبل رحيله بيوم ولم يترك المظروف بوصاية الراوي خبط عشواء ، بل بنية مُبيتة للسفر إلى المجهول . إن الصدفة الماكرة في ليلة مرح وشرب الراح كانت وراء فتح جروح الماضي ، وانتصاب الشاهد عليها راوٍ خبِر الحياة مثله ، له مثل تجربته في الحياة في وطن عذابه الأول و وطن عُمره الذي دفع الثمن فيه سجناً وفشلاً ونقشاً في حجرٍ لم يُسفر آخر المطاف عن كثير شيء .
لم يتغير المُستعمر . عرِف الراوي أسراره وتنازل مصطفى عن حياته الوادعة في القرية لمن لا يعرفه بالقدر المُناسب مثل الآخرين في القرية ، ولكن بينهما أكثر من ضمير مُشترك . بينهما الوعي بالكون الفسيح الذي ينهض من تجربة السفر إلى بلاد الغزاة والعيش معهم وبشروطهم ، وينهض من الصراع بلا خسائر مثل الذي حدث معه . إنها الحياة هناك في السفر البعيد بزخمها ، وحياة بطيبتها و بساطتها الخادعة في القرية .

هب أن مصطفى بسحره المعرفي ، وقدرته على الإيحاء وسحر الأنفس قد شكل من عجينة أنثى في مُقتبل العُمر تلك البارجة الندية القاتلة الشقية " حُسنة ". وهب أنه نفث في روحها كل تلك الإيحاءات في نومها أو يقظتها أو حين يختلط الإيحاء بدلك الرغبات الجائعة في الجسد الأنثوي . تتفجر كنوز الرغبات من بؤرة في قاع الذاكرة وهي تتدحرج من تاريخ قديم ، فتنبت معها محبة تشكلت من الألفة ومن واقتسام المشارب والمآكل والمتاع و السكينة وأنوارها الدافئة تُغسل الأجساد وتفتش في العقل المُختبئ بغرائزه الفاتنة .
لم تكن السيدة "حُسنة " واحدة مثل الآخرين . لقد تخير كاتب الرواية شخوصه بعناية ،فهُم لا يشبهون العامة من الذين يعيشون بهدوء ويرحلون بصمت ، بل لهم بصمة عميقة في الزمان والمكان والبشر والمجتمع الذي يعيشون فيه .

ونواصل
***

Post: #12
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: محمد الطيب يوسف
Date: 04-14-2008, 01:11 AM
Parent: #1

000

لي عودة أستاذ الشقليني

Post: #18
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-17-2008, 11:16 PM
Parent: #12

Quote: 000

لي عودة أستاذ الشقليني



العزيز محمد الطيب
تحية وأنت تقف على الشاطئ

هيا نسبح



Post: #13
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: محمود الدقم
Date: 04-14-2008, 01:53 AM
Parent: #1

الاخ الشقليني سلامات:
عظيم وانت تفتح لنا هذه النافذة [كوة] الروائي العالمي الطيب صالح/ وانت تجلس معه تناقشه تشعر بانك امام قلقامش العصر الحديث ان انصلحت الاستعارة القلقامشية هنا/ شخص اكثر من متواضع/ هاديء يوزع ابتسامته للجميع/ جميل وجيد هذه النافذة ثم اما بعد:
فقد كتبت انت مستفتحا بازار قرائتك او سباحتك لموسم الهجرة الى الشمال قائلا:
Quote: لا يهم رأي كاتب الرواية ، والنذر اليسير من الإفصاح الذي فاح في أركان أو زوايا لقاءات إعلامية ،فإني أرى أن معظم الذين يديرون تلك اللقاءات من قليلي التجارب ، ومن الذين يمرون على الكون الروائي مرور الشهب . لا يتوقفون كثيراً عند القدرة الخلاقة للنص وهو يعبر التاريخ والجغرافيا واللغة والسحر والجنون وعلوم الإجماع والنفس البشرية، وكنوز لا أول لها ولا آخر
لكنك عدت هنا وقلت:
Quote: لن نسقط في مصيدة التبسيط المُخل . فلم تكن الرواية سيرة ذاتية أو سيرة " أبوسن " أو سيرة " عبد الله الطيب المجذوب " أو سيرة حياة مصطفى سعيد حقيقة كانت حياته ، أم بالوناً أو أكذوبة . لن نتبع مكر السياسة في تفكيك الفعل الإبداعي ونحيله لأبجدية أو شفرة نتلصص بها على حياة الطيب صالح الخاصة ونُلبسه " قَرْمَصيص " الرقص الذي يروق لنا .
من وجهة نظري اراك قد اوقعت نفسك في تناقض كونك تركت الخطاب عام بين تبسيطك في اعلاه الاقتباس الثاني ثمة من عمل مبضع نقده للنص المستهدف هنا.

فمن تقصد بقليلي التجارب في تشخيصك هنا? علما بان هناك نقاد معروفين على مستوى العالم العربي تناول نقد النص المستهدف مثل الناقد دكتور جابر عصفور(في نقد ثنائية البنية) ويمنى العيد(في السرد الروائي والمنهج البنيوي) محمد براده في (نقد الشكل والخطاب الروائي للرواية) والدكتورة رجاء النعمة في نقد الجانب السيكولجي في النص المستهدف وغيرهم/ عليه نتعشم في تحديد التيار النقدي القليل الحيلة والبضاعة في ما اتينا به من اقتباسات.

ثانيا- انت قلت:
Quote: لا يهم رأي كاتب الرواية ، والنذر اليسير من الإفصاح الذي فاح في أركان أو زوايا لقاءات إعلامية
فكيف عرفت او استنتجت بان خالق النص لم يهتم كثيرا بما كتب من اسقاطات ذاتوية? علما ان النص موسم الهجرة اصلا نص معقد لانه جمع بين الكثافة والتناقض في شخصية بطل الرواي في (الشرط السردي) وهي ماركة مسجلة للروائي العالمي روبرت استفينسن 1894-1850م/والاعتذار سلفا للاطالة في هذه الجزيئية.

Post: #14
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: osama elkhawad
Date: 04-14-2008, 05:05 AM
Parent: #13

الصديق الكاتب العزيز
لي عودات بعد ان اجد مهلة .
مع محبتي
المشاء

Post: #15
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-14-2008, 09:07 PM
Parent: #14





الأحباء :
الأستاذ / محمود الدقم
الأستاذالشاعر والناقد / أسامة الخواض

نشكر حضوركم الباهر ، وسأعود للحوار بالتفصيل .

يتعين علينا جميعاً أن ننهل من كنوزنا بقدر ما نستطيع ،
وهذه محاولة للسباحة من بعد القراءة .



Post: #17
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-17-2008, 06:06 PM
Parent: #13




السباحة في بحر رواية " موسم الهجرة إلى الشمال (6)
في القراءة والسباحة



الأكرم : محمود الدقم

تحية طيبة وكثير الامتنان بإفاضتك هنا وثقل ما أتيت به في تناولك ما استفتحت أنا به من " قراءة " ثم " سباحة " . ولعلنا نسبح معاً في فضاء مفتوح على الرؤى جميعاً مثل فضاء رواية الطيب صالح " موسم الهجرة إلى الشمال " . وإننا إذ نبدأ مثل قراءتنا الجديدة لنص مرّ علينا منذ زمان ، ولم يمُر مرور الكرام . كان النص ولم يزل ينمو مع المعرفة ، وحري بنا استضافة قطف يساعدنا في إنارة طريق ربما يقود إلى عدة مدارس نقدية زحمت الساحة الثقافية منذ ستينات القرن الماضي . استند البعض للتراث النقدي لدى كتاب العربية منذ قديم الزمان ، واستند البعض على المتأخرين من حملة نهضة النقد وفتوحاته المعرفية واشتقاق مدارسه ، وجلها يصب في أن النقد عمل فني علمي بل وصار عملاً مُبدعاً يوازي في إبداعه النصوص قيد التناول .
بمناهجه جميعاً يرفع المعارف من البسيط إلى المركب ، من الاستقراء إلى التأليف ، ومن التفسير إلى التأويل . كما هو فن تقديم الأعمال الفنية والأدبية وتحليلها على أساس علمي . ومنها التقاء الكاتب مع المتلقي وشراكة النص ، ولغة النص وإسقاط المعارف اللغوية والدلالية وكم هائل من المكونات الثقافية عليه من بعد تفكيك النص لعناصره الأولية وإجراء الجراحة بمرجعية طب النصوص ومعرفة الظاهر والمُبطن ، المذكور والخفي . والمعيار بأسانيد و أسس الكتابة الروائية وتقنياتها .
نرجع للنص الذي أردتُ قطفه :
أورد الدكتور محمد المفتاح في سفره " دينامية النص " ص 42 :


