ندوة , مشروع الخاتم الفكري .. قراءة في ورقة آن أوان التغيير , (ملخص + صور) .

مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية

ضمن احتفائه بإحياء الذكرى السادسة لرحيل الأستاذ الخاتم عدلان , واحتفاله بالسنة الرابعة لتأسيس المركزالذى أسم الراحل .
اقام المركز فى أمسية الاربعاء 4 مايو 2011 بمسرحه الخارجى ندوة تحت عنوان :-
مشروع الخاتم الفكري .. قراءة في ورقة آن أوان التغيير

تحدث فيها
دكتور فاروق محمد إبراهيم .
والأستاذ أبوبكر الأمين .
وادارها المتبحر فى قواعد اللغة العربية الأستاذ نادر السمانى .

د. فاروق محمد ابراهيم

:-
السلام عليكم .
انا اريد ان اقدم منهج تاريخى .
نفس فكرة الخاتم ولكن ليس بنفس بلاغته , وليس بنفس تصور زمنه فى 1994 نفس الفكرة كانت مدار صراع فى كل تاريخ الحزب الشيوعى .
سوف ابدأ بتاريخ أكتوبر 1952 , انقسام الحزب الشيوعى , ورؤية الراحل عوض عبدالرازق , وهنا وثيقة مهمة بخط يد الراحل عوض عبدالرازق وممكن ان اقدم لها قراءة لاهميتها
((تقرير السكرتير التنظيمى للحركة السودانية للتحرر الوطنى عن الفترة يوليو 1947 الى اكتوبر 1953
التحية لكفاح الشعب السودانى ضد الاستعمار , والتحية للجماهير التى احبطت مؤامرة الجمعية التشريعية , التحية لحركات التحرر الوطنى وهى تحقق الانتصار تلو الانتصار , التحية لثورة مصر .
الرفاق الاعزاء
من الاهمية بمكان الاعتراف بنمو وتطور المقاومة ضد الاستعمار البريطانى الجاثم على صدر شعبنا , ذلك النمو الذى نشهده فى اتساع العمل الشعبى الناجح لتاسيس هيئة شئون العمال والاتحاد النسائى ومؤتمر الشباب واتحاد الكلية الجامعية .
تلك الخطوات الاولى لمقاومة شعبية تراكمت حتى تفجرت تظاهرات رافضة للجمعية التشريعية من اكبر القيادات التقليدية للتصدى للمهام الوطنية والسير قدماً فى افشال المؤامرة الاستعمارية لتدجين الحركة الوطنية .
معلوم لدينا ان اهداف الاحزاب التى صيغت باحكام حتى تحدد مستقبل البلاد السياسى , الاستقلال او الاتحاد .
اى انها اهتمت بقضية التحرير واغفلت عن عمد قضية البناء والتعمير , التى هى جوهر برنامج الحركة الوطنية للتحرر الوطنى الداعى للتنمية والتغيير الاجتماعى العميق , الذى يُفضى الى طريق وطنى ديمقراطى يسير نحو الاشتراكية , الطريق الوحيد للتطور والتقدم فى هذا العصر .
وقد اثبتت الحركة السودانية للتحرر الوطنى انها بؤرة المقاومة التى التف حولها الشعب منذ ان ولدت .
وقد اسهم الرفيق عبدالوهاب زين العابدين فى بناء قواعدها رغم الاخفاقات التى تجلت فى تبنى حق تقرير المصير تحت التاج المصرى , وضرب حولها سوراً من العزلة حتى تاهت فى دهاليز السرية بعيداً عن مهامها فى نشر الفكر التقدمى العلمى المناهض حتى للاستعمار البريطانى مما افقد الحركة فرصاً عزيزة فى الانتشار وتوسيع قواعدها .
وبمجرد تكليفى من اللجنة المركزية لتحمل مهام السكرتير التنظيمى فى يوليو 1947 , عملت مع المكتب السياسى على انتهاج خط سياسى جديد يتجه نحو الشعب مباشرةً , وعمدنا الى نشر الفكر الماركسى بين عضوية الحركة على اسس منظمة , مما اتاح للحركة فرص استقطاب اعضاء جدد من الطلاب والخريجين لتأسيس المنظمات الجماهيرية التى اعطت لحركتنا المقدرة للتصدى لقضية الجمعية التشريعية , ودفع الاحزاب الاتحادية دفعاً لمعركة الشارع التى قودنها بجدراة , واكدت قدرة وعمق جذور الحركة فى تربة الواقع السودانى .
تلك الانتصارات قد القت على عاتق الحركة بمهام جديدة نوجزها فيما يلى :-
اولاً توسيع عضوية قاعدة عضوية الحركة الجماهيرية كمياً ونوعياً , وذلك بالغوص فى صفوف الشعب بمختلف طبقاته وفئاته مما يجعلنا نطور من نهج المواجهة الذى بداته الحركة فى احداث الجمعية التشريعية الى تحالف وطنى عريض معادى للوجود الاستعمارى , وكان الطريق للقضايا التالية
أ/ ابعاد اى خط سياسى يدعو للانغلاق والعزلة ولا يدعو لاستقلالية منبر الحركة او يدعو للذوبان فى الاحزاب الآخرى , الطريق هو تأكيد شخصية الحركة المستقلة من خلال المعارك اليومية , فى سبيل اجلاء الاستعمار والتحرير .
لذلك نؤكد اهمية وجود جبهة شعبية واسعة معادية للاستعمار حتى تقوم بتادية تلك المهمة فى طريق الكفاح المشترك بين شعبى وادى النيل ضد الاستعمار .
ب/ تحجيم الخط اليسارى المتعجل , الداعى للقفز فوق المراحل بتحويل الحركة الوطنية للتحرر الوطنى لحزب شيوعى ماركسى لينينى مستنداً على العمال والمزارعين والمثقفين الثوريين وذلك للاسباب الاتية , طبيعة العمال فى بلادنا مازالت طبقة وليدة تنحصر فى عمال خدمات سكة حديد , بريد , نقل نهرى .. هؤلاء جميعاً دورهم مساعد وثانوى , العمال مازالت طبقة فى طور التكوين لم يكتمل تطورها ولن يكتمل الا فى ظل الثورة الوطنية الديمقراطية والتى مسئوليتها الرئيسية تحقيق بناء صناعى واسع يجعل من العمال طبقة قادرة على بناء حزبها الطليعى القوى الذى يسير بها نحو الاشتراكية .
اما المزارعون فانهم يُطابقون فى وعيهم مستوى الانتاج الزراعى , والزراعة فى كل السودان مازالت زراعة اكتفائية موسمية , حتى ارقى اشكالها مثل مشروع الجزيرة ومشاريع الاعاشة , لم يتشكل المزارعون كطبقة اجتماعية .
الفكر الماركسى اللينينى مازال فكراً صفوياً منحصراً فى اوساط الافندية , الذين يعانون ابلغ المعاناة فى فهم فلسفته , انشاء حزب شيوعى على تلك الاسس والمعطيات , يُعد عملاً سطحياً ويسارية طفولية , ولا سند له سوى الجمل الثورية الغير مستوعبة للظروف الوطنية , وهذا يؤكد تناقض جوهرى ينفى العملية ويُبرز ممارسة تقليدية التى تتم عن طريق التلقين والاشارة .
المتتبع لتجارب التاريخ يعرف ان الثورات العظيمة لا تنبثق الا من استيعاب الشروط الموضوعية والذاتية , وعلى راسها فهم التاريخ والتراث والتقاليد واخضاع المنهج الذى استفاد من كل الثقافة الانسانية الجديدة .
ان مسيرة التعجل السياسى ينذر بفقدان الحركة السودانية للتحرر الوطنى لوضعها كطليعة ديمقراطية التفت حولها اكثر ابناء شعبنا ذكاءً .
