حلت في الأيام الماضية الذكرى الثالثة والأربعين لثورة أكتوبر المجيدة . وكلما حلت هذه الذكرى العطرة يستبد بنا نحن أبناء الجيل الذي عايشها وشارك فيها حنين غامر لاستعادة أجواء تلك الفترة المشرقة من تاريخ بلادنا ، والتي ترسبت أحداثها في دواخلنا ، وتعمقت في وجداننا كالنقش في الحجر. فعلى الرغم من مضي ما يزيد على الأربعة عقود من الزمان لا تزال تتردد في أذهاننا ، داوية ومنغمة ، أصداء أناشيدها الخالدة ذات المعاني السامية ، والمعبرة عن " فرحة نابعة من كل قلب .." ، وهدير هتافاتها وشعاراتها المنتقاة بعفوية ( رغم ما في ذلك التعبير من تناقض) ، إذ أنها شعارات صاغتها العبقرية الشعبية التي رسمت للثورة خطاها وأبدعت لها مسارها . غير أننا نلاحظ بأسف أن ذكرى ثورة أكتوبر بدأت تتعرض لقدر من التعتيم وعدم الاحتفاء ؛ وكأنها تثير حساسية عند البعض من الذين يخشون انطلاق مارد الحرية والوعي والتحديث من قمقمه مجدداً كما حدث في تلك الهبة التاريخية.
لقد توحدت في أكتوبر جماهير الشعب وبادرت وأخذت زمام أمرها وفقاً لأسلوب حضاري بديع أرسى تقاليد وسوابق إيجابية للثورات البرتقالية اللاحقة . ويذكرنا المناخ العام للثورة والروح الأكتوبرية التي فجرتها - بدون مبالغة - بأجواء الثورة العالمية التي سرت وسط الشباب على امتداد العالم في نهاية عقد الستينيات من القرن الماضي ، تغذيها أجواء التحرر الوطني في إفريقيا وآسيا، وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، ومقاومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ورفض الحرب في فيتنام، وحركة المطالبة بالحريات في دول شرق أوروبا . إن تلك الهبة الوطنية الجسورة والرائعة تستدعي قدراً من التوقف للتقييم والتعلم واستقاء الدروس ، بهدف تصحيح مسارنا الوطني .
كثيراً ما يثير لنا أبناء الجيل الحديث التساؤلات حول كيف نجحت الثورة ذلك النجاح الباهر، ومن أين لجماهير أكتوبر تلك الإمكانية التنظيمية الخلاقة ، والقدرة على الوصول إلى الأهداف بتلك الكفاءة المشهودة وفي ذلك الزمن القياسي ؟ ومن وراء تلك التساؤلات يلوح شغف هؤلاء الشباب وتطلعهم إلى تحقيق طموحات الوطن في الوحدة الوطنية والتنمية والتقدم من خلال هبة شعبية يتوفر لها مثل ذلك الدفع والعنفوان الأكتوبري.
بكل تأكيد سيظل التقييم العلمي لثورة أكتوبر مطلوباً ؛ ويقع عبء الاضطلاع بتلك المهمة على عاتق المؤرخين الوطنيين من الذين يتمتعون بالمعرفة والمقدرة ، ويتميزون بقدر عال من الموضوعية والتجرد ، خاصة وأنه - وللمفارقة- أن من عملوا على تفريغ ثورة أكتوبر من مضامينها ، أصبحوا هم أكثر الناس ادعاء لبطولاتها ، وأكثرهم ترويجاً للزعم الزائف أنهم من صناعها !
في محاولتي تقديم إضاءة حول تساؤلات جيل الشباب تلك ، لا أدعي شمولاً أو مؤسسية في التناول ؛ بل ما أقدمه يمثل رؤية وانطباعات واحد من أبناء جيل أكتوبر الذين عايشوا الثورة في أوجها واصطلوا بوهجها ، وتسنت لهم المشاركة الفاعلة في مؤسسات المجتمع المدني التي أدت تراكمات نضالها المنظم والمستمر إلى النتيجة الباهرة المتمثلة في تلك الهبة الشعبية العظيمة ، وأعني بذلك تمتعي بشرف عضوية لجنة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم خلال السنوات الثلاث الحافلة التي سبقت أكتوبر ( 1961-1963 ) ( ترأس الاتحاد خلال هذه السنوات كل من : علي محمود حسنين - علي نور الجليل - يوسف حسين ). ولعل في انطلاقة شرارة الثورة من جامعة الخرطوم تتويجاً منطقياً للدور الريادي الذي ظلت تضطلع به اتحادات طلاب الجامعات والمعاهد العليا والمدارس الثانوية في العمل المعارض للحكم العسكري الأول- بالإضافة لدور الأحزاب السياسية والنقابات المهنية.
أخرج قليلاً من السياق لتناول موضوع ذي صلة بالتوثيق لتلك الثورة الخالدة . فقد زارني قبل عشرين عاماً الأخ الصحافي محمد سعيد محمد الحسن ، وعرفني بأنه يرغب في التوثيق لثورة أكتوبر ، وطلب مني إلقاء الضوء ، بأكبر قدر من التفصيل الذي تسمح به الذاكرة ، على المذكرة السياسية التاريخية التي قدمها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم واتحاد طلاب المعهد الفني ( جامعة السودان ) للحكومة في الثامن من نوفمبر 1961م مطالبين فيها ، باسم الطلاب وباسم شعب السودان ، برجوع الجيش إلى الثكنات وإعادة الديمقراطية والبرلمان وإطلاق الحريات العامة . أحدثت المذكرة تأثيراً إيجابياً عظيماً على معنويات الشعب ، ومن الناحية الأخرى أصابت هيبة الحكم وقبضته الحديدية في مقتل ، خاصة مع قرب تاريخ الاحتفال بذكرى الانقلاب العسكري في 17 نوفمبر ، إذ أن ما احتوت عليه المذكرة من مطالب ما كان قادة الحكم يتوقعوا أن يجدوه مكتوباً حتى في المنشورات السرية للمعارضة ، ناهيك عن أن يضمن في مذكرة مكتوبة ، وباسم شعب السودان ، وتسلم إلى ممثلي السلطة في رئاسة مجلس الوزراء ! لذا فقد كان تجاوب السلطات معها بإرسالنا نحن أعضاء لجنتي اتحادي طلاب جامعة الخرطوم والمعهد الفني (حاملي المذكرة) إلى سجن كوبر لنقضي فيه عدة أشهر ، لم نخرج منه إلا عندما تمت تصفية جميع المعتقلات إثر الإضراب عن الطعام الذي امتد لعدة أيام ، وانتظم فيه المعتقلون من فصائل المعارضة من طلاب ونقابيين وأحزاب ، وشارك فيه المعتقلون في مختلف سجون السودان ، ومن بينهم زعماء الأحزاب الذين كانوا معتقلين في ناقشوط ؛ وكان الإضراب عن الطعام في حد ذاته عملاً سياسياً كبيراً من أنشطة المعارضة تم تنظيمه بدقة وكفاءة ؛ وظل المواطنون يتابعون أخباره متابعة لصيقة ومتواصلة ، ويعبرون بمختلف الوسائل عن تعاطفهم مع المعتقلين المضربين ومؤازرتهم لهم ، خاصة وأنهم كانوا يخشون من تأثير الإضراب على صحة زعماء المعارضة ممن هم في مرحلة عمرية متقدمة وأحوال صحية هشة. وشاركتهم السلطات أيضاً تلك المخاوف! وذلك حيث أن العواقب السياسية لم تكن لتحمد في حالة حدوث مكروه لأي منهم .
شكرت الأخ محمد سعيد على مبادرته وحرصه على التوثيق لثورة أكتوبر ، وحمدت لهه نهجه السليم المتمثل في الرجوع بالتوثيق لها إلى رصد مختلف أوجه النضال من أجل استعادة الديمقراطية منذ الاعتداء عليها في نوفمبر 1958م ، أو على الأقل تسجيل المعالم الرئيسية لذلك النضال ، والتي تمثل تلك المذكرة التاريخية واحدة من أبرزها . وذكرت له أن ذلك النهج في تقديري تصحيح للفهم القاصر الذي يعتبر أن التوثيق لأكتوبر يبدأ من ليلة الحادي والعشرين من أكتوبر 1964م . ( حيث جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ تلك المقابلة ، لا أعرف ما آلت إليه جهود الأخ محمد سعيد محمد الحسن في التوثيق لثورة أكتوبر ؛ آمل أن تكون قد كللت بالنجاح ، وقد عرفت أنه وثق لاتفاقية الميرغني قرنق) .
آمل أن أتعرض في حلقات قادمة من هذه الأوراق الأكتوبرية لتفاصيل موضوع المذكرة هذا ، وما أعقبه من شهور قضيناها في زنازين البحريات ؛ وللحديث عن اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في تلك الفترة ودوره المبادر في القضايا القومية الذي أكسبه ثقة واحترام جميع فئات الشعب ، وبشكل خاص دوره في تدعيم الوحدة الوطنية بين الشمال والجنوب . كما آمل أن أتعرض أيضاً لبعض الأحداث الهامة المرتبطة بتلك الثورة الخالدة التي مهرها الشهداء بدمائهم الزكية ؛ وبعض المواقف الطريفة أيضاً ( والتي يدور معظمها حول زميلنا في لجنة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم / صديقنا العزيز خوجلي عبد الرحيم أبوبكر (عليه رحمة الله) ، والذي كان يتمتع بروح الفكاهة الراقية Refined sense of humor؛ وهو الذي حزن لمصادرة قلمه ضمن إجراءات الاعتقال في اليوم الأول ، إذ أنه كان ينوي أن يكتب به تاريخ الإنسانية في أثناء فترة السجن الطويل المرتقب ! وظل "تاريخ الإنسانية" موضوعا للدعابة وإثارة الذكريات كلما جمعتنا مناسبات اجتماعات مؤسسات التمويل العربية مع العزيز خوجلي بعد سنوات عديدة من تلك الوقائع والأحداث - رغم أننا حقيقة نثق في أن الخلفية الثقافية العريضة التي يتمتع بها الأخ (أبو الجاز) كانت تؤهله لتنفيذ ذلك المشروع الطموح !).. ونعود إلى السياق .
إن الفهم السليم لثورة أكتوبر ولمبادئها التي ترسبت بعمق في وجدان شعبنا يتم باستيعاب الخلفيات التاريخية لتلك الحقبة الزمنية . ونستطيع أن نوجز أبرز مكونات المناخ الفكري والسياسي العام المصاحب لتلك الفترة سودانياً وإقليمياً وعالمياً في النقاط التالية :
- فجر الاستقلال الوليد آمالاً عريضة وألهب تطلعات مشروعة نحو تحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية طموحة . - بروز جيل جديد في قيادة العمل الوطني بدأ في حمل الراية بعد جيل مؤتمر الخريجين متميز بالوعي وله الرغبة والمصلحة في إحداث تغييرات إيجابية في حياة المواطنين من خلال تنظيم الجماهير وتزويدها بالثقة . - تبلور الوعي بوحدة البلاد ، ومعالجة قضية جنوب الوطن حلاً سياسياً . - نشأة التنظيمات الإقليمية المطالبة بالتنمية المتوازنة . - بروز الحركة النسوية والدور الإيجابي للمرأة في المجتمع . - انخراط الفئات الحديثة ( العمال والمزارعين والمهنيين ) في التنظيمات النقابية . - ازدهار الحركة الثقافية والانفتاح على الفكر العالمي . - انتشار الوعي السياسي بأهمية استدامة الديمقراطية كنظام للحكم قادر على تحقيق أهداف النهضة المنشودة ( لقد وئدت تجربة الحكم الديمقراطي بعد عامين فقط من الاستقلال ).
وعلى المستويين الإقليمي والعالمي تميزت تلك الفترة ببلوغ حركة التحرر الوطني أوجها وتحقيق استقلال معظم الدول الإفريقية؛ وبروز حركة عدم الانحياز بقياداتها التاريخية ( تيتو - نهرو - جمال عبد الناصر) إثر مؤتمر باندونج؛ وتضامن السودانيين مع ثورة التحرير الجزائرية ، ومع الشعب الفلسطيني ، ومع الشعوب الإفريقية والآسيوية وقادتها الوطنيين من أمثال جومو كنياتا - باتريس لوممبا - نلسون مانديلا - كوامي نكروما - أحمد سيكوتوري - سيمورا ميشيل - هوشي منة - أحمد سوكارنو .
ولكي نسترجع بعضاً من وهج تلك الفترة الزاهية ونستنشق أريجها ونعيش مجدداً في أجواء المجد والبطولة ، ننعش نفوسنا بهذه الكلمات المضيئة والمتفائلة من قصيدة الشاعر المبدع تاج السر الحسن " آسيا وإفريقيا ":
عندما أعزف يا قلبي الأناشيد القديمة
ويطل الفجر في قلبي على أجنح غيمة
سأغنى.. آخر المقطع للأرض الحبيبة
للظلال الزرق في غابات كينيا والملايو
لرفاقي في البلاد الآسيوية
للملايو ولباندونق الفتية..
أو بهذه الأبيات من الفولكلور السوداني النابضة بالتضامن الصادق مع قضايا الشعوب :
( يا جنى الماو ماو بحبك حبي يعلم بيه ربك ! ) و
( الله لي كوريا يا شباب كوريا ) !
Post: #2 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: ابراهيم الكرسنى Date: 11-06-2007, 03:07 AM Parent: #1
تحياتى للأخ الفاضل عبد المنعم أعتقد أن ا" أوراق أكتوبرية" ، حين اكتمالها، ستصبح أحد المراجع المهمة للشباب الذين يسمعون فقط بهذا الإنجاز المميز للشعب السودانى،لأنها كتبت بواسطة أحد صناعها. و مما سيجعل هذه الأوراق أكثر تشويقا هو الأسلوب الأدبى الرفيع الذى يكتب به الأخ عبد المنعم،فهو أديب مطبوع ضل طريقه الى عالم الإقتصاد !! أبراهيم الكرسنى
Post: #3 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: عمار زكي Date: 11-06-2007, 07:36 AM Parent: #1
أحييك وأشكرك أخي وأستاذي الفاضل /عبدالمنعم خليفة وأرجوك بقوة أن تواصل هذا الدور الرائد وبهذا الأسلوب الأدبي الرائع في التوثيق لواحدة من أعظم الثورات العربية المعاصرة بموضوعية وتجرد كما أشرت وجزاك الله عن الأجيال خيرا. فكم نحن في حاجة مآسة لتوثيق مسيرتنا السياسية حتى لمجرد العلم والحقيقة والتأريخ. أمدك الله أستاذي عبدالمنعم خليفة بموفور الصحة والعافية لمواصلة المشوار.
Post: #4 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: julia shawqi hamza Date: 11-06-2007, 09:52 AM Parent: #3
الأستاذ الفاضل /عبد المنعم خليفة خوجلي لك التحايا و الود في صباح يوم 21 اكتوبر 2007 أول ما فعلت هو أن تصفحت جرائد الصباح على الآنترنت آملا في أن أقرأ في صفحاتها الأولى شيئا عن أكتوبر الحزين ، طفلنا الذي جرحه العدا،فحزنت. قضيت يومي حزينا و في المساء توجهت الى الى النادي الثقافي للجالية السودانية و سألت ولم أجدمن يذكر هذا التاريخ فذهلت . عدت أدراجي الى المنزل و أغلقت غرفتي و بدأت في غناء الاكتوبريات وحدي ما استطعت و تعبت.. و لجأت الى شرائط الفيديو الخاصة بالاكتوبريات و بكيت ... و منذ ذلك اليوم الحزين ما ارتويت ألآ اليوم يا صديقي عبد المنعم ، و ليتني لجأت اليك ذاك اليوم... أرجو أن تواصل السرد الجميل باسلوبك المميز و هذا أضعف الايمان في عصر الانحطاط الفكري الذي يعيشه وطننا الحزين.
Quote: الأستاذ الفاضل /عبد المنعم خليفة خوجلي لك التحايا و الود في صباح يوم 21 اكتوبر 2007 أول ما فعلت هو أن تصفحت جرائد الصباح على الآنترنت آملا في أن أقرأ في صفحاتها الأولى شيئا عن أكتوبر الحزين ، طفلنا الذي جرحه العدا،فحزنت. قضيت يومي حزينا و في المساء توجهت الى الى النادي الثقافي للجالية السودانية و سألت ولم أجدمن يذكر هذا التاريخ فذهلت . عدت أدراجي الى المنزل و أغلقت غرفتي و بدأت في غناء الاكتوبريات وحدي ما استطعت و تعبت.. و لجأت الى شرائط الفيديو الخاصة بالاكتوبريات و بكيت ... و منذ ذلك اليوم الحزين ما ارتويت ألآ اليوم يا صديقي عبد المنعم ، و ليتني لجأت اليك ذاك اليوم... أرجو أن تواصل السرد الجميل باسلوبك المميز و هذا أضعف الايمان في عصر الانحطاط الفكري الذي يعيشه وطننا الحزين.
أخوك / شوقي حمزة ( أو فريد كما يحلو لك)..
الاخ شوقى سلام لقد انتابنى و بعض الاخوة ببلجيكا نفس الشعورولكن قبل 21 اكتوبر2007 و عليه راينا ان نحتفل بذلك وقد اقمنا احتفالا متواضعا بمدينة جنت البلجيكية فى 21 اكتوبر 2007
وكانت فرحة الشباب الذين لم يعاصروا او حتى يلمو بماجرى كبيرة حيث اطلعناهم علي الحدث وكان بعضنا من شارك فى اكتوبر 1964 و انشدنا الاناشيد الشكر للاخ بكري و الاخ عبد المنعم للنشر و اقترح ان نحتفل من خلال المنبر سنويا بذلك كبار بلجيكا[/
Post: #6 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-07-2007, 06:29 AM Parent: #5
الإخوة الكرام الأعزاء د. كرسني - عمار زكي - شوقي حمزة - كبار
لكم أزكى التحية وأجزل الشكر على كلماتكم الودودة وثنائكم على مساهمتي المتواضعة في إحياء ذكرى ثورة الشعب الخالدة ، والتي هدفت من ورائها إلى تزويد الأجيال المعاصرة بالثقة .. المجد والخلود لشهداء أكتوبر الأبرار . وبهذه المناسبة يا د. كرسني نشكر لك تناولك قبل شهور في سلسلة شيقة بعض الذكريات عن فترة انتفاضة أبريل - الهبة الشعبية التوأم لأكتوبر. والشكر لك يا أخ عمار مصحوباً بالتقدير للجهود التي تبذلونها (أنت وزملاؤك في مجلس إدارة النادي الاجتماعي للجالية السودانية بمسقط ) من أجل إثراء حياتنا الثقافية والاجتماعية . والتحية لك والإعجاب بك أيها المثقف والفنان النوبي الشامخ شوقي حمزة ، وأنت وأبناؤك - حفظهم الله - تغمروننا دوماً بالطرب والفرح وكل ما هو جميل . محاضرتك عن " الموسيقى والتطور الحضاري " في الأسبوع الماضي كانت رائعة، وكذلك التقديم الممتاز من الأخ الأديب الأستاذ / الزاكي عبد الحميد .. أرجو أن لا تبخلا بهما على منبر سودانيزأونلاين . والتحية لك من على البعد يا إبن جيل البطولات الوفي للذكرى الأخ كبار . وهنيئاً لك ولزملائك ببلجيكا احتفالكم بأكتوبر وسعادتكم وطربكم لأناشيدها التي هي غذاء للروح . وأجدني أساند اقتراحكم بالاحتفال بذكرى 21 أكتوبر سنوياً من خلال المنبر، وأن يتم الإعداد الجيد لذلك ( مقالات - صور - U Tube - أناشيد )
الدافع للكتابة وأنا أواصل هذه السلسلة من "الأوراق الأكتوبرية" ، والتي آمل أن أتناول من خلالها أحداثاً وتطورات اجتماعية مصاحبة لثورة أكتوبر مضى عليها ما يقارب نصف القرن ، أود أن أؤكد أن الدافع من وراء الكتابة ليس هو مجرد الرغبة في الاستمتاع الشخصي وإمتاع أبناء جيلي باستعادة ذكريات عذبة عن فترة الشباب الزاهية في سني الستينات من القرن الماضي ( وإن كانت تلك رغبة جديرة بالإشباع، خاصة وأن الفترة التي تغطيها هذه الأوراق الأكتوبرية هي السنوات التي تم التوافق على الإشارة إليها بـ " الزمن الجميل " و " الفترة الذهبية في تاريخ السودان الحديث" ! ). بل أن دافعي للكتابة عن " أكتوبر " - كما أسلفت - هو إلقاء الضوء على تلك الثورة العظيمة التي لم تكتمل ، باستعادة أجوائها وبعض أحداثها الهامة ، وذلك أساسا لفائدة الأجيال الشابة التي لم تعاصرها ، وفي محاولة لاستخلاص الدروس والعبر من النجاحات والإخفاقات التي صاحبت مسيرتها ؛ وهي دروس - إذا ما أحسن استيعابها- يمكن أن تسهم في تصحيح المسار ، ومن ثم المضي قدماً على طريق إنجاز الطموحات الوطنية .
اتحاد طلاب جامعة الخرطوم أخصص هذه الحلقة من "الأوراق الأكتوبرية " لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، والذي ارتبط اسمه بثورة أكتوبر ارتباطاً قوياً وباقياً ، ليس فقط للدور البارز للاتحاد في العمل السياسي الذي أدى أخيرا إلى إسقاط الحكم العسكري ، بل لأن الاتحاد ظل يمثل ويعبر عن أشواق وطموحات ثوار أكتوبر من الفئات الاجتماعية الحديثة . وبمثل عدم جواز اختزال دور اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في جانب العمل السياسي المعارض الذي اضطلع به ، فلا يجوز كذلك أن تقتصر النظرة لثورة أكتوبر فقط على نجاحها في إسقاط النظام السياسي ؛ وذلك لأن الأجندة الأكتوبرية أكبر وأشمل من ذلك ، إذ أن استعادة الديمقراطية كانت واحدة فقط من تلك الأجندة.