" تفاعل المتلقي مع النص :
سنحاول الإجابة عن هذا فيما بعد ، وكنا نقول هنا : إن مُحلل الخطاب لا يقرأ نظريات ، وإن كان واعياً بما يفعل ، ثم يلصقها إلصاقاً بما يقرأ ، وإنما عليه أن يستضيف النص ويعقد معه صلات حميمة ليتعاونا معاً على إنجاز مهمة الفهم والتأويل ( والنقد ) ، ومعنى هذا أن المتلقي لا يذهب إلى عالم النص ، وهو عبارة عن صحيفة بيضاء ، وإنما تكون له معلومات مختزنة في ذاكرته تسمح له بالتعميم اعتماداً على مبدأ النظير ، كما تسمح له بإعادة الرأي في قياسه وتصحيح بعض أجزائه ، كما أن النص بخصائصه الظاهرة هو الذي يتيح للمتلقي القيام بعمليات المقايسة والتصنيف والتماس مع الخصائص النوعية .
يحول ظاهر النص وزمانه ومكانه دون إسقاط الذات لأوهامه ومكبوتاتها عليه ظلماً وجوراً ، فإذا كان دور استجابة الذات المتلقية للنص أمراً مرغوباً فيه وملحاً عليه في دراسات متعددة ، فإن ذلك الدور يجب أن توضع له قيود لئلا يتغلب الهذيان على الوقائع ويسود التسيب على الكلام المسئول "


انتهى النص المقطوف .
نعود من قبل لنذكر ما أوردنا من أن النص على درجة من الفخامة والسمو والرفعة ، ما يسر أن يتناوله أكثر من باحث بل نيف وعشرة رسائل دكتوراه ، غير العديد من رسائل الماجستير ، من كتاب بالعربية والإنجليزية ، للنص العربي وللنص الإنجليزي . ونذكر من كتابنا السودانيين على سبيل المثال :
الدكتور عبد الله عباس في رسالته للماجستير و الدكتوراه لموسم الهجرة إلى الشمال في نصه الإنجليزي والعربي ، والدكتور محمد المهدي بُشرى تناول الرموز الفلكلورية في أدب الطيب صالح ، ومس في أطروحته " موسم الهجرة إلى الشمال "
وقد كتب كثيرون عن موسم الهجرة إلى الشمال وأوسعوه بحثاً في عدة مقالات نقدية وأكاديمية رصينة من كتاب قبضوا على جزع النقد كدارسين وكباحثين في مدارسه ونظرياته .
كل تلك الرؤى تُسهم ، وتُسارع الخُطى لإجراء المباحث الأكاديمية بمرجعية كم هائل من النظريات ، والعمل الذي بين أيدينا يستحق كل تلك الجواهر الأكاديمية أن تنهل من هذا العمل الروائي العبقري بمقاييس المُحايدين ، سبق جيله وخطا الطيب بخطو من الصعب لكتاب العربية تجاوز إنارته درب الرواية ، عربية اللغة أو غيرها من التراجم .

سنحاول لاحقاً الإجابة على سؤال هبط من وقائع الحوار : أيمنعنا هذا الكم من الرصيد الأكاديمي من السباحة في نص الرواية ؟

سنعود للإجابة لاحقاً ، ولكني أحاول الحوار معك والإجابة عن تساؤلات تفضلت أنت بها وسوف أوجز قدر ما يسمح بتوضيح رؤاي :
1ـ مما كتبنا سابقاً هذا النص :
"
Quote: لا يهم رأي كاتب الرواية ، والنذر اليسير من الإفصاح الذي فاح في أركان أو زوايا لقاءات إعلامية ،فإني أرى أن معظم الذين يديرون تلك اللقاءات من قليلي التجارب ، ومن الذين يمرون على الكون الروائي مرور الشهب . لا يتوقفون كثيراً عند القدرة الخلاقة للنص وهو يعبر التاريخ والجغرافيا واللغة والسحر والجنون وعلوم الإجماع والنفس البشرية، وكنوز لا أول لها ولا آخر"

إن المرجعية في السباحة التي تخيرتها هي عظم الرواية ، وأن الرواية قد اكتملت نصاً ودفع بها صاحبها للنشر من وقت مُبكر ، وفيها أقوم بالسباحة .
2 ـ إني قصدت كل ما تيسر لي من لقاءات الطيب صالح الإعلامية مع مديري ومديرات تلك اللقاءات الإعلامية أقزام في حضرة عملاق ، ولم أقصد من كتبوا كتابة نقدية ، فهؤلاء قد جلسوا للنص وأحاطوه بعنايتهم الناقدة وفق أسس ، وهؤلاء لم أعنِهم بحديثي .
3 ـ ما أوردته من نص :

Quote: لا يهم رأي كاتب الرواية ، والنذر اليسير من الإفصاح الذي فاح في أركان أو زوايا لقاءات إعلامية

كنت أقصد منه أنه لا يهمني كثيراً رأي الطيب صالح إلا بمقدار حسه النقدي ، وليس لأنه كاتب الرواية يُجلي لنا خباياها ، فإني أرى النص قد نهض ويمكننا أن نعالج النص سباحة وكأن صاحب النص قد رحل عن النص ، ولم يعُد له القدرة على تعديله .

أرجو أن أكون قد أوضحت رؤاي ، وسيظل الباب مفتوحاً للحوار ، وهو حوار ابتدرته أنت ، ورفعت من سقف التناول ، رغم أنني قد ارتأيت السباحة الحُرة الموازية للنص ، ومن ثم ومن بعد زمان نتناول مسائل النقد ومدارسه ورؤانا حول الأعمال النقدية التي استدرجها النص .

شكراً جزيلاً لك
ونواصل

***

Post: #19
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: محمود الدقم
Date: 04-18-2008, 02:02 AM
Parent: #17

الاخ الشقليني سلامات مرة تانية:
بطبعية الحال تجدني منشرح لسباحتك في النهر الذي اخترته/ محتفظا بمسافة وبمساحة بين سباحتك النهرية والادوات التي تستخدمها في السباحة/ لان النهر كبير والتيار جارف لكنك عليم وخبير/ عودة اخرى الى توضيحك الضافي والرائع/ فقط احب ان اوضح لكم هذه النقاط وعلى عجلة قبل ان تواصل سباحتك في عوالم النص المختلفة (جماليات السرد) (الصور البدائعية) (الخرافة) (التناقض في شخصية البطل) و(ثنائية كون ان قاريء النص كاتب مواز) مع (التماهي بين بطل النص وموقف المتلقي).. الخ النقاط هي :
1- اصلا لم اتناول معك المقتبسات التي استدعيتها انت كقاريء او محلل او معجب بعوالم موسم الهجرة الى.. الخ/ بل استوقفتني نقاط محددة احببت ان استفهم منها ومن هنا ارى استجلابك لراي الدكتور محمد المفتاح يندرج [تحت مهاجع المحلل الذي يقراء النص ثم يستجلب نظريات ويتعكز عليها لصقا والتصاقا] فانا حتى الان لم اتناول النص المسفوح هنا بطمانية/ بل تناولت شيء مما كتبته انت من راي!! لذا اجد ان راي الدكتور المفتاح لا يخدم الاجابة بشكل مباشرة/ لكنه مهما للمرحلة القادمة/ وشخصيا اؤمن عليه في حال كوني تناولت النص براي خاص بنا غير ذلك فلا.
2- في الفقرة الثانية: انت تقلل من شان من جلس مع الطيب صالح محاورا له في حوار اعلامي مقروء او مرئي/ وبالتالي اجدك تندفع بشدة في سباحتك نحو الشلال/ وانا اثق في سبحاتك/ لكني لا اثق في الشلال عندما تنتاشه الصرعة الخريفية/ بمعني كونك تقزم محاوري الطيب صالح في نصه المعني /اعتقده مجحف لحد ما/ فمثلا الاستاذ زاهي وهبي معروف بانه مثقف لبناني اجرى حوارا مع الطيب صالح في برنامجه (خلييك بالبيت) مطلع عام 2002م فبراير.. وقد طرح اسئلة عميقة وجريئة ومباشرة لنص الطيب صالح/ فهل يعني ان زاهي وهبي الشاعر والناقد قزم? وكذلك جهاد فاضل واخرون وعلى ذلك انشب القياس.
3- انت كتبت
Quote: كنت أقصد منه أنه لا يهمني كثيراً رأي الطيب صالح إلا بمقدار حسه النقدي ، وليس لأنه كاتب الرواية يُجلي لنا خباياها ، فإني أرى النص قد نهض ويمكننا أن نعالج النص سباحة وكأن صاحب النص قد رحل عن النص ، ولم يعُد له القدرة على تعديله .
ولقد فهمت و(ربما اكون على خطاء) بانك تضع الروائي العالمي الطيب صالح ناقدا لنصه وليس كاتبا له/ او انك تريد ان ترى الطيب ينقد نصه المكتوب وهذه نقطة غريبة بالنسبة لي ان يكون كاتب النص هو ناقد لذات النص الذي كتبه طبعا كاتب النص لن يفصح عن اهدافه ومراميه في النص بشكل مباشر او غير مباشر (مدينة البهائم-ايزابيل اللندي- امراتان للبيرتو مورافيا..الخ) بل يترك القاريء يسبح في النص بطريقته الخاصة معجبا بالنص لدرجة الجنون كما يقول خيري منصور اليس كذلك? معليش اخشى اني قطعت عليك شيئا من اشواط السباحة.

