عندما مرت الشروق من هناك...

عندما مرت الشروق من هناك...


05-22-2011, 09:05 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=330&msg=1306051538&rn=2


Post: #1
Title: عندما مرت الشروق من هناك...
Author: أحمد الابوابي
Date: 05-22-2011, 09:05 AM
Parent: #0

من صحبفة الجريدة الأحد 3 يناير


عندما مرت الشروق من هناك...

د. أحمد الأبوابي

برنامج (الشروق مرت من هنا) ، هو أحد البرامج الترفيهية خفيفة الظل، التي تقدمها قناة الشروق الفضائية ، و هو فيما يبدو يسعى لخلق نوع من التواصل مع الجمهور - أي جمهور القناة – و أيضاً إحداث دعاية لها ، في شكل إعلان مدفوع الثمن ، هذا الثمن الذي ياخذ شكل كلفة الجوائز ( القيمة) التي تمنحها المسابقة للفائزين ، إضافة للتكاليف الأخرى للبرنامج ، بلا شك.. و هذه الدعاية قد وظف لها ، أو قل فيها ، بعناية الفنان الكوميدي محمد موسى ، و الذي يحوز شهرة ، وقبولاً كبيراً وسط جماهير المليون ميل مربع.. و لقد جاب هذا الرنامج العاصمة ، بمختلف أحيائها ، وأريافها ، و ذهب إلى الأقاليم ، كقرى الجزيرة، ومدينة مدني ، وغيرها .. و هذا سعي محمود ، و ذكاء إعلامي مقدر ، فتواجد تلك العربة المميزة التي تحمل لافتة مكتوب عليها اسم البرنامج ، والذي يحتوي اسم القناة ، كما البرنامج بجوائزه ، يجعل وجود القناة في مخيلة المواطنين ، و وجدانهم واقعاً أكيداً، فضلاً عن الحضور الحيوي ، و الخفيف للأخ محمد موسى ...

ما جعلني أتذكر ثم أذكر البرنامج ، مستعيراً اسمه لصياغة عنوان هذا المقال ، هو أن برنامج الشروق مرت من هنا قد قام طيلة الشهرين الفائتين بتقديم حلقات من جنوب السودان ، حيث جاب مختلف مدنه ، ثم ألحق هذه الحلقات بأخرى مع المواطنين الجنوبيين في العامة القومية ... و لقد كانت الحلقات تحمل مضمون الوحدة ، و التعايش السلمي في السودان ، مبشرة بالوحدة، و مؤكدة على وجودها الأكيد ، و العتيد في هذا الوطن.. و هذا لعمري جهد مقدر ، و محاولة للإسهام ف التفاعل الإيجاب مع الحدث الجاري ، ألا و هو الإستفتاء ، و لكن هذا الجهد يلازمه عيب ليس في الحقيقة حصر على قناة الشروق ، و لا برنامجها آنف الذكر ، بل هو عيب يخص الإعلام السوداني عموماً ، و طابعه الموسمي ، و الذي لا يتذكر موضوعاً معيناً إلا في ظل مناسبة محددة ، أو موسماً يرتبط بشكل ما بهذا الموضوع ، رغماً عن أن الموضوع قد يكون حيوياً، بل دائم الحيوية، و مستلزماً للتناول طوال العام .. و ظاهرة الموسمية عندي هي دالة على عدم وجود دافعية مبدئية لدى قادة العمل الإعلامي في السودان ، و بالذات التلفزيون ، والإذاعة ، تجاه القضايا الهامة في البلد، ما لم ترتبط بمحرك آني ، أو (بروباقاندا)، سلطوية.. و الإعلام هنا ليس سوى مرآة صادقة لغياب هذه الدافعية ، و الرؤية المبدئية لدى الجهاز الحكومي .. فالإعلام السوداني هو مثال ناصع للظاهرة التي تناولها العديد من المنظرين السودانيين ، الذين من ضمنهم الراحل المقيم د. جون قرنق ، ألا و هي ظاهرة التهميش .. فالتلفزيون السوداني يظل في حالة قطيعة ، مع إحدى المدن السودانية لسنين ، و ما أن تهب فيها مشكلة ، أو صراع ضد السلطة، أو يمن عليها الدهر بزيارة لرئيس الجمهورية ،أو نائبه حتى (يلوك ) إعلامنا سيرة هذه المدينة مادحاً لجمالها ، و متغزلاً في ثروتها، و طيبة و سماحة أهلها، حتى تظن أنه -أي الإعلام- سيورثها موقع العاصمة القومية .. و طبعاً فإن مجهود كهذا سيكون كالكلمة الشاذة في سياق الإهمال المزمن ، والتهميش الراسخ ، و لن يودي لاكثر من إثارة التساؤل ، من المتابع الذكي ، أن : أين كانت هذه المدينة ، بجماها ، و مالها ،و دينها .. بل أين كان الإعلام تربت يداه .. و هذا ما يجعل هذا المجهود أقرب إلى الاستثناء الذي يؤكد القاعدة منه إلى الفضل الذ يجب ما قبله من التقصير.. و لعل المواطن السوداني ربما يردد مقولة الفنان عادل إمام اللطيفة ،والخارجة عن التابع المنطقي للسيناريو ، في مسرحية (شاهد ما شافش حاجه)..، و يقول للإعلاميين الموقرين : ((إنتوما بتقوش ليه مش تبئو تيقو)... و التي ترجمتها إنتو كنتو وين ياجماعة .. ؟؟؟ ..

