صيف تحت إشراف حكومي!

صيف تحت إشراف حكومي!
راشد مصطفي بخيت.

نسمع كُل يوم جعجعة ولا نري طحناً! تصرِّح وزارة الكهرباء دوماً بأن هذا الصيف من دون قطوعات نسبة لدخول خزان كذا وخزان كذا لدائرة التوليد! ومع ذلك.. تنقطع الكهرباء بمعدل ثلاث مرات في الأسبوع ولفترات طويلة دائماً!
في الصافية مثلاً تقطع الكهرباء بوتيرة شبه منتظمة من الأسبوع الماضي أكثر من مرتين أسبوعيا، والثالثة تتقدم نحو حتفنا الصيفي بصورة يبدوا أنها عشوائية!
المياه تنقطع في بري بسبب بعض المعارضين السياسيين الذين (قفلوا) بلوفتها! أو هكذا يتحدث مسئول المياه! الوالي يقوم بجولة مكوكية لتفقد أوضاع العطشى بمعسكرات المياه! ويدخل في حوار مفتوح مع أهل بري بدلاً من أن يفتح هذه البلوفة التي قفلها ربما منسوبي الحركة الشعبية أو الحزب الشيوعي!
هذا الصيف برعاية حكومة السودان ليس بمقدورنا التعامل معه إلا علي طريقة حمل الأواني والبحث عن مياه من طرف النيل.
مع ذلك يصدِّر السودان الكهرباء إلي بعض الدول علي الرغم من أنها مدفوعة الثمن حتى بالنسبة لسيد البلد! فلماذا إذن تقطع الكهرباء يومياً؟ هل لأن (الخارج) يدفع أكثر من (الداخل) لشركة الكهرباء!
القضارف تعاني أزمة حادة في السكر لدرجة أن الحكومة تدخلت بإنشاء مراكز لتوزيعه، وجنوب كردفان يتهددها نذر حرب وشيكة إذا ما واصل الشريكين مسلسل الاتهامات الجاري بينهما حالياً.
هذا الصيف يبدوا أننا سنقضيه ليس تحت زمهرير سخونته القاسية فحسب، إنما وتحت رعاية حكومتنا الموقرة أيضاً! وعندما ترعي الحكومة أمراً، كرعايتها لملتقي شعراء النيلين الذي ختم أعماله أمس، فلك أن تتخيَّل طبيعة (المرعِي)!
زمهرير الصيف لوحده مقدور عليه، فلقد جُبلنا علي التعامل معه بوسائل عديدة طول فترة قدومه المفاجئ! لكن أن يأتينا الصيف هذه المرة بثالثة الأثافي مرعياً من حكومتنا الموقرة رعاية شبه كاملة، فذلك ما يحتاج منا لتمرين طويل للتآلف معه! فقد تُفجر حكومتنا الحنونة مفاجآت ساخنة بدرجة سخونة الطقس الخارجي، لا تقوى مراكز استيعابنا علي تفهمها وشمس الظهيرة تغلي نافوخ الرأس.
ربما الحرب، وربما التشاكُس العنيف، وربما تفاجئنا الحكومة بأكثر من ذلك! فهي قد تقرر أن تترك بلوفة مياه بري مغلقةً إلي أن تحاول المعارضة التي قفلتها فتحها وبذلك يسهل علي الحكومة القبض علي هؤلاء الأوغاد!
لماذا لا تنتهج حكومتنا الموقرة سياسة الشفافية في إعلان عجزها عن إدارة قضية ما، وأن تنصت السمع لبقية الآراء التي ربما بها خلاص للجميع؟ ولماذا لا تخطر شركة الكهرباء زبائنها بمواقيت وجداول قطوعات الكهرباء حتى يتمكن الجميع من تدبر أحوالهم مع هذا الصيف القاسي!
فلو علم مثلاً عُمال وأصحاب محلات سوق سعد قشرة بقطع الكهرباء منهم يوم السبت من كل أسبوع من الساعة كذا وإلا الساعة كذا، لأداروا وقتهم بالطريقة التي لا يحتاجون فيها الجلوس أمام بوابات دكاكينهم طول اليوم!
ولو علم المواطن أن كهرباء (شقته)! ستقطع يوم الاثنين من كل أسبوع، لحمل طفله الذي لا يحتمل سخونة الجو لمنزل أسرته بالحي الآخر أو نسابته أو أصدقاءه! لكن وكما حكي لي أحد الظرفاء ساخراً من عدم شفافية هذه الدولة أن حتى (أستوبات) المرور عندنا تبدأ من الرقم 99 لكنها لا تعد إلا بعد 16 ثانية من البداية! وكأن الانتظار سيختلف فيما لو بدأ هذا (الاستوب) فعلياً من 116 بدلاً عن 99!
فيا لعدم شفافية دولتنا الموقرة وهذا الصيف يداهمنا تحت رعايتها كاملاً!

صحيفة الجريدة 15/35/2011