Post: #20
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-18-2008, 03:33 PM
Parent: #19




السباحة في بحر رواية " موسم الهجرة إلى الشمال (7)



الأكرم : محمود الدقم
تحية طيبة
نعود ونشكر المشاركة الثرية التي تفضلتُم بها ، وهي غوص في ما نكتُب ، وملاحظات واستيضاح و خلاف على التناول : طرائقه والرؤية التي ترتكز عليها وما نزعم من رغبتنا القراءة ومن بعد السباحة الحرة .
نعلم تمام العلم أن السباحة لها علاقة بالنقد ، وهو مُبرر الكثير من الاستطراد الذي ورد في مداخلتي السابقة ، وهو أمر استدرجته أنت بذكر من تفضلوا بالكتابة عن موسم الهجرة وذكرتهم في ما كتبت أنت أعلاه
أني أحاول قدر الممكن أن أُرسم نصاً موازياً للرواية من خلال السباحة ، وصناعة رصيفاً وحاشية على طرف الرواية ، ننهل من وقائعها والبيئة والشخوص والبنية الروائية ما شاء لنا أن ننهل . نسبح في عمق النص باعتباره نصاً روائياً اكتمل كعمل مُستقل عن كاتبه . و هذا العمل المُستقل هو أول فرضية أبدأ بها السباحة :إن النص الروائي منذ الستينات قد اكتمل كنص غير قابل للتعديل من قبل كاتبه الطيب صالح ولو كان كذلك لتيسر منذ زمان بعيد . أما في الشق الخاص بتوضيح " الطيب صالح " مكونات النص وشخوصه وفق رؤاه ككاتب للنص وعلاقة الشخوص والأحداث وكيف صنع منه غزلاً ونسيجاً باهراً وهو في سن دون الأربعين من العُمر ، إني أراه يقودنا لحياة الكاتب كروائي وهذا ما لم أقصده ، لم أقصد إقامة سياج بين الكاتب وعمله الروائي الباهر ، بل لأن أية إضافة يمكن أن تتم في مشاريع " موسم الهجرة إلى الشمال " المستقبلية هي في كتابة رواية أخرى والباب مفتوح لكاتب عملاق مثله أن يفعل إن أراد، أما غير ذلك من حديث له أو غيره فهي إضاءة نقد ، ولست أرى غرابة أن ينتقد الكاتب نصه من بعد قراءات وأزمنة .
وهنا أرغب جاداً فصل الرواية عن تجربة صاحبها ، أو ما يسمى فصل التداخل الحميم الذي رآه الكثيرون ما بين الكاتب والنص المكتوب . ولست بصدد الحديث عن الطيب صالح أو تجربته الروائية لأنه موضوع أكبر من حجم الملف . وأعود للردود على ما تفضلت به ومن بعد ذلك السباحة :
(1)
Quote: اصلا لم اتناول معك المقتبسات التي استدعيتها انت كقاريء او محلل او معجب بعوالم موسم الهجرة الى.. الخ/ بل استوقفتني نقاط محددة احببت ان استفهم منها ومن هنا ارى استجلابك لراي الدكتور محمد المفتاح يندرج [تحت مهاجع المحلل الذي يقراء النص ثم يستجلب نظريات ويتعكز عليها لصقا والتصاقا] فانا حتى الان لم اتناول النص المسفوح هنا بطمانية/ بل تناولت شيء مما كتبته انت من راي!! لذا اجد ان راي الدكتور المفتاح لا يخدم الاجابة بشكل مباشرة/ لكنه مهما للمرحلة القادمة/ وشخصيا اؤمن عليه في حال كوني تناولت النص براي خاص بنا غير ذلك فلا.

إن النص الذي جلبناه نقلاً عن الدكتور محمد المفتاح في سفره " دينامية النص " ص 42 :بعنوان " تفاعل المتلقي مع النص ". إني أراه على علاقة وثيقة بحوارنا وبنص الرواية والسباحة التي اخترنا .
وما كتبته أنا نصاً وأنت المُتلقي ، وما كتبته أنت نصاً وأنا المٌتلقي له علاقة بالقطف الذي أوردناه ، لذا أرى أن القطف هو من صُلب الحوار الذي بيننا من طرف ، وبيننا وبين نص الرواية وكل ذلك وفق رؤى الدكتور محمد المفتاح ، ولم أذكر رأيي أنا فيما قطفت ، ربما يأتي لاحقاً إن تيسر الزمان .
(2)
إني أرى أن للكاتب أن يكشف ما يشاء له عن شخوصه وأسرارها والحياة من حولها وكشف رؤيته ، و لكنني أعتبرها جزء من تجربته في الكتابة ولن يكون ملزماً لي في تتبع الشخوص ومكونات الرواية كعمل اكتمل ولا حاجة إلا للنقد في كشف عوالم تلك الرواية بمدارسه المتنوعة .
وما الذي يمنع كاتب مثله أن يكون ناقداً لنصه ؟
لا أرى غرابة في ذلك إذ مضى على الرواية تلك العقود من الأزمنة . وهذا هو موقفي الخاص قبل تجربة السباحة الحرة بلا قيود ، وإعلان فك الارتباط بين النص وكاتبه هو هدف تخيرته ليكون لي مساحة أكثر رحابة . أما إن كان هنالك من يرغب في السباحة في عالم الطيب صالح الروائي ، فهذا أمر يحتاج ملفاً آخر وليس موضوع عنايتي الآن .
(3)

Quote: إني قصدت كل ما تيسر لي من لقاءات الطيب صالح الإعلامية مع مديري ومديرات تلك اللقاءات الإعلامية أقزام في حضرة عملاق ، ولم أقصد من كتبوا كتابة نقدية ، فهؤلاء قد جلسوا للنص وأحاطوه بعنايتهم الناقدة وفق أسس ، وهؤلاء لم أعنِهم بحديثي .

إن النص الذي كتبته أنا ، يوضح أنني فيما ( تيسر لي ) الإطلاع عليه من مقابلات إعلامية فكل المقدِمين أو المقدِمات كانوا أقزاما بجانب الطيب صالح ، ولقاء الكاتب ( زاهر وهبي ) مع الطيب صالح في خليك بالبيت غير مشمول فيما ذكرت لأنني لم أشاهد اللقاء بكل بساطة . ولكن النص سيكون مُيسراً لاحقاً للإطلاع عليه فزاهر يحول اللقاءات إلى وثائق قابلة للبيع و للشراء ومن ثم يمكن الحصول عليها .