ثانياً , الحركة السودانية للتحرر الوطنى , غرست اقدامها عميقاً فى اوساط الشعب باجتذابها للعناصر المستنيرة والفئات الاكثر وعياً ومصلحة , طلاب وموظفين وعمال الى اخره , مما يُرشحها ان تلعب دور صمام الامان الوطنى الديمقراطى رغم وجود عقبات اساسية , نوجزها فى
1/ نشأت الحركة الوطنية السودانية تحت تأثير الزعماء الدينين المهدى والميرغنى وهما يعملان لتأكيد تأثيرها بشكل طائفى , وكل ما زاد دورهما ضعف النشاط الديمقراطى .
الحركة السودانية للتحرر الوطنى معنية اكثر من غيرها فى ترسيخ القيم الديمقراطية بتوجيه نشاط المنابر الديمقراطية بعيداً عن السقوط النهائى فى احضان الزعماء الدينيين لكونهما دائماً ما يعملان على تغذية بذور الطائفية المهددة للتطور الديمقراطى .
2/ من مهددات التطور الديمقراطى , الطفولة اليسارية التى تتعجل الانجازات وتتجاوز المراحل فى التطور الوطنى , بغرض فرض خيارات لا تتناسب مع الظروف الموضوعية , نجد الدعوة لتحويل الحركة الوطنية للتحرر الوطنى لحزب شيوعى مما يؤسس للعزلة والقطيعة بين الشيوعيين والديمقراطيين وينفرض عقد تحالفاتهما ودورهما الرائد كمنبر ديمقراطى تأسس من خلال نضال الوطنيين والديمقراطيين بالدرجة الاولى .
3/ ومن المخاطر المهددة للتطور الديمقراطى , الوجود الاستعمارى الذى اسس نظام حكم على النمط الاستبدادى العسكرى .
من الضرورى ان تعمل الحركة الوطنية للتحرر الوطنى على نشر الوعى الديمقراطى )) .
هذا هو تقرير عوض عبدالرازق , وهو تقرير هام للغاية , فكرة عوض انه لا يُريد حزب شيوعى , حزب لا يقوم على الماركسية , وان تمضى الحركة السودانية للتحرر الوطنى كحركة سياسية , ان لا تكون حزب ماركسى .
عبدالخالق محجوب جاء عام 1949 واستلم من عوض عبدالرازق وكان اسمها الحركة السودانية للتحرر الوطنى وعندما جاء عبدالخالق بعد مؤتمر تداولى اصبح اسمها الحركة السودانية للتحرر الوطنى / الحزب الشيوعى , وبدأ الكلام عن نحن الشيوعيين , وبدات المنشورات تخرج باسم الشيوعيين .
استمر هذا الوضع وتطور الحزب فى شكل حزب شيوعى , وكانت النقطة الفاصلة فى 1956 حين انعقد المؤتمر الثالث , وتم نشر عدة مقالات قدمها عبدالخالق بعنوان (حزب العمال والمزارعين) , وكان يطرح فكرة هل يتم الاعلان عن الحزب الشيوعى ؟ , ام نعمل بواسطة القوة والنفوذ الذى وجدناه داخل قاعدة العمال والمزارعين ؟ , اود الاشارة الى نقطة مهمة , عوض عبدالرازق فى طرحه لحزب مثل هذا , لماذا هزم ؟ , ولماذا كان وضعه ضعيفاً , السبب الاساسى فى ضعفه اننا فى ذلك الوقت كنا فى حوجة لان تأخذ الحركة استقلالها , والايديولوجيا الخاصة بها تساعد فى هذا الاستقلال وتمنحها الشخصية المستقلة , وثانياً ان طرح عوض عبدالرزاق كان نظرياً , بينما طرح الجانب الآخر كان الغوص فى الحركة الجماهيرية , اكبر تحول حدث فى اعوام 1952- 1953 – 1954 بعد الانقسام مباشرةً , ذهب المحجوب وعبدالحليم عمر وعدد آخر , وكان المحجوب انسان شعبى للغاية , وفى الجزيرة وفى فترة عامين نشأت فروع الحركة السودانية للتحرر الوطنى , تقريباً فى كل قرى الجزيرة , وتم تجنيد شخصيات مثل الامين محمد الامين , ويوسف محمد المصطفى وقيادات اتحاد المزارعين .
1954 يوم اعلان الاستقلال فى ميدان عبدالمنعم , لم يكن الحدث البارز هو اعلان الاستقلال , ولم تكن الشخصية البارزة ازهرى او بابكر عوض الله , الشخصية البارزة كان الامين محمد الامين يوسف , احمد المصطفى , كامل محجوب , الذين حضروا وهم يقودون المزارعين كلهم فى الخرطوم للمطالبة بحقهم , واستطاعوا ان يفرضوا مطلبهم الخاص بالاعتراف باتحاد المزارعين .
عوض عبدالرازق كان يتحدث عن ان التجربة اوصلتنا لخلق نقابة او اتحاد للمزارعين مع الحركة العمالية فى مواجهة السلطة , وهذه الصلة بين الجانبين هى التى شكلت العمود الفقرى للحركة الديمقراطية وللحزب الشيوعى منذ ذلك الوقت , وهذا هو السبب الذى تم مهاجمة عوض عبدالرازق من اجله , لطرحه هذا التصور .
1956 طرح عبدالخالق موضوع حزب العمال والمزارعين , على اساس طرح هذا التصور فى المؤتمر الثالث فى فبراير 1956 , وكان هناك تردد لان القرار صعب , هل نستمر كحركة للتحرر الوطنى وحزب ديمقراطى عريض , ام نتحول لحزب شيوعى , ورغم ان طرح عبدالخالق فى مقالاته هو انشاء حزب العمال والمزارعين وليس حزب شيوعى وهذا يطرح امكانية ان نكون قوى اجتماعية كبرى فعلاً , لكن عبدالخالق قام بتغيير رأيه , وكلنا غيرنا رأينا معه , وتم اعلان الحزب الشيوعى من داخل المؤتمر الثالث فى فبراير 1956 .
الفترة الثالثة , موضوع مؤتمر الجريف بعد ثورة أكتوبر مباشرةً , تم طرح الفكرة , وان الظروف تُتيح لنا ان نتحول لحزب جماهيرى والماركسية احد الروافد , ولكن ليس حزب ماركسى وانما حزب ديمقراطى وقانونى مثل الأحزاب الآخرى , وبالرغم من انه قد تم عقد مؤتمر وافق عليها بالاجماع , لكن بعد نصيحة من السوفيت , قام عبدالخالق بتغيير رأيه .
الفترة الرابعة , كانت ظروف مايو , والحزب الشيوعى رؤيته ان القوى الحديثة فى الاساس هى اقلية , والقوى التقدمية داخل هذه القوى الحديثة هى اقلية , وليس هناك طريقة غير ان تقوم هذه القوى الصغيرة باستلام السلطة حتى تقوم بتغيير المجتمع , والانقلاب العسكرى جزء من هذه العملية , والحزب الشيوعى هو الذى قام بتأسيس تنظيم الضباط الاحرار .
وكلنا نعلم الصراع الذى حدث فى فترة مايو , وكانت هناك فرصة للحزب ان يقوم بتشكيل تنظيم جماهيرى للنظام , وان يتشكل حزب جديد .
عندى تعليقات بسيطة على ورقة الخاتم , الورقة استمرار لنفس الطرح القديم فى ظروف جديدة , لكن الخاتم نفسه كان جزءً من الوضع القديم , هو انضم للحزب فى الفترة التى انعقد فيها مؤتمر الجريف , وفى فترة صراع مايو كان هو مع الخط الرسمى , لذلك فهو فى الورقة يقوم بترديد الكلام عن التيار اليمينى فى مؤتمر الجريف , الحديث عن المركزية المطلقة والمركزية الديمقراطية فان مؤتمر الجريف هو اكبر نموذج للمركزية المطلقة بقرار فرد واحد .
فى طرحه لموضوع الاشتراكية الخاتم ذهب خطوات بعيدة قليلاً , وجعل شكل الحزب مثل الحزب الليبرالى والطرح الاشتراكى غير واضح فيه .
هذه هى النقاط الاساسية التى اردت التحدث عنها .

