الى الصديق سعد: حيثما كنت ..كيفما كنت ..فسياتيني خراجك

الى الصديق سعد: حيثما كنت ..كيفما كنت ..فسياتيني خراجك


06-15-2011, 10:30 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=330&msg=1308130254&rn=0


Post: #1
Title: الى الصديق سعد: حيثما كنت ..كيفما كنت ..فسياتيني خراجك
Author: Yahia Elhassan
Date: 06-15-2011, 10:30 AM

أستاذي العزيز سعد ..
كنت، أجدني ..وأنا أدلف عليك حاملا أحرفي الوجلى ..يملؤني شعور بالرهبة الخفية.. كرعشة الطفل حين ينام وهو يخبئ طي دثارات طفولته، زغب القمر: كنت تعينني كيف أمهد لحرفي دربا ترصفه المحبة، ويشع بلالأئه الوضوح، تفعل كل ذلك بطيبة قديس يعرف كم هو مضن التبتل في محراب اللغة: قديس ينشر مباخر الكلام ، بينما نفسه الأمارة بالحب، لكل حي ولكل شيء ، تخفي في عباءات عزلتها الحميمة وصرامتها -المفتعلة - التي تسيج روحا مليئا بالدفء ..بالصدق والبشاشة ، كنت أعرف أنك تتستر طي هذا القناع من الهدوء والبعد عن ضجيج الرياء الاجتماعي العذب – إذ كنت تخشى – فيما أرى- على روحك –شقيقة البراءة – من الضياع في كنف زيف اليومي الباهت، وهي من يعربد في أفيائها نشيد الأبدي الخالد ..كنت – أعترف- أحبك ، في صمت كما تحب- إذ ان الصمت هو ما تكوثره من فعل حضور: لم يكن صمتك مجوفا كقاع بئر خاوية – كان صمتا ناطقا بالنبل – معتقا بالإيحاء الهامس ، تعجبني دقتك: التي لا تسربها بفعل نقدي خشن ، حين تقترح علي شيئا – كنت – بعبقرية رسالية – تسرب اقتراحك –حياءا – برقة وبتواضع –كي لا تخدش غروري –الذي هو آفة الشعراء المساكين مثلي – في فعلك هذا إشارات عظمة شديدة الغنى: فمن ناحية فهو يومئ بجلاء الى معرفتك الباطنة العميقة بدخائل المهووسين بالكتابة وهشاشة أرواحهم ازاء النقد الغليظ ، ومن ناحية أخرى يدلفك –بجدارة – الى حلف سري من العظماء – الذين – حين ينبهونك على خطئك – لا يشعرونك بالضآلة ازاء عظمتهم بل بالندية – وبأنك فقط – قد سهوت – وهذا عين ما تفعله الزهرة الجميلة: إنها لا تشد يدك وتقول صائحة: تعال تنشق عبيري فأنا زهرة ربيع جميلة إنها تنشر عبيرها فقط وتترك الباقي لأنفك ..فأنت لم تكن تصيح : هيا أكتب مثلي ..هيا فأنا كاتب عظيم ...عرفتك – لأول مرة – حينما أتيت للعمل بالاثنينية في العام 2005 م وللعجب في العام 2011 م ما زلت أنت أنت :فكيف بربك لم تغير صروف الدهر في سكونك ؟ كيف لا تزال كما كنت: بشوشا في صمت وصامتا في بشاشة ، يسكنك هذا الحزن الشفيف ، الذي تعرفه أرواح كل الأصفياء العارفين : إذ ما أحزن ممن يعرف أكثر؟! كتابتي هذه إليك: عرفانا بالمحبة خالية من قلق ( التدقيق) الذي هو فعل الذهن الناقد، هي كتابة حرة وطليقة كغمامة تهمي عشقها لليابسة ، ولا يشغل بالها سوى هذه الرعشة الهينة تسري في عروق الأرض بوعد النماء: كتابة من القلب للقلب دون العبور بمفترق ( الذهن الجمعي ) الذي يقصص أطراف أثوابها كي تصلح زيا في محفل جمعي ، لك محبتي خالصة من ضريبة الريبة ، أينما كنت ، وقتما كنت ، وكيفما كنت – فسيأتيني خراجك: مودة عميقة واخاءا صادقا.

أخوك دوما: الفقير الى محبتك
يحي الحسن الطاهر