لك الشكر والتحية والتقدير .
ونواصل

***

Post: #16
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: محمد الطيب يوسف
Date: 04-14-2008, 10:09 PM
Parent: #1

Quote: الأحباء :
الأستاذ / محمود الدقم
الأستاذالشاعر والناقد / أسامة الخواض


شكرآ ليك أستاذ عبدالله

Post: #21
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-18-2008, 03:38 PM
Parent: #16

Quote: Quote: الأحباء :
الأستاذ / محمود الدقم
الأستاذالشاعر والناقد / أسامة الخواض



شكرآ ليك أستاذ عبدالله


ولك أنت أيها الكريم : محمد الطيب يوسف
ألف سلام وألف تحية

Post: #22
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-20-2008, 06:44 PM
Parent: #1


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ



السباحة في بحر رواية " موسم الهجرة إلى الشمال (8)
حُسنة بنت محمود :



حُسنة بنت محمود ،
نُبحر في شخصها الباهر .
كل الاحتمالات مُمكنة :
قال ألفرد راسل والاس :
( إذا استثنيت طبيعة الإنسان الروحية فلست تدرس الإنسان على الإطلاق )
الاحتمال الأول :
النهوض من بين الحياة العامة للعقل الجمعي وخلع ألبسة الحياة الاجتماعية وأغلال الأعراف ، والغوص في شخص حُسنة بنت محمود الباهر .
"لمحة من الطفولة تُذكرنا بتلاعُب توزيع هورمونات الأنوثة والذكورة على الحياة المُبكرة ، إذ يقولون أن الإنسان يتكون من 46 صبغية " كروموزوماً " يأخذها مناصفة عن والده و والدته ، وتكون صبغية الأم 23 x في حين أن صبغيى الأب 23 y تتغير وتحدد جنس المولود ، فإذا ما كانت x وُلدت بنت ، وإذا ما كانت y وُلد صبياً ، و أن الأجنة تبقى حتى قرابة الأسبوع السادس من الحمل ، مزودين بأدمغة أنثوية المظهر ، وبخصائص وراثية ضرورية ليكتمل تكوين الجنين كأنثى و كذكر . وإن كان ذكراً يبدأ بإفراز كمية كبيرة من الهورمونات الذكرية لاسيما "التوستسترون " بُغية تحديد هويته الجنسية : الصفات الوراثية وخصائص الدماغ أيضاً .وتصوروا أن كمية الهورمونات في "15 إلى 20 % من الحالات ليست كافية في بعض الأحيان لإكمال المهمة . من المؤكد أن كمية الهورمونات ستكون كافية لتحديد جنس المولود لأن لهذه الناحية أولوية في التكوين ، أما في الدماغ فالنقص واقع لا محالة ."المرجع ( الرجل والمرأة أسرار ـ آلين ولر )

عندما تتقلب الهورمونات بين الذكورة والأنوثة في الجسد ، ينفعل الجسد مُتقلب الأهواء . وعندما نعود للرواية وصورة " حُسنة "وفق الوصف الذي نقله بعض شخوصها، نجد أنّا أمام سيدة تقف كجوهرة خام بها من ضباب الحجارة ما يُخفي بريق كنوزها إلا من بعد الصقل .
أصقلها الواقع الذي غزت فيه عوالم الصبية في صغرها ، تُلاعبهم وتُصارعهم ؟
أهو عنف هورمون الذكورة الفائض يفعل فعله من طاقة تنفلت للخروج بمسلك الجسد العنيف في الطفولة الأولى ؟
أم هو ميراث العنف اللاحق يأتي من طفولة مكتنـزة بما لديها تنطلق وفق ضرورات الضغط النفسي الذي وقع عليها من أزمة تفجرت من بعد مأساة إرغامها الزواج من ود الريس ؟
أكان العنف اللاحق ميراث اختلال هورمون ، وجاءت الضغوط النفسية والكثير الذي تجنبت الرواية سرده من أزمة بين " حسنة" وأولياء أمرها وهم يرغمونها على تلك الزيجة التعسة ؟. تناور هي وتقاوم دون أن تُبدي الرواية كل تلك التفاصيل إلا مما أورده الراوي :


ص 105 :" قلت لمحجوب :" لكن لماذا هذا الغرام الفجائي ؟ ود الريس يعرف حُسنة بنت محمود منذ كانت طفلة . هل تذكرها وهي طفلة شرسة تتسلق الشجر وتصارع الأولاد . كانت وهي فتاة تسبح معنا عارية في النهر . ماذا جد الآن "

ص 100 " جلست حيث أنا بلا حراك وتركتها تبكي وحدها لليل حتى سكتت . وكان لابد أن أقول شيئاً ، فقلت :" التعلق بالماضي لا ينفع أحداً . عندك الولدان ، وأنتِ ما زلت شابة في مقتبل العمر . فكري في المستقبل . من يدري ، لعلك تقبلين واحداً من الخطاب العديدين الذين يطلبونكِ " ." أجابت فوراً ، بحزم ، الأمر الذي أدهشني :" بعد مصطفى سعيد لا أدخل على رجل ".لكني قلت :"ود الريس يريد زواجك ، وأبوك وأهلك لا يمانعون . كلفني أن أتوسط له عندك "...وأخيراً أحسست بصوتها في الظلام كأنه نصل :" إذا أجبروني على الزواج ، فإنني سأقتله وأقتل نفسي"

ونواصل

***

Post: #23
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-21-2008, 05:28 PM
Parent: #22

Quote: حُسنة بنت محمود ،
نُبحر في شخصها الباهر .

Post: #25
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: salma subhi
Date: 04-26-2008, 05:43 AM
Parent: #23

استاذنا الفاضل عبد الله الشقليني
عاطر التحايا

قد اعدت لنا درراً لا نكل ولا نمل من قراءتها....فهي رواية غنية بمرافئ الحياة..تتنسم منها عبير بلادي

هذه الرواية هي بحق كنـز ثمين

التحية لك وأنت تشركنا هذا الإبداع
التحية للأستاذ الطيب صالح


كن بألف خير

Post: #28
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-26-2008, 05:51 PM
Parent: #25

Quote: استاذنا الفاضل عبد الله الشقليني
عاطر التحايا

قد اعدت لنا درراً لا نكل ولا نمل من قراءتها....فهي رواية غنية بمرافئ الحياة..تتنسم منها عبير بلادي

هذه الرواية هي بحق كنـز ثمين

التحية لك وأنت تشركنا هذا الإبداع
التحية للأستاذ الطيب صالح


كن بألف خير


الكريمة : سلمى صباحي
تحيات زاكيات ،
في مثل أرومية نبات لُغتَكِ
لك الشكر الجزيل

Post: #29
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-27-2008, 10:41 AM
Parent: #28

Quote: الكريمة : سلمى صباحي
تحيات زاكيات ،

Post: #30
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-27-2008, 03:57 PM
Parent: #22

Quote: ص 105 :" قلت لمحجوب :" لكن لماذا هذا الغرام الفجائي ؟ ود الريس يعرف حُسنة بنت محمود منذ كانت طفلة . هل تذكرها وهي طفلة شرسة تتسلق الشجر وتصارع الأولاد . كانت وهي فتاة تسبح معنا عارية في النهر . ماذا جد الآن "

Post: #26
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-26-2008, 03:03 PM
Parent: #1




السباحة في بحر رواية " موسم الهجرة إلى الشمال (9)
حُسنة بنت محمود :



عندما رحل سيجموند فرويد في العام 1939م ، و ولدت الرواية مكتملةً في مطلع ستينات القرن الماضي ، فسنجد أنفسنا أمام مفاتيح علوم النفس البشرية التي كانت مُيسرة عند ولادة الرواية ، ونجد مفاتيح شخوصها بيد أعمال فرويد ومن عاصروه ، لذا سنحاول الغوص من مفاتيح الشخصية لدى فرويد .
لم تذكر الرواية شيئاً عن تعليم " حسنة بنت محمود " ، ولكنها أشبه بنساء المُدن كما قال عنها "محجوب " . لم تذكر الرواية سفرها من القرية أو خروجها من محيطها .