أ/ نادر السمانى

فى ادارة وتقديم الندوة .

أ/ ابوبكر الامين

:-
السلام عليكم .
نحن الان ابعد قليلاً عن الحزن , فقد مضت ست سنوات , ويجب الانتقال لمناقشة القضايا الفكرية بعيداً عن الذكريات والحكاوى , حكاوى وذكريات كانت جميلة , لكنها كانت فى المسيرة النضالية .
وكلنا بمختلف اتجاهاتنا ومذاهبنا لم نحقق ما كنا نريده لبلادنا , وهو امر يُثير الحيرة
لو نظرنا الان ونحن نتحدث عن فكر سياسى , نجد ان بلدنا قد تمزقت , وحركتها الجماهيرية مُشتتة , واحزابها السياسية ارادتها غير كافية للمشى فى دروب التغيير .
عند مناقشة ورقة الخاتم يجب ان نضع فى الاعتبار , ان الخاتم حينما يُناقش القضايا او يطرح الأفكار , لا يفعل ذلك لمجرد المتعة الفكرية , لكنه كان يطرح وفى باله القضايا العملية التى تواجه الشعب , وتواجه حركته الديمقراطية واحزابه السياسية , ومن هذا المنطلق فاننى لا اسعى لمناقشة هذه الورقة بعيداً عن واقعنا , ولا بعيداً عن ما يهمنا الان فى هذا الواقع .
فى بالى ايضاً ان هذه الورقة كُتبت داخل الحزب الشيوعى , وناقشت قضايا خاصة بالحزب الشيوعى و لكنها ناقشت ايضاً قضايا نظرية عامة , وبالتالى لا يمكن ان تقوم بعملية جراحية من اجل استئصال ماهو شيوعى من ما هو غير ذلك , لكن الاهم ان الحزب الشيوعى هو نفسه كقضية ليس موضوع نقاشنا هنا , الحزب الشيوعى موجود كحزب باعضائه ومنابره وقضاياه , والخاتم خرج منه و وكلنا الذين كنا شيوعيين خرجنا من الحزب , وبالتالى نترك الحزب فى حاله .
لكن نقوم بمناقشة القضايا التى نعتقد باهميتها , وبطريقتنا الخاصة , ومناقشة هذه القضايا موضوع كبير , وورقة الخاتم نفسها مكتوبة فى اكثر من 110 صفحة , وهى ورقة من الصعب ان تتم مناقشتها فى جلسة واحدة .
سوف اتناول بعض من هذه القضايا , الورقة مكتوبة من 19 او لنقول من 20سنة , وعند كتابتها كان الحزب المعنى عمره 45 او 46 سنة , ورقة كتبت فى حزب كهل , ثم اصبحت هذه الورقة الان عمرها 19 سنة , الورقة الان فى عمر الزهور كما يقول المغنى والحزب الان فى الستين .
لكن لو نظرنا نظرة اعمق لموضوع الورقة فان دكتور فاروق اوضح ان الورقة كُتبت فى نسق قديم ونسبها يمتد لمولد الحزب الشيوعى , ولهذا فان ورقة (آن اوان التغيير) لا يمكن ان تدعى بداية جديدة , هذه الورقة من ناحية آخرى اوغلت فى الكهولة الفكرية لانها مرتبطة بتيار ظل موجوداً فى الحزب الشيوعى ويعبر عن نفسه فى كل منعطف ويطرح افكار تكاد تكون متطابقة من مجموعة لمجموعة , حتى الصراع الذى حدث فى مايو وكان حول الانقلاب والتنظيم السياسى وغيره من القضايا لم يكن يخلو من رغبة ان يصبح الحزب الشيوعى , حزباً سهلاً للناس يدخلوه زُرافات ويتحول لحزب جماهيرى , لانهم يعتقدون فى قرارة انفسهم ان مُجرد ذكر الشيوعية والماركسية هى حاجز كبير امام الحزب وامام الناس للانضمام له .
هذه كانت هموم حزبية قديمة والورقة كانت تعبر عنها فى فترة سياسية مختلفة عن الفترات السابقة .
بالاضافة لهذا فان هذه الورقة امتازت فى التعبير اكثر من تعبيرات الصراعات القديمة , باللغة المسبوكة والمعرفة الفلسفية العميقة , والدخول للقضايا بشكل ساطع وقوى ومؤثر , وهذه حقيقة , فاننا نحتاج الان للرجوع للارشيف لمعرفة ماذا قال عوض عبدالرازق , او يوسف عبدالمجيد , لكن ورقة الخاتم ظلت بين الناس .
((علينا بلحظتنا هذه من الزمان , فى بقعتنا هذه من الارض , فى مرحلتنا هذه من التطور الاجتماعى)) .. هذه اقوال الخاتم , وهذا منهج فى التعامل مع القضايا افضل من الهروب للخلف او للامام .
ورقة الخاتم هذه واحدة من اسهامته العديدة , وهو قد تميز بالحيوية الفكرية , لا اقصد بالحيوية الفكرية هنا ان الشخص لديه كثير من الافكار اكثر من الآخرين , الموضوع ليس الكم فيما يتعلق بالخاتم عدلان , الموضوع هو الاشياء التى تميزه من ناحية الكيف .
عندما كان الخاتم طالباً , اشترك فى النضال الطلابى , وكان مقنعاً بحيث انه قاد مع آخرين الجبهة الديمقراطية وفرع الحزب الشيوعى بالجامعة الى خطأ ما يُعرف بالاتحاد التقدمى , وكان الاتحاد التقدمى فكرة لمنع الاخوان من الوصول لمقاعده , الاخوان واليمين الرجعى , ثم من بعد ذلك تراجع الخاتم وهذه ميزة اركز عليها , وقام بتقديم نقد لهذا الخط بشكل شافى جداً واوضح كيف ان البصر قد زاغ بهم وان الطلاب يُريدون منظمتهم النقابية ولا يرغبون فى اتحادات تقدمية او رجعية , وقد كتب الخاتم هذا الكلام وكان من اميز ما قرأت من نقد فى داخل الحزب .
الخاتم كتب كتاب عن الجمهوريين , وكتب عن ملف الاحداث فى الجامعة 1973 وكانت من الكتابات المميزة .
فى كتابه عن الجمهوريين , يقول صدقى كبلو ان الخاتم كان لديه موقف من الجمهوريين , واختلف هذا الموقف واصبح اكثر واقعية فيما يتعلق بطرحهم وفى العمل المشترك معهم , لدرجة وصلت فيها حركة حق ان تُدخل فى عضويتها اعداد مُعتبرة من الجمهوريين , وكان الجمهوريين خصم فكرى بالنسبة للخاتم فى زمن من الازمنة , وهذه هى الحيوية الفكرية التى اقصدها , ان تتنازل عن ما كنت تعتقد بانه الصواب .
فى رواية لصدقى كبلو ان الخاتم عدلان لم يكن لديه موقف نقدى من الاتحاد السوفيتى , لكن الخاتم غير رأيه , وهذا امر غير سهل لان الاتحاد السوفيتى فى ذلك الوقت كان لديه طغيان اعلامى , واذكر ان الاخ الحاج وراق كتب كتاب لم يتم نشره عن الاتحاد السوفيتى بعد ان ذهب لبعثة هناك وقام بتقديم الكتاب فى شكل لفافة للخاتم لكى يكتب له المقدمة , وهذه اللفافة مكثت عند الخاتم فترة طويلة جداً , فالخاتم لم يكن مقتنعاً بالكتاب او بالافكار الواردة فيه , وغير مقتنع بكتابة تقديم لافكار من هذا النوع , وقد توج هذا الاقتناع بتقديم نقد شامل فى وثيقته للنظام الاستالينى .
