أقبال رهيب وغير مسبوق لأختيار مرشح الرئاسة لليسار الفرنسي

#
حظيت الانتخابات التمهيدية، التي نظمها الحزب الاشتراكي الفرنسي، امس، من اجل اختيار مرشح اليسار لانتخابات الرئاسة، باقبال شعبي غير مسبوق، حيث شارك في «اقتراع المواطنة» هذا قرابة مليونين ونصف مليون ناخب.

وكما كان متوقعا، حل في المنزلة الأولى الامين العام السابق للحزب، فرانسوا هولند (قرابة ٤٠ بالمائة من الاصوات) متقدما علي وزيرة العمل السابقة مارتين أوبري (٣٠ بالمائة). ما يؤهلهما للتنافس في الجولة الثانية التي ستجري الأحد المقبل.
المشاركة القوية في هذه الانتخابات عدها اغلب المحللين مؤشرا على تطلع واسع لدى الفرنسيين لقطع الطريق امام ولاية ثانية للرئيس ساركوزي. وخاصة ان هذا الإقبال الكبير على الاقتراع يشكل منعطفا مفاجئا، بعد ان كانت كافة الانتخابات التي جرت منذ وصول ساركوزي الى الحكم قد شهدت نسبا قياسية من الممتنعين عن التصويت.
وحملت هذه الانتخابات مفاجأة كبيرة تمثلت في نيل المرشح أرنو مونتبور أكثر من ١٧ بالمائة من الأصوات، ليحل في المنزلة الثالثة، بحيث سيكون بمثابة الحكم بين هولند وأوبري في الجولة الثانية. والجدير بالذكر ان مونتبور يمثل تيار هامشيا في الحزب الاشتراكي الفرنسي، يناهض العولمة وينادي بالتخلي عن العملة الأوروبية المشتركة «اليورو»، ولم يكن هذا التيار يحظى في العادة بأكثر من ٥ بالمائة من اصوات الاشتراكيين. الشيء الذي يعد مؤشرا اضافيا على حجم الاستياء الشعبي حيال السياسات الليبرالية المجحفة التي تنتهجها حكومة ساركوزي، وخاصة من قبل الفئات البسيطة الاكثر تضررا من انعكاسات الأزمة الاقتصادية.
ومن مفاجآت الاقتراع أيضا تراجع مرشحة اليسار في انتخابات الرئاسة الماضية، سيغولين روايال، الى المنزلة الرابعة، حيث لم تنل سوى اقل من ٧ بالمائة من الأصوات، في حين انها فازت في الانتخابات الداخلية للحزب الاشتراكي عام ٢٠٠٧، متقدمة آنذاك على دومينيك شتروس كان ولوران فابيوس، ثم حلت في المقدمة امام نيكولا ساركوزي وفرانسوا بايرو في الجولة الاولى من انتخابات الرئاسة، قبل ان تنهزم بفارق ضئيل (اقل من ٣ بالمائة) امام ساكوزي في الجولة الثانية. والمفارقة ان روايال منيت بهذه الانتكاسة، بالرغم من أنها كانت اول من دعا الى اخضاع اختيار مرشح اليسار لاقتراع مفتوح لكل المواطنين، بعد ان كان في السابق مقتصرا على مناضلي الحزب الاشتراكي، وذلك تحت شعار المواطنة و»ديموقراطية المشاركة». الشيء الذي دفع فرانسوا هولند لتوجيه تحية تقدير لها، قائلا أن روايال بالرغم من هذا التراجع سجلت انتصارا كبيرا على الصعيد الرمزي، لأن الكثير من أفكارها صارت محل إجماع في صفوف اليسار الفرنسي.