تعللت "حسنة" بالتفرغ لتربية الطفلين ، وهو انقطاع غريب عن حاجتها لشريك حياة يقوم مقام الأب المفقود " مصطفى سعيد " . أ هنالك في خاطرها أن الغائب ربما يحضُر ، وأن الثلاث سنوات لم تُنسها الاحتمال أن يخرج " مصطفى سعيد "من الغياب المزعوم أو الموت الافتراضي ليعود لبيته ولسكنه ولفراشه الدافئ ؟
لمِ إذن في البحث عن الخلاص عندما جاءت لمحجوب تطلب أن يُعقد قرانها على الراوي ؟ . ولو ظهر " مصطفى " للحياة مرة أخرى ستنبُت الأزمة نفسها من الزواج بغيره ، ولو أن الراوي كان أقل وطأة من رجل في أرذل العُمر مثل ود الريس !.
أيكون هنالك اتفاق مُبطن بالراوي كخلف لمصطفى أخفته الرواية وجعلتنا نُنقب في عتمة الغموض التي تزدحم بها ؟
إن اختيار " مصطفى سعيد " للراوي وصياً لم يكن خبط عشواء ، ولم تكُن وصيته الشفهية لحُسنة أن تستنير برأيه مجرد مصادفة يُلقيها من يرى غموض الغيب ويحتاط له .

هل رأى " مصطفى سعيد " في الراوي الوريث الذي يحل محله ؟
إن كان ما أوردناه أقرب للاحتمال فإن وصاية الراوي للولدين لم تأتِ من فراغ ، بل من بعد تَفكُر وتدبير ، ولم يكن من حق الوصية أن تشمل الزوجة وفق أعراف القرية ، فترك " مصطفى " القرار الصعب لحُسنة بنت محمود ، فشخصها الناهض من بين نساء القرية، وهي مميزة كنساء المدن لن تُجبرها الدنيا والعرف على الخيارات العادية التي تختارها من هنَّ في مثل حالها .
تلك تقودنا إلى أن شخوص الرواية كلهم مميزون و لم يذهبوا مع القطيع بل توقفوا كثيراً وتنكبوا الطرق الملتوية : مُهادنة أو صراعاً .

نعود لسيغموند فرويد ( 1856 م ـ 1939 م ) :
الحرب لديه هي محاولة جماعية للإِبقاء على الذات نفسياً، والذي لا يحارب يعرض نفسه لتحويل العدوان إلى الداخل فيفني نفسه بالصراعات الداخلية، والانتحار هو مثل واضح لفشل الفرد في حفظ حياته. هنالك القوى الانفعالية وهي مضادة للدفاع العقلي وتكوين العادات ، وهنالك الكبت والمقاومة ، وهنالك خبرات الطفولة ، فيرى " فرويد " كل هفوة مثلاً ترضي تمنياً وكل نسيان دافعه رغبة في إبعاد ذلك الشيء.
أكان تعبير حسنة للراوي صراحة عن قتل ود الريس وقتل نفسها في حالة قسرها على الزواج هي رغبة مبيتة ونفذتها وفق إرادة صلبة ؟
لِمَ لم تستخدم تلك الإرادة الحاسمة في رفض الزواج وكسر هيبة العشيرة ؟
أ هنالك معارك احتجبت بالفعل وتركتها الرواية كفراغ لنا كقراء لنتجول في ذلك العالم الباهر ويسهر الخلق جراها ويختصموا كما قال المتنبي ؟

أكان الموت هو نتاج طبيعي للمعركة التي نشبت تدافع " حسنة "عن نفسها ضد محاولة اغتصابها ؟
فالمحاولة التي ابتدرها" ود الريس "هو سعياً لاغتصاب سيدة دون شك ، ولن تشفع له عندنا أن له ورقة عقد تُبيح له أن يفعل ما يريد، حتى ولو ارتضاه العُرف .
لن نُلجم خيل الواقع برؤانا عن الاغتصاب وأركانه ، ولكننا نُجزم بأن رفض " حسنة " لتلك الهجمة كان دفاع سيدةٍ عن نفسها ضد من لا ترغبه و يحاول اغتصابها ، وانتصرت لحقها بقتله أولاً ثم قتل نفسها .

ونواصل

Post: #27
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-26-2008, 03:45 PM
Parent: #1









الدكتور : سيغموند فرويد

Post: #31
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: Al-Sadig Yahya Abdall
Date: 04-27-2008, 05:38 PM
Parent: #27

Quote: إن النفور من الغريب وفق معطيات الرواية لم يكن وراءه استعلاء عرقي بل غرابة الأصول العشائرية ومسلك الاختيار للأقرب. فمصطفى سعيد قادم من المدن ، وأصوله من قبائل الرُحَّل لها ما لها من تقييم وفق مفاهيم سكان الزراعة المُستقرين وتوجٌس مُحتمل من بداوة الرُحَّل


الاستاذ/ الشقليني،،،
نحييك لايراد هذا البوست االمتفرد،،، و هو متفرد بحق لان الابحار فيه يتطلب عدة لا تتوافر الا بالقراءة،،، مع احتفاظنا
للمساهمين فيه بالحق في ايراد ارائهم،،، لست في حاجة الى القول بان رواية موسم الهجرة الى الشمال تمثل عصارة الانتاج
الادبي في السودان،،،
اول تجربة لي مع هذه الرواية كانت في مقرر دراسي بكلية الاداب على يد الدكتور مروان حامد الرشيد في منتصف ثمانينيات
القرن الماضي،،، و منذ الحين لا افتا اقراها على فترات زمنية تكاد تكون منتظمة و لا زلت (و ساظل)،،،
مساهمتي في هذا البوست تنطلق من الاقتباس اعلاه. و في البدء اقول ان الدراسات السودانية حول الرواية كانت دوما تدور حول
حياة الريف في الرواية، منظور المراة و الرجل في الرواية، الاشارات الفلكلورية في الرواية، الاسلوب السردي في الرواية، مفهوم الغريب
العاقل في الرواية و ما الى ذلك،،،
لكن في بدايات هذا القرن اتى باحث سوداني بمدخل جديد للرواية لم يسبقهاليه احد حسب قراءاتي المحدودة،،،
تناول الباحث الرواية مع اخريات لنيل درجة الدكتوراه في مجال اظن اسمه "ادب الهامش" و ذلك من منظور ما عرف ب Post-colonialism
باختصار تدور هذه النظرية حول اعادة قراءة الاداب الغربية في فترة ما بعد الاستعمار،و ذلك لان -على الاقل- بعض الاداب الغربية كانت تعطي الاساس الاخلاقي للاستعمار و ذلك بتصويرها للشعوب المستعمرة باشياء منها التخلف الامر الذي يحمل الرجل الابيض مسؤولية انتشال هذه الشعوب من التخلف،،،
باحثنا استفاد من الفكرة في اعادة قراءة ادب الطيب صالح على ضوء المستجدات في الحياة السياسية و الاجتماعية في
فترة ما بعد الانقاذ،،،،
ساعود اليك بملخص للفكرة لتكون اساسا للحوار،،،
و دمتم

Post: #32
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: Al-Sadig Yahya Abdall
Date: 04-27-2008, 05:38 PM
Parent: #27

Quote: إن النفور من الغريب وفق معطيات الرواية لم يكن وراءه استعلاء عرقي بل غرابة الأصول العشائرية ومسلك الاختيار للأقرب. فمصطفى سعيد قادم من المدن ، وأصوله من قبائل الرُحَّل لها ما لها من تقييم وفق مفاهيم سكان الزراعة المُستقرين وتوجٌس مُحتمل من بداوة الرُحَّل