في تلك السنوات الأولى من الاستقلال كان الجميع يرى في جامعة الخرطوم منارة مشعة قادرة على الإسهام العلمي في تحقيق النهضة التي يتطلع إليه شعب السودان . وكان طلاب الجامعة والمعاهد العليا يمثلون الأمل والمستقبل الواعد الذي يرنو إليه أبناء الوطن وينشدونه تحت ظل السودان المستقل . ولقد أمدت هذه الثقة التي وضعها الشعب في طلاب الجامعة حافزاً لأن يجد اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في بلورة الرؤى الجديدة واستيعاب التحديات السياسية والاجتماعية التي أصبحت أكثر بروزاً مع الاستقلال ؛ وأن يحسن استيعاب تأثيرات المناخ العالمي السائد آنذاك ، والذي كان يحفه الصراع العالمي تحت ظل الحرب الباردة ، وتمور فيه حركات التحرر الوطني في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية . نتيجة لتلك الثقة ، ومعايشة لحركة المجتمع ، وتجاوباً مع الظروف العالمية المتجددة، تكونت لدي طلاب الجامعة والمعاهد العليا والفئات الحديثة في المجتمع تصورات جديدة لتطور السودان ، مختلفة عن تلك التي كانت لدي الجيل السابق الذي حمل لواء العمل السياسي والاجتماعي حتى الاستقلال .
الدور الفكري والثقافي كانت النظرة للدور الذي يمكن أن تضطلع به جامعة الخرطوم مستمدة من إمكانية توظيف مناخ الاستنارة وحرية الفكر السائدة فيها من أجل التصدي للقضايا القومية الكبرى ، وتدعيم مقدرات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى في هذا الجانب . وكانت الأحزاب قد بدأت في تعزيز وتطوير برامجها بما يتواءم مع متطلبات التعمير والتنمية الاجتماعية ، خاصة وأن تلك البرامج كانت متركزة في مهام التحرير وتحقيق الاستقلال ؛ ولقد حققت التنظيمات الفئوية تقدماً مناسباً فيما يتعلق بالتنظيم ووضوح الرؤيا . لذلك ظلت دار اتحاد طلاب جامعة الخرطوم تشهد حيوية دافقة وهي توظف منابرها لبحث القضايا القومية الكبرى مثل : الوحدة الوطنية - النهضة الثقافية – التنمية الإقليمية المتوازنة - الدستور الدائم ألخ . ومما يجعل من دار الاتحاد مكاناً مناسباً لعقد الحوار حول هذه المسائل الحيوية أنها تتوفر فيها الأجواء الملائمة للبحث الموضوعي بعيداً عن الاستقطاب الحزبي .
كذلك كانت للاتحاد إسهامات عظيمة في الساحة الفكرية والأدبية ؛ حيث كانت الجمعيات المختلفة التابعة للاتحاد المختصة بالآداب والفنون تضطلع بأنشطة متنوعة ( الشعر - النقد الأدبي - القصة - الفن التشكيلي - الموسيقى - المسرح ) . ولقد نجح الاتحاد في توظيف القدرات الخلاقة للأساتذة والعلماء الذين كانت تزخر بهم الجامعة وتحويلها إلى مصدر إثراء للحركة الأدبية السودانية . فلقد كانت كلية الآداب في نهاية عقد الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي تعج بكبار الأدباء العرب منهم الدكتور إحسان عباس ، والدكتور عبد المجيد عابدين ، والدكتور محمد النويهي؛ إلى جانب كبار الأساتذة السودانيين - الدكتور عبد الله الطيب - الدكتور عزالدين الأمين - الدكتور مصطفى عوض الكريم - الدكتور معتصم المجذوب . وهكذا نجح الاتحاد في أن تصبح الجامعة منارة يمتد إشعاعها للمجتمع ، ولا يقتصر عطاء أساتذتها ومشاركات طلابها على قاعات المحاضرات فقط .
استقلال الجامعة وحصانة الحرم الجامعي نشأ اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في ظل تقاليد راسخة من احترام لاستقلال الجامعة، وإقرار بالحصانة التي ينبغي أن تتوفر للحرم الجامعي . وكانت تلك التقاليد مستمدة من قناعة بأن الحرية الفكرية هي قوام التعليم الجامعي . ونبع من تلك التقاليد الاعتراف بدور اتحاد الطلاب ، ومن ثم النص عليه في نظام الجامعة . فالاتحاد هو المنظم لكافة أوجه النشاط الطلابي والمشرف عليها ، وهو الممثل للطلاب في بحث الموضوعات المتعلقة بحقوقهم مع الإدارة . وللاتحاد ميزانية مخصصة من قبل الجامعة ، وله مكاتب وموظفين – وهنا أتوجه بالتحية والتقدير للأخ العزيز محمد النعيم مهيد الذي عمل أميناً عاماً للاتحاد لسنوات طويلة تميز عمله خلالها بالإخلاص والكفاءة العالية ؛ آملاً أن يتمكن ( ود الشفيع – كما كان يسميه البعض ) من توثيق المسيرة التاريخية الحافلة للاتحاد ، فهو ذاكرته الوقادة .
قيام جامعة الخرطوم وسودنة الإدارة تأسست جامعة الخرطوم في نفس عام الاستقلال (1956) ، بعد أن تحولت من كلية الخرطوم الجامعية ؛ وتمت سودنة وظيفة مدير الجامعة ، حيث حل الأستاذ المربي نصر الحاج علي – أول مدير وطني للجامعة - محل مستر جرانت ؛ ووظيفة مسجل الجامعة ، حيث حل الأستاذ المربي محمد المرضي جبارة محل مستر ولشر . وكانت تلك تطورات هامة استقبلها الطلاب بالبشر والتفاؤل . من جانبها عبرت الإدارة الجديدة عن حرصها على مد جسور التعاون مع اتحاد الطلاب ، والاعتراف به، وتعزيز الثقة فيه ، والتأكيد على دوره المشارك في وضع تقاليد جديدة للحياة الجامعية ، وإشراكه في إبداء الرأي - ليس فقط في القضايا التي تهم الطلاب وعلاقتهم بإدارة الجامعة - بل في القضايا الوطنية ذات الطبيعة القومية كذلك . كما عبرت الإدارة عن رضائها وفخرها للاحترام الملموس الذي يحظى به الاتحاد من مختلف الفئات والتنظيمات الوطنية. وكان الاتحاد معتزاً بعلاقات التعاون التي تأسست مع إدارة الجامعة ، وحريصاً على أن يعطي ما لقيصر لقيصر - بأن لا يتدخل في النواحي التي هي من صميم اختصاص الإدارة ، كالمسائل الأكاديمية والإدارية . كنا في قيادة الاتحاد نقبل أن تعامل الإدارة الطلاب على أنهم طلاب الجامعة ، ونعاملهم نحن كأعضاء الاتحاد!
التمثيل النسبي لكي يتمكن الاتحاد من أداء مهامه الكبيرة - التي أشرت إلى جانب منها - بفعالية ابتدعت الفئات السياسية نظام التمثيل النسبي ، وتوافقت ، رغم الصراع القائم بينها ، على أنه أفضل من سيطرة اتجاه سياسي وفكري واحد على الاتحاد وفقاً للنظام القائم على الأغلبية المطلقة . لقد صان التمثيل النسبي الوحدة الطلابية وكفل المشاركة في إدارة أنشطة الاتحاد لمختلف المجموعات الطلابية مهما صغر حجم عضويتها . كذلك نجح التمثيل النسبي في كبح جماح حدة الاختلافات والاحتكاكات العقائدية التي كان من شأنها أن تعصف بالوحدة الطلابية المطلوبة بشكل خاص في ذلك الوقت . كما نجح التمثيل النسبي أيضاً في إرساء تقاليد من التعاون والعمل المشترك والاحترام المتبادل.
من طرائف تلك الفترة أنه نظراً لأن عدد طلاب الجامعة في أوائل الستينات كان يقدر بحوالي ألف طالب ، ووفقا لنظام التمثيل النسبي كان في مقدور أي قائمة يساندها 25 طالباً أن تمثل بمقعد في المجلس الأربعيني للاتحاد . وهذا ما حدث لـ " الجبهة المتحدة " ، وهي تنظيم صغير ، لكنه كان يشارك بحيوية في أنشطة الاتحاد ؛ وكان من أعضائه الأصدقاء بركات محمد مضوي ، ومأمون إبراهيم حسن ، والفاضل نائل، وحسين السمحوني وآخرين . من الطريف أن هذا الاسم الضخم " الجبهة المتحدة " قد جر على هؤلاء الأصدقاء مشكلات نتج عنها حلولهم ضيوفاً على كوبر وبقاءهم فيه شهور عددا ! فقد استنتجت الأجهزة الأمنية آنذاك من الاسم أن تلك هي الجبهة المتحدة العريضة التي تنضوي تحتها مختلف الأحزاب والتنظيمات المعارضة لنظام الحكم ! ولذلك جاء اعتقال قادتها سابقا لاعتقال لجنتي اتحاد الجامعة والمعهد الفني - الذي سبقت الإشارة إليه . ونحن نستعيد هذه الذكريات العزيزة أود أن أتوجه بالتحية لهؤلاء الأصدقاء والشكر لهم على استقبالهم لنا بالحفاوة والترحاب في المدرسة والغربيات والشرقيات التي كانوا فيها سياد بيت ! ومعذرة إن جاء الشكر متأخراً نصف قرن !
العلاقات الخارجية للاتحاد العلاقات الخارجية التي أسسها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم فتحت له آفاقاً رحبة مكنته من الإطلاع على تجارب مفيدة ، ومن التفاعل الإيجابي مع الحركة الطلابية العربية والإفريقية والعالمية، والتعريف على نطاق واسع بالسودان وإرثه الحضاري ورؤاه المستقبلية. وفي ظل مناخ الحرب الباردة السائد آنذاك ، حرص الاتحاد على حياده ؛ ولذلك أقام علاقات مع كلا الإتحادين الطلابيين العالميين IUS & COSEC والمشاركة في فعالياتهما . وقد أكسبت تلك الحيادية KUSU) ) Khartoum University Students Union احتراماً خاصاً . وظل الاتحاد يتلقى عددا معتبرا من المنح الدراسية الخارجية كل عام من كلا الإتحادين ، كان يوظفها بشكل رئيسي لصالح الطلاب المفصولين لأسباب تتعلق بنشاطهم الطلابي من الجامعة أو المعاهد العليا الأخرى . كان اختيار من يمثل الاتحاد في أي من الفعاليات الخارجية من بين أعضاء الاتحاد يتم وفق معايير موضوعية ، وبتناوب بين المجموعات الطلابية الممثلة في اللجنة التنفيذية ؛ وكان الجميع يحترم تلك المعايير وذلك التناوب . أنني أعتز بأن أتاحت لي تلك المشاركات الخارجية في المرات التي تشرفت فيها بتمثيل KUSU) ) فرص لقاءات وحضور مناسبات تاريخية ، مثل اللقاء بالجزائر مع الرئيس أحمد بن بيلا في العام الأول لانتصار الثورة وتحقيق الاستقلال (1963) ؛ وتحية المناضلة جميلة بوحيرد التي ( لم تبلغ سن العشرين واختارت جيش التحرير) ؛ والمشاركة في مؤتمر الاتحاد العام لطلاب نيجيريا في إبادان ؛ وحضور جلسة في البرلمان الغاني في عهد الرئيس أوساجيفو كوامي نكروما ؛ ومصادفة زيارة موسكو في نفس يوم انطلاقة فالنتينا تريشكوفا للفضاء الخارجي !
الوحدة الوطنية كان الاتحاد يرى أن الجامعة - بما تزخر به من وعي واستنارة يمكن أن توفر أجواء صحية تزدهر فيها العلاقات الطيبة المؤسسة على الإخاء والاحترام المتبادل بين أبناء الوطن من مختلف المناطق . وحيث أن طلاب اليوم هم قادة المستقبل ، فأن زرع الثقة وعلائق الإخاء فيما بينهم في سنوات الدراسة الجامعية سوف يأتي أكله مستقبلاً وينعكس إيجاباً على وحدة الوطن . في نفس الوقت كنا مدركين لأن الظروف السلبية السائدة ، والحساسيات القائمة ، وعدم الثقة المتولد عن الحرب الأهلية التي استعرت في جنوب الوطن قبل سنوات ( آنذاك ) أي منذ عام 1955م ، كلها عوامل تعيق النوايا الحسنة والجهود الخيرة التي يمكن أن يقودها الاتحاد لتأسيس العلاقات الطبيعية بين أبناء الوطن . وللأسف حصدت الحرب الأهلية في تلك الفترة بابيتي الطالب بكلية البيطرة، وزميلنا في المجلس الأربعيني للاتحاد ، والذي كان يتمتع بقدر كبير من الحيوية والوعي والإيمان بوحدة السودان ؛ وتأثرت المساعي الخيرة مفسحة المجال لأجواء التوتر واهتزاز الثقة . وهكذا ظلت موضوعات الوحدة الوطنية وسيادة روح وثقافة السلام والمعالجة السياسية السلمية لقضية جنوب الوطن على رأس أولويات الاتحاد . وسيراً على هذا النهج كانت ندوة الحادي والعشرين من أكتوبر ، وكان انعقاد مؤتمر المائدة المستديرة في الفترة اللاحقة .
Post: #8 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: jini Date: 11-20-2007, 06:07 PM Parent: #7
Quote: الأستاذ الفاضل /عبد المنعم خليفة خوجلي لك التحايا و الود في صباح يوم 21 اكتوبر 2007 أول ما فعلت هو أن تصفحت جرائد الصباح على الآنترنت آملا في أن أقرأ في صفحاتها الأولى شيئا عن أكتوبر الحزين ، طفلنا الذي جرحه العدا،فحزنت. قضيت يومي حزينا و في المساء توجهت الى الى النادي الثقافي للجالية السودانية و سألت ولم أجدمن يذكر هذا التاريخ فذهلت . عدت أدراجي الى المنزل و أغلقت غرفتي و بدأت في غناء الاكتوبريات وحدي ما استطعت و تعبت.. و لجأت الى شرائط الفيديو الخاصة بالاكتوبريات و بكيت ... و منذ ذلك اليوم الحزين ما ارتويت ألآ اليوم يا صديقي عبد المنعم ، و ليتني لجأت اليك ذاك اليوم... أرجو أن تواصل السرد الجميل باسلوبك المميز و هذا أضعف الايمان في عصر الانحطاط الفكري الذي يعيشه وطننا الحزين.
أخوك / شوقي حمزة ( أو فريد كما يحلو لك)..
الأخت جوليا شوقى ذات الاحساس بالمرارة الذى دهمنى محمد المكى ابراهيم وهاشم صديق والفيتورى وتاج السر الحسن وجيلى عبالرحمن! ذلك الغناء العاطر مع الريح الذى يختال الهوينا! التحية لك يا منعم ولجيل الغابة والصحراء الذين صاغوا وجداننا الوطنى خلو الصحف من الاحتفال باكتوبر وابريل معلوم فنظل نحن عشاق الحرية يمثل لنا اكتوبر وابريل احلاما وردية بينما يمثلان للجلاد كوايبس العدل والقصاص التى تؤرق جفونهم وتغض مضاجعهم شكرا منعم شكرا بكرى لمشاركتنا ذلك الزمن الجميل والذكرى العطرة! جنى
Post: #9 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: محمد المرتضى حامد Date: 11-20-2007, 07:50 PM Parent: #8
Quote: وللمفارقة- أن من عملوا على تفريغ ثورة أكتوبر من مضامينها ، أصبحوا هم أكثر الناس ادعاء لبطولاتها ، وأكثرهم ترويجاً للزعم الزائف أنهم من صناعها !
وهذا حال سيستمر ما ظلت الشمس تأتي من المشرق ولعله لا يغيب عن البال أن ذات السيناريو تكرر في إنتفاضة أبريل من جانب من كانوا في سدة الحكم وسدنته قبل سويعات من سقوط المشير.
أستاذنا الجليل عبدالمنعم،
تندر الكتابات التوثيقية في المنبر وبحق شخصي الضعيف سعيد بأن يكون من عضوية المنبر في (مسقط)
شخصكم الموثق لمدينة الأبيض في أول مشاركة لكم ويكون د. أحمد القرشي من الموثقين للحقيبة كأول
مشاركة له ومازال البوست الخاص به عالي الإغلاق كمزيج برنت كما قال د. طراوه الذي افترع بوست توثيقي
طويل النفَس عن الأغنية السودانية لتسجل عضوية مسقط على قلة عضويتها (هاتريك) جميل وهاهو ذا
عمار زكي يوثق لتوتي وقضاياها وهويتها ، على حد تعبيره ، ولاشك أن الزاكي عبدالحميد يهيئ أمره
لتوثيق خامس إذا وجد متسعا من الوقت خارج ترتيب المحاضرات الثقافية للنادي.
ما يهم هنا يا سيدي الكريم أن أكتوبر كاي نجاح له آباء كُثر وأما الفشل فهو يتيم كما علمنا
التاريخ ، لذا كان لابد من (شهود) للتوثيق ولكنك لم تك من الشهود بل من (صانعي اللعب ك
midfielder) بلغة مهووسي الكرة . جميل أن يعرف شباب اليوم عن تلك الحقبة وجميل أن يعرف عن
فترة حادة في تاريخنا السياسي الحديث لأن ما تلاها كان له أثر كبير في واقعنا حتى اليوم.
عفوا للمقاطعة ، لكن ما أدهشني هو أنني برغم قربي منك لم تقل لي يوما عن أنك كنت في قلب الحدث
، أين نحن من هذا التواضع يا أستاذنا وقبيلة المراهقين السياسيين تملآ الأرض ضجيجا.
نسعد نحن رواد هذا المنبر أن يكون من بين حملة أقلامه الشاعر والأديب الأستاذ/عبدالمنعم خليفة خوجلي. معادن بعض الرجال والنساء تزيد وهجا كلما طرقها الزمن وحركتها الأحداث. يحدثك عبدالمنعم خليفة في أدب جم فتجد نفسك رهن حديث الرجل القريب في كلامه من شخص يود أن يهمس في أذنك ببعض السر..لكأنه لا يريد للكلام أن يصل لأبعد من أذن مستمعه. وتقع أيضا أسير ابتسامة طبيعية وباهرة لا يتكلفها المتحدث ولا يصطنعها. ولآني عرفته شاعرا مجيدا فقد غاب عني لفترة أن الرجل خبير في مهنة أخرى غير الشعر..الاقتصاد وكذلك علوم السياسة.
واليوم قرأت وبمتعة لا تعادلها متعة حلقتين من حزمة أوراقه عن أنتفاضة اكتوبر (معليش..لي قناعة أننا نطلق المسميات بصورة لا تخلو من العفوية دون المقاربة بين الإسم وحجم وتاريخ الحدث. ينطبق على هذا الفهم أعتقادي أن الغابة والصحراء مثلا هي في معيار النقد الأدبي تيار وليس مدرسة..والشرح يطول). على أن التسمية لا تنقص قيمة الحدث ولا تقلل من إنجازه في الحصة التاريخية المحددة.
فاجأني أستاذنا عبدالمنعم خليفة خوجلي برصده الدقيق والأمين لبعض معطيات تلك الفترة ودور الحركة الطالبية فيها كون الطلاب شريحة هامة آنذاك في صناعة وبلورة الوعي الشعبي وتحريك الحس الوطني عن طريق ما تقوم به اتحاداتهم داخل الجامعات والثانويات. صحيح أن كاتبنا الهمام قالها منذ البداية أنه يؤرخ أو يوثق لدور الطلاب عبر اتحاداتهم كمنظمات مجتمع مدني. وعلى الرغم من أن كاتب الأوراق كان أحد الطلاب القياديين في تلك الفترة الهامة إلا إنه - وبتواضع جم_ بعد عن شخصنة المذكرات وسلط الضوء على الحركة الطالبية كرأس رمح في النضال من أجل الحرية -الفريضة الغائبة.
أحييك أخي الشاعر عبدالمنعم خليفة وأنت تهمس في آذاننا في مثل هذه الأيام المليئة بالخيبة والإحباط مذكرا إيانا نضال أمتنا من أجل كرامتها وحريتها.
Post: #11 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-21-2007, 11:32 AM Parent: #10
الابن جني ... ( أصبحت أطلق كلمات الابن والابنة على جميع أعضاء المنبر الذين لم أتشرف بمعرفتهم إلى أن يثبت أن المخاطبة الأنسب هي الأخ أو الأخت !) .
لك التحية والود .. ولقد أسعدتني كلماتك المشرقة والمفعمة بالمشاعر وعبارات التقدير لمساهمتي المتواضعة .
Quote: ذات الاحساس بالمرارة الذى دهمنى
إذا نجحت الأوراق الأكتوبرية في إزالة هذا الإحساس بالمرارة ، فذلك جوهر ما هدفت إليه .. فللنظر أيها الأخ العزيز للمستقبل بأمل .. ولنثق بأننا قادرون على أن نبني وطناً رائعا. محبتي عبد المنعم
Post: #12 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-21-2007, 11:55 AM Parent: #11
العزيز محمد المرتضى حامد لك المحبة والإعزاز لك يرجع الفضل في تقديمي لهذا المنبر الحافل ، ولذلك كان لزاماً علي أن أخاطبك بالكفيل !
أشكر لك ما أسبغته على شخصي الضعيف من صفات لست أدري إن كانت تنطبق علي تماماً .. من بينها صفة الموثق ، والتي أتمنى أن أكون مستحقاً لها ؛ غير أني أكتب من الذاكرة وتعوزني الوثائق .. حتى المذكرة التاريخية التي ذكرتها في الحلقة الأولى ليس معي نصها الآن ، إذ أنها تقبع في مكان خاص وفي حرز حريز بمنزلنا بالأبيض ( آمل أن تكون نسخة منها موجودة مع المؤرخ بكري الصائغ ) . كما أن الفيروس ! قد مسح معظم التواريخ والأرقام من الذاكرة ، وهي كما تعلم أدوات ضرورية للتوثيق ، كما تعلمنا من بروفسير ثيوبولد أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم في تلك الحقبة والذي كان يذكرنا دوماً Pin your facts with dates .
Quote: تندر الكتابات التوثيقية في المنبر وبحق شخصي الضعيف سعيد بأن يكون من عضوية المنبر في (مسقط)
شخصكم الموثق لمدينة الأبيض في أول مشاركة لكم ويكون د. أحمد القرشي من الموثقين للحقيبة كأول
مشاركة له ومازال البوست الخاص به عالي الإغلاق كمزيج برنت كما قال د. طراوه الذي افترع بوست توثيقي
طويل النفَس عن الأغنية السودانية لتسجل عضوية مسقط على قلة عضويتها (هاتريك) جميل وهاهو ذا
عمار زكي يوثق لتوتي وقضاياها وهويتها ، على حد تعبيره ، ولاشك أن الزاكي عبدالحميد يهيئ أمره
لتوثيق خامس إذا وجد متسعا من الوقت خارج ترتيب المحاضرات الثقافية للنادي.
