مـقال للأسـتاذ هــاشـم الإمــام

مـقال للأسـتاذ هــاشـم الإمــام


09-07-2011, 01:02 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=340&msg=1315353729&rn=0


Post: #1
Title: مـقال للأسـتاذ هــاشـم الإمــام
Author: عبدالمنعم الرزوقي
Date: 09-07-2011, 01:02 AM

في أربعينية انفصال الجنوب
في أربعينيّة انفصال الجنوب

هاشم الإمام

اليوم الثامن عشر من أغسطس 2011 م يوم أربعينية الانفصال ، وقيام دولة جنوب السودان . والأربعينية في الثقافة السودانية لها مدلول يحمل الحزن ، فهي عند بعض الناس يوم لتجديد البكاء على الميِّت ، كما لها مدلول يحمل الفرح أيضا ، فقد كان الناس زمان الحياة بسيطة والعيش سهل ، يقضون أربعينية العريس في أكل وشرب وطرب ، وكانت أربعينية النفساء يوم فرح لخروجها من المحبسين : البيت ودم النُّفاس .
و في أربعينية انفصال الجنوب لا زالت مواقف أهل الشمال ، كما كانت في أوّل يوم فيه ، تتراوح بين القبول والرفض والصمت ، فمنهم من فرح به ، وأقام صلوات الشكر ، وسيّر كرنفالات الفرح ، وذبح الذبائح ، و منهم من حزن على ذهابه ، بينما ظلت الأغلبية لا تأبه بما حدث .
وأمّا أهل الجنوب أنفسهم فقد فرحوا – دون استثناء - أيّما فرح بقيام دولتهم الجديدة على المستويين الرسمي والشعبي ، ووصفوا الانفصال بأنه استقلال ، مع أنّ الاستقلال السياسي وفق المعايير المتعارف عليها إنما يكون من المستعمر ، ولم يكن الجنوب خاضعاً لاستعمار أجنبي ، فما كان يشهده إنّما هي حرب أهليّة . ولئن أبدى بعضهم الأسف على نتيجة الاستفتاء فمن أجل إلقاء اللوم على حكومة الشمال لتفريطها في الوحدة ، وإخفاقها في جعلها جاذبة لهم كما يزعمون ، كأنهم لم يحكموا الجنوب منفردين ، ولم يشاركوا في الحكومة المركزية في الشمال ، وكأن اتفاقية نيفاشا لم تنص على أن يعمل الطرفان ، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، على جعل الوحدة جاذبة لا المؤتمر الوطني وحده ، ولكن الوحدة عند الحركة الشعبية شأن شمالي صرف ليس لهم فيه ناقة ولا جمل ، وكأنهم ما بددوا أموال الجنوب ، وما أخفقوا في إحداث تنمية تري أهل الجنوب ثمرة الوحدة .
الذين حزنوا لذهاب الجنوب من أهل الشمال لهم مبررات بعضها عاطفية وأخرى موضوعية ، فقد تقلصت مساحة السودان وتغيرت خريطته التي اعتادوا عليها ، ولم يعد هناك معنى لما ظللنا ننشده أيام الدراسة " منقو قل لا عاش من يفصلنا " فقد قرر أحفاد منقو الانفصال . والذين عاشوا في الجنوب أو في مناطق التماس لهم ذكريات طيبة مع أهل الجنوب وزمالة وصداقات مع أبناء الجنوب محفورة في وجدانهم ، أضف إلى ذلك أنّ في الاتحاد قوّة ، فقد ذهب زمان الدويلات ، ودول العالم تتجه إلى الوحدة لما فيها من المنافع الدفاعيّة والاقتصاديّة ، ولنا في الاتحاد الأوروبي أسوة حسنة ، وانفصال الجنوب يحرم الشمال من حصته من البترول التي تعد بنداً أساسياً في ميزانيته ، وذهاب الجنوب سيخلف من ورائه مشكلات اجتماعيّة وأخرى حدوديّة خاصة أن دولته الوليدة ، وقبل أن ترسم حدودها ، وتسمي اسمها ، ونختار علمها تشرئب عنقها طمعاً إلى جبال النوبة ، وجنوب النيل الأزرق ، وتعمل جاهدة على جعل دارفور شوكة في خاصرة الحكومة في الشمال !
وانفصال الجنوب يعد نجاحاً لسياسة إسرائيل الخبيثة في المنطقة بصورة عامة ، وفي أفريقيا بصورة خاصة ، فهم يعوّلون على قيام دولة تمثل ذراعاً لهم ضد أهم دولتين عربيتين مصر والسودان : مصر بمساحتها وقوّتها العسكرية والبشرية وثقلها العربي ، فالإسرائيليون ينظرون إليها على أنّها أكبر مهدد لوجودهم ووجود كيانهم المحتل .
والسودان بمساحته وموارده الطبيعية المتنوعة وقوّته البشرية .
كذلك سيناريو فصل الجنوب تحت ذرائع ومسوغات وتبريرات معظمها مصطنعة يمكن تطبيقه في مكان آخر من الأرض العربية بإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية ، يمكن تطبيقه في مصر بإقامة دولة للأقباط ، وفي العراق بإقامة ثلاث دويلات : شيعية في الجنوب وسنية في الوسط والغرب ، وكردية في الشمال ، وفي ليبيا حيث تتجه القوات الغربية التي تحارب كتائب القذافي إلى تقسيمها إلى دولتين شرقية وغربية . هذا غير ما يحاك ضد سوريا واليمن ، أي أن فصل الجنوب هو شرارة انطلاق ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بشّرت به كوندليزا رايس وزيرة الخارجية في إدارة الرئيس السابق جورج بوش ( الابن )