الخاتم زميلنا وصديقنا ونعرف اشياء كثيرة عنه , ذات مرة ونحن فى هيئة داخل الحزب اسمها هيئة الدراسات الاسلامية تقدم بورقة , وكانت ورقة غريبة , تقول ان الشخص داخل الحزب لو كان غير مقتنع بالماركسية كما هى من الناحية الفلسفية فان عليه ان لا ينعم بعضوية الحزب , ونحن كنا وقتها اعضاء مساكين لم نأتى للحزب من الجانب الفلسفى , كانت الورقة تُطالب بحزب فلسفى فى مجتمع أمى ! , وقلنا للخاتم فى اجتماع الهيئة ان عضوية الحزب لا تدخل للحزب من الجانب الفلسفى , وان هناك برنامج منشور وهناك لائحة تُحدد شروط العضوية وهو مفتوح لكل الناس فى السودان وليس هناك شرط فلسفى , وطلبنا منه سحب الورقة وتعديلها , والذى عرفته ان ظل لفترة مؤمن بهذه الفكرة , وعندما حضر الاستاذ الماركسى العراقى فالح عبدالجبار كنت فى مرافقته وقمنا بزيارة الخاتم فى دار الوسيلة , وقام الخاتم بطرح نفس الفكرة على فالح عبدالجبار , وقام فالح بنقد هذه الفكرة وقال للخاتم انه من الخطأ جعل المعرفة الفلسفية شرطاً من شروط ولوج الحزب الشيوعى .
هذه الورقة كُتبت فى عام 1991 , ولم تنشر فى الشيوعى الا فى 1994 , وقد قرأنا هذه الوثيقة طازجة بخط يد الخاتم واعتقد انها كانت اصغر قليلاً من ناحية الحجم ويبدو انه قام بالتنقيح والاضافة , وهذه الوثيقة نعت على الشيوعيين انهم اقاموا حزب فلسفى , وكان الخاتم يدعو لنفس الفكرة قبل فترة معينة , وتقلب الفكر وتغيره امر يحدث لنا جميعاً .
عندما تم تقديم الورقة وكانت محل نقاش , كان الخاتم فى قلب النشاط القيادى الحزبى , فى القيادة فى هيئة السكرتارية المركزية , وكان فى وضع صعب للغاية , صعب بمعنى الكلمة , والكادر الحزبى الذى يقدم المساعدات فى مواضيع الاختفاء وتوفير السيارات واماكن الاجتماعات وغيرها , هذا الكادر انسحب من الخاتم وتركه وحيد , وحتى خروج الخاتم من السودان تم بواسطة مجهود خاص وليس بواسطة الهيئات الحزبية الرسمية .
ومن اجل مناقشة هذه الورقة مع الخاتم تم الطلب منى بتوفير مكان للمناقشة وان اقوم بتوفير وسائل المواصلات , وكنت اعرف ان هذا الموضوع خطير ولو تم اعتقال الخاتم فاننى سوف اتحمل المسئولية وسوف يقولون ان الزميل تسبب فى ضرب كادر قيادى , وهذا امر كان يتم خارج الآطر التنظيمية لان الناس المعنيين بتوفير هذه الاشياء كانوا مُضربين عن الخاتم , واضربوا عنه حتى اصبح يآس , وكان اقتراح ان يخرج من السودان هو واحد من الحملة التى كانت ضده .
هل الخاتم فهم حزبه السابق كما ينبغى ؟ , اعتقد ان الخاتم قد خفيت عليه خفايا فى هذا الحزب , وهذا الحزب فى اعتقادنا , فيه مجموعة خيرة طيبة ومناضلين حقيقيين لا احد يستطيع تبخيس مُنجزاتهم , لكن فى نفس الوقت هذا الحزب به اشخاص عصيين على التعلم , اشخاص وصلوا مواقع فى الحزب لا يريدون التنازل عنها , وصراع الحزب مع هذه المجموعة الجامدة هو صراع طويل , وعبدالخالق اشار لهذه المجموعة اكثر من مرة , وانا كتبت حول هذا الموضوع , هذه المجموعة تقوم بالتأمر عليك بذكاء شديد وتعمل فى صبر حتى تصل بك لمرحلة غاية فى الصعوبة , والخاتم لم يكن يعرف طبيعة هذه المجموعة .
الخاتم لم يكن يعرف حجم الاختراقات التى حدثت للحزب من قبل القوى الاجنبية , والى حد وصلت هذه الاختراقات , عبدالخالق كتب مرة رسالة قال ان هناك شواهد تدل على ان هذا الحزب لم يعد فيه سر , وتعرف اسراره قوى داخلية وخارجية , وهذا الحزب قد تعرض لعدد من التصفيات والتى وصلت قمتها فى 19 يوليو .
نحن قلنا ان ورقة الخاتم ذات نسب قديم , وانها ورقة ليبرالية وان الخاتم يُريد الذهاب بنا الى يمين الحزب فى يساره ومازلنا كذلك .
كان على الخاتم ان يصبر حتى يعرف من اين يُقاد الحزب , وليس من الضرورى عندما تتمتع بوضوح فكرى ان يكون للآخرين نفس الوضوح .
عند الخاتم الشيوعية طوباوية , والاشتراكية مجهولة , وعلى العموم نحن متمسكين بمنهجنا فى التفكير ونعتقد انه منهج ماركسى اوسع من ماركسيات البعض الكثيرة , منهج يعتمد على طريقة معينة فى التفكير وتحليل الظواهر , وليست لدينا اى قداسة لاى مُقتبس قاله شخص او لاى كتاب , مازالنا متمسكين بالماركسية ونحلم ان يكون هناك مجتمع شيوعى فى هذا العالم , مجتمع قائم على اعظم مافى الانسان من قيم .
نحن امامنا الان مهمة محددة , ليست هى مهمة الشيوعية او الاشتراكية , وانما هى مهمة بناء الحلف الوطنى العريض , وطريقة الحزب فى الثورة الوطنية الديمقراطية وبناء حلفها , طريقة غير صحيحة ولم تذهب بنا الى الامام , لكن على الصعيد الآخر , فان دعوة الخاتم عدلان كانت منذ 20 عاماً , الدعوة لحزب غير فلسفى يقوده المثقفين بدون اى تعقيدات ايديولوجية , طيب , اذا لم ينجح الشيوعيين , فلماذا لم تنجح انت ؟ , هذا هو السؤال , اين هو حزبك الجماهيرى الان ؟ , لو كان للحزب الشيوعى مشاكل , فان التنظيمات التى قامت والمنظمات الطوعية والحقوقية التى تكونت , فيها مشاكل اكثر من المشاكل الموجودة فى الحزب الشيوعى .
علينا ان نتقدم خطوة نحو الامام ونفكر فى مخرج , هناك تجارب تحالفات عرفها الخاتم داخل وخارج الحزب , منها تجربة التحالف الديمقراطى ايام الإنتخابات , ومنها فكرة الجبهة الوطنية العريضة واساسها النظرى , وهناك ما قاله الخاتم عن لواء السودان الذى قامت الحركة الشعبية بتأسيسه , عندما وصفه بـ((عسكرة الحلف)) , ومنها اتصاله بعبدالعزيز خالد لانشاء حلف بينهما واكتشف خوف الحليف الذى يُدرك انك اقدر منه ولا يرغب فيك لهذا السبب بكل بساطة .
نحن مجموعة من الناس خرجنا من الحزب , ولم نذهب لحركة حق او للمعسكر المعادى للشعب , وهناك آخرين فى مختلف الاحزاب , وبيننا حد ادنى , فما الذى يمنع بناء هذا الحلف الوطنى الديمقراطى ؟ .
الناس لا تنتظر المثقف , فهى تتحرك وتقوم بحل مشاكلها عن طريق البندقية او غيرها من الوسائل .
لابد من ان نتقدم خطوة بعيداً عن خلافاتنا الصغيرة وان نبذل مجهود لجمع هذه القوى فى سيل جارف حتى نحقق للخاتم ما كان يحلم به , وما يحلم به الوطن .