إشارتك هذه إلى المساهمات التوثيقية لبورداب مسقط في المنبر ناقصة ؛ إذ أن التواضع – والذي يكون غير مناسب أحياناً – جعلك تغفل مساهمات الأستاذ / محمد المرتضى حامد المبدعة والممتعة وهو يوثق للعواطف الإنسانية السامية من عهد ابن الملوح وابن حزم وحتى زمان عاصم البنا! لك كل الحب ..(في المنبر !) عبد المنعم
Post: #13 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-21-2007, 12:10 PM Parent: #12
الأخ والصديق الأديب فضيلي جماع
لك التحية والمودة والتقدير أيها المدافع عن الوطن والمشغول بهمومه والمتطلع إلى مستقبله المشرق .. وندعو لك بتمام الصحة والعافية .
شكراً لك أيها العزيز على كلماتك الطيبة عن شخصي الضعيف والتي أعتز بها ، وما اشتملت عليه من تقدير لما كتبت ، خاصة وأنت من الذين يعيشون في دواخلهم كل الأشواق الأكتوبرية ويرفعون رايات الأمل من أجل تحقيق أجندة ثورة أكتوبر.
Quote: أحييك أخي الشاعر عبدالمنعم خليفة وأنت تهمس في آذاننا في مثل هذه الأيام المليئة بالخيبة والإحباط مذكرا إيانا نضال أمتنا من أجل كرامتها وحريتها.
بهذه المناسبة أرجو أن أهديك يا فارس الكلمة هذه الأبيات من قصيدة كنت قد كتبتها في مطلع العام 2000م بعنوان " أيها القرن يا وليد التمني " تحية للألفية الجديدة وعيد الاستقلال الرابع والأربعين .
سوف تصحو العنقاء يومــاً وننفض عنَا رماد الكرى المستكن وستجري ريح النماء رخـاءً هـي عيـد لكل فـلك وســفن وسنكسو قرص السماء ضياءً من سنا عزمنا المضيء المـرن وسنجلي سيف الحقيقة وهجاً وننقيـــه كل صــدأ ودرن ونقيم القسطاس حسنى بحسن ونقيم القصـاص عيـناً بعـين وستمضي قوافل الوعي والتنوير نحو سوداننا الذي نروم ونعني
Post: #14 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-22-2007, 06:27 AM Parent: #13
كتب الأستاذ/الطيب شيقوق
Quote:
الاخ دكتور عبد المنعم خليفة بالصدفة الجميلة وجدت هذا البوست الرائع وعلمت لدى اتصالي بكم انه مواصلة لسلسلة حلقات عن ذات الموضوع .
سوف نتواصل معك بالكتابة حول هذا الموضوع فلا غرو فقد شكلت تلك الفترة الكثير في وجدان الشعب السوداني .
لضيق الوقت رايت ان اشغلكم بتصفح هذا اللنك ريثما يتسنى لى اعداد المساهمة التي تليق بمقام صاحب البوست وعظمة المناسبة .
لكم منى الاماني السندسية
Re: أكتوبر الحزين، يا طفلنا الذي جرّحهً العِدا
حيث أن كلتا الحلقتين الأولى والثانية من الأوراق الأكتوبرية قد دمجتا هنا ، رأيت أن أنقل التعليق أعلاه الذي كتبة الأخ الاستاذالطيب شيقوق تحت البوست المنفصل المشتمل على الحلقة الثانية فقط.
الأخ العزيز الأستاذ الطيب شيقوق .. لك التحايا العطرة والمودة والشكر الجزيل ؛ واثق في أنك سوف تقدم إسهامات ثريةعبر هذه السلسلة. رأيت الآن فقط تحويل ما كتبته، على أمل أن يأتي تعليقي لاحقاً . لك المحبة. عبد المنعم
[اضف رد] صفحة 1 من 1: << 1 >>
Post: #15 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: محمد المرتضى حامد Date: 11-22-2007, 09:03 AM Parent: #14
أستاذنا عبدالمنعم، عفوا لل interruption لكني أتمنى عليك أن تلقي مزيدا من الضوء على دور الشخوص السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في تلك الفترة رغم أنكم كنتم في معترك العمل الطالبي لكنكم كنتم أيضا على دراية واتصال بقوى أخرى كان لها دورها في تلك الفترة. مودتي واحترامي.
Post: #16 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-24-2007, 09:22 PM Parent: #15
اللجنة التنفيذية لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم 1961م الجلوس : فضل إدريس - التيجاني الكارب - علي نور الجليل (الرئيس) - عمر يوسف بريدو - عبد المنعم خليفة خوجلي. الوقوف ( أحمد التيجاني صالح - محمد العباس أباسعيد- حسن عابدين - إسماعيل إبراهيم( العضو العاشر هو بابكر عوض حمور والذي لم يتمكن من المشاركة في الصورة التذكارية) .
Post: #17 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-25-2007, 07:11 AM Parent: #16
الأخ الأستاذ الطيب شيقوق تحياتي ومودتي سأظل في انتظار مساهماتك التي أتوقع أن تكون ثرية وملونة وممتعة كما عودتنا . وأشكر لك أن لفت نظري إلى البوست الخاص بـ " أكتوبر طفلنا الذي جرحه العدا" للابنة الدكتورة سعاد تاج السر ، والذي اقتطف منه :
Quote: لماذا فرّط السودانيون الذين صنعوا اكتوبر فيه؟ ورغم أنني أعلم أن هذا قد يكون سؤالاً خطابياً، وربما ليست له إجابة مباشرة، فإنني بفتح هذا البوست مع بشائر أكتوبر أود أن أدعو الجميع للمشاركة بكل ما لديهم من إسهامات عن ثورة أكتوبر ربما قصيدة، ربما نثر، ربما أغنية، ربما صورة، ربما خواطر، ربما أبيات شعرية، ربما أحداث بعينها، ربما ذكريات، ربما وقائع تاريخية، ربما أي شئ، وربما محاولة إجابة السؤال الخطابي حول لماذا تركنا أكتوبر يجرّحه العدا ولماذا تفاقم العِدا؟
أرجو أن يكون في مساهماتي تجاوب مع الجزء الأول من مناشدة الابنة الدكتورة سعاد تاج السر ( لها التحية - بعد رجوعي إلى البروفايل استنتجت أنها شقيقة الأصدقاء أحمد ومحمد وحفيدة ثوار 24) ؛ كماآمل أن أتمكن من محاولة الإجابة على الأسئلة الهامة :
Quote: لماذا تركنا أكتوبر يجرّحه العدا ولماذا تفاقم العِدا؟
لك الإعزاز أخي الطيب عبد المنعم
Post: #18 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-25-2007, 09:45 AM Parent: #17
أخي الأستاذ محمد المرتضى لك كل الشكر والتقدير لما تفضلت به من ملاحظة قيمة متعلقة بضرورة الإشارة للأشخاص ومنظمات المجتمع المدني من الذين أسهموا في ثورة أكتوبر
Quote: أتمنى عليك أن تلقي مزيدا من الضوء على دور الشخوص السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في تلك الفترة
أشاركك الراي بان الأمانة التاريخية تتطلبً ذكرهم ؛ غير أنني اخشى ان لا أكون منصفاً للكثيرين ، حيث انني - كماأسلفت - أكتب من الذاكرة . ربما أشير في حلقات لاحقة من هذه الأوراق الأكتوبرية إلى بعض الوطنيين من الذين تركوا في ذاكرتي انطباعات باقية مثل : زميلكم في المهنة وأحد القانونيين الرواد - الحاج الطاهر أحمد - المحامي بمدينة الأبيض - الذي اعتزل الممارسة في سنوات الحكم العسكري التي اشتد فيهاانتهاك حقوق المواطنين وحرياتهم وكرامتهم، وقام بتسليم رخصة المحاماة إلى لجنة قبول المحامين ، مصمما على أن لا يمارس المهنة إلا بعد عودة حكم القانون ؛ وبالفعل عمل مزارعاً في تلك السنوات ؛ والدكتور حسن عمر المحاضر بكلية القانون بجامعة الخرطوم الذي بادر بالدعوة لاجتماع اتحاد أساتذة جامعة الخرطوم بعد ساعتين فقط من إطلاق الرصاص بالجامعة ليلة الحادي والعشرين من أكتوبر ، واستشهاد الشهيد أحمد القرشي ، وطرح من خلال الاجتماع أن هذه الانتهاكات ينبغي أن تكون نهاية هذا النظام ( كنت قد أوصلت الدكتور حسن عمر من منزله بالصافية إلى دار الأساتذة بالخرطوم وأذكر كلماته حرفياً We are determined that this regime must go ) ؛ والأستاذ صالح محمود اسماعيل المدافع الجسور عن حق الشعب في الحرية والتنمية ، والذي عرف مؤخراً بالوزير الأكتوبري الثائر . ومن منظمات المجتمع المدني أذكر الأحزاب السياسية ، واتحادات العمال والمزارعين واتحاد أساتذة جامعة الخرطوم والاتحادات المهنية الأخرى . والقضاة والمحامين ، بقيادة مولانا عبد المجيد إمام ، قاضي محكمة الاستئناف ، الذين يسجل لهم تاريخ ثورة أكتوبر موقفهم التاريخي المشرف الذي انتصروا فيه لضمائرهم وللمهنة وللعدالة ؛ والصحفيين الوطنيين . هذه مجرد أمثلة كتبتها على عجل تجاوباً مع ملاحظتك القيمة ، وآمل أن تأتي بقية الأوراق متضمنة أدوار آخرين . لك المحبة عبد المنعم
Post: #20 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: الطيب شيقوق Date: 11-25-2007, 11:14 AM Parent: #18
Quote: ربما أشير في حلقات لاحقة من هذه الأوراق الأكتوبرية إلى بعض الوطنيين من الذين تركوا في ذاكرتي انطباعات باقية مثل : زميلكم في المهنة وأحد القانونيين الرواد - الحاج الطاهر أحمد - المحامي بمدينة الأبيض - الذي اعتزل الممارسة في سنوات الحكم العسكري التي اشتد فيهاانتهاك حقوق المواطنين وحرياتهم وكرامتهم، وقام بتسليم رخصة المحاماة إلى لجنة قبول المحامين ، مصمما على أن لا يمارس المهنة إلا بعد عودة حكم القانون
آآآآآآآآه يا دكتور ما عهدتك تنكئي هذه الجراح .
يحضرنى موقف وطنى آخر للاستاذ احمد خير المحامي رحمه الله .
يروى ان الاستاذ عبد الغفار يوسف المحامي - الله يرحمه- كان معروف بتشدده مع من يؤجر له عقاره فلا يخلي المحل لمالكها الا بعد مقاضاته .
استاجر الاستاذ عبد الغفار محلا من احد مواطنى سنجة وبعد انتهاء الفترة التعاقدية طالب المالك الاستاذ عبد الغفار لاخلاء عقاره . لم يستجب عبد الغفار لطلب المالك مما اضطر الاخير لاقامة دعوى مدنية ضده امام محكمة سنجة مطالبا اياه بالاخلاء.
بحث ،المواطن المغلوب على امره ، عن محامي ليترافع نيابة عنه ضد عبد الغفار وللاسف ذهب لجميع محاميي سنجة وسنار ومدنى وجميعهم رفضوا التمثيل ضد زميل لهم في المهنة .
سافر المواطن هذا الى الخرطوم وفي ساحة المحكمة الجزئية صار يصيح ( والله مافي عدالة والله العدالة انتهت - المحامين يقلعوا حقنا ولا نجد من يدافع عنا)
في تلك الاثناء اتي الاستاذ احمد خير المحامي وسمع الرجل يصرخ . استوقف الرجل وساله عن الحاصل وروى له ما بينه وعبد الغفار في سنجه. غيرة الاستاذ احمد خير على العدالة وسيادة حكم القانون دفعته ليبادر لهذا المواطن بقوله له انه سيكون في سنجة في الجلسة المقررة دون ان يسأل المواطن عن اى اتعاب .
في يوم الجلسة المحددة وصل الاستاذ احمد خير مدينة سنجة وذهب على طول الى مكتب الاستاذ عبد الغفار . بعد التحية استفسره الاستاذ عبد الغفار عن اسباب حضوره سنجة فقال له احمد خير (انا جيتك انت يا عبد الغفار اخوى) وحكى لعبد الغفار مشهد المواطن وهو يصرخ في ساحة المحكمة . وقال لعبد الغفار قيمة اشعار المواطن بسيادة حكم القانون والعدل اكبر من قيمة علاقاتنا الشخصية واتيتكم اليوم لاضحى بعلاقة الزمالة المهنية لصالح قيمة العدل . رد عليه عبد الغفار (اذا دى الجابتك من الخرطوم يا استاذنا فتفضل استلم مفتاح هذا الرجل وساذهب معك المحكمة لاستصدار حكم اقراري ضدى .
بالفعل ذهب الاثنان المحكمة واقر عبد الغفار بطلبات المواطن البسيط وصدر حكم اقراري بالاخلاء .
الغريب في الامر ان المواطن نفسه وقف امام المحكمة وقال للقاضى (انا كنت بس عايز اعرف البلد فيهو عدالة ولاّ لا . وطالما انتو كدا على الطلاق هاك يا عبد الغفار المفتاح وامشى اسكن في المحل ما دمت حيا) .
آآآآآآآآآآآه من ايام زمان يا دكتور عبد المنعم مالك علينا .
Post: #19 Title: الأستاذ عبدالمنعم خليفة Author: A/Magid Bob Date: 11-25-2007, 11:05 AM Parent: #1
عزيزنا الأستاذ عبدالمنعم خليفة سلاماً سلاما. وشكراً لك على جهدك فى توثيق أحداث تلك الفترة التاريخية الهامة. وبلا شك كانت جامعة الخرطوم وأنتم فى قلبها أحد المواقع الهامة فى زعزعة أركان الحكم العسكرى. وأعتقد أن مذكراتك قصدت منها أن تقتصر إلى حد كبير على تفاعل الأحداث فى ذلك الحيز، رغم تفضلك بالقاء الضوء بايجاز على دور بعض أطراف الحركة السياسية الأخرى. وبالطبع كانت إنتفاضة أكتوبرمن العمق والإتساع الشعبى بفضل مساهمة قوى مترامية الأطراف. المهم، هنالك أجيال من الشباب يتطلعون إلى المزيد من كتاباتك الشيقة. ونحمد لك إلتزامك جانب الموضوعية والتقويم المنصف. أسمح لى ودون أن أخرج عن نطاق ذكرياتك حول دور طلاب جامعة الخرطوم تحديداً. أن أناشد أعضاء هذا المنبر وقراءه أن يلقوا الضوء على إسهام مجموعات أخرى خاصة القضاة والمحامين والعسكريين والمزارعين والنساء وغيرهم. وعلى ذكر الأستاذ الراحل حاج الطاهر فقد إرتبط إسمه بالمقاومة الباسلة فى مدينة الأبيض وكان له موقف مشهود فى قضية تعذيب المناضل حسنين حسن والمواجهات الجسورة للحكم العسكرى آنذاك اللواء الزين حسن. وكذلك مولانا أبيل ألير عمل فى تلك الفترة قاضياً فى مدينة الأبيض وكان له موقف ينضح بالرجولة وتوخى العدالة. ونترك لك أمر التخصيص والتعميم فى مذكراتك ويسعدنا أن نطالع كل ماتتجود به علينا. وهنالك زخم هائل من المعلومات حول إنتفاضة أكتوبر وقف الدكتور ت. جونسون الذى عايش أحداث تلك الفترة وعكف على تسجيل وقائعها. نتوسل إلى صديقنا الدكتور عبدالله على إبراهيم أن يلقى بعض الضوء على مذكرات الأستاذ جونسون لتعميم الفائدة. وليت من بيننا من يحتفظ بمذكرات الراحل خالد الكد حول الصراعات التى دارت بين كبار الضباط والأغلبية الساحقة للضباط الوطنيين آنذاك. وليكن كل جهد للتوثيق فى هذه الجوانب تقديراً لتفضل الأستاذ عبدالمنعم باطلاق ضربة البداية.
وشكراً للأستاذ عبدالمنعم خليفة فقد فتح لنا نافذة مشرعة للوقوف على أحداث تلك الفترة الهامة فى حياتنا ولفائدة الأجيال التى أعقبتنا. ونرجوك أن تستفيض فى ذكر الأفراد والأحداث بقدر ماي سمح لك الوقت.
Post: #21 Title: Re: الأستاذ عبدالمنعم خليفة Author: الطيب شيقوق Date: 11-25-2007, 11:58 AM Parent: #19
لاخ بكري
كيفك
يا اخي في مشكلة في بوست محمد المرتضى الجديد (ناسنا) لم نجد مداخلاتنا بعد بوست هشام هباني مع ملاحظة اختفاء الخيارت التحت ( تعديل - رد ..)
لك التحيات المباركات عمى واستاذى/ منعم سعدت بالاكتوبريات والتى صدرت مفعمة بكل جمال وعظمة تلك الفترة والتى لم يتسنى لنا حضورها ، ملئت اسطرك هيبة وانت تسرد مايدور فى تلك العتيقة ( جامعة الخرطوم ) والتى اعتقد انهاقد فقدت استقلالهاالان بعد ماكنت منارة للعلم والثقافة والاسنقلالية 0 ان اكتوبر كانت قمرا فى ظلام ذاك العمر السودانى ( كل سنة وانت طيب العم / منعم 0
Post: #23 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-26-2007, 12:30 PM Parent: #22
العزيز / عبد الماجد بوب ( مخاطبة محايدة ما بين الأخ والابن ! ) لك المودة والتقدير والأمنيات العذبة والشكر أجزله لك لما تفضلت به من تعليق قيم وموضوعي وحافل بالمقترحات النيرة حول التوثيق لانتفاضة أكتوبر ذات العمق والاتساع الشعبي والتي أسهمت فيها قوى مترامية الأطراف كما جاء في كلماتك الرصينة .
أوافقك الرأي أن التوثيق لأكتوبر يتطلب أكثر من الدور الطلابي ، والذي هو جانب حظي بالتركيز في هذه الأوراق الأكتوبرية لمعاصرتي له ؛ حيث أن هناك الأدوار المؤثرة للأحزاب والنقابات والاتحادات والقوات النظامية ، ومختلف فصائل القوى الحديثة ذات المصلحة في التغيير السياسي والاجتماعي . وكما ذكرت فإن هذه الأوراق الأكتوبرية ليست أكثر من ضربة البداية . واشكر لك أيضاً إرشادك إلى بعض مصادر المعلومات الهامة عنها ( تي جونسون وخالد الكد ) .
أما عن الجزء الخاص بقضية تعذيب المواطن حسنين بالأبيض والدور الوطني والمهني الذي قام به كل من المحامي حاج الطاهر والقاضي مولانا أبيل ألير دفاعاً عن العدالة وكرامة المواطنين ، أرجو أن أنقل بالنص رواية مولانا أبيل الير حولها كما وردت في كتابه " جنوب السودان – التمادي في نقض العهود والمواثيق " والذي نقله إلى اللغة العربية الأستاذ / بشير محمد سعيد :
Quote: بينما كنت قاضياً مقيما للجنايات بالأبيض ، حدثني المحامي حاج الطاهر أحمد عن حادث إلقاء القبض على مواطن يدعى مصطفى حسنين واعتقاله . وكان الجيش حينذاك في السلطة ، وقائد الجيش في المنطقة رئيس الإدارة الأمنية والمدنية .. وكانت حرية القول محظورة . وقد اتهم مصطفى حسنين بإصدار نشرة سرية ، وبتوزيع مطبوعات هدامة . ولم يتم الاعتقال فحسب ، ولكنه تعرض إلى تعذيب يصعب وصفه . فأرسلت إلى الجيش أمراً ليوضح أسباب عدم تقديم حسنين إليَ باتهامات محددة ضده . ولما كان ذلك الأمر قد صدر من قاض صغير ، وربما أيضاً من جنوبي غير معروف ، صرف النظر عنه وأهمل . فأرسلت أمراً ثانياً ذكرت فيه أنه إذا لم يحضر المتهم أمامي في الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي ، فسأذهب بنفسي إلى السجن الحربي لأقتنع بسلامة وتوفر أسباب قانونية لاحتجازه . وكان النبأ في ذلك الوقت قد بلغ مسامع رئيس القضاء ن أخطرته به أعلى سلطة عسكرية في الخرطوم . وذهبت إلى السجن الحربي وقابلت حسنين لأحصل منه على روايته عن الحادثة التي أدت إلى القبض عليه واحتجازه ، ولما أصابه على أيدي معتقليه . وقد طلب رئيس القضاء السجل القضائي لتحقيقاتي ن فأرسلته إليه . وأرغمت الزوبعة السياسية والقضائية التي خلقتها قضية حسنين السلطات على إطلاق سراحه .
آمل أن أتناول لاحقا تفاعلات هذه القضية ، والتي اهتم بها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وكافة القوى السياسية وفئات المجتمع لكونها قضية قومية تمس حرية وكرامة المواطن السوداني ، . لك محبتي عبد المنعم
Post: #24 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 11-26-2007, 09:49 PM Parent: #23
الإبن العزيز / الرشيد شلال تحياتي ومحبتي وأمنياتي الطيبة. أشكرك على كلمات التقدير والتذوق الرفيع للأوراق الأكتوبرية . وأنتم ايضاً يا إبني جيلكم ما قصر فقد أثريتم الساحة الثقافية في الأبيض مسرحاً وفنا ، كما تثرونها حالياً بالنشاط الأدبي والاجتماعي من خلال نادي الجالية السودانية بمسقط . لك كل الود عبد المنعم
Post: #25 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: عبدالأله زمراوي Date: 11-26-2007, 11:27 PM
شكرا للأخ بكري وهو يتحفنا بأكتوبريات الأديب الشفيف والأقتصادي اللامع والشاعر الفحل الأستاذ عبدالمنعم خليفة خوجلي.
