لا أفقَ للحل الآن بين السودان ودولة جنوب السودان، فالقضايا المختلف عليها وهي الحدود والنفط وأبيي، لن تحلَّ بمجموعة من المقترحات والمقترحات المقابلة والمضادة تسلم لرئيس اللجنة الإفريقية رفيعة المستوى السيد ثامبو أمبيكي، رئيس جنوب إفريقيا السابق ومعه عدد من رؤساء دول وحكومات ومسؤولين أفارقة، في تمظهر أقرب لنظام الجوديّة عندنا في مناطق مختلفة في السودان.. ولا يبدو أن تفاوضاً من هذا النوع يمكن أن يحقق نجاحاً في نزاع بين دولتين، فقد يكون مفيداً في الفترة السابقة قبل انفصال الجنوب، عندما كان شريكا نيفاشا يحتاجان لوسيط يقرِّب المسافة بينهما عند نشوء الخلافات، وجهة يلوذان بها عند احتدام النزاع حول تفسيرات نصوص الاتفاقية ويذهب كل طرف المذهب الذي يريد في تعاملاته مع قضايا العلاقة المأزومة بين الطرفين... لكن الأمر اختلف مع قيام دولة في الجنوب، فالخلافات بين الدول تحل في إطار مختلف عن الإطار الحالي رغم جدية وعظم الجهد الذي يقوم به أمبيكي ولجنته، فالقانون الدولي هو الفيصل في الخلافات الماثلة بين الدولتين في قضية النزاعات الحدودية في المناطق الأربع المختلف عليها أو منطقة أبيي التي استعصت على الحل، كما أن المعايير الدولية في عبور النفط عبر منشآت وأنابيب ومصافي ومرافق دولة أخرى، هي السبيل الوحيد لطي ملف هذا الخلاف، وسبق أن تقدم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بمقترحات حلول مبنية على دراسة علمية أخذت بالمعايير الدولية وطبيعة العلاقة بين الدول في مسائل عبور النفط ورسوم السيادية والخدمات الأخرى التي تقدمها دول العبور للدولة المصدرة. أما قضية أبيي فإن الحل الذي تبناه الاتحاد الإفريقي كمنظمة إقليمية تولت التوسط فإنه مضى في مسارين مختلفين، المسار الأول هو تأمين وتهدئة الأوضاع وتم ذلك بالتراضي على وجود القوات الإثيوبية «أربعة آلاف جندي» للحيلولة دون تفجُّر النزاع المسلح، وهو حل مرحلي مؤقت هدفه لجم الحرب ووقف أي مواجهات محتملة بعد إجلاء الجيش الشعبي ودخول القوات المسلحة المنطقة والسيطرة عليها.. أما المسار الثاني فهو الترتيبات التي تمت عبر التفاوض وكيفية استفتاء كل ساكني المنطقة حول تبعيتهم للسودان الوطن الأم، أم دولة جنوب السودان، وكان الخلاف الأرأس هو في هذه الترتيبات، ولا يمكن لأحد في السودان القبول بترهات الحركة الشعبية وما يقوله أبناء أبيي من دينكا نقوك أمثال دينق ألور حول إصدار قرار رئاسي من السودان بإرجاع أبيي للجنوب، وهو خبال وخطل ما بعده جنون، ولا يمكن حدوث مثل هذا الشيء أبداً. ومع ذلك فإن السيد ثامبو أمبيكي الذي يتجوّل ما بين الخرطوم وجوبا، للإسراع ببدء المفاوضات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اصطدم بموقف حكومي هنا في الخرطوم قوامه الملاحظات المهمة التي أبدتها الحكومة، وموقف ساذج في جوبا نطق به باقان أموم، الذي يحاول استفزاز السودانيين بقوله إن دولة الجنوب مستعدة لمساعدة الشمال بمليارات الدولارات في حال التعاون وحسم القضايا الخلافية، كأن السودان بلد متسوِّل مشرَّد وضعيف لا حولَ له ولا قوة، ينتظر عطاء دولة عمرها لم يتجاوز المائة والثلاثين يوماً فقط ..!! القضايا المختلف عليها قضايا حقيقية، وحسمها ليس بالطريقة التي تتحدث بها حكومة دولة جنوب السودان، فالمسائل الأمنية رهينة بابتعاد حكومة الجنوب من دعم عملائها في جنوب كردفان والنيل الأزرق وحركات دارفور ، والتوقف عن عمليات التحريض والاستفزاز التي تمارسها كل يوم وصبر عليها السودان صبر الحليم وقد بدأ هذا الصبر ينفد، ويعرف السودان ما الذي يمكن أن يشعل النار كلها في الجنوب ويقض مضجع قيادة هذه الدولة الطائشة. على الحكومة أن لا تذهب لمفاوضات أديس أبابا، دون أن يتحدد إطار جاد وعملي للوساطة وعدم إطالة أمد المباحثات، والتعامل مع هذه القضايا كأي نزاع بين دولتين.
اذا لماذا تباريتم في العمل من اجل فصل الجنوب بمؤتمركم الوطني ومنبركم الغير عادل وانتباهتكم يا رزيقي ان كان فصله لا يحقق السلام الذي بشرتم به مقابل الانفصال
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة