على طًللِ السودان........محمد المكي ابراهيم

على طًللِ السودان........محمد المكي ابراهيم


09-10-2011, 10:29 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=340&msg=1315646982&rn=0


Post: #1
Title: على طًللِ السودان........محمد المكي ابراهيم
Author: munswor almophtah
Date: 09-10-2011, 10:29 AM

اخي المنصور
لك ولكل الاحباب في سودانيزاونلاين
م المكي




ازاء الخطب الجلل والكارثة الكبرى لتجزئة السودان وبلقنته وجد الشاعر نفسه عائدا الى تقاليد القصيدة الجاهلية بأوابدها اللغوية ووقوفها الباكي على اطلال الاحباب الراحلين وفي تقمصه للشاعر الجاهلي اصطنع الشاعر السوداني لغة جزلة قريبة من لغة ذلك العصر. وهي لغة قد تبدو لنا صعبة وحوشية وقافيتها عسيرة ولا تساعد على التدفق والاطالة ولكن وجدان القاريء السوداني المسكون باحزان تلك المأساة سيفهم عن الشاعر وينفعل بكلماته و حزنه العميق على وطن يتفتت ويتحول الى اشلاء ونثارات. ومأمول ان يتحقق ذلك عن طريق وحدة شعورية بين الشاعر وقرائه تجعل الانفعال ممكنا عبر كل الحواجز .



على طًللِ السودان
محمد المكي ابراهيم
خليليَّ هذا َربْعُ عزِّةَ هــــــــــــذه رســـــومُ مغانيها وهذي ُطلولها
هنا كانتِ الأنسامُ تسري رخِيّةً تقرِّبُ أغصـــــانَ المُني إذْ تميلها
وكانت عشيَّاتُ الحِمى ذاتُ بهجةٍ يُدِلُّ بكاساتِ الســـــرورِ مُديلها
لقد نفذَ المقدورُ فيها فصوَّحــــــتْ بســـــاتينُها وانفضَّ عنها قبِيلُـها
فيا لكَ فيها من قبابٍ كواســــفٍ جرى بينها كالجدولِ الضحلٍ نيلُها
ويا لكَ فيها من حبيبٍ دفنتُه برابيةٍ لا ُيســــتطَاعُ وصولُها
فأصبحَ رســماً دارساً وأضـْـــــــعتُهُ بيهماءَ قَفْرٍ لا يبينُ ســـبيلُها
خليلي هذا ربعُ عَزَّةَ أنزِلا نُخفِفُّ عن هذي القلوبِ حمولها
دعاني أُسرِّي الهمَّ عني بعبرةٍ تبرِّدُ أضلاعي وتشفي غليلـها
بلطمٍ ولثمٍ للترابِ وحثْوِهِ على الرأسِ والاعضــــاءِ ) فُلُّتْ فلولها(
فكيف اصطباري إذ أراها صريعةً ولا قولَ لي في أرْشِها وُذحولها*
وكيف هلاكي دونَها حيثُ لم يكـن قتالٌ ولم ينهضْ لحربٍ فحـــولها
لقد أسلموها هاربين وهرولوا وما همَّهم من عُلْوِها أو سُفولها

سلامٌ عليها شدَّما كنتُ أرتجي لأدوائـــــها طِباً رؤوماً يزيلها
فتصبحُ روضاً للإخاءِ وبيعةَ يطيبُ لأيفاعِ اليمـــــامِ نزولها
لحى اللهُ قوماً مزقوها وأبعـــــــــــــدوا شقيقين كانا خُلُّةً وخليلها
على طللِ السودانِ حِلًّ لك البكا وحِلّ لأنهارِ الدموعِ مسيلها
وما الدمعُ والحزنُ العقيمُ بنافعٍ إذا لم تُعبّى للطّراد خيولها
--------------------
* الارش:الدية والذحول الثارات مفردها ذحل



وقف شاعرنا بالأطلال كما وقف زهير إبن أبى سلمى فى معلقته الأثيره والتى إستهلها
ب أم أوفى دمنة لم تكلم
بحومانة الدراج فالمتثلم) حيث أشار إلى خليليه
متأسيا على ربوع عزته شاعرنا محمدالمكى وأشار إلى أطلال ورسوم كانت
كما الفراديس غانيات تضج بغوانيها حيث كانت الأنسام مشبعة بالرخاء
والعطاء ودودة ولود تهز غصون الآمال وتميلها كما يميل الورد والزهر بفعل
اللفح مرسلا نفحه فى الأرجاء واصفا كذلك للياليها الهاديات وأصوات القمارى
مبثوثة فى الأرجاء تسحر الألباب وتثمل النفوس العاشقة الهيمانة بها تلك
الديار ديار الآباء والإباء والعزه إلى أن نفذ فيها قدر بجهالة من فعل ساس
يسوس فطاح بها كما السوس الذى نخر عضدها فذبلت بعد أن كانت غناء وشاخت
وفر الناس إلى غيرها شبابا وعواجيز وصارت طاردة بعد أن كانت حانية آويه
لا بل يتأسى شاعرنا الصوفى السالك عن ما صار عليه النيل الذى كان فياضا
تعلو على جنباته قباب العباد الصالحين لينحسر إلى جدول خجول كسيح يمتلئ بسئ
القاذورات ومخلفات المصانع التى أصابت البلاد بوباء الفشل الكلوى القاتل
فمات فيها كل من نحب ونعشق وطمرناهم فى أفجاجها وبعدت بيننا وبينهم الشقه
وتركناهم للثوافى والحرور حتى إختفوا عنا وأختفت عنا معالم تلك البلاد التى كانت
تستبينا بذاتها البزازة النزازة للجمال والخيرات لتصبح بين عشية وضحاها ركاما
تذروه الرياح وتعصف به الإحن وتمزقه الوحشة ويلهو من فوقه الوحوش بعد أن كانت
تجول فيه الظباء وتغرد فوق فراديسه العصافير وتحلق فوقه الفراشات فدعواه للجميع
بأن يتحزموا ويتلزموا ويبكون بحرقة على ذاك الفقد العظيم لا بل يشقون الجيوب
ويذرون التراب فوق رؤسهم ويسفون منها إلى ما شاء الله أسفا وندما وحسره وكيف لهم
أن لا يفعلوا ذلك وكيف لهم بالإصطبار وأمامهم تنفق البلاد كما الإبل المطعونة وسيدها
يتلوى أسرة وأسى لا يستطيع أن يفعل شئ فهى تنهار بحروب ليست من خارجها لا بل بسيوف
بنيها ورماحهم أشبعوها قهرا وقتلا ودمار يهرب منها الناس طلبا للنجاة يلوذون
بنيران أخر كما المستجير من الرمضاء بالنار وبكاء شاعرنا يعلو ويرتفع ويبلغ الآفاق
ولسان حاله يلهج وكأنى به يقول ما قاله صلاح أحمد إبراهيم فى قصيدته
أخى قابيل ( على قلبى دماء قلبى تسيل كأنها دمع دماء قلبى
وما العين ملء العين
وفى الأحشاء سكين وفى الجنبين)




منصور