ان هذا الجيل الخلوق المتفاني في حب الوطن، شكل وجدان كل السودان. وتغنى شعراؤه بامجاد الوطن أغنيات ستظل نبراسا يضىء لنا دياجير الظلام. والأستاذ خوجلي، بأوراقه الأكتوبرية الخضراء يرسم لنا خارطة جميلة، معاصرا أحداث ما قبل الثورة وأرهاصاتها، ثم مشاركا فاعلا في صناعة الحدث الذي زلزل عرش الدنيا آنذاك.
تمعنت كثيرا في الأوراق علني أجد مقارنة بجيل الأستاذ خوجلي وجيلنا الذي فتح أعينه على أهازيج ثورة مايو (الظافرة المنتصرة بأذن الله)، فلم أجد وجها واحدا للمقارنة. ربما أعذر نفسي وجيلي لو قلت أننا لم نرى ولو لمرة واحدة صندوقا للأنتخابات الا بعد أنتفاضة أبريل وأنتخابات 1986. لكن هذا لا يعفينا من بركة الأستكانة الآسنة التي نعيشها الآن والصمت المريب الذي يلتحفنا.
يحق للأستاذ عبدالمنعم ان يفاخر الدنيا بجيل صنع التأريخ لوطنه وظل حتى الآن ممسكا بجمر القضية. وحسنا فعل الأستاذ خوجلي بأوراقه التي جاءتنا ونحن في أشد الحوجة لأستلهام الماضي التليد وتلمس طرق الخلاص من هذا الكابوس الذي يجثم على صدورنا منذ عام 1989.
ألف شكر للأستاذ الأديب الأريب عبدالمنعم عوض خوجلي على سلاسة السرد واللغة الرفيعة والتي تنم عن شاعرية فذة وأدب رفيع. فتح الله عليك ومتعك بالصحة والعافية بقدر ما شكلتم وجداننا من بطولات وتفان وتضحية بالنفس.
وأهديه جزء من رائعة الأديب الشاعر محمد المكي ابراهيم
جيلي أنا هدم المحالات العتيقة وأنتضى سيف الوثوق مطاعنا ومشى لباحات الخلود عيونه مفتوحة وصدوره مكشوفة بجراحها متزينة متخيرا وعر الدروب وسائرا فوق الرصاص منافحا!
مواصلة لهذه " الأوراق الأكتوبرية " أود أن أشير إلى بعض الأحداث التي شكلت معالم هامة في سجل المعارضة للحكم العسكري الأول ، ومن ثم في التهيئة لثورة أكتوبر. وهي أحداث جديرة بالتوثيق الكامل بأكثر من هذا السرد الذي أكتبه من الذاكرة عن فترة مضى عليها ما يقارب نصف القرن ؛ والذي آمل - رغم ذلك - أن يكون مفيداً في نقل الأجواء التي سادت في تلك الفترة ، وأن يمكن من تعلم بعض الدروس من تجارب الشعب السوداني في الدفاع عن حقوقه وحريته .
إن الاقتناع بنهج الديمقراطية وسيادة الحريات ، والاستعداد للذود عنها ، هو أبرز ما جمع بين الفئات الاجتماعية المختلفة التي نجحت أخيراً في تفجير ثورة أكتوبر. فلقد ارتبط الاستقلال في أذهان الكثيرين بالنظام الديمقراطي والحريات، ولم يكن مقبولاً أن تنتهي كل الآمال المعقودة على الاستقلال في تلك الفترة المبكرة بانقلاب عسكري بعد سنتين فقط من نيل الاستقلال .
للكاتبة روث فيرست كتاب " فوهة بندقية " Barrel of a Gun (صدر في عام 1970م) ، تناولت فيه ظاهرة الانقلابات العسكرية في إفريقيا (ومن بينها انقلابات السودان حتى ذلك الوقت) ، ودور الجيش في الدول النامية ، هل هو أداة للتحديث أم رصيد للمحافظة (conservatism) . ومن ضمن ما ورد في الكتاب لفت الكاتبة الانتباه إلى قصر فترة الديمقراطية في البلدان المستقلة حديثاً، والتذكير بأن الحكم أثناء فترة الاستعمار هو أساساً حكم عسكري . وهذا يعزز ما رميت إليه من أن الاستقلال يعني لجماهير الشعب الحرية والديمقراطية ؛ إذ أن الجماهير لا ترغب في الانتقال من حكم عسكري ظل سائداً في فترة الاستعمار إلى حكم عسكري في عهد الاستقلال كذلك.
غير أن قانون الفترة الانتقالية ، والمعروف بقانون الحكم الذاتي لسنة 1953م ، (The Self Government Statute) كان مثالياً من حيث كفالته للحريات (حرية التعبير - حرية التنظيم - حرية الصحافة)، وحقوق المواطنين، واستقلال القضاء ، وسيادة حكم القانون ؛ وقد تم تبنيه دستوراً للسودان بعد الاستقلال ، مع إدخال التعديلات الضرورية المتعلقة بالسيادة ؛ وعرف بدستور السودان المؤقت لسنة 1956م . كان الدستور بتلك السمات الإيجابية مظلة ملائمة لكي تزدهر تحتها تجربة السودان المستقل وديمقراطيته الوليدة ، وتنضج بوهج مبادئه تجارب قواه الحديثة الحية ( والتي وجدت نفسها بعد سنوات قليلة مقهورة تعاني من الإبعاد والعزل الكامل من دائرة المشاركة ، بل أصبحت رهن السجن والاعتقال التحفظي ).
هناك من يزعم أن الطلاب ، والأكتوبريين عموماً ، يتغافلون عن الإصلاحات التي قام بها النظام العسكري ولا يثمنونها، وأنهم يعارضون من أجل المعارضة حتى ولو جاءت (ثورة) نوفمبر مبرأة من كل عيب! وقد بلغ ضيق السلطات باستقلال الجامعة وبالمعارضة الطلابية درجة أن طالبت صحف الحكومة بإخضاع الطلاب لعملية Regimentation وإعادة صياغة من خلال نظام معسكرات تقام لتلك الأغراض ! .
صحيح أن نظام نوفمبر قد خطا بعض خطوات على طريق تأسيس البنيات التحتية ، بإقامة خزان الروصيرص ، وخزان خشم القربة ، والخطوط البحرية ؛ كما أنه وبهدف التوزيع الجغرافي للتنمية - كما يبدو - ( شمال وجنوب وشرق وغرب) أقام مصنعا للفواكه بكريمة وآخر بواو ، ومصنعاً للألبان ببابنوسة ، ومصنعاً للبصل بكسلا ؛ غير أن تلك المصانع لم تتم في إطار التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة الشاملة التي تتطلع لها الأقاليم ، كما لم تتم بمشاركة المواطنين . فمع النوايا الحسنة من وراء مثل تلك المشروعات ، إلا أن فشلها اللاحق ، والصعوبات العديدة التي صاحبتها ( بل أن بعضها لم يقم أصلاً ، وبقيت أفيالاً بيضاء White elephants) قد أدى إلى تذمر المناطق التي استهدفتها تلك المشروعات ، بدلاً من رضائها. كان المواطنون يتطلعون إلى سيادة فهم للتنمية المتوازنة أكثر عمقا واستيعاباً لمشكلات الريف السوداني ، وللجذور الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية لعدم التوازن .
كيف لمن يطالبوننا بالتثمين الإيجابي للإصلاحات والـ (إنجازات) ، وبمساندة تجربة (المستبد العادل! Benevolent Despot) ، ويدافعون عن الضبط والربط الضروري لزيادة القدرة والفعالية والإنجاز! ومن يركزون على الأبوية التي يتمتع بها الرئيس! كيف لهم أن يغفلوا حق الوطن في الديمقراطية المستدامة ، ويشككوا في مقدرة القوى الوطنية على تصحيح الانحراف الناتج عن عدم نضوج تجربة الأحزاب، وعلى معالجة الخلافات التي قد تنشب في الساحة السياسية (المبرر الكلاسيكي للانقلابات) . كيف يريدون لوطن وهو لا يزال يخطو خطواته الأولى في رسم مستقبله بأفق جديد، ويسعى لإرضاء تطلعات أبنائه وقواه الوطنية الحديثة الحية ، أن يثق في أن (مستبديه العادلين) سوف يضطلعون بما يلزم نحو تحقيق تلك الغايات ، التي لم يكونوا يملكون لها الرؤية المستقبلية الثاقبة ولا الأفق التنموي والفكري والاجتماعي لضروري. ثم كيف لنا أن نثق حتى في استدامة ذلك (الاستبداد العادل) بما يجعلنا نعهد (لمستبدينا العادلين) بالتصرف في شئون الوطن دون مشاركة من أحد، خاصة مع السجل الحافل بالحركات العسكرية والانقلابية المتعددة منذ وصول نظام نوفمبر للحكم ، والتي فاقت حدتها مستوى الصراع ، إذ بلغت درجة الاشتباك بالسلاح بين رفاق السلاح في الجيش الواحد ، الشيء أثر على قومية القوات المسلحة.
نضيف إلى ذلك أن النهج المتبع في علاج قضية الجنوب - كبرى قضايانا الوطنية - قد فشل تماماً ، بل أصبح ذلك النهج يعمق من الإحن والجراح الغائرة في النفوس ، ويهدد كيان الوطن الواحد ... وفي ظل مصادرة الحريات لم يكن متاحاً لفئات المجتمع الفاعلة المشاركة في بحث مثل تلك الموضوعات القومية ذات الأهمية العظمى ، والخروج بحلول بديلة بشأنها ، بل كان ذلك من المحرمات ( Taboos) .
كما كان الانتهاك لحقوق الإنسان وكرامة المواطنين ، من أكبر خطايا (المستبد العادل) الذي يريدون أن نأتمنه على كامل الوطن .
أرجو أن أنتقل إلى التناول الموجز لبعض الأحداث البارزة التي أججت من روح الثورة لدي المواطنين ، خاصة تلك التي شارك فيها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، أو أتيح لشخصي الضعيف معاصرتها .
من بين أهم الأحداث التي حركت غضباً جماهيرياً واسعا ، الحكم بالإعدام على قادة حركة التاسع من نوفمبر 1959م . أذكر أنه في صباح اليوم السابق للتاريخ المحدد للتنفيذ شرع اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في إجراء اتصالات واسعة ونشطة مع كل القادة والزعماء الدينيين والصحفيين والشخصيات الوطنية من ذوي الوزن ، والذين يحظون بالاحترام، لكي يوظفوا كل ما لديهم من نفوذ أو تأثير للضغط على الرئيس والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لإيقاف تنفيذ أحكام الإعدام . وظلت دار الاتحاد طوال اليوم تمور بالغضب؛ كما أذكر أن انتشرت في دار الاتحاد في تلك الليلة قصيدة بعنوان "رسالة شهيد في ليلة التنفيذ" ، وهي قصيدة طويلة ومؤثرة مطلعها :
أبتـاه مـاذا قد يخط بنـــــاني و الحبل و الجـلاد ينتظــران هذا الكتاب إليك من زنزانــة مقرورة صخريــــة الجدران الليــل من حولي هـدوء قاتل والذكريات تمور فى وجداني والنفس بين جوانحي شفافة دب الخشوع بها فهز كيـاني دمع السجين هناك في أغلاله ودم الشهيد هنا سيلتقيــــان
تم توزيع مكثف لتلك القصيدة في تلك الأمسية التي ساد فيها الغضب والقلق والتوتر؛ وزعم موزعوها أن كاتبها هو النقيب الصادق محمد الحسن ( لم يكن ذلك صحيحاً فهي لشاعر مصري شاب اسمه هاشم الرفاعي ) ؛ غير أن أجواء ليلة التنفيذ وتوافقها مع عنوان القصيدة ، أعطت مصداقية لتلك الرواية التي خدمت هدف التعبئة وإضرام الغضب). وواصل الطلاب البقاء في دار الاتحاد حتى الفجر على أمل أن يسمعوا عن نجاح المساعي الحميدة التي شرع فيها الاتحاد من أجل تخفيف حكم الإعدام . غير أنه للأسف تم تنفيذ الإعدام شنقاً في فجر اليوم التالي 20 ديسمبر 1959م على كل من المقدم علي حامد، المقدم يعقوب كبيدة، الرائد عبد البديع علي كرار، النقيب طيار الصادق محمد الحسن، والنقيب عبد الحميد عبد الماجد .. وفتح بذلك طريق الدماء ..
ومن الأحداث التي تفاقمت وأضافت إلى الاحتقان السياسي في تلك السنوات، وضاعفت من تراكمات الغضب أيضاً ، حادثة إطلاق الرصاص على شباب الأنصار بميدان المولد بأمدرمان في يونيو 1961م . وأذكر أن رد فعل السيد الصديق المهدي إمام الأنصار في لقاء لجنة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم معه ، كان متسماً بضبط النفس ، إذ رأى عدم التجاوب مع ذلك الاستفزاز بالأسلوب الذي ربما يقود إلى فتنة كبرى ينتج عنها سفك مزيد من الدماء .
كذلك كان لقضية تعذيب المواطن مصطفى حسنين بالأبيض (والتي سبقت الإشارة إليها وإلى رواية مولانا أبيل ألير حولها) تفاعلاتها السياسية والاجتماعية الكبيرة ؛ إذ وجدت تلك القضية اهتماماً كبيراً من قبل جميع الأحزاب والاتحادات والتنظيمات الفئوية ، وأثارت سخطاً واستياء وحنقاً عظيماً . لم يتمكن نظام الحكم من تبرير بشاعة التعذيب الذي جرى ، ناهيك عن الدفاع عنه . وقد نشط اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في تنظيم وتنسيق خطوات الاحتجاج على مثل ذلك الانتهاك للكرامة السودانية ، كما تمت تعبئة الرأي العام الطلابي العريض، وجرى تناول الموضوع بشكل مكثف من خلال الصحف الجدارية بالجامعة . وقد اهتمت جبهة الأحزاب اهتماماً كبيراً ورفعت مذكرة احتجاج شديدة اللهجة ، بل وطالبت النظام بالتنحي وتسليم السلطة ؛ وعلى إثر ذلك تم اعتقال قادة الأحزاب وإرسالهم إلى ناقشوط .
ومن أكثر ما أضاف إلى تراكمات الغضب الذي تفجر أخيراً في ثورة أكتوبر ، مقاومة النوبيين وتصديهم للحكومة العسكرية بأساليب مختلفة دفاعاً عن حقهم في اختيار الوطن البديل ، وفي التعويضات العادلة .. وتلك أحداث نتركها لحلقة قادمة من هذه الأوراق الأكتوبرية خاصة وأنه قد شاءت لي الظروف أن أكون في قلبها!.
Post: #27 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-02-2007, 08:37 AM Parent: #26
الأخ العزيز الشاعر المبدع عبد الإله زمراوي لك خالص الود وعظيم التقدير أيها الإنسان الشفيف . . وأشكر لك كلماتك الرائعة التي أخجلت تواضعي ، وأنت تشيد بجيلنا ومساهماته . . كما أشكر لك إهداءنا مقتطفات من قصائد الشاعر الفحل الأخ والصديق الأستاذ محمد المكي إبراهيم ، والتي تجعلنا نتنسم أريج أكتوبر الأخضر . الكل يتابع بإعجاب تدفق أحاسيسك المرهفة التي تنبض بعشق الوطن ، والتطلع لأن نراه وطناً شامخاً ومجيداً . أرجو يا أخ عبد الإله - يا ضمير شعبنا- أن أهديك هذه الأبيات من قصيدة لي بعنوان "أغنية لعزة" :
Quote: يا عزة أجمل أمنياتنا نقيف بشط النيل نغازل موجه نسأله عن وطن عن غربته الطالت وعن مستقبله وعن السراب وعن الشباب ومصير أمانيه العذاب ************ يا عزة ديل الحادوا عن دربك وليك ما قدروا واتناسوا حق العشرة فيك واتنكروا .. لا بنعرفهم لا مننا يا عزة يا فلق الصباح يا عزة يا وهج ألسنا يا عزنا ويا فخرنا يا المستحيلة وممكنة ************ يا عزة نهديك باحترام أروع ختام .. في يوم جديدك وفرحتك يوم المنى ويوم المرام حنقول وداعا للشجن ونمسح قساوات الزمن من فوق جبينك وجبهتك ونردد أشعار الغزل الفي هواك قالها الخليل وندندن اللحن القبيل كان بيطربك
محبتي عبد المنعم
Post: #28 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-04-2007, 09:51 AM Parent: #27
رجو أن أتوجه عبر هذا المنبر بوافر الشكر وعظيم التقدير للأصدقاء من أبناء جيلنا من مختلف أصقاع الدنيا الذين اتصلوا بي عبر الهاتف والبريد الإلكتروني ناقلين لي ترحيبهم بهذه الأوراق الأكتوبرية وسعادتهم بها ، ومبدين أيضاً ملاحظات قيمة، آمل أن آخذها في الاعتبار في الحلقات القادمة بإذن الله .
Quote: A hundred verses of most tender love, sung to the lute could not have given half the joy I felt by reading your articles.
ورأى البعض ضرورة أن تجد المقالات مكانها في الصحف المحلية حتى يطلع عليها القراء في السودان :
Quote: It is deplorable to deprive the domestic readers of such outstanding narration of an era that reshaped the political scene. October papers should have their undisputed place in our journalism.
كما تلقيت كذلك اتصالات من العديد من الأبناء الشباب يحثونني فيها على المواصلة ، والنشر مستقبلاً ، حيث أن هذه الفترة معتمة بالنسبة لهم :
Quote: I have enjoyed reading it. Are you already thinking of compiling those articles and publishing them? Please do so because this is going to be a very good documentation for a period of our history which is hardly covered, and very dim for us. It was specially useful for me to read your analysis to Abboud's era listing what lead later to October.
لهم جميعاً كل الود والإعزاز، ومرحبا بأي تعليقات أو إضافات تثري هذه السلسلة وتساعد على خدمة الغرض من ورائها ( سأعمل على نشرها، وإن لم يكن كاتبوها اعضاء في هذا المنبر ، وذلك بعد إذن المهندس بكري أبوبكر). [B]عبد المنعم
Post: #29 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: الزاكى عبد الحميد Date: 12-04-2007, 11:19 AM Parent: #28
نحن (سودانيو مسقط) محظوظون بأن يكون بيننا هذا الرجل.. ومحظوظون أكثر أن يكتب عن هذه المرحلة الأكتوبرية-تحديداً-رجل عاش تلك المرحلة شاباً يتوق لسودان حر، عزيز..
هو رجل يحاضرك عن الاقتصاد (وهو مجاله الأكاديمي) فيأتيك حديثه شعراً يسرع القلب إلى قبوله قبل الأذن إلى سماعه..
وينشدك شعراً فتعانقك أبياته حميمية وهي تفعل في دواخلك فعل الطل في الثرى العطشى فيرتد إليك صداها دعاشاً عبقاً يجذر انتماءنا لوطن نحن مسكونون بحبه إلى ما لا نهاية..
ويترجم (من باب الهواية فقط) الشعر الانجليزي إلى العربية شعراً فتحترم في شخصه روديارد كيبلينج وأنت تقرأ ( فزي ..وزي) محلقاً في فضاءات بجاوية ولسان حالك يقول: هذا هو السودان الذي نريد فما أجمله أنّى أجلت بنظرك: شمالاً شئت أم جنوباً..شرقاً يممت أم غرباً..
أستاذي عبد المنعم: أوراقك الأكتوبرية جديرة بأن تكتنز لقيمتها التاريخية وأمانتك في سردها محل تقدير ..فواصل..
لك تقديري واحترامي،
الزاكي
Post: #30 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-05-2007, 08:30 AM Parent: #29
الأخ العزيز الأستاذ / الزاكي عبد الحميد لك أجزل الشكر وعظيم الامتنان لما تفضلت بتسطيره عن شخصي الضعيف ، ولتثمينك للأوراق الأكتوبرية، وتشجيعي على مواصلتها. إنني أعتز بهذه الكلمات المضيئة النابعة من أصيل الود ، والصادرة من مثقف نذر نفسه لقضايا التقدم والنهضة والبعث الثقافي . محبتي عبد المنعم
Post: #31 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: الطيب شيقوق Date: 12-05-2007, 10:49 AM Parent: #30
الاخ بكري ابو بكر
كتب البروفسر جابر قميحة
(ما أكثر الأخطاء التي يقع فيها كُتَّاب التاريخ!! ومن أخطائهم المنهجية: إهمال (الدقائق والتفصيلات)، والاكتفاء بالوقوف أمام الأحداث الكبيرة المتوهجة، وإصدار الأحكام تأسيسًا عليها، والكاتب الذي يسلك مثل هذا المسلك لا يعدو- في نظري- كونه "مشاهدًا أو متفرجًا" يرى بالبصر، ولكنه معطل البصيرة، والبصيرة العلمية تعتمد على الاستنباط والتعمق، وربط الأسباب بالمسببات، والعلل بالمعلولات، والأحداث الظاهرة الطافية على السطح بجذورها الضاربة في الأعماق)
لله درك يا دكتور منعم فقد كان المخزون في الذاكرة محشو بالكثير من الاخطاء
مودتي
Post: #32 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Adil Isaac Date: 12-05-2007, 04:29 PM Parent: #31
العم العزيز عبد المنعم ( وعزيز جدا ,دى حقيقة رغم غياب العلاقة الشخصية),
أعيش على أطراف الحقيقة, يوميا, وأنا أعيد قرآة أوراقك الأكتوبرية ..المصداقية , سلاسة وعذوبة اللغة, و رشاقة السرد, أتمنى أن تتاح لكل أهل السودان فى أوسع الصحف إنتشارا حتى يعرف الجميع كيف صنعت أعظم ثورة بواسطة أعظم شعب.
خالص الود
عادل
Post: #33 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: أحمد طراوه Date: 12-05-2007, 07:40 PM Parent: #1
... دا بوست زي ( قدح النبى ) !
فيهو نسيم مسقط .. نسيم سحّرك !
للحق ، و لمدة شهر و انا متابعو .. و ما عارف ايه اكتب بالضبط !
و الزول الكاتبو امرو عجيب .. عدة سنين و نحنا جنبو بنتكلم ، وهو بسمع بذوق و لطف .. لا بقاطعك و لا بغالطك .. في حين إنو هو بنطبق عليهو لقب ( سيد العارفين ) ... و قال الإمام سفيان الثورى في شأن تواضع العارفين : كلما اتسع الافق قلت العبارة
... بوست ضد الذى بعثرنا في كل وادى .. بوست بعيد ترميم وجدانا الوطنى و بناء ذاكرتنا الوطنية على نحو جديد ..