والذين فرحوا بانفصال الجنوب يرون أن العلاقة بين الشمال والجنوب ظلت متوترة من قبل الاستقلال ، وأن الذي ربط الجنوب بالشمال هم الانجليز ، فأبناء السودان شمالاً وجنوباً لم يختاروا الوحدة ، وأن جيمس روبتسون السكرتير الإداري البريطاني الذي ترأس مؤتمر جوبا عام 1947 قد زوّر إرادة الجنوبيين حين زعم أنهم اختاروا الوحدة وقد اعترف في مذكراته بهذا التزوير ، كذلك يرون أن القطيعة بين الشمال والجنوب تشهدها شوارع العاصمة فلم يحدث انصهار طوال فترة التعايش بينهم .
كذلك يرى دعاة الانفصال من الشماليين أن كل الحركات المتمردة الجنوبية كانت تدعو إلى الانفصال بما في ذلك الحركة الشعبية ، وأن الوحدة التي كان يدعو إليها جون قرنق حق أريد به باطل ، فهي مشروطة بإقامة السودان الجديد ، أو هي وحدة على أسس جديدة كما يقول " أولاد قرنق " اليوم ، وهذه الوحدة تعني سوداناً أفريقانياً علمانياً مناهضاً للثقافة العربية والإسلامية ، وخارجاً عن المحيط العربي الإسلامي . قال قرنق في إحدى محاضراته في فرجينيا : " الهدف الرئيسي للحركة الشعبية هو إقامة السودان الجديد الذي يعني انتهاء النموذج العربي الإسلامي وإعادة هيكلة السودان من خلال الإحلال والإبدال " وقال : " الهدف من الفترة الانتقاليّة هو أن تعمل الحركة الشعبية على إقامة السودان الجديد ، وإذا فشلت في ذلك فيُمكن جداً أن تختار الانفصال "
من الذي سعى لإفشال الوحدة ؟
رغم أنّ اتفاقية نيفاشا أعطت الحركة مالم تكن تحلم به إذ أعطتها حكم الجنوب منفردة ، ومنصب نائب رئيس الجمهوريّة وأكثر من ربع الحقائب الوزارية في الجكومة المركزية - ولو أنّ المؤتمر الوطني رجع إلى قواعده وأشرك الأحزاب الأخرى في مناقشة هذه الاتفاقية لكانت على غير هذه الصورة التي أفضت إلى الانفصال - ورغم أنّ الاتفاق ينص على أن يعمل الطرفان على جعل الوحدة جاذبة إلّا أن الحركة الشعبية قابلت كل ذلك بالجحود ومزيد من العداوة ، فقد ظلت تتمتع بمزايا الاشتراك في الحكم بينما كان هواها وسلوكها مع المعارضة ، فهي تحالف أحزاب المعارضة وتتآمر معها على إسقاط الحكومة التي هي شريك فيها ، وتساعد حركات التمرد في دارفور وجنوب كردفان والشرق ، وهي تنادي بالانفصال على لسان قادتها قبل أن يتم الاستفتاء ، وهي تؤيد تسليم الرئيس للمحكمة ، وهي تعمل على ألا يرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ، وهي تمنع الوزراء من زيارة الجنوب ، وتمنع المراجعين في ديوان المراجعة من مراجعة الدواوين الحكومية في الجنوب ، وهي تحتفل بماساة توريت التي قُتل فيها مئات التجار الشماليين ، وتسمي هذا اليوم يوم الأبطال ، وهي التي طردت الطلاب الذين قدموا من شمال السودان للاشتراك في الدورة المدرسية التي صرفت عليها الحكومة في الشمال أربعين ملياراً في إنشاء المدارس والملاعب ومحطات الكهرباء وغير ذلك كثير .
هل تتحمل الانقاذ وزر - إن كان ثمة وزر - فصل الجنوب وحدها ؟
كانت اتفاقية نيفاشا رغم ما يشوبها من شوائب خطوة تاريخية شجاعة ماكانت لتقدم عليها حكومة الإنقاذ لولا أنها جربت الحرب الحقيقية وذاقت ويلاتها وأذاقتها غيرها واكتوت بنيرانها وكوت به غيرها ، وغربان السياسة الناعقة يقولون إنّ حكومة الانقاذ أججت الحرب وجعلتها جهاداً ، وهم يعلمون أن هذه الحكومة ورثت الحرب ولم تبدأها ، فقد كان جيش قرنق يحتل الكرمك ، وأنه يزحف على الشمال فتسقط المدن قبل أن يصلها ، وأنه لولا نصيحة مستشاريه الغربيين بأن يتريث لاحتل الخرطوم ، وكون جنودنا يقاتلون جهاداً ويرفعون معنوياتهم بالمعاني الدينية فليس في ذلك ضير . فهم مثلهم ومثل جنود قرنق الذين يتوسلون إلى رفع معنوياتهم ببث كراهية أهل الشمال في أناشيدهم و ( جلالاتهم ) ، و الحركة الشعبية قامت بمال ومساندة اليمين المسيحي المتطرف في الولايات المتحدة ، وقد صرف عليهم بسخاء من أجل قيام دولة نصرانية في الجنوب ؛ ولذلك ظلوا يعارضون أي اتجاه للوحدة ويعملون جاهدين من أجل الانفصال . لِمَ يلام أهل الشمال لاستخدامهم الدين في رفع معنويات جنودهم ولا يلام الجيش الشعبي على استخدام العبارات العنصريَة لرفع معنويات جنوده ؟ لماذا تسمى حرب الحكومة في الجنوب جهاداً ، ويسكت عن الأجندة الكنسية التي يقوم الجيش الشعبي بتنفيذها في الجنوب ؟!
تحميل حكومة الانقاذ وزر الانفصال فيه تبسيط لمشكلة الجنوب ، وتجاوز لمراحلها التي مرّت بها ، فحق تقرير المصير الذي وضعته الانقاذ موضع التنفيذ قد أقره التجمع الوطني الديمقراطي وضمّنه مقررات أسمرة من قبلها ، وما جرؤ أهل الإنقاذ على إعطاء حق تقرير المصير لولا علمهم بإجماع الاحزاب عليه .
أهل الجنوب اختاروا الانفصال ولم يجبروا عليه فلا داعي للبكاء ، والمُبكى عليهم فرحون بالمفارقة ، ولا داعي للفرح وذبح القرابين ابتهاجاً بذهابهم فقد كانوا جزءاً من تراب هذا الوطن .