الاستاذ/ الشقليني،،،
نحييك لايراد هذا البوست االمتفرد،،، و هو متفرد بحق لان الابحار فيه يتطلب عدة لا تتوافر الا بالقراءة،،، مع احتفاظنا
للمساهمين فيه بالحق في ايراد ارائهم،،، لست في حاجة الى القول بان رواية موسم الهجرة الى الشمال تمثل عصارة الانتاج
الادبي في السودان،،،
اول تجربة لي مع هذه الرواية كانت في مقرر دراسي بكلية الاداب على يد الدكتور مروان حامد الرشيد في منتصف ثمانينيات
القرن الماضي،،، و منذ الحين لا افتا اقراها على فترات زمنية تكاد تكون منتظمة و لا زلت (و ساظل)،،،
مساهمتي في هذا البوست تنطلق من الاقتباس اعلاه. و في البدء اقول ان الدراسات السودانية حول الرواية كانت دما تدور حول
حياة الريف في الرواية، منظور المراة و الرجل في الرواية، الاشارات الفلكلورية في الرواية، الاسلوب السردي في الرواية، مفهوم الغريب
العاقل فيالرواية و ما الى ذلك،،،
لكن في بدايات هذا القرن اتى باحث سوداني بمدخل جديد للرواية لم يسبقهاليه احد حسب قراءاتي المحدودة،،،
تناول الباحث الرواية مع اخريات لنيل درجة الدكتوراه في مجال اظن اسمه "ادب الهامش" و ذلك من منظور ما عرف ب Post-colonialism
باختصار تدور هذه النظرية حول اعادة قراءة الاداب الغربية في فترة ما بعد الاستعمار،و ذلك لان -على الاقل- بعض الاداب الغربية كانت تعطي الاساس الاخلاقي للاستعمار و ذلك بتصويرها للشعوب المستعمرة باشياء منها التخلف الامر الذي يحمل الرجل الابيض مسؤولية انتشال هذه الشعوب من التخلف،،،
باحثنا استفاد من الفكرة في اعادة قراءة ادب الطيب صالح على ضوء المستجدات في الحياة السياسية و الاجتماعية في
فترة ما بعد الانقاذ،،،،
ساعود اليك بملخص للفكرة لتكون اساسا للحوار،،،
و دمتم

Post: #37
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-29-2008, 05:56 PM
Parent: #32

Quote: الاستاذ/ الشقليني،،،
نحييك لايراد هذا البوست االمتفرد،،، و هو متفرد بحق لان الابحار فيه يتطلب عدة لا تتوافر الا بالقراءة،،، مع احتفاظنا
للمساهمين فيه بالحق في ايراد ارائهم،،، لست في حاجة الى القول بان رواية موسم الهجرة الى الشمال تمثل عصارة الانتاج
الادبي في السودان،،،



عزيزنا الأكرم : الأستاذ الصادق يحي

تحية طيبة لك وكثير سلامي وامتناني على ثقل ما أوردت . رغبنا السباحة عندما وجدت نفسي منذ أيام أقرأ الرواية مرة أخرى من بعد نيف وخمسة عشر سنة مضت على قراءة سابقة للنص. رمانا الدهر بسهامه ، أكسبتنا بعض قوة من اثر التعود على ضربات الحياة ، وعمقت التجربة من رصيد ما قرأنا أن نسبح سباحة حُرة دون قيد .

وحري بشوقنا أن يتلهف أن ترفدنا مما وعدتنا به .

لك من الشكر أجزله .

***

Post: #33
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: salma subhi
Date: 04-27-2008, 07:29 PM
Parent: #27

استاذنا القدير عبدالله الشقليني
Quote: سلمى صباحي

تحيات زاكيات

ولك من التحايا ما هو أجودها نوعاً وأزكاها عطراً
ما أجمل الصبح والصباح فكلاهمايحملان هذا المعنى الجميل...(أول النهار)، ومع إطلالتهما تشرق شمس يوم جديد، وحرف الألف في كلمة الصباح قد زادها بهاءاً ولكن مع ذلك للصبح تباشير ودندنات..

فالإسم هو سلمى صبحي......وليس صباحي

كل التقدير سيدي الفاضل
وأطيب الأماني

.

Post: #34
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-28-2008, 05:18 PM
Parent: #33




الكريمة : الأستاذة / سلمى صبحي
تحية وكثير سلامي واحترامي

إني من التعجُل .. أنزوي خجلاً ،
استسمِح عفوكِ حين غفوت و مددتُ الصبحي إلى الصباحي ،
يقولون عنه هو السهو في غير محله يُنذر بالكثير . لكِ كل الأزهار
مكنوزة لترحابَكِ ،

ولو أنها سانحة :
إذ قال الأعشى
غَدَاة الصَباِحِ إذا النقعُ ثارا
والصباحة : يقولون هي الجمال ،
و أظن الجمال إن مشى الدرب كله فمصيره ... أن يصلكم .
سألت مرة الراحل البروفيسور عبد الله الطيب المجذوب :

ـ أتكون للأسماء معانٍ عند ناطقي العربية ؟
فقال :
ـ العرب تختار الاسم إن كان له معنى أو لم يكُن .

شكراً لك أن سبحتِ قُربنا
ألف شكر لكِ


***

Post: #35
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-28-2008, 05:28 PM
Parent: #34

Quote: إني من التعجُل .. أنزوي خجلاً ،

Post: #36
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: salma subhi
Date: 04-28-2008, 06:39 PM
Parent: #35

الأستاذ الفاضل عبدالله الشقليني
تحية طيبة

انت الذي زدتنا حياءاً منك ومن طيب حرفك يا سيدي الفاضل وما كانت الا شقاوة حرف الألف ليس الاّ...

دوماً لك كل التقدير والإحترام.




Post: #40
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 05-03-2008, 09:37 AM
Parent: #36

Quote: الأستاذ الفاضل عبدالله الشقليني
تحية طيبة

انت الذي زدتنا حياءاً منك ومن طيب حرفك يا سيدي الفاضل وما كانت الا شقاوة حرف الألف ليس الاّ...

دوماً لك كل التقدير والإحترام.


الكريمة سلمى صبحي
تحية وكثير احترامي
لقد نذرنا على أنفسنا المساهمة في الوعي ، نأخذ ونُحاور علنا نروي ظمأ التوق للمعرفة . نستقطب الأنفس لتقرأ وتُساهم أو تقول خيراً أو تُنبهنا ، وننثر الطيب بالقدر الذي يجعلنا نجلس لحوار الآخرين لنتعلم منهم .
لكِ جزيل الشكر على نسمة الحرف وهي تهب رطبة وباردة علينا ،
ونأمل أن نكون كما يودُ الجميع .



Post: #38
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 04-30-2008, 10:23 PM
Parent: #1









لمحة من منظر شاطئ النيل في منطقة الشمالية


***

Post: #39
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 05-02-2008, 07:30 AM
Parent: #38




السباحة في بحر رواية " موسم الهجرة إلى الشمال (10)
حُسنة بنت محمود :



احتمال آخر :

إنها زوجة رجل واسع الدراية . يحمل في نفسه جرثومة انتقام لما حدث لمواطنيه ولمجمل المستعمرات . لم يكن مصدر حقده اقتصاد النهب الاستعماري تحت الدعاوى الكذوب من القدوم لانتشال أهل تلك البقاع من قبضة التخلف،بل بشرعة الغزو الذي خلف في كرري مثلاً أكثر من ستة عشر ألف شهيداً في بضع سويعات في أوائل سبتمبر 1898 م . ثم تلتها معارك متفرقة في بقاع السودان دامت سنوات عدة .
لا أسفاره التي كتب ولا طلابه الجامعيين حقق بهم الاختراق لهزيمة المستعمر في أرضه . إن الحفر لم يفده ولم ينجز لموطنه كثير شيء .
أيكون الحق مع " مصطفى سعيد " في أن الحفر في حوائط المستعمر الخرسانية الغليظة لن يجدي ؟ فانقلب إلى دابة هدم تسعى بين إناث دولة المُستعمر غازياً في الفُرش الناعمة ، هادماً للمُثل والقيم ، تلونت على يديه وفق الأهواء . انتقاماً من الغزاة : لهم في موطنهم لهم عدالة الإنسانية ، وفيما وراء البحار لهم عدالة قطاع الطرق !.

تقول الرواية إن زوج "حُسنة " كان يستخدم كل طقوس البيئة وغرائبها ليُنصب شراكه للفرائس الضعيفة التي التقى . إن كل الرموز الفولكلورية من ريش النعام والصور والأقنعة والعطور ، السائلة منها والزيتية و بخورالعود ومركبات الكحول التي عتقها الزمان صارت طيعة في يده . جمعها كلها لغزو كهف الغرائز . له معبد مُشيد من ملذات التاريخ وقصص الأساطير ومن نسج الخيال الخصب جوار مخملية غرفة الذبائح التي يلتقي فيها الفرائس .