لم اري خلال سنين الدياسبورا العشرة الاخيرة ناس بعرفو دقائق الاحداث و الامور الوطنية و السياسية الهامة كما عبد المنعم خليفة و سيد عيسى
.. يا عبد المنعم ، يا عمار و الزاكى و ود شيقوق : صعب نلقى ما كتبه خوجلي ابو الجاز عن تاريخ الانسانية .. لكن ضروري ترسلو لينا ما قدمه استاذنا شوقي حمزه عن الموسيقى و التطور الحضارى ...
.. لازلنا يا عبد المنعم نستمتع بمحاضرة صناعة السكر ! بالله نميرى كان بدى لورنو وباقى الاجانب جالون الموية الغالية مجانى ! ؟ انه فعلا امتداد لود اب زهانة السودانى
.. و برضو يا عبد المنعم : علي نور الجليل ختا الجيتار بتاع فرقة شرحبيل وين ؟ قبل ما تدخلو الاستديو لاخذ الصورة التذكارية الهامة الاستثنائية ..
" نحنا بنراهن علي حركة الجماهير .. و راجين الانتفاضة وقدر الله في الكريدة "
..
Post: #34 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: الطيب شيقوق Date: 12-06-2007, 06:21 AM Parent: #33
استاذي دكتور طراوة
Quote: .. يا عبد المنعم ، يا عمار و الزاكى و ود شيقوق : صعب نلقى ما كتبه خوجلي ابو الجاز عن تاريخ الانسانية .. لكن ضروري ترسلو لينا ما قدمه استاذنا شوقي حمزه عن الموسيقى و التطور الحضارى ...
ليك عيونا يا الحبيب بس شوقي عايز ينضم للمنبر وقال كلنا مقصرين فيهو ما دعمنا طلبه المقدم لبكري دحين انت هناك تاوق بالشباك لبكري وقول ليهو شوقي وود الخضر على بابك .
اطيب الاماني
Post: #35 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Ahmed al Qurashi Date: 12-06-2007, 08:11 AM Parent: #34
الاخ الاستاذ الرائع / عبدالمنعم خليفه خوجلى
شكرا جزيلا على هذه البوست فحقيقة استمتعت كثيرا بقراءته وكانت الاستفادة ايضا منه ومن المعلومات التى اوردتها... مبدع دائما انت ورائع فى كل ما تكتبه وشكرا لك باشمهندس بكرى ابوبكر ونحن هنا نتابع
Post: #36 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-06-2007, 07:10 PM Parent: #35
الابن الغالي / عادل إسحق أولاً أشكر لك حميمية المخاطبة .. ورغم أننا لم نلتقي - كما ذكرت - إلا أنني أعرفك جداً من خلال أبنائي محمد ومعتز ، وصديقي قاسم محمد صالح . محمد خليفة ومعتز خليفة لغوا اسمي وقفزوا إلى اسم جدهم ، الشيء الذي ربما أضاف صعوبة للتعرف! وقد احتجت عمتهم قالت ليهم يا أولاد توفروا اسم أبوكم وتستهلكوا اسم أبوي! أنا في غاية السعادة أن ما أسهمت به قد وجد منك هذا التقدير أيها الابن العزيز، مما يحفزني على المواصلة . وفقاً لاقتراحك وبعض الإخوة الآخرين ربما أعمل على أن تنشرها إحدى الصحف السودانية ( نقلاً عن سودانيزأونلاين) . محبتي عبد المنعم
Post: #37 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-06-2007, 07:28 PM Parent: #36
الأخوةالأعزاء الأحمدين ( دكتور أحمد طراوة ودكتور احمد القرشي ) التحية والتقدير وأنتما ترعيان تراثنا الفني وتحرسانه من التشويه والاندثار وتعيدان له البهاء والقدرة على التطريب والإسعاد .
لكما أجزل الشكر على كلمات الصداقة والود التي تدفقت عبر تعليقكم حول الأوراق الأكتوبرية. هذا دأبكما منذ أن كنتما تعمران دنياواتنا بمسقط ، تقومان دائماً بتشجيع أي خطوة على طريق بناء الوطن الخير الجميل .. آمل أن أكون عند حسن ظن كل الذين أثنوا على هذه البداية ، وأن أوفق في مواصلتها.
ولكي أسهم بدوري في إدهاشكم وإسعادكم أذكر أن تلك السنوات ، محور هذه الأوراق الأكتوبرية ، كانت سنوات صديقكم المبدع بادي محمد الطيب بجامعة الخرطوم . وكم طرب أفكارنا بداخلية بحر الغزال . وللتاريخ أذكر أن صديقنا محمد ميرغني نقد كان أحد الذين اكتشفوا مبكراً موهبة بادي الفذة وإبداعه ؛ وكان يؤرقه كيف أنه لا يجد المكانة الفنية التي يستحقها ؛ وهو واحد من الذين سعوا لتقديم ( حاج طه ) للمجتمع الفني وللإذاعة.
أما اهتمام صديقنا الدكتور علي نور الجليل بالفن فقد بدأ مبكراً ، حيث أنه كان عازفاً كبيراً منذ أن كان في خورطقت الثانوية. والآن وبعد أن وصل أعلى مراتب الاستشاريين العالميين في جراحة القلب ، آثر التقاعد للتفرغ لدراسة الموسيقى التي عشقها . دا كله يا دكتور طراوة عشان تعرف أنه لجنتنا كانت فنانة ! مودتي عبد المنعم
Post: #38 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Ahmed al Qurashi Date: 12-07-2007, 08:02 AM Parent: #37
الاخ الاستاذ عبدالمنعم خليفه
شكرا جزيلا على كلماتك الجميلة وشكرا على المعلومة التى اوردتها عن محمد ميرغنى نقد ودوره فى اكتشاف الفنان بادى محمد الطيب له الرحمة وحقيقة ومنذ فترة كنت ابحث عن اسماء هولاء الطلاب فى تلك الفترة الاكتوبرية والذين ساعدوا هذا الفنان على الظهور فى اجهزة الاعلام واحتلال مكانته بين الكبار... لك الود والتقدير استاذى عبدالمنعم
Post: #39 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-07-2007, 08:19 PM Parent: #38
الاخوان الأعزاء الأستاذ الطيب شيقوق والدكتور احمد القرشي لكما الشكر مجدداً.
تلقيت التعليق التالي عبر البريد الإلكتروني من أحد الأصدقاء من أبناء الجيل :
I have just finished reading "Orag Ocotoberia", thoroughly enjoying their content and the beautifully fllowing poetical language.The candour and honesty of your expression has strongly revived almost a devine nostalgia. Distant, dearly cherished, memories shrouded in the fog of time for nearly half a century have surprisingly become alive and shining with dazziling brilliance and total credibility.
له مني كل التقدير والإعزاز عبد المنعم
Post: #40 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: الطيب شيقوق Date: 12-14-2007, 08:03 AM Parent: #39
الاخ الدكتور عبد المنعم خليفة
تحياتي
يا حبذا لو عرفنا خلفية بسيطة عن صاحب رسالة اللغة الانجليزية وعلاقتكم معه وهل هو من الجيل الذي عاصر تلك الاحداث .
نواصل
نقلا عن جريدة الصحافة
الذين يعرفون عبد المجيد إمام، يعرفون فيه هيبته وقوة شخصيته، والذين شهدوه في مواقف الشدة يعرفون حزمه وحسمه، كما يعرفون صوته الجهوري الطاغي في مثل تلك اللحظات. يوم المواجهة في الرابع والعشرين من أكتوبر، كان صوت عبد المجيد إمام هو صوت الحسم لواقع المجابهة بين سلطة نوفمبر، وسلطة الجماهير التي كانت لحظتها في حالة التكوين. كان عبد المجيد ورفاقه على وشك السير بمذكرة المحامين والقضاة إلى المجلس الأعلى حينما اعترضتهم ثلة من جنود الشرطة قفلت الطريق. طلب منهم الضابط الملازم (وقتها)، قرشي فارس، بأن ينصرفوا لأن لديه تعليمات بعدم السماح للموكب بالتقدم. ولما كانت للقضاء سلطة على الضباط، صاح عبد المجيد إمام في قرشي فارس بصوت رددت صداه ساحة القضاء كلها «أنا عبد المجيدإمام قاضي المحكمة العليا، بهذا أمرك بالانصراف بجنودك فورا». وقال قرشي فارس بعد ذلك بزمان، إنه لم يكن هناك لحظتها من هو أسعد منه وهو يصيح رداً على القاضي الأكتوبري.. «حاضر سعادتك»، وينصرف بجنوده، فقد كان ضابط الشرطة حائر النفس بين واجب المهنة وحتمية الالتزام بالإرادة الشعبية.. كانت تلك اللحظات هي لحظات حاسمة في تاريخ السياسة السودانية. فقد دكت كلمات عبد المجيد إمام حائط الرهبة الذي كانت تقف وراءه سلطة نوفمبر، وأعلت صوت القانون. كان انصياع قرشي فارس لتعليمات القاضي هو رداً للأمور إلى نصابها.. وتعبيراً عن سيادة حكم القانون حتى في أحلك اللحظات وأكثرها ظلاماً.. فعبد المجيد كان لحظتها يمثل سلطة القانون التي سلبت منذ حكم رجال نوفمبر بقانون الدفاع.. وكانت صيحته في قرشي فارس هي صيحة الحق.. وكان انصياع قرشي هو الإيذان بأن الحق حتماً يعلو ويسود. جبهة الهيئات: الميلاد من رحم الدم الذين وقفوا أمام القصر متأهبين للتوجه نحو القصر حاملين المذكرة كانوا جبهة الهيئات، ذلك التنظيم الذي ولد من رحم الدم، من بعد تشييع القرشي. تلاقى قادة الهيئات، من قضاة ومحامين وأساتذة وعمال وموظفين، تلاقوا جميعاً على وجوب مواجهة البطش، فلما تلفتوا يبحثون عن قيادة سياسية فلم يجدوا أحداً منها في الساحة، فأعلنوا أنفسهم قيادة.. وهكذا كان ميلاد جبهة الهيئات.. كان القضاة ثاني فئة -بعد أساتذة الجامعة المستقيلين- تخرج على سلطة النظام، وهي تصوغ عريضتها الدامغة التي كانت توشك أن تسير بها مع المحامين، لتسلمها لعبود. وكان نص العريضة مرافعة قانونية ضد النظام كله. فقد دمغت العريضة تصرف السلطة مع الطلاب، وردت على بيان وزير الداخلية، مؤكدة أن الطلاب لم يخالفوا قانوناً طالما كانت الداخليات هي مكان انعقاد الندوات. وقالت العريضة إن تصرف الشرطة جاء دون إذن من قاضٍ وهو مايستوجب المحاسبة. وطالبت العريضة بمعاقبة المسؤلين حتى ولو كانوا أعضاء بالمجلس الأعلى.. ثم ختمت المذكرة قائلة.. لن ندوس على ضمائرنا ونسكت على هذا الأمر الخطير. المواجهة العصيبة بين القانون والقوة المسلحة بانصراف قرشي فارس، أسرعت السلطة باستبدال الجنود بوحدة عسكرية، سدت أمام القضاة والمحامين الطريق، وبدت لحظة من لحظات المواجهة الرمزية بين سلطة القانون وسلطة الجيش.. وبما كان عليه الموقف من تأزم.. حبس الناس أنفاسهم في باحة الهيئة القضائية، ووقفوا ينتظرون المآل الخطير.. تحت إصرار القضاة والمحامين على سير موكبهم، وإصرار وحدات الجيش على وجود تعليمات صريحة بعدم السماح به. ولما زادت حدة الموقف وكادت الكارثة تقع تدخل رئيس القضاء، محمد أحمد أبو رنات، فطلب من المجلس الأعلى بالسماح للموكب بالتقدم واستلام المذكرة منه حقناً للدم، وتداركاً للمآلات الخطيرة المحتملة. ميلاد الإضراب السياسي في تلك اللحظات العصيبة نفسها ولد العصيان المدني، أو الإضراب السياسي. إذ رأى المحتشدون أمام الهيئة القضائية، من أساتذة وقضاة ومحامين وعمال ومهنيين، أن السبيل الوحيد لمواجهة القوة المسلحة التي توشك أن تحصد رجال العدالة ورجال العلم والقيادات المهنية الوطنية، هو الركون إلى عصيانها بالسلاح المدني الوحيد: الإضراب. و لابد من الإقرار هنا بأن الحزب الشيوعي كان هو رافع راية الإضراب السياسي منذ العام 1961، فقد نادى من خلال منشوراته وبياناته بأن تعتمد المعارضة السياسية لنظام نوفمبر الإضراب السياسي وسيلة لإسقاط نظام نوفمبر. بيد أن ضعف انفعال القوى السياسية مع اقتراحه ذلك قاده إلى التخلي حتى عن جبهة الهيئات في وقت لاحق. وكان الذين رفعوا اقتراح الإضراب السياسي من عناصر الشيوعيين في جبهة الهيئات، وقد كانوا كثراً بحكم السيطرة النقابية للشيوعيين في تلك الأيام. وكان من الطبيعي أن يكون أول الذين نادوا بالإضراب السياسي في تجمع الهيئات يساريين من مثل عابدين إسماعيل وطه بعشر واللذين كانا في قيادة جبهة الهيئات. ومن خلال مكبرات الصوت، وأمام الهيئة القضائية أعلن الإضراب السياسي في ذلك الموكب الرهيب، وطلب من كل العاملين وفي كل موقع أن يلتزموا بيوتهم وألا يعودوا إلا بسقوط النظام.. كانت سلطة الجماهير آخذة في التشكل لحظتها، وكانت القيادات البديلة للقيادة السياسية قد بدأت في التبلور.. وكان نظام نوفمبر قد بدأ في الترنح.. وقتها هبت الأحزاب من غفوتها.. جبهة الأحزاب.. تستيقظ وتتجمع في السراي مع تصاعد المد الجماهيري وفيضان الطرقات بالمظاهرات الجماهيرية الهادرة في مواجهة سلطة نوفمبر، كانت الأحزاب تستيقظ من سباتها العميق وتحاول ما استطاعت أن تلاحق مد الجماهير الهادر.. صحيح أن معظم السياسيين البارزين شاركوا في المواجهات منذ لحظتها الأولى، ولكن بعضاً من أولئك السياسيين كالمحجوب وزروق وأحمد السيد حمد مثلاً شاركوا بوصفهم محامين في نقاباتهم، ولم يكونوا يتعاملون مع جبهة الهيئات بصفاتهم الحزبية. كما أن الأقطاب كانوا في قلب الأحداث بواقع مكانتهم الاجتماعية كقيادات دينية أو اجتماعية أكثر من كونها قيادة أحزاب. فكما ذكرنا من قبل، كانت المعارضة الحزبية لنوفمبر قد تضعضعت منذ موت السيد الصديق المهدي، وانسحاب الحزب الشوعي من الجبهة في نهايات العام 1962، ولكن مع تصاعد أحداث ندوة أكتوبر بجامعة الخرطوم، ومع بروز كيان المهنيين الذي تبلور في جبهة الهيئات التي وجدت نفسها قيادة فعلية لحركة المعارضة الجماهيرية لنظام نوفمبر، مع هذا التطور الجديد، استيقظت الأحزاب إلى حقيقة أن الهيئة الجديدة تكاد تسحب البساط من تحت أقدامها.. ومن ثم سارعت لتدارك الموقف.. فأصدر الحزب الشيوعي أول بياناته حول الأحداث في الثامن والعشرين من أكتوبر، بعد التصاعد الخطير الذي أدى لإطلاق النار أمام القصر.. فيما عرف بعده بمذبحة القصر. كما أصدر السيد على الميرغني بياناً شديد الضبابية ينادي الحكومة بأن «تحافظ على شعور الشعب وتحقق أهدافه»، وينادي الشعب بأن«يهدأ ويستجيب لنداء العقلاء». وأصدر السيدان الهادي المهدي، وإسماعيل الأزهري بيانات منفصلة، طالبت بعودة الديموقراطية، ودعت الجيش إلى استعمال الحكمة وحقن الدماء، بالعودة إلى الثكنات.. ثم التقى من بعد ذلك أقطاب الأحزاب السياسية في قبة المهدي بأمدرمان، وبذلك أعادوا إحياء جبهة الأحزاب التي كادت تموت خلال العامين السابقين.. وبقيام جبهة الأحزاب، وجدت الجماهير نفسها منقسمة بين قيادتين، قيادة جبهة الهيئات التي اتخذت من دار أساتذة الخرطوم مقراً لها، وقيادة تجمع الأحزاب التي اتخذت قبة المهدي مقراً.. وبين هذين الموقعين وبين القصر الجمهوري، ورئاسة الجيش كانت أحداث الأيام الثلاثة الأخيرة من عمر نظام نوفمبر تحت التشكيل.. وكان أهم عوامل ذلك التشكل هو ما كان يجري داخل المؤسسة العسكرية.. وكان أهم ما يجري هناك هو دور الضباط الصغار.. الضباط الأحرار..
Post: #41 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-15-2007, 04:45 PM Parent: #40
أخي العزيز الأستاذ الطيب شيقوق التحية والمودة والإعزاز لك مني أجزل الشكر وعظيم التقدير على هذه الإضافة الثرية والحافلة بأحداث أكتوبر الأخضر، والتي سجلت مواقف تاريخية لرجال انتصروا لمبادئهم وضمائرهم وقدموا دروساً خالدة تلهم الأجيال، وترشد المسيرة نحو المستقبل. كما أنها إلى جانب الأحداث اشتملت على تحليل متميز بالموضوعية . أرجو أيها الأخ العزيز أن تواصل أنت والآخرون مثل هذاالعطاء الذي يسهم نحو ذات الهدف الذي رميت إليه . ويا حبذا لو أشركت معنا صديقك مولانا مدني العرضي الذي تختزن ذاكرته الكثير. الشكر مجدداً أيها العزيز
Post: #42 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-15-2007, 05:28 PM Parent: #41
Quote: I have just finished reading "Orag Ocotoberia", thoroughly enjoying their content and the beautifully flowing poetical language. The candour and honesty of your expression has strongly revived almost Devine nostalgia. Distant, dearly cherished, memories shrouded in the fog of time for nearly half a century have surprisingly become alive and shining with dazzling brilliance and total credibility
. كتب الأستاذ الطيب شيقوق:
Quote: يا حبذا لو عرفنا خلفية بسيطة عن صاحب رسالة اللغة الانجليزية وعلاقتكم معه وهل هو من الجيل الذي عاصر تلك الاحداث .
للإجابة على أسئلتك هذه عن صاحب الرسالة باللغة الإنجليزية ( التي أعجبتك فيما يبدو ) ، أفيد بأنه أخي وصديق عمري الدكتور/ علي عبد الحفيظ عمر ، أحد رواد وأعمدة وزارة التخطيط في السودان سابقاً، والذي عمل بعدها خبيراً اقتصاديا بالمؤسسة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) ، ويعمل حالياً محاضراً بجامعات المملكة العربية السعودية . أما عن علاقتنا، فإنني أهديك هذه الأبيات التي كتبتها عن هذا الصديق:
Quote: أبا ســامي لو أن الشـعر طوعي سـكبت مشــاعري فيضاً أمـامي وأيقظت "الخليل" يصوغ بحـراً فريــداً في القريـض وفي الكــلام فأنت أخـي "علـي" صنو عمـري وأنت ضيــاء عيني وابتســـــامي تفيـض صداقــة وتفوح صدقـاً وإن دعــت المروءة كالحســــام
ولعلك تعلم يا أخي الطيب بأن الخليل بن أحمد الفراهيدي ( مؤسس علم العروض ) من أهل عمان !
أما عما إذا كان من جيل أكتوبر أوجز لك القول بأنه كان من الذين سهروا في مستشفى الخرطوم ليلة الحادي والعشرين من أكتوبر المجيد عندما كان جقمان الشهيد القرشي مسجى على نقالة في البلوك رقم 1 .
Post: #43 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-15-2007, 05:37 PM Parent: #42
أوراق أكتوبرية (4)
عبد المنعم خليفة خوجلي - مسقط – سلطنة عمان
كنت قد أشرت في نهاية الحلقة السابقة – والتي استعرضت فيها جانباً من الأحداث التي أضافت إلى تراكمات الغضب الشعبي ، وإلى الاحتقان السياسي الذي تفجر أخيراً في أكتوبر الأغر- بأن هذه الحلقة ستكون مخصصة لأبرز تلك الأحداث ، ألا وهي ، مقاومة أهالي حلفا للتهجير إلى خشم القربة ، ومطالبتهم بحق اختيار الموقع الذي يهجرون إليه ، وحقهم في التعويضات العادلة .
وأرجو المعذرة إن ورد حديث عن شخصي الضعيف في هذه الحلقة ، وهو ما حرصت بقدر المستطاع على تفاديه وأنا أكتب هذه "الأوراق" لمصلحة الأجيال الحديثة. لكن شاءت لي الأقدار أن أكون في قلب هذه الأحداث تضامناً مع أهالي حلفا. ولقد عرفت منذ عهد الدراسة بمدرسة خورطقت الثانوية بأنني نوبي الهوى ، ولي علاقات نوبية ممتدة وصداقات حميمة مع الكثيرين من النوبيين (فاروق كدودة - زكي عبد الرحمن - عبد الفتاح صيام - عبد المجيد علي حسن - عبد الوهاب صالح - الصاوي بتيك - محمد عثمان فرح - وآخرين كثر) ؛ وترسخت تلك العلاقات أكثر في جامعة الخرطوم وفي عملي بوزارة التجارة الذي جمعني بالمنارة النوبية المضيئة .. محي الدين شورة ، والذي أصبح الوكيل الأول للوزارة . ومن أعز أصدقائي النوبيين عابدين عبد الهادي (عليه رحمة الله) مدير شركة النظارات والساعات الأهلية ، وهو قريب عاقل عطا المنان زميلي بالاقتصاد الوطني . غير أن أكثر ما عمق علاقاتي مع النوبيين هو قضائي أياماً بلياليها مع القيادات النوبية البارزة ( محمد توفيق - صالح محمود إسماعيل - محمد عثمان وردي – محمود إبراهيم أحمد - والعم عبده دهب ، والذي هو دنيا بأكملها! ! ) في حراسات المديرية، والقسم الجنوبي بالخرطوم ، وسجن أم درمان، بعد اعتقالي معهم في مظاهرة أهالي حلفا الشهيرة في 25 أكتوبر 1960م ، والتي سيأتي ذكر تفاصيلها في هذه الحلقة .