Quote: وانما هى مهمة بناء الحلف الوطنى العريض B]

إعادة النظر في عدم التمسك بخط واحد هو لازمة ضرورية للحراك الجماهيري

لقد ثبت ان خشية الحزب من بناء التحالف الديمقراطي مل ياتي بثمار مطلوبة

وحركة حق لم تحظي بكثير عضوية من الحزب الشيوعي

ولكنها حظيت بعضوية محترمة ممن كانوا ينتمون للجيهة الديمقراطية

فعضوية الجيهة الديمقراطية عضوية ملتزمة ومؤمنة بدور لها في العمل العام ...

هذه العضوية وفور خروجها من مواطن الجباه الديمقراطية في العمل الطلابي قي المدارس والجامعات

لا تجد التنظيم المماثل الذي يقتعها

وما يشهده الشارع من فتور تقوده المجموعات الرائدة والمستنيرة مرده هذا الغياب

فهل من جذوة ثورية تعيد الامور إلى مكانها وزمانها كما ورد




____________________________

ابوبكر ... زمان .... أين أنت ؟

سلام للجميع

اعتقد ان الندوة مهمة ومشروع الخاتم مشروع ضخم ؛ ولكن هل كان المتحدثون الاجلاء بمستوى عنوان الندوة ؟

استاذنا الكبير د. فاروق محمد ابراهيم لا يزال يراوح في ذكرياته عن اطروحات عوض عبد الرازق ومؤتمر الجريف الخ ؛ وهذه كانت قطعا محاولات اصلاحية في داخل الحزب الشيوعي؛ ولكنها استندت على اسس اضعف من الاسس التي اعتمد عليها الخاتم ؛ وعموما ورقة د. فاروق لم تكن عن الخاتم وانما عن تلك المحاولات.

من جهته استاذنا ابو بكر الامين يختلف مع الخاتم منهجيا وهو ماركسي لا يزال؛ ورغم احترامه الشخصي للخاتم الا ان اطروحات الخاتم تظل مرفوضة له؛ فهل هو الشخص المؤهل للحديث عن مشروع الخاتم الفكري ومن الواضح انه لا يفهمه ؟؟ استاذنا ابو بكر يمكن ان يكتب ذكرياته عن الخاتم ولكن تسليم مسؤولية الحديث عن مشروع الخاتم الفكري لخصم ايدلوجي - وان كان شخصيا صديقا للخاتم يعد جنحة فكرية في حق مشروع الخاتم.