نزعُم من سرد الرواية أنه امتلك الكثير من معارف الأقدمين من " ميغناطيسية حيوانية"و " مَسمرية " و "تنويم إيحائي" . فتح أبواباً ممنوعة في أشرعة التطبيب النفسي : وهي ألا يُخلط المٌعالج التنويم الإيحائي بمشاعر المحبة والعشق ، ومن يفعل ذلك فهو كمن يسقي ضحيته من الخمر المُعتقة وتبتلع هي من بعدها حبوب الهلوسة LSD في جرعة واحدة !. تهدم كل القيم والمُثل !.
يا تُرى هل استخدم المحبة ومناهج علوم النفس البشرية وأعاد صياغة امرأة من قرية في الشمال و سبح بهدوء في بركة عقلها الباطن ، بعد أن استقر به الحال في شمال السودان ؟ . تنقلت ذاكرته الدفينة وسكنت رُكناً قصياً في ذاكرة امرأة طيعة العجين ، نمرودة الطفولة والشباب . أهدته طفليه من فرش زوجية آمِن من تقلبات الدهر ونزيف الانتقام . فلا حقد هنا ، بل قرية هادئة ،لأهلها نظم اجتماعية يقيمونها طوعاً أو كرهاً على العامة والخاصة .

وجاءت مأساة "ود الريس" و"حسنة " من التمسُك بقيم إنسانية نهضت في عقل سيدة في قرية لم تكُن وادعة ، فلها في داخلها شراهة النزعات البشرية من استغلال ونهب خيرات لدى بعض أهلها، وفيها طيب العادات ، وفيها سيطرة العقل الجمعي وقهر المرأة الموروث .
رفضت قيم المرأة المدينية " حسنة " و التي نفترض وراثتها عن زوجها ألا أن تقف في وجه تلك المُثل التي تتبضع في جسد المرأة كأن لا رأي لها . وقفت ثقافة " حسنة "وهي كما يقول بعض المفكرين بُنية تأتي من نتاج علاقات الإنتاج ، ضعيفة الشأن . لكنها صارت فعلاً أصيلاً ، وموقف الدفاع الحضاري عن انتهاك صريح لحرمات الجسد الذي رغب عجوز طاعن السن في اعتلائه لإفراغ حليب نزوة بقوة ورقة وعهد قطعه من لا يملُك ومنحه لمن لا يستحق ، فكيف تستوي شمس امرأة عاقلة و مواقد القُرى ولو عظُم أمرها .

وتلك فرضية واحدة من الفرضيات ونزعم أن مصطفى قد جلس لها برفق وأعاد تشكيل السيدة الوادعة والطيعة بين يديه وقد صارت أم ولديه فأعمل فيها مختبره ، وجلس العقل الجبار والعاطفة النبيلة متلازمين . بمديته التي تقطع ولا تَشبَع . ثم جاء النحت في العقل الباطن وتطويع غرائز سيدته وفك أغلال المجتمع وأطلق رغباتها المكبوتة وأسس لامرأة حضرية لا تشبه نساء القُرى .
ليس من غرابة إن اعتقدنا أن بطل الرواية " مصطفى سعيد " قد اطلع على دقائق علوم النفس البشرية وأسرارها وخفاياها معرفة الهاوي الماكر والمُتطلع لإخراج سكين الطبخ الآدمي من وظائفها في صنع الأطعمة وتحويل السكين إلى أداة للتُنقيب في المواضع المظلمة في بؤر العقول الباطنة . و من واقع الذبائح البشرية التي أسقطتها شراكه في المهجر يمكننا أن نكتشف أن سيدة مُتفردة مثل " حُسنة بنت محمود " لن تُفلت من العشق المُبطن بالغرائب ، بل لن تُفلِت من سيدها الذي أحبها ( والحب فرضية لم تذكرها الرواية ) وأحبها بتراثه المثقل بالأنين ونفث في جسدها وروحها من ريح دُنياه بماضيها وأحمالها ، وحسنة من دون كل قصصه مع النساء التي طافت بحياته أثمرت البنين .

ونواصل

***

Post: #41
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 05-03-2008, 08:52 PM
Parent: #39

Quote: إنها زوجة رجل واسع الدراية . يحمل في نفسه جرثومة انتقام لما حدث لمواطنيه ولمجمل المستعمرات . لم يكن مصدر حقده اقتصاد النهب الاستعماري تحت الدعاوى الكذوب من القدوم لانتشال أهل تلك البقاع من قبضة التخلف،بل بشرعة الغزو الذي خلف في كرري مثلاً أكثر من ستة عشر ألف شهيداً في بضع سويعات في أوائل سبتمبر 1898 م . ثم تلتها معارك متفرقة في بقاع السودان دامت سنوات عدة .

Post: #42
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 05-04-2008, 09:58 PM
Parent: #41




السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " (11)
حسنة بنت محمود :



أهو احتمال النوم الإيحائي ؟

نحوم حول مفاتيح المعرفة بالتنويم الإيحائي :

إن "التنويم" في العربية كلمة مُرادفة لكلمة هيبنوسس وHypnosis أو إله النوم في الأساطير الإغريقية القديمة أو Somnos في الأساطير الرومانية . عُرف التنويم الإيحائي منذ تاريخ المعابد القديم . وفي القرن الثامن عشر بدأ "فرانز مسمر"
Franz Mesmer النمساوي تجارب المغناطيسية الحيوانية والتي خضعت لدراسة من رفاق من كانوا يتشككون في جدواها و أخضعتها لأثر الإيحاء ، رغم علاقة المغناطيسية بتكوين الحديد في الدم .

أيمكن للتنويم الإيحائي أن يسهم في نقل البؤر المظلمة في شخصية المُنوِّم إلى الشخص المُنَوَّم بمعرفته أو بدونها ؟ . إن العقل الباطن بقعة سوداء يختبئ فيها شيطان الجنوح والتمرُد .
أيمكن للدكتور " مصطفى سعيد " أن يكون مُعدياً بسرطان الفراش القاتل ؟

تقول القاعدة العامة أن الفرد الذي يتم تنويمه يُحجم عن العمل بإيحاء يُخالف ضميره أو يُعرضه للمسئولية والمخاطر ، أو يقوم بما لا يستطيع القيام به في واقع حياته الاعتيادية ، فكيف نُفسر موقف " حسنة " الفارق حين التقى الاغتصاب بالموت أو عقدة فراش الجنس والموت ؟ .
أوافق تاريخ "مصطفى " جنوح مُبطن في تاريخ " حسنة " غيبته الرواية لتفتح لنا بوابة الأحلام التي توازي النص الروائي ؟.
فلبعض من تم تنويمهُم وقام المُنوِّم بالإيحاء لهم بالقيام بمسلك منافٍ لقناعتهم وضمائرهم في الأحوال العادية ، لا يقومون بذلك الفعل المُخالف إلا تحت شروط استثنائية:

1. منها تمتُع المُنوَّم بدوافع كامنة في نفسه نحو القيام بمثل ذلك السلوك المُخالف ، والذي يجد الفرد المُنوَّم بأن القيام بذلك السلوك يتوافق مع ضميره المُستتر ومثله الأخلاقية التي لم تظهر في العيان إلا من بعد استثارتها بفعل المُنوِّم .

2. أن يتمكن الفرد الذي يُجرى تنويمه من إقامة صلة وثيقة ومُطلقة بالذي يقوم بتنويمه بحيث لا يساوره الشك بأنه لن يوحي إليه إلا ما هو قانوني ويوافق الضمير ، وتلك معضلة السفر إلى المجهول الغامض من دنيا العقل الباطن وكهوفه المُظلمة .

إن كانت الفرضية تُقربنا من السباحة في عوالم الهواية الشيطانية التي كان يمارسها " مصطفى " في غلواء انتقامه من إناث البراءة التي خرب أرواحهُن ، وسقط في فخ نصبته له " جين مورس " وهزمت حقده في فراش الزوجية الدامي ، فلن ينفث ذلك الدخان الأسود لأم أولاده وسيدة حياته الهادئة الوادعة على ضفاف قرية من قرى الشمال السوداني .

يقولون في حالة أن يكون هنالك إيحاء يُخالف طبيعة الشخص المُنوَّم فإنه يصحو من النوم الإيحائي فجأة أو يرفض القيام بالأوامر ذات الإيحاء الذي يخالف ضميره.