لقد كانت قضية التهجير قضية ذات أبعاد مصيرية ونفسية حادة بالنسبة لأهالي حلفا ، بل كانت زلزالاً هز وجدانهم ؛ إذ رأوا فيها عاصفة تهدد ، ليس فقط تاريخهم وموروثاتهم الحضارية ، بل تهدد أيضاً مستقبلهم وبقاءهم وذاتيتهم . فمنذ توقيع اتفاقية مياه النيل بين السودان ومصر ، والتي أكدت بنودها على قبول السودان بناء السد العالي ( وموافقة مصر على بناء خزاني الروصيرص وخشم القربة ) ، تبين أن مياه البحيرة التي ستنشأ سوف تغمر 150 كيلومتراً داخل الأراضي السودانية ، وأن المياه سوف تبتلع مدينة وادي حلفا وسبعة وعشرين قرية بكامل أراضيها الزراعية ونخيلها وآثارها التاريخية ؛ وسيصبح قرابة 40 ألف شخص دون مأوى ويجب تهجيرهم وإيواؤهم .
كان على النوبيين إذاً تقديم تضحيات كبيرة .. وكان الأمر يحتاج إلى جهد عظيم لإقناع أهالي المنطقة بفكرة الانتقال .
زار الفريق إبراهيم عبود المنطقة وسط أجواء مشحونة بالقلق والاستياء ، وحدث أهلها انه جاء ليقف بجانبهم في تلك اللحظات الحرجة .. وكان متأثراً لدرجة أن سمع صوته يتهدج وشوهدت دموعه تتساقط . وعدهم بالعمل على توفير حياة معيشية جيدة لهم ، وتعويضهم تعويضاً مجزياً وكاملا .. وما هو أهم ، وعدهم بقبول اختيارهم لمسكنهم الجديد في أي بقعة من السودان ، ذاكراً لهم أنهم سوف لن يجبروا على أي شيء خلاف ما يرغبون .
لا أرمي من خلال هذه "الأوراق الأكتوبرية" إلى توثيق مختلف جوانب هجرة النوبيين ( حيث أن تلك مهمة اضطلع بها بكفاءة فائقة الإداري الفذ السيد / حسن دفع الله - المسئول عن التهجير- في سفره الرائع The Nubian Exodus- هجرة النوبيين - وقد استعنت به كمرجع في كتابة هذه الحلقة ) . بل ما رميت إليه هو وصف الحالة النفسية لأهالي حلفا ومقاومتهم، خاصة وأنه لم يتم الوفاء لهم بالوعد بإعطائهم حق اختيار الموطن الجديد، وكذلك الإشارة إلى التعاطف والمساندة التي وجدوها من فئات المجتمع المختلفة، ومن بينها طلاب جامعة الخرطوم؛ ثم وصف مقاومة التهجير إلى خشم القربة بكامل حدتها وعنفوانها ، وتحولها إلى قضية سياسية كبرى .
كان موقع خشم القربة واحداً من عدة خيارات أعطيت لأهالي حلفا، وطلب منهم اختيار ما يناسبهم منها ، وذلك من خلال التصويت الذي اشتركت فيه اللجان الأهلية الممثل فيها جميع القرى في المنطقة المتأثرة . ووقع الاختيار الأول على جنوب الخرطوم ، والثاني منطقة الكدرو ، والثالث وادي الكاوي (دنقلا) ؛ ثم خشم القربة في المرتبة الرابعة . غير أن الحكومة رأت أن خشم القربة هي الموقع الأنسب ، وذلك بناء على نصائح متخصصة محلية وعالمية . وقد أثار ذلك حفيظة أهالي حلفا ، وتساءلوا لماذا إذاً كان أخذ رأيهم وإعطائهم حق الاختيار طالما أن الموقع الذي سيهجرون إليه معد سلفاً ؟
قررت الحكومة إرسال وفد وزاري لإبلاغ المواطنين بالقرار، رغم أن السيد/ حسن دفع الله حاول أن يثني الحكومة عن إتمام تلك الزيارة في ذلك الجو المشحون بالغضب، واصفاً إياها بعرض القماش الأحمر على ثور في حلبة الصراع ! غير أن الزيارة تمت وحضر إلى حلفا وفد مكون من اللواء البحاري (وزير الداخلية) ، واللواء المقبول الأمين (وزير الزراعة) ، واللواء طلعت فريد ( وزير الاستعلامات والعمل ) ، والدكتور/ محمد احمد علي (وزير الصحة) . قاطع أهالي حلفا الزيارة ، ولم يكتفوا بالمقاطعة ، إذ سرعان ما تحولت المقاطعة السلبية إلى ثورة عارمة ، حيث تجمهر حوالي ثلاثة ألف رجل على الطريق الرئيسي بالقرب من مسجد دغيم ، يحمل بعضهم عصي ثقيلة ، وآخرون يحملون حجارة كبيرة يضعونها على الطريق ، وتسلق آخرون أعمدة الهاتف وقطعوا الخط التلفوني الرئيسي للخرطوم . وردد المتظاهرون هتافات : " أين وعودك يا عبود ؟" .. " أين دموعك يا عبود !؟ " ..ثم تحولت إلى هتافات سياسية مباشرة : " فقدت ثقتنا يا عبود " .. " إلى الثكنات يا عساكر " . وخلال وقت وجيز انضم أهالي أرقين وأشكيت ودبروسة للمتظاهرين ؛ وقد وصف السيد/ حسن دفع الله تلك المظاهرة " رأيت سعاد إبراهيم احمد تتقدم مجموعة من النساء يرتدين الزي التقليدي قادمات من ناحية دغيم وأخذن مكانتهن خلف المتظاهرين ، وبدأن في نثر الغبار بأيديهن مسببين سحباً كثيفة ويصرخن بأصوات حادة بلهجتهن – فديروا والا هجو موتو خشم القربة لا – أي نفضل الموت دون الذهاب لخشم القربة"
" الحقيقة المذهلة في هذه التظاهرة هي أنه لأول مرة سمعت فيها الأصوات تنادي ضد الهجرة (كانت سابقاً ضد خشم القربة) ؛ وكذلك كانت أول تظاهرة تخرج معادية لنظام الرئيس عبود العسكري ". من المفارقات التاريخية الجديرة بالتسجيل في هذه "الأوراق الأكتوبرية" أن هذه الأحداث جرت في حلفا في يوم 21 أكتوبر 1960م ! وتواصلت في اليوم التالي أيضاً .
وفي يوم 25 أكتوبر انتقلت الأحداث إلى الخرطوم ، حيث تجمع في شارع القصر كل المجتمع النوبي بالخرطوم رجالاً ونساء وأطفالاً في أزهى حلل ، وكأنهم مقدمون للمشاركة في حفل عرس ، والنساء بالزي الحلفاوي التقليدي (الجرجار) ، والكل في درجة عالية من الانتظام ، وكأنهم رأوا أن يقدموا للمجتمع السوداني وللعالم نموذجاً في التحضر .. كان يوماً تاريخياً ومؤثراً للغاية . غير أنهم كانوا مزودين بنفس مشاعر أهلهم في حلفا ، ومدركين لكل أحداث الأيام الماضية . لم يكن أحد يأبه لما قد يحدث ، حيث كل شيء يهون من أجل حلفا . كان هذا الجمع النوبي مهيباً لدرجة أن مواطني الخرطوم من غير النوبيين فضلوا أن لا يفسدوا على أهالي حلفا هذا البهاء ، الذي لا تزال صورته مطبوعة في ذاكرتي بكل تفاصيلها الملونة .
في نفس هذا الوقت كان طلاب جامعة الخرطوم منتظمون في موكب عظيم شق شارع الجمهورية حتى التحم مع موكب أهالي حلفا المهيب بشارع القصر. لم يكن موكب الطلاب بنفس درجة الانتظام والانضباط . وكان التجمع الجماهيري بهذه الضخامة مناسبة ظل الكثيرون يتوقون لها . وكما ذكر سابقاً بالنسبة للتظاهرة التي جرت في حلفا ، فقد كانت هذه التظاهرة في الخرطوم هي أيضاً الأولى ضد نظام نوفمبر العسكري ، مما حدا بالمتظاهرين أن يجعلوا منها مناسبة تحفز الشعب على أخذ حقوقه .. إذ أن الدنيا تؤخذ غلابا ! في الحقيقة موضوع المشاركة في تظاهرة أهالي حلفا كان مثار بحث في أوساط الطلاب في الجامعة ؛ وكانت حوله وجهات نظر متباينة ؛ فالجميع متفقون على التضامن والمؤازرة مع أهالي حلفا ، غير أن البعض يرى أن هذا هو يوم أهالي حلفا المخصص لقضيتهم ، ويجب أن لا ننقص من رونق إعدادهم وتنظيمهم له ، ومن الأفيد أن يكون له التأثير الكامل Full impact دون تشويش . من الناحية الأخرى كان البعض الآخر يرى أنه من غير المناسب اجتماعيا وسياسيا أن يترك أهالي حلفا يقاومون ويصارعون لوحدهم وهم في هذه اللحظات المؤثرة في تاريخهم دون سند من أحد ؛ ورأوا في السلبية حياد عن تقاليد طلاب جامعة الخرطوم . كما دافع آخرون عن ضرورة تحويل هذا التحرك الجماهيري لصالح قضية الشعب الأساسية التي ظل يناضل من أجلها لسنوات ، وليس ما أصاب أهالي حلفا إلا جزء من تلك القضية الأساسية ؛ وعضد مؤيدو هذا الرأي أن هتافات مواطني حلفا أنفسهم في الأيام الثلاثة الماضية لم تقتصر على معارضة التهجير لخشم القربة ، بل تحولت إلى هتافات سياسية . ومهما كان من تباين الآراء فقد كان اندماج الطلاب مع أهالي حلفا كاملاً ومؤثراً وناجحا سياسياً ، وطافت التظاهرة الهادرة بمختلف شوارع وسط الخرطوم مرددة الهتافات المتعلقة بقضية التهجير ، والتي طغت عليها الهتافات السياسية . وقد استخدمت الشرطة الهراوات والغاز المسيل للدموع بكثافة ، وتم اعتقال العديد من رموز المجتمع النوبي وقياداته ، والذين كانوا مهيأين تماما لذلك ، بل إلى ما هو أكثر.
كما تم اعتقال بعض الطلاب ، وكنت من بينهم ( استعاد هذه الذكريات الأخ الأستاذ / محمد وردي عند تقديمي له في النادي السوداني بمسقط في العام الماضي ذاكراً أنني كنت العربي الوحيد ! المعتقل وسط الجمع الغفير من النوبيين الذين ضاقت بهم حراسة المديرية ، ولذلك تم تحويلهم في اليوم التالي إلى سجن أمدرمان ، ثم إلى القسم الجنوبي بالخرطوم. في الحقيقة لم أكن العربي الوحيد إذ كان هناك الأخ المقدام/ عبد الله محمد عبد الرحمن المعروف بـ الـ invisible – عليه رحمة الله – وهو أحد شهداء أكتوبر- رغم وفاته بعدها بسنوات- لأن الرصاصات التي أصابته في أكتوبر بقيت داخل رئتيه . من الطرائف والتي اعترف لي بها الأخ وردي والأخ عابدين عبد الهادي لاحقاً ، أن وجودي وسط ذلك الجمع النوبي كان مثار تعليقات بالرطانة ، بل تشكك وتساؤلات تطوع البعض بتقديم التفسير لها بـ "أنه لا بد أن يكون غواصة !!" حرام عليكم !! تولى الأخ وردي الشرح وإزالة الشكوك ، وكنت قد تعرفت عليه قبل ذلك بثلاث سنوات مع أصدقائي النوبيين عندما زارنا في خورطقت عام 1957م ، وقضى معنا أسبوعين أمتعنا فيهما بأغنياته الأولى " يا سمارة الليلة يا سمرة" وأغنيات أخرى باللهجة النوبية .. التمنيات للأخ الأستاذ/ وردي بموفور الصحة ) .. نعود إلى السياق .
من ذكريات تلك الأيام أنه في حوالي الساعة التاسعة من صبيحة اليوم التالي للتظاهرة طلب من السيد/ محمد توفيق - وهو مع بقية المعتقلين في حوش حراسة المديرية- مقابلة الضابط . حسبنا أنه ربما تكون تلك المقابلة بسبب اتخاذ قرار بتحويله لمعاملة خاصة نظراً لدرجته الوظيفية الرفيعة في الحكومة ؛ غير أنه عاد إلى ذات الحراسة حاملاً خطاب إحالته للتقاعد بموجب المادة 32 ب اللعينة!!
ومن الشخصيات النوبية التي سعدت بمعاصرتها في تلك الأيام العم عبده دهب ،الذي يحملك حديثه إلى أغوار تاريخ اليسار في مصر والسودان ، وهو حديث مشوق لا يخلو في كثير من الأحيان من بعض القصص المثيرة ! ، مثل حديثه عن مقابلاته مع الرفاق تولياتي وموريس توريس ؛ وعن كيف خططوا مع التقدميين المصريين تفجير السفينة نوتردام عند عبورها قناة السويس، تضامناً مع الثوار في إحدى جزر أندونيسيا في حرب التحرير ضد الاستعمار الهولندي . ولتمرسه في فنون الدفع بعدم التواجد في مكان الحدث (alibi) التي أتقنها في مسيرته النضالية العامرة ، لم يدافع دفاعاً سياسياً في المحكمة مثل بقية أهالي حلفا ، بل صارع ممثل الاتهام حتى صرعه!! . بعد هذه الحلقات عن الفترة السابقة لأكتوبر ، آمل أن أنتقل لتناول الفترة الأكتوبرية بعد الحادي والعشرين من أكتوبر عام 1964م .
Post: #44 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: الطيب شيقوق Date: 12-16-2007, 08:11 AM Parent: #43
أخي دكتور منعم
شكرا على الاضاءات الجميلة
Quote: ولتمرسه في فنون الدفع بعدم التواجد في مكان الحدث (alibi)
لله درك يا دكتور وانت تحرك فينا مواضيع سكنت مساحات في وجداننا القانوني .
ALIBI سأعود اليها يا دكتور بعد قليل .
Post: #45 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: مي أبوقصيصه Date: 12-16-2007, 09:31 AM Parent: #44
أستاذنا الرصين عبد المنعم الخليفة
أثناء تجاذبي الحديث مع أخوناشيقوق حول أحد المسائل القانونية وردت كلمةالـAlibi فأومأ لوجود مقال نشره الأستاذ عبد المنعم الخليفة في المنبر العام حفي بي أن أطلع عليه، فإذا بي أفاجأ بلوحة توثيقية فريدة بلون أكتوبر الأخضر تفنن أستاذنا عبد المنعم الخليفة في رسم أحداثها وتصويرها، وأقل ما يقال عن الأستاذ عبد المنعم هو ذلك الوصف البليغ الذي أتانا به الأستاذ الزاكي عبد الحميد
Quote: هو رجل يحاضرك عن الاقتصاد (وهو مجاله الأكاديمي) فيأتيك حديثه شعراً يسرع القلب إلى قبوله قبل الأذن إلى سماعه..
وينشدك شعراً فتعانقك أبياته حميمية وهي تفعل في دواخلك فعل الطل في الثرى العطشى فيرتد إليك صداها دعاشاً عبقاً يجذر انتماءنا لوطن نحن مسكونون بحبه إلى ما لا نهاية..
ويترجم (من باب الهواية فقط) الشعر الانجليزي إلى العربية شعراً فتحترم في شخصه روديارد كيبلينج وأنت تقرأ ( فزي ..وزي) محلقاً في فضاءات بجاوية ولسان حالك يقول: هذا هو السودان الذي نريد فما أجمله أنّى أجلت بنظرك: شمالاً شئت أم جنوباً..شرقاً يممت أم غرباً.. .
نشكر لك أستاذنا عبد المنعم هذا الجهد ونتابع معكم هذا السرد التاريخي الحافل
لكم خالص الود والتقدير
Post: #46 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: الطيب شيقوق Date: 12-16-2007, 10:30 AM Parent: #45
استاذي منعم ارجو الا تحسب المداخلة تغيير مسار اوراقك الجميلة فنحن متابعون ايها الحبيب .
ِAlibi مصطلح لاتيني يعني"Somewhere else". ان عبء إثباته يقع على المتهم, ولكن السؤال هو هل يتم الإثبات وفقا لارجحية البينات كما في القانون المدني ام بما لا يدع مجال للشك كما في القانون الجنائي.
ففي سابقة جونسون ضد بينت والتي تعود وقائها للعام 1934 ارست المحكمة الدستورية الامريكية عند ممارستها لسلطة الـ certiorari مبدأ غاية في الاهمية, حيث ذهبت إلى ان إلقاء عبء الإثبات على المتهم يخالف صحيح القانون او الوسائل القانونية السليمة(Due process of law). وكان محور إلتماس المتهم قد إستند على التعديل الرابع عشر من الدستور الامريكي الذي يتحدث عن الـ Due process of law والسابقة في تقديري تعد من اجمل السوابق في دفع الـ alibi
U.S. Supreme Court JOHNSON v. BENNETT, 393 U.S. 253 (1968) 393 U.S. 253 JOHNSON v. BENNETT, WARDEN. CERTIORARI TO THE UNITED STATES COURT OF APPEALS FOR THE EIGHTH CIRCUIT. No. 32. Argued November 13-14, 1968. Decided December 16, 1968.
In 1934, petitioner was indicted for murdering a policeman in Burlington, Iowa. Petitioner claimed that he was innocent and that he had not been present at the scene of the crime. At the trial, several witnesses testified that petitioner had been in Des Moines, 165 miles away from Burlington, on the day that the crime was committed. The trial judge instructed the jury that for the petitioner to be entitled to an acquittal on the ground [393 U.S. 253, 254] that he was not present at the scene of the crime, the petitioner must have shown by a preponderance of the evidence that he was not present. 1 The jury found petitioner guilty of second-degree murder, and petitioner was sentenced to life imprisonment. His conviction was affirmed by the Iowa Supreme Court. State v. Johnson, 221 Iowa 8, 264 N. W. 596 (1936). 2
In his habeas corpus proceeding, the petitioner argued, among other points, that the State had denied him due process of law by placing on him the burden of proving the alibi defense. The United States District Court for the Southern District of Iowa rejected this argument and denied the petition. The United States Court of Appeals for the Eighth Circuit affirmed. 386 F.2d 677 (1967). We granted certiorari to consider the constitutionality of the alibi instruction, along with other issues. 390 U.S. 1002 (1968). 3 After we granted certiorari, the [393 U.S. 253, 255] Court of Appeals for the Eighth Circuit, sitting en banc, held in another case that the Iowa rule shifting to the defendant the burden of proving an alibi defense violates the Due Process Clause of the Fourteenth Amendment. Stump v. Bennett, 398 F.2d 111 (1968). 4 In view of that holding, we vacate the decision in this case and remand to that court for reconsideration. 5
لكم خالص الود
Post: #47 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 12-31-2007, 10:36 AM Parent: #44
الشكر الجزيل لك أخي العزيز الاستاذ الطيب شيقوق وللإبنة الأستاذة مي أبوقصيصة على كلماتكم المشجعة ومساهمتكم المثمرة . الاعتذار لكما وللجميع عن الانقطاع لفترة عن التعليق وعن مواصلة الأوراق الأكتوبرية ، وذلك بسبب إجازة العيد التي أبعدتني عن الكيبورد وعن سودانيزأونلاين لأكثر من أسبوعين . .آمل أن أواصل قريباً .
يبدو أنني يا أخ الطيب تأثرت بالأخوة القانونيين الذين زاملتهم بشكل خاص في داخلية بحر الغزال بجامعة الخرطوم ، والتي يشكل طلاب كلية القانون الأغلبية فيها. وبهذه المناسبة يسرني أن أهديكما وأبناء جيلنا هذه الصورة التذكارية للجنة داخلية بحر الغزال في ذلك الزمان ، حيث تلاحظون أنني الوحيد وسط أربعة من القانونيين هم الأخوة/ محمد نور طمبل ، والحسين الحسن ، ومبارك إمام ، وصلاح أبو عصاية. محبتي عبد المنعم خليفة
Post: #48 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: أحمد طراوه Date: 12-31-2007, 09:27 PM Parent: #1
.. و الله زى اوراق الخريف ! هذه الاوراق الاكتوبرية ..
شكرا با عبد المنعم خليفة خوجلي إنك لم تحرمنا من المعرفة و حقائق التاريخ اللتى لا تشوبها شائبة
.. شكرا لك وانت تسير علي نهج كاتب الشونة و الشاطر البصيلي .. و علي نهج المُؤرخ الجليل / محمد عبد الرحيم :
" نفثات اليراع في التاريخ و الادب و الاجتماع "
اللهم امنح كاتبها رفيع المقام القوة و الشدة و براح الوقت عشان نضيف لمكتبة الاستنارة و علم التاريخ - الاجتماعي - السياسي السودانى ، كتاب فريد و زاهى علي شاكلة :
" حكاوى كانتربري الاكتوبرية "
ليك سلام فايزة دهب يا منعم ، وهي بتقول ليك :
كانت امها فاطمة محمد صالح ، و فتحية العمدة زوجة داؤد عبد اللطيف ، و حميدة عيسى زوجة محمد توفيق في قلب تلك التظاهرات اللي شكلت تاريخ السودان الحديث علي نحو حاسم
" اتصور إنو التظاهرة اللي قادتا سعاد ابراهيم احمد في 1960 هي اول تظاهرة نسائية صريحة في تاريخ السودان "
يا منعم قول لينا اكبر معلومات ممكنة عن الراحل عبدو دهب اللي علم قريبو فاروق كدودة و عبد الخالق و نقد فنون الا ختفاء
.. و اصلا زكي مراد و قبل موتو الغريب المريب علي الطريق الزارعي بتاع اسكندرية / القاهرة كان حكى لينا ملامح عابرة لكنها مُحفزة و مثيرة عن شخصية عبدو دهب ..
Post: #49 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-02-2008, 07:52 AM Parent: #48
الشكر الجزيل أخي الدكتور طراوة على كلماتك الجميلة والمشجعة ؛والشكر موصول للسيدة الفضلى الأخت فائزة مع التهنئة.
Quote: كانت أمها فاطمة محمد صالح ، و فتحية العمدة زوجة داؤد عبد اللطيف ، و حميدة عيسى زوجة محمد توفيق في قلب تلك التظاهرات اللي شكلت تاريخ السودان الحديث علي نحو حاسم .