ثالثا: هل مشروع الخاتم الفكري هو ورقة آن اوان التغيير أم هو شي أعمق من ذلك ؟؟ لقد نضج الخاتم فكريا (او كاد) بالتحديد بعد كتابة هذه الورقة؛ ومشروعه الفكري تقدمه كتاباته اللاحقة لها اكثر مما تقدمه هذه الورقة التي كتبت قبل 14 عاما من وفاته؛ وكانت محكومة بظروفها السياسية والحزبية ..

لنا رجعة

Quote: الفكر الماركسى اللينينى مازال فكراً صفوياً منحصراً فى اوساط الافندية , الذين يعانون ابلغ المعاناة فى فهم فلسفته , انشاء حزب شيوعى على تلك الاسس والمعطيات , يُعد عملاً سطحياً ويسارية طفولية , ولا سند له سوى الجمل الثورية الغير مستوعبة للظروف الوطنية , وهذا يؤكد تناقض جوهرى ينفى العملية ويُبرز ممارسة تقليدية التى تتم عن طريق التلقين والاشارة . المتتبع لتجارب التاريخ يعرف ان الثورات العظيمة لا تنبثق الا من استيعاب الشروط الموضوعية والذاتية , وعلى راسها فهم التاريخ والتراث والتقاليد واخضاع المنهج الذى استفاد من كل الثقافة الانسانية الجديدة . ان مسيرة التعجل السياسى ينذر بفقدان الحركة السودانية للتحرر الوطنى لوضعها كطليعة ديمقراطية التفت حولها اكثر ابناء شعبنا ذكاءً .

اختلف تماما فى تسجيل انطباعاتى حول ما جاء به استاذنا فاروق ، فى تقديرى ان اسهامات هذا الرجل كانت وما تزال على قدر كبير من الاهمية لانها تنهض على تقديم تجربة نقدية لمسيرة الحزب الشيوعى والاخطاء التى صاحبت تلك التجربة منذ النشأة الاولى، واستطاعت كتاباته على قلتهاان تنقل لناكيف ولماذا نمت جرثومة الاصولية الماركسية فى السودان ؟، اهمية فاروق تاتى فى انه عاش تجربة التاسيس الاولى للحزب الشيوعى وهذا ما يميزه عن الخاتم ،
اذكر اننى وفى محادثة تلفونية مع المرحوم الخاتم وفى معرض تناولنا لورقة ذ. فاروق التى كان قد نشرها فى مجلة قضايا سودانية تحت عنوان صعود وانهيار المشروع الوطنى الديمقراطى ، ان الخاتم قال لى ان هناك تفاصيل تعرض لها فاروق لم يكن يعرفها والقى باللائمة على الظروف التى تجعل تواصل الاجيال غير متاح ، وهذا فى حد ذاته اعتراف من المرحوم بأهمية كتابات د.فاروق وشهادته للتاريخ وللاجيال اللاحقةالتى يقدمها عن المرحلة التى ناضل فيها من خلال انتمائه (للمشروع الوطنى الديمقراطى) وهو المشروع الذى انتمى اليه المرحوم فيما بعد وحتى لجظةاعلان خروجه عنه واعتباره ان الماركسية اللينينية لم تعد تعبر عن رؤيته للانسان والعالم ..
حاول د. فاروق تقديم تفسير للتساؤل المهم
كيف استطاعت افكار المرحوم عبد الخالق الراديكالية ان تسود؟ وكيف تحول المرحوم عوض عبد الرازق وهو مفكر عظيم ووطنى غيور مافى ذلك شك الى (الانتهازى عوض عبد الرازق) فى كل ادبيات الحزب الشيوعى التى تخدثت عن تاريخه !
هذا التساؤل غاية فى الروعة وشدة العمق ، فالافكار الراديكالية دائما تنتصر على الافكار الاصلاحية المتواضعة الا فى استثناءات قليلة ، وفى تلك الاستثناءات فقط خلقت ثورات حقيقية مثل الثورة الامريكية ، وحتى فى امريكا فان مؤلفات زعيمها الروحى الراديكالى توماس بين كانت اكثر مبيعا وتجىء بعد مبيعات الانجيل مباشرة من حيث التوزيع، فى الوقت الذى لا تتعدى فيه مبيعات مؤلفات البرلمانى الانجليزى العظيم ادمون بيرك عدة الاف فقط من النسخ مع ان الاخير افضل من نبه الى المؤسسية والقانون وتطويره واهمية الاصلاحات القائمة على ذلك النهج ، وانتقد الثورة الفرنسية وتنبأ بكل شىء حتى بمشانقها بمنتهى الدقة، ومع ذلك نجد ان دفاعه عن مارى انطوانيت قد تم تشويهه وتعرض للسخرية والاستقطاع من السياق على طريقة (الانتهازى عوض عبد الرازق!) واركان النقاش التى يديرها غلاة الحركة الاسلامية او الشيوعية فى الجامعات السودانية .. ففى معرض تلك السخرية من بيرك كتب توماس بيين :
an old Tory, a sell out who, pitied the plumage more than the dying bird'' in his descriptios of the treatment of Marie Antoinette
وهكذا استطاع ان يصور دفاع بيرك عن مارى انطوانيت متعارضا مع القيم التى نادت بها الثورة الفرنسية وهى قيم الحرية والاخاء والمساواة ، وهكذا دائما ما يقوم الشمولي والعقائدى بتصوير القضية وكانها خلاف حول الغايات النبيلة وليس خلاف فى الوسائل يفترض قدر كبير من التواضع فى الجميع !!
أقف فى الدفاع عن دعوة الاستاذ ابوبكر الامين بحكم ان الامسية نقدية لافكار الخاتم وليست احتفائية ، وكان ذلك يفرض على الاستاذ ان يقدم نقده الى صلب الافكار التى طرحها المرحوم الخاتم فى (ان اوان التغيير) ولكن الرجل لم يفعل، ولا ادرى لماذا ؟؟؟؟
اختار ابوبكر ان يكون انتقائيا بشكل سلبى فيحاول ان يبرز مدى حماس الخاتم فى تمسكه باهمية المام عضو الحزب الشيوعى بالفلسفة وتناقض ذلك مع جوهر دعوته فى (ان اوان التغيير) فى ان يكون برنامج الحزب بسيط فى متناول الجميع، بل حاول ان يسخر من قولة الخاتم الشهيرة فى نقده للحزب الشيوعى التى يقول فيها (ان عضو الحزب الشيوعى مطلوب منه ان يكون فيلسوفا فى مجتمع امى )!!!
وهى حقيقة تؤكدها كورسات الترشيح فى الحزب الشيوعى حتى الثمانينات فلماذا يحاول ابوبكر ان يتنصل منها ؟
ثم ما المشكلة فى تبنى افكار ما ثم التخلى عنها بعد الاقتناع بعدم صحتها ؟ هل هذا يعد جريمة يعاقب عليها القانون؟ او تناقض يستدعى السخرية حتى لو اتخذت شكلا جادا فى الاسلوب الذى اتبعه ابوبكر !! اليس ذلك جزء من التجربة الانسانية ان نخطىء وان نتعلم من اخطائنا حتى لا نكررها؟
عموما كانت امام ابوبكر فرصة عظيمة لنقد رؤية الخاتم حول ضرورة تخلى الحزب الشيوعى عن المركزية الديمقراطية!
كانت فرصة امامه ليقنعنا بأن مسيرة التاريخ تسير حتما نحو الانهيار الحتمى للراسمالية !!
كانت فرصته عظيمة كى يؤكد عظمة افكاره الماركسية فى معرض نقده لوصف الخاتم لبرنامج الحزب الشيوعى المسمى بالثورة الوطنية الديمقراطية بانه حلقة متصلة تسلم احدها للاخرى وتمسك بتلابيبها (مرحلة ثورة وطنية ديمقراطية تقود الى اشتراكية ثم شيوعية ) وان هذا التماسك حال دون ارتباط العناصر الديمقراطية من ابناء الشعب بها او فهمها ، وهى العناصر التى لم تكن تلك المسيرة فى متناولهااذ لم تكن تراهااساسا، فساهم بذلك الحزب الشيوعى فى مضاعفة احساسها بالاعتراب !!
لكن فى كل ذلك اختار الاستاذ ابوبكر الا يفعل وليته لو كان قد فعل لكان للامسية طعم اخر !!!!!!