إذن نحن نبحث في زعم يقوم على فرضية تجريب مقولات الطب النفسي بعقلية الهواة المُتمرسين من أمثال " مصطفى سعيد "، والذين صادفت حياتهم النفسية جُرحاً غائراً لم يندمل . نرى أن " مصطفى " لم يُشف من جُرحه ، وأن الراوي وفق الرواية قد عثر على خيط ماضيه الذي فتح جرة الشيطان المحبوس منذ زمان سليمان النبي وخرج من لا يقدر الرجوع لمحبسه .


أيصح أن نقول بأن الأفكار التي ثَقُلت في نفس " مصطفى " و ذاكرته قد هجرت ذاكرته لذاكرة حُسنة تحت مبضع المُحب في فراش الزوجية ، تسللت روحه التي أرقها الماضي وتنفست في نفس سيدة عقلها ورقة بيضاء ، وسودها بماضيه بخطوه الغليظ ؟

يقولون : إن النهر يُغرق السباح الماهر
أتصح الفرضية هُنا ؟

ونواصل


***

Post: #43
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 05-05-2008, 03:30 AM
Parent: #39

Quote: لا أسفاره التي كتب ولا طلابه الجامعيين حقق بهم الاختراق لهزيمة المستعمر في أرضه . إن الحفر لم يفده ولم ينجز لموطنه كثير شيء .

Post: #44
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبداللطيف حسن علي
Date: 05-05-2008, 08:38 AM
Parent: #1

Quote: لن نسقط في مصيدة التبسيط المُخل . فلم تكن الرواية سيرة ذاتية أو سيرة " أبوسن " أو سيرة " عبد الله الطيب المجذوب " أو سيرة حياة مصطفى سعيد حقيقة كانت حياته ، أم بالوناً أو أكذوبة . لن نتبع مكر السياسة في تفكيك الفعل الإبداعي ونحيله لأبجدية أو شفرة نتلصص بها على حياة الطيب صالح الخاصة ونُلبسه " قَرْمَصيص " الرقص الذي يروق لنا

الاستاذ عبدالله الشقليني :
أود ان اشيد بهذه السباحة التي استخدمت فيهاادواتك الكاشفة لمختلف جوانب هذه الرواية التي تحيا وتتجدد وفق ديالكتيك ابداعها وشوفها المستقبلي الداخلي .ولكننا احيانا نحتاج للتبسيط -ليس المخل- عندما نستلف منها أحد شخوصها ليدعم فكرة ما في الكتابة..وفي ذلك لانكون معنيين
بالرواية في حد ذاتها بقدر ما نكون معنيين بقدرة قوة حضورها في ذهنية من نخاطب ثقافيا او
سياسيا..

قلت ذلك كي أدرأ عن نفسي هذه التهمة وعسي انك مررت علي بوست بعنوان (مصطفي سعيد يتجول في السعودية ويعيد قراءة موسم الهجرة الي الشمال..وهو بوست كان يهدف الي استلاف شخص مصطفي سعيد
..
واشكرك لانني لم اقرا هذه الرواية منذ 20 عاما علي اخر قراءة لها وهي الان ميسرة ومعها سباحتك الماهرة...

Post: #46
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 05-09-2008, 10:10 AM
Parent: #44

Quote: واشكرك لانني لم اقرا هذه الرواية منذ 20 عاما علي اخر قراءة لها وهي الان ميسرة ومعها سباحتك الماهرة...

Post: #47
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 05-25-2008, 06:34 PM
Parent: #44

Quote: قلت ذلك كي أدرأ عن نفسي هذه التهمة وعسي انك مررت علي بوست بعنوان (مصطفي سعيد يتجول في السعودية ويعيد قراءة موسم الهجرة الي الشمال..وهو بوست كان يهدف الي استلاف شخص مصطفي سعيد

Post: #45
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 05-07-2008, 05:41 PM
Parent: #1




الأستاذ / عبد اللطيف حسن علي
تحية طيبة و ود كثير لشخصكم الكريم

وإن المرء ليسعده مقدم فوارس الكَلِم وخيلهم تصهُل في البرية .
بطوافك علينا زاد الحُسن حُسنا ، وإن الرواية لكنز مُنفتح للنهل .
جلس للرواية صاحبها ذات زمان أخضر العود ، بهي الرؤى حتى استكتب كل سكناته وحركاته ،
وقبض الدُنيا الراقصة من خِصرها ،
وأدار الأزمة الراحلة مع الزمان بحذق وكثير دراية من خلال ما سطر ،
وتستحق الرواية علينا أن نسبح في مياهها ونُغسل أجسادنا بصندل بخورها

و" نجلي النظر يا صاح "

شكراً لك أن وهبتنا أكثر مما نستحق .

***


Post: #48
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: omer abdelsalam
Date: 05-25-2008, 06:41 PM
Parent: #1

اخي / عبدالله
اسمح لي باضافة هذه الصورة النادرة لصاحب الرواية العملاق الطيب صالح
يقف شامخا بزيه السوداني امام القاعة الرئيسية لمنتدى مدينة اصيلة المغربي ذات صيف



Post: #49
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 06-05-2008, 06:17 PM
Parent: #48




Quote: اخي / عبدالله
اسمح لي باضافة هذه الصورة النادرة لصاحب الرواية العملاق الطيب صالح
يقف شامخا بزيه السوداني امام القاعة الرئيسية لمنتدى مدينة اصيلة المغربي ذات صيف


تحيات زاكيات لك أخي عمر عبد السلام .
هنا بركة يستحم فيها كل وارد . يغتسل بمعرفة موطنه من مداخل القص .
وشكراً لهديتك لنا هنا

...

Post: #50
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 06-13-2008, 02:58 PM
Parent: #1




سنعود من بعد الصبر ...
ولما ينقضي الليل ..
كما قال بازرعه

Post: #51
Title: Re: السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 06-14-2008, 09:38 PM
Parent: #1




السباحة في بحـر رواية : " موسم الهجرة إلى الشمال " (12)



حُسنة بنت محمود :

إن زمانها فاغرٌ فاه الدهشة . ينظرها بعين الوَلَه المُتيَّم . تطوف رياحين حُسنة على الأزقة والبيوت الوادعة في القرية . تشرئب الأعناق تشتَم بقرون استشعارها أن زوجة الغريب مُتمهلة على فُرُش الجمال الأنثوي . للمجتمع أستاره الحديدية التي تحجب الإغراء وحلاوته بنهوض ماردٌ حال دون تهتُك الأستار ، فانطوت النفوس تتوق وتتخفى بنظرات الإستكانة للأقدار . فالزواج سترٌ مُعتَم يحجب النفائس .

من بعد الفيضان والغرق المزعوم والموت المنسوب للمفقود " مصطفى سعيد " فإن الأستار وقد هبت عليها رياح الكون وانكشفت الأنوثة التي تُقطر ندىً ، فالشهوات التي نامت بعين واحدة ترقب الآن بحذر والتي لم تكُن تبوح إلا من انفلات الرغبات الغامضة من صناديق العقول الباطنة ، وقد آن أوان التغيير وانكشفت الرغبات تنضح . انكشفت الأغطية وخرجت عقارب الشهوات تبحث عن الصيد الثمين .

إن الكون مجبول على الغرائب . تعصف بالكائنات نسمات عاشقة أو ريحٌ عاصفة تقتلع الوقار من هيبته .
إني في حيرة من أمري . أيُعقل لتلك الفتنة النائمة ألا يلحظها إلا الراوي وعجوز متصابٍ هده العُمر وأيقظت الفتنة المنكشفة رغباتٍ تخمرت في جسده . ها هو " ود الريس " يُسابق أنفاسه يُلاحق عشقه ويعجل المُراد حتى تَحسبنَه شاب في ريعان صباه .

إن استفراد الراوي " بحُسنة " ذات غُروب غامض . طفرت عيناه برغبات فادحة ، فمدَّ عينيه لمُتع الراحل " مصطفى " وهو يهتز من فرط الارتباك . نهضت المرأة الريانة وقد نفضت كل تاريخه الشهواني فتوجس ، بل أخفى خوفاً عظيماً وارتعدت فرائضه من سعير الخطر . إن الأنوثة في قمتها العالية تتوق وديانها المُنخفضة لجريان السلسبيل الفضي .

ونواصل

****