الأمنيات الطيبة للوالدة فاطمة محمد صالح ، متعها الله بالصحة والعمر المديد ، والإعجاب بمشاركتها في المسيرة النوبية المهيبة والتاريخية . كما ذكرت فقد تمت إحالة السيد محمد توفيق إلى التقاعد بعد أقل من 24 ساعة من التظاهرة ! وتمت إحالة السيد داؤود عبد اللطيف في ديسمبر (بعد أقل من شهرين) .. وقد أورد السيد حسن دفع الله في سفره الرائع "هجرة النوبيين" أن من أسباب ذلك مشاركة زوجته في مسيرة أهالي حلفا !
آمل أن أبحث لك بجدية عن السيرة النضالية للعم عبده دهب – بعيداً عن جانب الطرائف العديدة التي تروى عنه .
عبد المنعم
Post: #50 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-02-2008, 08:10 AM Parent: #49
أوراق أكتوبرية (5) عبد المنعم خليفة خوجلي مسقط – سلطنة عمان
كنت قد أشرت في ختام الحلقة الرابعة بأنني سأنتقل من الخلفيات إلى صميم الفترة الأكتوبرية . غير أنني أحيد عن ذلك النهج بتخصيص هذه الحلقة لنشر وثيقة نادرة ، متمثلة في نص المذكرة التي قدمها اتحاد طلاب جامعة الخرطوم واتحاد طلاب المعهد الفني للمجلس الأعلى للقوات المسلحة في الثامن من نوفمبر 1961م ؛ والتي وردت الإشارة إليها في الحلقة الأولى .
ما يدفعني لذلك أن المذكرة ذات صلة وثيقة بالموضوعات الجوهرية التي تتناولها هذه الأوراق الأكتوبرية ، والتي ظللت أكتبها من الذاكرة . . وحيث أنني تمكنت أثناء وجودي بالسودان في عطلة عيد الأضحى من الحصول على نص المذكرة من صديق عزيز ، وزميل في لجنة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم التي كانت قد حملت المذكرة - ومعها لجنة اتحاد طلاب المعهد الفني - وقامت بتسليمها إلى ممثل الحكومة في رئاسة مجلس الوزراء.
كذلك تنبع أهمية نشر هذه الوثيقة من كونها - حسب علمي ومتابعتي - لم تنشر من قبل في أي مطبوعة ، مما يزيد من قيمتها كإضافة أصلية إلى تاريخ تلك الفترة.. وكنت قد أشرت سابقاً إلى أن التوثيق لثورة أكتوبر لا يبدأ فقط من ليلة الحادي والعشرين من أكتوبر .
الشكر أجزله إلى الصديق العزيز على إحساسه بالتاريخ ، وحرصه ومحافظته على هذه الوثيقة الهامة طيلة هذه العقود الخمسة ، ولا أقول نصف القرن (حفاظاً على الشباب !) فإلى نص الوثيقة التاريخية :
Quote: " أصحاب المعالي / رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد التحية والاحترام
لما كنا نؤمن أننا بصفة خاصة مدينون لهذا الشعب الكريم الذي بذل لنا من ماله وجهده ما مكننا من اكتساب المعرفة والثقافة ، ولما كنا نرى أننا اليوم بحكم ذاتيتنا كنا وما زلنا في وضع يمكننا من أن نعبر عن رأي أمتنا تعبيراً قومياً صادقاً ، ولما كانت الأمة قد عرفت كل ذلك عنا منذ عهد الاستعمار وإبان الحكم الوطني ، ولما كنا نرى أننا اليوم امتداد طبيعي لذلك التاريخ المجيد ، وأننا ملتزمون أدبياً ووطنياً أن نحمل الأمانة التي خلفها لنا أسلافنا وفرضتها علينا ذاتيتنا كشباب مثقف تعلق عليه الأمة كثيراً من آمالها ؛ فنحن الممثلون الرسميون لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم واتحاد طلاب المعهد الفني وغيرهم ، نتقدم لمجلسكم بهذه المذكرة التي تحمل بعض آراء ومقترحات جماهير الطلاب السودانيين .
وقبل عامين في 10 سبتمبر 1959م على وجه التحديد رفع اتحادنا لحكومتكم مذكرة وطنية تطالب بعودة الحياة الديمقراطية ، ذلكم لأن النظام الراهن قد برهن وبصورة أكيدة عدم ملاءمته لظروف شعبنا .. وقد مضت ثلاثة أعوام على قيام الثورة التي أعلنتم فيها أنكم استلمتم مقاليد الحكم لإصلاح ما فسد في الجهاز الاقتصادي والإداري . وبعد مضي كل هذه الفترة فأننا نرى أنكم لم توفقوا في إصلاح الفساد في الأجهزة المختلفة . ثم أننا نرى أن زج الجيش في المسائل السياسية وتولي أمور الحكم بصفة دائمة وتركه لمهمته الأساسية ، الأمر الذي أودى بوحدة الصف داخل الجيش . وقد قامت خلال هذه الفترة ثلاث محاولات من داخل الجيش لقلب نظام الحكم . ولم يسكت شعبنا إطلاقاً على هذه الأوضاع ؛ فقد هب الشعب في كل اتجاه لإبداء وجهة نظره في الحكم . فقد قدم الطلاب والعمال والمزارعون والجبهة الوطنية عرائض ومذكرات عديدة ، وخاض الشعب بأسره معارك مختلفة لإنهاء هذا النظام واستبداله بنظام ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب .
وإن مصادرة الحريات وحرمان المواطنين من التعبير عن آرائهم في المسائل الوطنية واعتقال المواطنين ، مما أدى إلى فقدان الثقة بين الحاكم والمحكوم ، وإن جواً من الحيرة والقلق يسود عقول المواطنين من تسلط البوليس وجريه وراء الناس وإحصائه لحركات المواطنين ؛ وفي المحيط العالمي فقد تميزت سياسة الحكومة بعدم الوضوح والسلبية من كل قضايا التحرر ، وفي القضايا الإفريقية والعربية خاصة ؛ الأمر الذي أفقد السودان سمعته الخارجية التي اكتسبها في بادئ الحكم الوطني .. وأن وضع السودان في قلب إفريقيا كان يحتم عليه أن يلعب دوراً فعالاً في تحرير إفريقيا ونصرة القضايا العربية في فلسطين والجزائر وجنوب الجزيرة .. وكل هذا يعزى لفقدان النظام الديمقراطي وانفراد الحكومة بتخطيط سياسة الحكم .
ولقد ظللتم ترددون في بياناتكم المتلاحقة أن مهمتكم مؤقتة .. ولعلكم تذكرون بيانا صريحاً يناقضه .. فمن حق الناس والحالة هذه أن يعبروا عن رأيهم في التغيير إلى وضع سليم ، وأن يشيروا بما يقترحونه طريقاً لدستور البلاد - ولا دستور لها حتى الآن - الأمر الذي لا يجد له مثيلاً في أي بلد مستقل في العالم غير السودان ، مع قيام حالة الطوارئ التي منعت المواطنين وسائل التعبير ، وأبعدت عنهم وسائل الحكم العادي ، لأن كل سلطة أصبحت في يد حاكم عسكري هو الأول والأخير في نهاية هذا كله ؛ بل لا نخال إلا أن هذا التساؤل قد خرج عن نطاق البلاد إلى العالم الخارجي .
لكل ما سبق طالبنا وسنطالب بأن يتقرر مصير الحكم في البلاد بالتشاور بين ممثلي كل الفئات المختلفة للشعب السوداني ليكون الوضع الجديد عادلاً وديمقراطياً ومنبعثاً من إرادة الشعب السوداني .
لذا نتقدم نحن الطلاب السودانيون إلى مجلسكم بهذه المقترحات يحدونا اهتمامنا بمستقبل هذا الشعب وتجنبه ويلات الفتن والانقسامات ، راجين أن تعيروها اعتباراً مخلصاً جاداً لا لشيء إلا لأن الإخلاص منبعها والجد رائدها .. وهي تتلخص في ما يلي :
1. عودة الجيش إلى أداء مهمته الأساسية ، وهي حماية البلاد والدفاع عنها . 2. إعادة الدستور المؤقت ريثما وضع دستور دائم . 3. تكوين حكومة قومية انتقالية ممثلة كافة الاتجاهات السياسية ويكون من اختصاصها :
أولا : القيام بأعباء الحكومة والسلطة التنفيذية حسب الدستور المؤقت . ثانياً : إقرار هذه الهيئة قانوناً جديداً للانتخابات ؛ ثم تجرى انتخابات جمعية تأسيسية تصيغ وتقرر الدستور الدائم . ثالثاً : إلغاء قانون الطوارئ وان تطلق جميع الحريات بما في ذلك حرية الصحافة وعودة الأحزاب والنقابات والاتحادات - حتى يتهيأ الجو المناسب لإجراء الانتخابات وإقرار الدستور .
اتحاد طلاب جامعة الخرطوم اتحــاد طــلاب المعــهد الفني" الخرطوم 8 / 11 / 1961م
Post: #51 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-04-2008, 10:29 PM Parent: #50
بكل الفخر والسعادة تلقيت هذه التعليقات على الحلقة الرابعة من الأوراق الأكتوبرية من صديقين نوبيين عزيزين هما الإخوة محي الدين محجوب شورة وال(زميل)! إبراهيم طه أيوب . وإن من محاسن كتابة هذه المقالات أن جمعتني بهما بعدسنوات تبعثرناخلالها في كل وادي ! وحيث أن كلا الصديقين من الناطقين بغيرها فقد جاءت إسهاماتهما بالأنجلوساكسونية ! كتب الصديق ( الوكيل الأول السيد/ محي الدين شورة ) ضروري المحافظة على الألقاب حيث أن ذلك من أصول الخدمة المدنية! وهو يتعجب كيف أنني لا أجيد اللهجة النوبية ويدعوني لتعلمها والامتحان فيها لكي أتأهل للقب من "إندنا" !
Quote: Came to read your nice article 4 ( Awrag Octoberiah). I was greatly touched when you mentioned me by describing me saying: "Almanarah Alnobiah Almodeih". Really, I was impressed by what you said not only about me but about your close relationship and ties with the Nubians and specifically with a number of prominent Nubians and your heartfelt and humane feelings towards our race. But what is puzzling me is that you do not know at least some words in Nubian after all these years relationship; you should have learnt some. This is the only way to be a candidate to be considered for Nubianship. Certainly, you have in Oman a number of Nubians and you must ask them to teach you to know at least some words. In three months time from now you shall sit for the exam and hopefully you may pass!
وكتب الصديق ( سعادة السفير ومعالي وزير الخارجية الأسبق إبراهيم طه أيوب) أيضاً محافظة على التقاليد! هذه الكلمات التي تفيض بالمودة والتقدير :
Quote: Your photographic memory and lessons you are trying to convey to the new generation, especially those who are in University of Khartoum. Your nice words on our people are most appreciated and noted!
للصديقين العزيزين عاطر التحايا وأجزل الشكر. عبد المنعم خليفة
Post: #52 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-08-2008, 01:06 PM Parent: #51
وصلتني عبر البريد الإلكتروني رسالة ( باللغة الإنجليزية !) من الصديق القانوني والدبلوماسي السابق عبد الله مسعود (الطالب بالسنة النهائية بكلية القانون بجامعة الخرطوم في حينها) ، يروي فيها تفاصيل يوم 21 أكتوبر 1964م كما عايشها منذ النهار - والذي بدأ عادياً كسائر الأيام - إلى مسائه الذي شهد المواجهة التاريخية بين الطلاب والشرطة (التي استخدمت الذخيرة الحية)، والصدام الدامي الذي نتج عنه استشهاد القرشي وجرح العديد من الطلاب .
يروي الأخ مسعود تفاصيل مشاركته في نقل الجرحى من زملائه الطلاب لمستشفى الخرطوم ؛ وكيف تسلل إلى الغرفة التي كان بها جثمان الشهيد القرشى مسجى على نقالة في غرفة منفردة بالبلوك الأول في الجناح الشمالي من مستشفى الخرطوم (لم تكن الغرفة محروسة في حينها ) . وحيث لم يكن الجثمان مغطى ، يصف مسعود تفاصيل إصابة الشهيد القرشي ، إذ أن رصاصة قد أصابته فوق الجبين واستقرت في مؤخرة الجمجمة .
ترددت في نشر الرسالة - خاصة ذلك الجزء المتعلق بشخصي واستعارته لسيارتي ذلك النهار وتوصيلي له للبركس - لعدم الصلة المباشرة لذلك بالأحداث - لكني آثرت نشرها كاملة لأنني رأيت أن مثل تلك التفاصيل الدقيقة تضيف بعض المصداقية والنكهة إلى التوثيق المنشود لثورة أكتوبر ، والذي ربما يركز من يضطلعون به عادة على إبراز الأحداث الهامة وتطوراتها بشكل عام . وهذه مناسبة أدعو فيها الأصدقاء من أبناء ذلك الجيل إإلى لإسهام بتقديم رواياتهم عن أحداث تلك الفترة .
لعل في رسالة الأخ الأستاذ / عبد الله مسعود ، وتعليقي عليها لاحقاً ، مدخلاً مناسباً للحلقة القادمة ، وبداية تناول أحداث الفترة الأكتوبرية ، بعد أن اقتصر التناول حتى الآن على الفترة السابقة لأكتوبر واحد وعشرين .. صحو الشعب الجبار .. مشعل غضب الأحرار ! للأخ العزيز مسعود جزيل الشكر على هذه المساهمة المقدرة .. والتي هي أكثر من مجرد footnote في تاريخ أكتوبرالذي تغنت باسمه الأخضر الأرض واشتعلت الحقول قمحاً ووعداً وتمني !مع التحايا للصديق العزيز شاعر أكتوبر وحاديها الأخ محمد المكي إبراهيم . مع عامر الود عبد المنعم[/U]
فإلى الرسالة :
Quote: On Oct. 21st 1964, an hour before my dear friend Abdelmoneim Khalifa leaving the Ministry of Commerce at the end of the day, I popped into his office unannounced; a habit I developed ever since he joined the Ministry! I requested borrowing his Hillman car 4Kh. 1771 as I had an important appointment. He asked me to have lunch with him first in Burri, at his brother’s Abd El Rahman house and then catch my appointment. I reluctantly agreed as I was in a hurry. He had one condition though, that I should come back to him in Burri before dusk, but I could worm my way into his good graces arguing that I cannot make it before dusk as I planned to prepare for a mid-session examination in Tort between 6 and 8 as the examination would be held early Thursday morning. I left him completely dismantled, but he warned me that was by no means five minutes past 8. I said with a smile that extended from ear to ear,” Surely, as we have a Union meeting at 8:30 in the Barracks to discuss the continuous infringement of the University’s autonomy by the police forces”. When he asked me why the meeting was held in the Barracks, I explained that the usual meeting places had of late been easily accessible, but the Barracks would be difficult to wade.
I left after lunch without preamble and came back to him as agreed. He dropped me at the Barracks at the very time when masses of students were marching from the Campus to the Barracks. As soon as the leaders began delivering their speeches the police forces came by the side of the river and entered the Barracks armed with rifles, pistols and protective shields. When they approached the meeting place east of Sobat Hostel, the students armed with sticks and stones charged at them, hence they retreated and took cover behind the Barracks Medical Facility and began shooting when the mob closed on them. I vividly recollect that my intimate friend Ahmed El Shaigi, who was by my side, told me and the others who were standing behind on the upper most steps of Sobat Hostel, that those were fake bullets (fashank), aimed at driving us out of the Barracks. No sooner had the others begun moving than the shooting intensified. Some flinched but El Shaigi still believed that the bullets were not real. Suddenly El Shaigi and myself felt that only the two of us had stood their ground. Those who retreated to the higher places began to cry hysterically. Their voices were shrill and discordant, but two friends could still figure out that their mates were trying to warn them that the bullets that were flying above their ######### were deadly. They came to their senses and crept to the other side and found pools of blood and a lot of damage. The first barrage of bullets immediately killed El Qurashi who was hurried to Khartoum Hospital. El Shaigi and myself helped carry some of the injured students to staff cars whose owners were eyewitnesses and assisted in evacuating the severely injured.
El Shaigi and myself walked to the University Street with no clear idea what to do. There, near the current Mosque we found Ustaz El Hassan Ahmed El Hassan (died in a drowning incident in the United States in 1967) who asked us to join him to the hospital in his aging Morris Minor. We welcomed the idea and next to no time the tiny car was jammed with students uninvited.
When we got there the hospital was not yet dominated by the police forces. We could locate where the body of El Qurashi had been dumped on a stretcher in a solitary room in the First Block; the one facing the North Gate. I was able to sneak into the room that was neither guarded nor attended and found El Qurashi in shirt and trousers with his face uncovered. I clearly saw that a bullet had hit him just above the right brow and existed at the back of the skull.
لك التحية العم والاستاذ/ منعم ، ارى واقترح عليك تجميع ماورد عن الاكتوبريات فى كتاب موحد ، اعتقد ان الفكرة موجودة عندك ، هذا كم هائل من الذكريات والمعلومات القيمة والتى يحتاجها الكثيرون ممن لم يحظوا حضور تلك الفترة وماتضمنته تضحيات ومبادى فقدت الان وسط الممارسة السياسية الغير سليمة وعدم وجود الحرية الكافية للابداع .
لك ودى واكيد احترامى عمى / منعم
Post: #54 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-15-2008, 11:41 AM Parent: #53
الابن الرشيد شلال لك الحب والتقدير أيها الابن العزيز أشكرك على كلماتك الودودة وعلى تثمينك للأوراق الأكتوبرية ، مما يشجعني على مواصلتها وتجميعها أخيراً في وثيقة واحدة كما تفضلت باقتراح ذلك . مع سلامي وأمنياتي الطيبة للأسرة .
عبد المنعم خليفة
Post: #55 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-15-2008, 02:39 PM Parent: #54
كتبت الموضوع ادناه في البوست الخاص بسرقة بنك باركليز بمدينة وادمدني ، ورأيت من المناسب نقله هنا أيضاً . عبد المنعم
Quote: الابن / ناذر محمد الخليفة تحياتي وتقديري وأنت تتناول هذا الموضوع التاريخي .
تعيد لي كتاباتكم عن (عباس) - أنت وأصدقاؤك - ذكريات قديمة عن فترتين زمنيتين التقيت فيهما بعباس وتعرفت عليه وتزاملت معه !. يفصل بين الفترتين عشرون عاماً ، كما يفصل بين ظروف أي من الفترتين بون شاسع .
الفترة الأولى هي أخريات عام 1961م بسجن كوبر (وهي الفترة التي كنت قد تناولتها في بوست " أوراق أكتوبرية" ، وذلك في إطار الحديث عن ثورة أكتوبر . وحيث أن ذكريات كوبر حافلة وشيقة ومتعددة الجوانب ، لم أشأ الاسترسال التفصيلي حولها حتى لا أحيد عن وصف وتحليل الأحداث الجوهرية ذات الصلة بأكتوبر ( لربما أحتاج إلى بوست منفصل بعنوان " أوراق كوبرية !") .
والفترة الثانية كانت في أوائل الثمانينات من القرن الماضي بكنانة ، حيث كنت مساعدا للعضو المنتدب لشركة سكر كنانة ، وكان عباس يعمل موظفاً بشركة كبرنيل انترناشونال ، وهي المقاول المسئول عن تركيب المصنع الذي تم تصنيع ماكيناته في فرنسا (شركة تكنب) ؛ كما تم تصنيع الغلايات ومحطة الكهرباء في اليابان (شركة تاكوما وشركة فوجي)؛ وحيث أن مهمة شركة كبرنيل كانت مهمة كبيرة فقد تطلبت أن يكون لهم وجود ومساكن وموظفين بموقع المشروع ( وعلى ما أذكر أن عمل عباس في الشركة كان متعلقاً بالتموين Catering ).
في الفترة الأولى ( نهاية عام 1961م) كان عباس يقضي سنوات سجنه التي حكم عليه بها إثر دراما بنك باركليز بمدني ، وأذكر أنه كان متميزاً على بقية المساجين بأن القميص الذي يلبسه به علامة خاصة - قطعة من القماش الأحمر مخاطة على كتفه - وهي علامة تخص بها إدارة السجن فئة معينة من المساجين ممن ترى أنهم جديرون بحمل ذلك الوسام !
وفق ما تقضي به لوائح كوبر فإن هناك ساعة في نهار اليوم يقضيها المعتقلون السياسيون خارج جدران السجن ، في الهواء الطلق تحت ظلال الأشجار ، وذلك بتوصية من طبيب السجن (الدكتور الإنسان/ يوسف عثمان) من منطلق الحفاظ على الصحة النفسية للمعتقلين . حركة الخروج من السجن والعودة إليه بعد نهاية هذه "الفسحة" تتيح الفرصة للقاءات عابرة ، وأحياناً تكون ممتدة ، بين المعتقلين السياسيين فيما بينهم ، وبين المساجين المحكومين من غير السياسيين. كانت ساعة "الفسحة" هذه هي الفترة التي كنا نلتقي فيها بعباس ونتحاور معه ، ومع آخرين من بينهم شخص ترك لدينا انطباعاً مؤثرا (امسك عن ذكر الاسم) ؛ وهو لا تنطبق عليه صفة الإجرام ، بل كنا نلمس فيه الصفات السودانية الإيجابية - كل ما هناك أنه كان (همباتياً) يقيم العدالة الاجتماعية بطريقته الخاصة دون اكتراث لمدى قانونية ذلك!
الأصدقاء خوجلى عبد الرحيم أبو بكر ( عليه رحمة الله ) ومحمد العباس أبا سعيد كانوا من أكثر زملائنا مداومة وحرصاً على اللقاءات مع هؤلاء المسجونين ، وخلق علاقات إنسانية معهم . وكلا الصديقين يتمتع بحس أدبي رفيع يجعلهما يتذوقان طعم هذه التجارب الفريدة التي تسمح لهما بالغور في أعماق النفس البشرية وتلمس ما تمور به من دوافع وطموحات وصراعات . وكانا يثقان من أن وراء أي من هؤلاء المساجين ظروف مجتمعية معينة قادته إلى ما هو فيه ، وكان ذلك مدخلا لصحبة قوامها الثقة التي تساعد على البوح. ومن المعروف أن ظروف السجن تنشا عنها صحبة ذات طبيعة حميمة وودودة ، ناشئة من معايشة الظروف المشتركة والعيش خلف الأسوار سوياً . وفي القرآن الكريم ( سورة يوسف ) نتعرف على العلاقة الخاصة التي نشأت بين نبي الله يوسف الصديق وبين صاحبي السجن، اللذين ظل يدعوهما إلى التوحيد " يا صاحبي السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار" (صدق الله العظيم) ؛ بينما كانا بدورهما يبوحان له بهمومهما وشجونهما ، ويستفتيانه في تفسير أحلامهما عسى أن يجد لهم أملاً يخرجهما من مصيرهما البائس "وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه" (صدق الله العظيم).