عيب آخر ،أو قل ظاهرة أخرى ذكرني إياها مرور برنامج الأخ العزيزمحمد موسى من هناك - الجنوب أعني- ، هو ظاهرة (علوق الشدة ) ، تلك المرتبطة في المخيلة السودانية بالغفلة أو الكسل ، والإهمال لشيء أنت تعلم أنك محتاج إليه ، إن لم يكن اليوم ، فغداً ، و مثاله هو الدابة ، فالدابة هي نموذج لكائن تربطك به علاقة عملية ، و وجدانية ايضاً ، تجعل العناية به ، والرفق، أمور بديهية ، و هي تصل عند بعض اصحاب الدواب إلى مقام المتعة و الهواية .. فالدابة إن حفظتها حفظتك.. و إن وفيت لها كفتك الكثيرمن الدواهي، و حملتك إلى بلد لم تكن بالغه إلا بشق الأنفس.. و مثل علوق الشدة يدل على تلك الحالة من إهمال الزاملة حيناً من الدهر ثم اللجوء إليها في ساعة من الزمان ، و العمد لإطعامها طعام عامها في يوم واحد يتيم... بل في ساعة من نهار، أو ليل ، كيفما اتفق.. و لعل مثلاً آخر مشابه هو (( سمينة السخيلة في ليلة)... و هو مثل يضرب لمن هبط عليه ضيف على حين فجأة و لم يكن له سوى شاةٍ عجفاء ، فأحب أن يكرمهم ، و لكنه استقل لحمها، و استهانه ، فشاء أن يضفي عليها قدراً من اللحم ، (فدفسها) ، (دفسة واحد)، ثم هم بمديته ، (الله أكبر)... و مثال آخر هو ما دأب الناس للإشارة إليه بال(صلاة يوم القيامة) ... و كل هذه الأمثال تضرب لمواقف متشابهاة من أبرزها حال التلميذ المهمل الكسول، الغافل عن واجباته ، و الذ يجهد نفسه ليلة الإمتحان بالمذاكرة .. دلت لتجربة على أن علوق الشدة ، كما تسمين السخيلة ، في ليله ، و الصلاة يوم القيامة .كل أولئك لا ينفع..

و الحق أني لست من المتشائمين بخصوص مستقبل السودان ، بل من الموقنين بحتمية الوحدة ، و لكنها عندي وحدة تقوم على الرؤية الواضحة ، و السعي الأكيد لتحقيق العدالة الإجتماعية ، والديمقراطية ، و التوزيع العادل للثروة و السلطة .. هذه الوحدة لا يمكن أن تنسجم مع السلوك الموسمي ، أو الوسائلي (النفعي ) ، لمؤسسات الدولة ، والتي منها الإعلام .. الإعلام الذي سيسهم في الوحدة مستقبلاً ، هو ذاك الحاضر في وجدان المواطنين ، و في دورهم، و ناديهم ، حضوراً دائماً و أصيلاً ..لا الذي يمر عليهم كما مرور إعلامنا الحاضر ، مرة في كل عقد من الزمان ...

ملحوظة : كنت قد بدأت في العدد السابق سلسلة من المقالات بعنوان (أطباء في وطن غير جاذب) ..و هي سلسلة واعدة ، سأسعي فيها لتناول الكثير من القضايا الحية التي تخص الطب في هذا البلد، والأطباء، و لكني آثرت اليوم أن اوغل اكثر في (العام) ، لأواطيء الهنا و الآن ، بحدثهما الراهن .. و لي رجعة إلى زملائي ، الأطباء آملاً أن يحل علهم العام الجديد، و هم في وطن جاذب..

Post: #2
Title: Re: عندما مرت الشروق من هناك...
Author: أحمد الابوابي
Date: 05-23-2011, 07:44 PM
Parent: #1

.

Post: #3
Title: Re: عندما مرت الشروق من هناك...
Author: أحمد الابوابي
Date: 06-25-2011, 11:34 PM

...

Post: #4
Title: Re: عندما مرت الشروق من هناك...
Author: شكرى سليمان ماطوس
Date: 06-26-2011, 05:36 AM
Parent: #3

عزيزى د. الأبوابى ...

ركزت على تاريخ البوست و قلة المتداخلين
رغم أن المقال به الكثير من النقاط التى تصلح للأخذ و الرد !!


يبدو أن علل الإعلام إنتشرت فى البورد
و الشعوب على دين إعلامها (إن صح القول) ...




---
لا بد أن أشير بأنى أطلعت على الملف الشخصى علنى أجد مسبب الجفاء ..
أسمح لى بأن أحتفظ بحق "لا تعليق" ....







ش

Post: #5
Title: Re: عندما مرت الشروق من هناك...
Author: أحمد الابوابي
Date: 06-26-2011, 10:18 PM
Parent: #4

الأخ شكري سليمان ..
لك الشكر الجزيل على المرور ، و التزكية للمقال ، و أشكرك أيضاً على مشاركتي افتقاد الأصدقاء أعضاء المنبر ، مداخلين ، و محاورين في محاوره .. و الحق أني أجد العذر للجميع ، لكثرة المشغوليات ، و للسرعة الرهيبة التي يتم بها إحلال البوستات من واجهة المنبر .. كل ذلك يجعلنا أعيد رفع المقالات مراراً ، عسى يتمكن من فاتته القراءة من أن بفعل ،و من لم يدرك فرصة للتعليق ، أن تتاح له ..
و لك كامل التقدير ، و الشكر ..