ومضيت -سيدي- حيث تمضي النسور

ومضيت -سيدي- حيث تمضي النسور


10-25-2011, 07:46 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=350&msg=1320772116&rn=0


Post: #1
Title: ومضيت -سيدي- حيث تمضي النسور
Author: Yahia Elhassan
Date: 10-25-2011, 07:46 AM

في رثاء الأمير سلطان
ومضيت سيدي.. حيث تمضي النسور
في رثاء الأمير سلطان

يحي الحسن الطاهر
ما لكلماتي تتبعثر عند رحيلك.. ممتزجة بمآق سخية التسكاب ألكوننا ..دوما هكذا حين يكف نسر عن التحليق في سماواتنا ويرحل بعيدا حيث موطن النسور ، تصيبنا دهشة ممزوجة بعجزنا الكلي عن التصديق ، ولا يبقى لنا سوى تمتمة واستعبار ، يستكين الى مقولات حفظناها عن حتمية رحيل حتى النوارس؟ فتسيل منا رغما عنا عبرات حرى ..أو تسكن هناك متحجرة في أفواف القلب ، فيشرع منا من يشرع لاهبابسياط الحرف الملتاع ظهر الورق قواف تتيبس مفاصلها وتشيخ من كثرة الرد..
رحلت سيدي ..ذاتعشق.. لمواطن النسور البعيدة ، لكي تضيف " لأسفار العروج " بعضا من عطر غيابك عنا...فمن لحرفي بخيوط مجدولة من حزن قلب ملتاع ، ومداد من دمع أراك من خلل قطراته هازئا حتى من الموت ..باسلا كفارس يزف على صليل سيوف المجد الى ربوة.. ويشرف من تخومها على حزننا مواسيا: أن لا تحزنوا من رحيلي ..فما عشت إلا عاشقا للرحيل صوب المجد.
أسرجت ليلك ...سيدي..وشمرت عن ساعديك ..لأجل شعبك ...وهاهي دموعه تشهد " أن ربح البيع يا سلطان" فلن تبتئس في ديمومتك السرمدية وبرزخك الممتد بين القبر والحشر..لن تمكث إلا هنيهة ...ثم تكمل معراج روحك.. مشفوعا بدعاء محبيك بكنف رحمن رحيم ..مع الأصفياء والمقربين: روح وريحان وجنة نعيم..
هاأنت توغل في الضياء، متواريا في غير ما صخب..ساحبا عباءتك الموشاة أطرافها بسبحات نور تتلألأ من دفق عطائك.. شلالات ضياء تعشي العيون ..وتترك في الحلق غصة.. وبين الجوانح تضرب خيام حزني لطول إقامة ..كنت سيدي ..أنشودة حب لشعبك رددها بذهول واد حزن جاف غير ذي زرع حفره غيابك في قلوبنا..ومن عجب ..أن تسري على صهوات إعصار حزننا..وبعطفك الدفاق لم تنس أن تستودع في روحنا ما يسليها ..من حضورك الذي –هازئا – بالموت يبقيك شاخصا في ما مددت من أياديك البيض مكفكفا دموع الثكالى..كنت غيمة تهمي خيرها غير آبهة بأي أرض يزهو نبت الحياة ..ملاذا آمنا أرخيت جناح الرحمة لكل الضعفاء ..لم تعتمر يوما قبعة التجاهل دونهم .. موصدا الأبواب ..أو تأوي الى جبل جاه" السلطان" من فيض جراحاتهم ..بل كنت نورس محبة ..منارة حق ...و" سلطان" قلوب.
بنيت عرشك من مرمر محبة البسطاء،ومن رمال دعوات الضعفاء شيدت قصرك.. شامخا في القلوب ، كنت تدرك ، وأنت تنثر بذور المحبة ، أن أوسع القصور وأرحبها هي قلوب الناس ..ليس فقط مواطنيك ...بل امتد عطر عطائك ذكيا كقرنفل الى كل أقطار الأرض ..شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، ومن ذا يلوم غمام عطاء يسري حيث تجري ريح دعاء الطيبين ؟
ها بك ...تحلق سيدي بعيدا ..وترحل كما الأشجار واقفا ..ومن تحتك السهل الممتد للأبدية يرتل لروحك مزامير أحزان أمة ..فليرحمك الله رحمة الأبرار ...ويسكنك فسيح جنانه مع من أجتبى وأختار ...بقدر ما قدمت ..ولينير الصبر الجميل عتمة هذا الحزن الثقيل الوطء.