في ليالي كوبر الموحشة كان الصديق خوجلي ( أبو الجاز ) يمتعنا بأن يعيد علينا بأسلوبه المشوق والمثير حصيلة لقاءاته مع مختلف (أصدقائه!) . ونظراً للظروف غير التقليدية التي عايشها عباس في حياته الحافلة ، كانت القصص المروية عنه هي الأكثر تشويقاً وإثارة ! فهو مثلاً يحكي عن ارتباطه بالحركات الثورية للسود في أمريكا ، ومشاركته في نضالهم من أجل اكتساب الحقوق المدنية ، وغير ذلك من أوجه النشاط السياسي ( خاصة وأنه يحكي لمعتقلين سياسيين !) . وكان أكثر ما يركز عليه عباس هو نفي الصفة الظالمة ( في تقديره )التي قد يطلقها البعض عليه ، والتي تساوي بينه وبين من يتسورون البيوت ، ومن يقطعون محافظ النساء ! إذ أن ما قام به عمل – في تقديره - أنبل من ذلك ! ولا بد من أن تتسع اللغة بحيث توفر الكلمات التي تعبر عن الوصف الدقيق الذي يميز بين التصنيفات المختلفة (للأعمال) ! .
لست متأكدا إن كان الأخ المرحوم خوجلي قد سجل مذكراته عن تلك الفترة ؛ لكني أعرف أن الأخ محمد العباس أبا سعيد قد كتب بأسلوبه الأدبي الممتاز مجموعة قصص قصيرة معبرة وشيقة تمثل حصيلة انطباعاته عن (صداقاته) مع المساجين (ومن بينهم عباس) (وأيضاً مع السجانين). وإذا ما وجدت هذه المخطوطة ، فلربما توفر مادة جيدة عن ما رواه عباس عن نفسه ، وذلك لأن كتابة الأخ الأستاذ / أبا سعيد عبارة عن صور قلمية حية للشخصيات التي تناولها.
الفترة الثانية التي جمعتني بعباس كانت في مطلع الثمانينات من القرن الماضي كما ذكرت ، ولم تتاح لي فيها فرصة لقاء شخصي معه ؛ وحرصت أن لا يتم مثل ذلك اللقاء الذي ربما يقود إلى اجترار الذكريات السابقة ، والتي ربما لا يرغب عباس في استرجاعها أو الحديث عنها ، ويفضل أن يتركها وراءه وهو يشق طريقاً جديدا .
الابن / ناذر عرفت من كتاباتكم أن عباس قد توفاه الله ، فلنسأل الله له الرحمة والمغفرة . وأرجو أن يتوخى الإخوة والأبناء المتداخلون الموضوعية في الكتابة ، وعدم الانسياق وراء الإثارة بإيراد قصص خيالية عنه .
لك التحيه والتقدير وأنت تقوم بهذا السرد الممتع والتوثيق القيم لثورة أكتوبر 1964 . وأتفق معك تماماً أن الرجوع للخلفيه والأحداث التاريخيه منذ إستيلاء عبود ورفاقه على السلطة يعطى صورة أوضح لعظمة ثورة أكتوبر. كما أنها كانت فرصة طيبة للإستفادة من معلوماتك عن تلك الحقبة. قطعاً التطرق بشفافية وتجرد لدور الكيانات والتنظيمات الأخرى، وبعض الأشخاص الذين نسمع عن مشاركاتهم أو بداية ظهورهم فى عالم السياسه كان مع ثورة أكتوبر، بغض النظر عن مواقفهم الحاليه.
(خارج الموضوع: لقد طال زمن الإغتراب وبعدت المسافات، وليس لى أخبار عن كثيرين لهم مكانه خاصة وتقدير، ومن ضمنهم الأستاذ عبد العزيز خليفه خوجلى، آخر مرة قابلته عام 1995 بفرجينيا. إن شاء الله يكون وأسرته بخير صحة وعافيه)
تحياتى لأسرتكم الكريمه ولك الود والتقدير
نادر الفضلى ٍٍ
Post: #57 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-16-2008, 09:29 PM Parent: #56
الابن نادر الفضلي تحياتي ومودتي
أشكر لك اهتمامك ومتابعتك برغبة ملموسة لهذه الأوراق الأكتوبرية . كم كنت أود أن تكون كتابتي مساهمة نحو التوثيق لأكتوبر وتسجيل أدوار الأشخاص والفئات المختلفة ، وبكل الشفافية والتجرد ، كما تفضلت ؛ غير أني أكتب من الذاكرة وتعوزني الوثائق ، ولهذا ذكرت منذ البداية أن هذه الأوراق ليست توثيقاً ولكنها ذكريات عن معالم تلك الفترة وفق معايشتي لها ، وتناول لبعض الأحداث بالتعليق والتحليل واستقاء الدروس . أملي أن يقوم مؤرخون مهنيون بالتوثيق المنشود ، وأكون سعيداً لو أسهمت هذه الأوراق في مساعدتهم ببعض الخلفيات . كذلك - وكما أوضحت من قبل - أن من أهدافي الرئيسية تزويد الأبناء من الشباب بنكهة وعبق تلك الأيام المجيدة .
أشكرك أيضاً أيها الابن الوفي على كلماتك الودودة عن شقيقي الدكتور/عبد العزيز خليفة ؛ وسوف أنقل له تحياتك ؛ وهو مستقر بالسودان مع الأبناء والأحفاد بعد أن تقاعد من عمله مستشاراً اقتصادياً بمؤسسة النقد العربي السعودي . سلامي وأمنياتي الطيبة للأسرة الكريمة وآمل أن أتواصل معك عبر الماسنجر والبريد الإلكتروني . محبتي عبد المنعم خليفة
Post: #58 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-23-2008, 10:26 AM Parent: #57
أوراق أكتوبرية (6)
عبد المنعم خليفة خوجلي مسقط - سلطنة عمان
هذه السلسلة من " الأوراق الأكتوبرية" التي أواصل كتابتها ليست توثيقاً لثورة أكتوبر ، إذ أنني أكتبها من الذاكرة ، وأنا خارج السودان وتعوزني الوثائق ، بل هي ذكريات عن بعض المعالم البارزة التي علقت بالذاكرة عن تلك الحقبة وفق معايشتي لها . وكي أنأى بها عن المذكرات الشخصية التي لا تهم سوى كاتبها ومجموعة محدودة من الذين تسعدهم (وتنهض بجيلهم) تلك الذكريات (الصادقة ونبيلة) ! ، فقد حرصت على أن ينصب التركيز فيها على الأحداث العامة . ويمكن تلخيص هدفي من هذه الكتابة ، والتي شرعت فيها أساساً تجاوباً مع رغبة بعض الأبناء من جيل الشباب ، في الآتي :
تناول الأحداث بالتعليق والتحليل ومحاولة بلورة السمات الرئيسية لثورة أكتوبر والتقاليد النضالية التي أرستها ، عل ذلك يرشد مسيرة شعبنا التي لن تتوقف على طريق ترسيخ الديمقراطية الحقيقية وبناء الوطن الموحد وفقاً لأسس المواطنة والفرص المتساوية دون تمييز، والمشاركة في السلطة والثروة ، والإقرار بالتنوع الذي تعكسه البانوراما السودانية .
نقل أجواء تلك الفترة للأجيال الحديثة وتزويدهم بنكهة وعبق تلك الأيام المجيدة .
الأمل في أن يكون في هذه الكتابات بعض الفائدة لمن يضطلعون بمهمة التوثيق لأكتوبر بمنهجية ومهنية ، لكونها شهادة من أحد معاصري تلك الفترة الذين أتيحت لهم فرصة معايشة أحداثها عن قرب .
لقد عنيت الحلقات السابقة بوصف المناخ السياسي والاجتماعي وسرد بعض مظاهر المعارضة للحكم العسكري التي أدت تراكماتها إلى الثورة ، وذلك تمهيدا للانتقال - بدءاً من هذه الحلقة - لتناول الأحداث بعد ليلة الحادي والعشرين من أكتوبر .
لقد ولدت ثورة أكتوبر من رحم النضال المتصل والتضحيات طوال سنوات الحكم العسكري من قبل نقابات العمال والمهنيين واتحادات الطلاب والأحزاب السياسية . وأعيد هنا بإيجاز عرضاً لأبرز الأحداث التي أججت من روح الثورة لدي المواطنين ، (سبق تناوله في الحلقات السابقة بشيء من التفصيل) ، وهي :
إعدام قادة حركة التاسع من نوفمبر 1959م العسكرية - المقدم علي حامد ورفاقه. إطلاق الرصاص على شباب الأنصار بميدان المولد بأم درمان في يونيو 1961م . تعذيب المواطن مصطفى حسنين بالأبيض . مقاومة النوبيين دفاعاً عن حقهم في اختيار الوطن البديل والتعويضات العادلة .
أما أبرز أحداث الثورة وهي في قمة عنفوانها بعد ليلة الحادي والعشرين من أكتوبر 1964م فيمكن إيجازها في الآتي :
إطلاق الرصاص على الطلاب في الجامعة واستشهاد القرشي : لقد أعدت الحكومة للمواجهة الدموية مسبقا ، بدليل اقتحام داخليات الجامعة بأعداد كبيرة من القوات التي كانت مزودة بالبنادق المعبأة بالذخيرة الحية والمسدسات ؛ وكان الجنود يحملون الدروع الواقية . ولقد كان إطلاق الرصاص الحي مثيراً للدهشة وعدم التصديق ، فقد اعتقد البعض في البداية أنه (فشنك!) ، حتى تيقنوا أن حكومة نوفمبر أعدت لذلك النزال إعداداً جدياً . كذلك لقد كانت الشراسة والتصميم على الضرب في المليان Shoot to kill مؤكدة ، إذ أن الرصاصة التي أصابت الشهيد القرشي اخترقت جبينه واستقرت في مؤخرة الجمجمة (أرجو الرجوع إلى شهادة الأستاذ / عبد الله مسعود التي يصف فيها أحداث تلك الليلة التاريخية ، والمنشورة في موقع سودانيزأونلاين) .
موكب القضاة والمحامين من أمام مبنى الهيئة القضائية في الرابع والعشرين من أكتوبر ، والذي شارك فيه أساتذة الجامعة ونقابات العمال والمهنيين . ولقد مثل هذا الموكب تحدياً سافراً للسلطة ؛ إذ حوت عريضة القضاة والمحامين المحمولة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة إدانة لتصرف السلطة مع الطلاب ، واصفة إياه بأنه أمر يستوجب المحاسبة ، ومعاقبة المسئولين عنه حتى لو كانوا أعضاء بالمجلس الأعلى .
إعلان الإضراب السياسي : في ذات التجمع المهيب أمام مبنى الهيئة القضائية، رأى المشاركون أن السبيل الوحيد لمواجهة القوة المسلحة هو عصيانها بالسلاح المدني الوحيد - الإضراب السياسي - ودعوا المواطنين إلى البقاء في بيوتهم وعدم العودة لأعمالهم إلا بعد سقوط النظام .
تكوين جبهة الهيئات : لغياب القيادة ،أعلنت الهيئات المشاركة في موكب القضائية نفسها قيادة سياسية .
حل المجلس الأعلى للقوات المسلحة في السادس والعشرين من أكتوبر .
المظاهرة الجماهيرية الحاشدة في الثامن والعشرين من أكتوبر : تدفقت الأفواج البشرية من كل صوب من العاصمة المثلثة متجهة نحو القصر بهتافاتها المدوية " إلى القصر حتى النصر - دماء القرشي تنير الطريق - إلى الثكنات يا عساكر " . وفق رواية المؤرخ بكري الصايغ فقد شارك في هذه المظاهرة حوالي ستين ألف مواطن ( وهو عدد كبير مقارنة بعدد سكان العاصمة في ذلك الوقت ) ، حصد منهم الرصاص 170 مواطنا ، قدموا أرواحهم مهرا للديمقراطية والسودان الجديد . لم يسبق إطلاق الرصاص إنذار قبل استخدامه بتلك الكثافة وتلك الشراسة ؛ لعل المبرر لذلك أنها كانت المحاولة اليائسة الأخيرة لإنقاذ النظام من السقوط أمام زحف الجماهير نحو القصر حتى النصر .
ليلة المتاريس (21 نوفمبر) : وهي الليلة التي سهرت فيها جماهير أكتوبر حتى الصباح تجاوباً مع النداء الذي وجهه عبر الإذاعة الوزير الأكتوبري فاروق أبو عيسى بأن ثمة مؤامرة تحاك لسلب الشعب انتصاره بانقضاض القوات المسلحة على الثورة ؛ وطالب الجماهير بالخروج لحماية الثورة ,فخرجت الجماهير من كل حدب وصوب وأقفلت الطرق بمختلف المتاريس التي من شأنها إعاقة تحرك الآليات العسكرية . من الأمثلة على الحماسة الطاغية التي غمرت الجماهير على نطاق السودان ، وأشعلت فيهم الغيرة على الثورة، وضرورة الذود عنها ، أن حرك مواطنو كسلا قطاراً خاصاً للخرطوم حافلاً بجماهير الشرق الوفية ، وعلى رأسها الثائر الأستاذ / محمد جبارة العوض .
ألهمت ليلة المتاريس الشاعر مبارك حسن الخليفة :
المتاريس التي شيدتها
في ليالي الثورة الحمراء
هاتيك الجموع
وبنتها من قلوب وضلوع
وسقتها من دماء ودموع
سوف تبقى شامخات في بلادي
تكـتمُ الأنفاس في صدر الأعادي
فالمتاريسُ دماءُ الشهداء
والمتاريسُ عيونُ الشرفاء
والمتاريسُ قلوبُ الكادحين
والمتاريسُ ضلوعُ الثائرين
الأحد المشئوم (6 ديسمبر) : وهو يوم الفتنة بين أبناء الوطن والذي راح ضحيته عدد كبير من الأبرياء ؛ وانطلقت الفتنة إثر تأخر وصول طائرة وزير الداخلية الأكتوبري السيد / كلمنت أمبورو ، وإطلاق شائعات حول مصير الطائرة . وكانت تلك مفارقة كبيرة ، إذ أن ما حدث من صدامات دامية كان منافياً للتفاؤل العارم بسيادة روح التآخي التي ولدتها ثورة أكتوبر التي شكل الحل السلمي السياسي لقضية جنوب الوطن أحد أهدافها الهامة . لقد استهدفت تلك الفتنة المساس بالوحدة الوطنية ونسف تطلعات ثوار أكتوبر لسودان جديد ينظر للمستقبل ، ولا تجره سلبيات الماضي إلى الوراء دائماً . وحتى لا تكون الأسباب التي مكنت من تلك الفتنة قنبلة موقوتة وتهديداً مستمراً لوحدة السودان وانطلاقه ، فإن القوى الحديثة في الشمال والجنوب في حاجة لبذل جهود دؤوبة وصبورة نحو بناء الثقة وتعزيز الإخاء الوطني .
بعد سرد هذه المناسبات والأحداث الهامة في مسيرة الثورة أود الإشارة إلى السمات الأساسية لهذه الثورة كما أراها :
هي ثورة قادتها وأخذت زمام المبادرة في صنعها الفئات المستنيرة في المجتمع من أحزاب ونقابات عمالية ومهنية .
جماهير أكتوبر الثائرة لم تلجأ للتخريب ولم تكن تحمل عداء للمجتمع ، بل كانت في أشرس ظروف المواجهة مع النظام تتمتع بقدر كبير من الانضباط والحرص على الممتلكات العامة .
لم تكن الظروف المعيشية من العوامل المؤثرة في قيام الثورة ، حيث شهدت تلك الفترة استقراراً اقتصادياً نسبياً . لم تكن البلاد تعاني من آثار الجفاف والتصحر وتدهور البيئة الذي أصابها في عقود لاحقة ؛ ولم تكن متأثرة بالظروف المعيشية والسكنية المتدنية التي ازدادت حدتها في العقود اللاحقة بسبب مفرزات الحروب الأهلية والنزوح ؛ ولم تكن حدة الفقر والبلورة الطبقية الحادة والتهميش بنفس المستوى الذي بلغته في السنوات اللاحقة ؛ ولم يعرف السودان حينها مثل معدلات التضخم العالمي والمحلي السائدة حالياً ، ولا بطالة الخريجين ، ولا الظروف السالبة المتعددة التي دفعت بملايين السودانيين إلى المنافي والشتات .
ابتدعت ثورة أكتوبر وسائلها وأساليبها للتجاوب مع التطورات والأحداث المتسارعة ، والتي كانت تتطلب التحرك الفوري ودون إبطاء ؛ إذ لم تكن هناك قيادة مركزية تنتظر . وتم ملأ ذلك الفراغ بقيام جبهة الهيئات ؛ وكان ذلك تطوراً طبيعياً ، خاصة وأن الهيئات من اتحادات ونقابات هي صاحبة المبادرات ، وأعضاؤها هم المنفذون لسلاح الثورة الفعال - الإضراب السياسي . ولدت الروح الأكتوبرية لدي المواطنين الشعور بالمسؤولية والثقة بالنفس وعدم انتظار التوجيهات بما ينبغي عمله . أعضاء الاتحادات والنقابات نفذوا الإضراب السياسي بمبادرات ذاتية استجابة للنداء العام بدون انتظار اجتماعات لجان أو قرارات جمعيات عمومية .
الطبيعة المتعجلة التي تكونت بها جبهة الهيئات لم تمكنها بأكثر من توجيه عنايتها لمهامها الآنية المتمثلة في تكوين حكومة للفترة الانتقالية واختيار رئيس للوزراء والإشراف على ترتيبات انتقال السلطة . نتيجة لتلك الظروف التي نشأت فيها جبهة الهيئات ، وانشغالها بالبرنامج المرحلي المؤقت ، لم تتوفر لها الفعالية الكاملة لتبني برنامج صلب وواضح المعالم وطويل الأمد يعبر عن جوهر تطلعات جماهير أكتوبر وطموحات القوى الحديثة .
التقط ثوار أكتوبر أسلوب الإضراب السياسي الذي كان مطروحاً سلفاً وسط النقابات والاتحادات بشكل خاص ، كأسلوب نضالي مدني فعال في المقاومة وإحداث التغيير ؛ وهو الأسلوب الذي أعطى تنفيذه للثورة زخمها ، وزود جماهير الشعب بالثقة النابعة من الإحساس بالتضامن .
في مسار الثورة كان ثمة صراع ملموس بين القوى الحديثة التي تتطلع إلى تغيير جذري لا يشمل نظام الحكم العسكري فقط ، بل أيضا يشمل السلبيات التي صاحبت الممارسة الديمقراطية (رغم عمرها القصير) ، وبين القوى التقليدية التي ، وإن كانت ترغب في التغيير السياسي ، إلا أنها تخشى التغيير الجذري ؛ وهي لا تريد للثورة أن تأخذ كامل مداها ، وتواصل عنفوان اندفاعها وتحقيق غاياتها الكاملة .
من أبرز سمات ثورة أكتوبر توجيه العناية نحو أهم قضايا الوطن المتمثلة في الوحدة وتعميق الشعور بالمواطنة بين أبنائه . لذا كان واضحا للقوى الحديثة والفئات المستنيرة أنه ينبغي إيجاد الحل السلمي السياسي والجذري لقضية الجنوب ، وكذلك إيلاء أولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة بحيث توجه عناية خاصة في المستقبل نحو التنمية في الأقاليم الأقل نمواً . وانعكست الروح الجديدة والاهتمام بجنوب الوطن في تشكيل مجلس وزراء حكومة أكتوبر والتي مثلت فيها جبهة الجنوب تمثيلاً حقيقياً بعدد من الوزراء شغلوا وزارات سيادية هامة ، وليست هامشية كما كان عليه الحال في السابق.
نواصل ..
Post: #59 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: saif addawla Date: 01-23-2008, 11:00 AM Parent: #58
الاخ العزيز عبدالمنعم
اولا اشكر لك ان اعدتني لمتابعة هذا البوست بعد ان اعتقدت بانه اقتصر على حلقتك الاولى . بقدر عظمة الشعب السوداني ومقدرته على الثورة في وجه الديكتاتورية ، الا انه ظل حبيس الارزلين ، سياسيون فاقدو البصيرة هازلون ، فاشلون سرعانما يمهدون لذوي الياقات الحمراء من امتطائنا - لا امتطاء السلطة - وقد بلغ الاستخفاف بهذا الشعب حد المحو المتعمد لذكرى ثورتيه في اكتوبر وابريل من ذكرى التاريخ .
نحيي جهدك اخي منعم واشيد بمداخلات ضيوفك القيمة ، ومع اشفاقنا عليك من عسر الكتابة من ذاكرتك المتقدة ندعوك للمواصلة ، فمثلك ممن نثق ، قليل
اخوك سيف الدوله
Post: #60 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-23-2008, 11:14 AM Parent: #58
الأصدقاء الأعزاء تحياتي وتقديري لمتابعتكم
ورد سهوا تاريخ ليلة المتاريس على أنه 21 نوفمبر ، والصحيح هو 9 نوفمبر .. أرجو المعذرة
عبد المنعم
Post: #61 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-23-2008, 08:22 PM Parent: #60
أخي ومودتي سيف الدولة لك التحية والإعزاز والشكر على كلماتك التي تفيض صدقا وثورة ووطنية . كما أشكر لك تشجيعي على المواصلة ..وسنعمل على أن تظل الجذوة دوماً متقدة ، وتبقى ذكرى أكتوبر ملهمة للتغيير وبلوغ سوداننا الذي ننشده.
عبد المنعم خليفة
Post: #62 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-24-2008, 02:02 PM Parent: #61
Post: #63 Title: Re: أوراق أكتوبرية/عبد المنعم خليفة خوجلي-مسقط – سلطنة عمان Author: Abdul Monim Khaleefa Date: 01-24-2008, 02:59 PM Parent: #62