Post: #2
Title: Re: مـقال للأسـتاذ هــاشـم الإمــام
Author: عبدالمنعم الرزوقي
Date: 09-07-2011, 03:58 AM
Parent: #1

Quote: أهل الجنوب اختاروا الانفصال ولم يجبروا عليه فلا داعي للبكاء ، والمُبكى عليهم فرحون بالمفارقة ، ولا داعي للفرح وذبح القرابين ابتهاجاً بذهابهم فقد كانوا جزءاً من تراب هذا الوطن .

Post: #3
Title: Re: مـقال للأسـتاذ هــاشـم الإمــام
Author: عبدالمنعم الرزوقي
Date: 09-07-2011, 05:04 AM
Parent: #2

وأمّا أهل الجنوب أنفسهم فقد فرحوا – دون استثناء - أيّما فرح بقيام دولتهم الجديدة على المستويين الرسمي والشعبي ، ووصفوا الانفصال بأنه استقلال ، مع أنّ الاستقلال السياسي وفق المعايير المتعارف عليها إنما يكون من المستعمر

Post: #4
Title: Re: مـقال للأسـتاذ هــاشـم الإمــام
Author: عبدالمنعم الرزوقي
Date: 09-07-2011, 06:01 PM
Parent: #3

.

Post: #5
Title: Re: مـقال للأسـتاذ هــاشـم الإمــام
Author: عبدالمنعم الرزوقي
Date: 09-10-2011, 07:36 AM
Parent: #4

.