Quote: اود الاشارة الى نقطة مهمة , عوض عبدالرازق فى طرحه لحزب مثل هذا , لماذا هزم ؟ , ولماذا كان وضعه ضعيفاً , السبب الاساسى فى ضعفه اننا فى ذلك الوقت كنا فى حوجة لان تأخذ الحركة استقلالها , والايديولوجيا الخاصة بها تساعد فى هذا الاستقلال وتمنحها الشخصية المستقلة , وثانياً ان طرح عوض عبدالرزاق كان نظرياً , بينما طرح الجانب الآخر كان الغوص فى الحركة الجماهيرية , اكبر تحول حدث فى اعوام 1952- 1953 – 1954 بعد الانقسام مباشرةً , ذهب المحجوب وعبدالحليم عمر وعدد آخر , وكان المحجوب انسان شعبى للغاية , وفى الجزيرة وفى فترة عامين نشأت فروع الحركة السودانية للتحرر الوطنى , تقريباً فى كل قرى الجزيرة , وتم تجنيد شخصيات مثل الامين محمد الامين , ويوسف محمد المصطفى وقيادات اتحاد المزارعين .

نلاحظ ان د. فاروق محمد ابراهيم النور حاول تقديم حيثيات خاصة بالاجابة على التساؤل العميق قيما تحته خط داخل الاقتباس ، الماركسية اللينينية قطعا تقدم زخم ومعنى لمقاومة الاستعمار وان الحماس والنجاحات السريعة التى حققتها الحركة النقابية وسط العمال والمزارعين ايضا ساعدت على الانتقال من الاعتدال الى التطرف والشمولية المتجسدة فى الاعتقاد بالصحة المطلقة للافتراضات والمسلمات التى طرحتها الماركسية اللينينية فى تلك الفترة المبكرة من تاريخ الشعوب حيث مازالت تعيش مراحل التحرر الوطنى وتحقق الانتصار تلو الاخر ..
لكننى اضيف لما طرحه فاروق حقيقة ان الافكار الاصلاحية متواضعة تتطلب درجة من العمق بينما الافكار الراديكالية لا تحتاج الى ذلك ودوننا الابتذال الذى قدمته النسخة اللينينية من الماركسية لافكار ماركس نفسها !!
ولذلك لا عجب ان تنتشر مفاهيم التوسير حول الماركسية فى فرنسا مثلا بينما تنشر الماركسية اللينينية فى دول مثل بوركينا فاسو وغيرها من دول العالم الثالث والمجتمعات التى تنتشر فيها الامية ..
ربما نجد جذور لهذه المفاهيم العميقة فى نصوص المرحوم عوض عبد الرازق

شكراً على المداخلة واثراء النقاش أ/ محاسن .

الاخت محاسن

Quote: إعادة النظر في عدم التمسك بخط واحد هو لازمة ضرورية للحراك الجماهيري لقد ثبت ان خشية الحزب من بناء التحالف الديمقراطي مل ياتي بثمار مطلوبة وحركة حق لم تحظي بكثير عضوية من الحزب الشيوعي ولكنها حظيت بعضوية محترمة ممن كانوا ينتمون للجيهة الديمقراطية فعضوية الجيهة الديمقراطية عضوية ملتزمة ومؤمنة بدور لها في العمل العام ... هذه العضوية وفور خروجها من مواطن الجباه الديمقراطية في العمل الطلابي قي المدارس والجامعات لا تجد التنظيم المماثل الذي يقتعها

في كل الشعب السوداني لم تجد "حق" هدفا للتجنيد الا عضوية الحزب والجباه الديمقراطية?

لذلك عاشت "حق" كطفيل ينقص من قوة الحركة الديمقراطية ولا يزيد

حركة اي طفيل تؤدي لتراكم السموم و المرارة و الموات

عافانا الله

أين أجد نص ورقة الخاتم "آن أوان التغيير"؟


الباقر موسى

Quote: لقد نضج الخاتم فكريا (او كاد) بالتحديد بعد كتابة هذه الورقة؛ ومشروعه الفكري تقدمه كتاباته اللاحقة لها اكثر مما تقدمه هذه الورقة التي كتبت قبل 14 عاما من وفاته؛ وكانت محكومة بظروفها السياسية والحزبية

..


I agree

Quote: من جهته استاذنا ابو بكر الامين يختلف مع الخاتم منهجيا وهو ماركسي لا يزال؛ ورغم احترامه الشخصي للخاتم الا ان اطروحات الخاتم تظل مرفوضة له؛ فهل هو الشخص المؤهل للحديث عن مشروع الخاتم الفكري ومن الواضح انه لا يفهمه ؟؟ استاذنا ابو بكر يمكن ان يكتب ذكرياته عن الخاتم ولكن تسليم مسؤولية الحديث عن مشروع الخاتم الفكري لخصم ايدلوجي - وان كان شخصيا صديقا للخاتم يعد جنحة فكرية في حق مشروع الخاتم.

هذه رسالة من الاستاذ ابو بكر الأمين أنشرها لفائدة النقاش:

Quote: الأخ العزيز عادل عبد العاطي تحية طيبة اطلعت على تعليقك على تلخيص ندوة مركز الخاتم ولما كنت لا املك عضوية سودانيز اون لاين ارتأيت الكتابة اليك عبر البريد الالكتروني أولا ارجو أن أوضح أن المركز عندما اقترح علينا التحدث في الندوة المعنية لم يقل أن الموضوع هو (مشروع الخاتم الفكري) وإنما كان محدداً بورقة الخانم (آن أوان التغيير) لكن كان واضحاً لي أن المركز يريد تناول هذا المشروع الفكري عبر سلسلة من الندوات مكرسة لذلك الغرض وبالطبع فالمدخل الصحيح هو البداية من حيث بدأ الخاتم مشروعه الخاص ودعوة الناس للمناقشة سواء كانوا مناصريين فكريين أم كانو خصوماً ولا اظن أنك كنت ترغب في منع أحد من الإدلاء بدلوه في هذا الخضم ويغلب علي الظن أنك خلطت بين عنوان الندوة المحدد وبين العنوان العريض الذي يطمح المركز الى حشد المساهمات تحت لافتته، وبالله كيف كان يمكن لاي شخص مؤهلاً كان أم لا أن يتناول ذلك المشروع الضخم كما اشرت في عشرين دقيقة .ـ ثانيا قولك "تسليم مسؤولية الحديث عن مشروع الخاتم الفكري لخصم ايدلوجي - وان كان شخصيا صديقا للخاتم يعد جنحة فكرية في حق مشروع الخاتم"ـ يبعدك عن أساسك الليبرالي وهذه جنحة في حق مشروعك الخاص فمن قفل الباب أمام المساهمات؟ وهل هذه هي الندوة اليتيمة التي ليس من بعدها ندوة؟ واجدني محتاراً في تعبيرك "تسليم مسئولية الحديث" ففيه روح قديمة لا يمكن لي إلا أن أردها الى بقية من تربية ساسية ليست بعيدة عن ما خبرناه معاً في حزب الشيوعيين .فما الذي يمنع عندك سجال الخصوم على سوح الحوار الفكري العام من على المنابر العامة وعلى العكس من موقفك سعدت باتجاه المركز نحو هذا الأفق المتسامح الذي لايضيق بالخصم السياسي ولا الفلسفي.ـ ثالثاً ورقة آن أوان التغيير ورقة سياسية في لحمتها وسداتها ولكنها ذات اساس فلسفي ولا أعتقد انني كنت بصدد الاساس ذاك ومن هذه الناحية يحق لك محاكمتي فلا الفلسفة تاهيلي الأساسي ولا اهتمامي الأول ولكن اظنك توافقني أن هذا لا يمنع من الخوض في لجة السياسة مما ابتدرته تلك الورقة وهزته هزاً شديداً.ـ أبوبكر الأمين الخرطوم

العزيزات والاعزاء فى مركز الخاتم عدلان
تحية طيبة
نشاط جيد ومقدر ، انا اعتقد ان ورقة (ان اوان التغيير) ما زالت تعبر فعلا عن نبض كل نصوص المرحوم الخاتم اللاحقة ، السبب فى ذلك مقارنة بالوثائق التأسيسية لحركة حق وما قبلها(الحركة السودانية للديمقراطية والتقدم) ان الاخيرة كانت جهد مشترك من اجل بناء تنظيم، قام المرحوم فيها بما تتطلبه المرحلة فاجتهد فى ان تجد افكار اخرين النور فى تلك الوثائق التأسيسية، وهو اسلوب متبع فى انشاء المنظمات الديمقراطية، ولذلك يمكن وصف نصوصها(اى نصوص ان اوان التغيير) بالاصالة الفكرية ،
شخصيا أعتقد اعتقادا جازما بأن الوثائق التأسيسية لحركة القوى الجديدة (حق) تعتبر ناقصة فيما يتعلق بتشخيص الازمة السودانية منذ الاستقلال وبالتالى تأثير ذلك على مجمل الخط السياسى والفكرى للمنظمة، على الرغم من انها وثائق متقدمة مقارنة بزمنها وبما حولها من نصوص سياسية، هذه الاضافات مكانها الطبيعى المؤتمر العام الرابع للحركة بالطبع، والذى اتمنى ان ينعقد وفق تحصيرات كافية حتى يشارك فيه الجميع . هذا النقص يتطلب منا كثير من الجهد النظرى لاتمامه لاننا ان كففنا فان الحركة تتيبس وتموت كما قال الخاتم ذات يوم: (ان كففنا عن المراجعة والتطوير فسنحكم على نبتتناالواعدة باليباس!)
على اية حال قصدت فى هذه العجالة التنبيه الى اهمية وثيقة (ان اوان التغيير) على الرغم من انها كتبت داخل الحزب الشيوعى منذ قرابة العقدين من الزمان حين كان المرحوم الخاتم مازوال يحلم بأن يتمكن حزبه فى ذلك الوقت من عبور الهوة السحيقة التى تفصل اليسار الشمولى من اليسار الديمقراطى
التحية لكم ولضيوفكم مرة اخرى

الأعزاء والعزيزات في مركز الخاتم وإينما كنتم... أتابع هذا الحوار الشيق ويتملكني الحزن وقدر من الدهشة!... وشكرآ عادل عبد العاطي لقد عبرت عن بعض إنطباعاتي "وهواجسي" لدى مداخلتك الأولى.
كما أنني للأسف لم أفهم جيدآ توطئة هذا البوست:

Quote: ضمن احتفائه بإحياء الذكرى السادسة لرحيل الأستاذ الخاتم عدلان , واحتفاله بالسنة الرابعة لتأسيس المركز الذى أسم الراحل اقام المركز فى أمسية الاربعاء 4 مايو 2011 بمسرحه الخارجى ندوة تحت عنوان :- مشروع الخاتم الفكري .. قراءة في ورقة آن أوان التغيير تحدث فيها دكتور فاروق محمد إبراهيم . والأستاذ أبوبكر الأمين . وادارها المتبحر فى قواعد اللغة العربية الأستاذ نادر السمانى .

.

أنا واحد من الناس ما فهمت "مثلآ" شنو يعني (وادارها المتبحر فى قواعد اللغة العربية الأستاذ نادر السمانى). وأهمية التبحر دا شنو وعلاقتها شنو بالموضوع؟. وهل الرجل لا يملك شيء آخر أهله لإدارة الندوة السياسية غير التبحر!.

للمعلومية أنا واحد من الناس الذين ينظرون دائمآ (قل يأملون) للموجب من الأشياء بس الحتة دي بقت غريبة علي وأشياء أخرى. كما أنني أنا شخص غير منظم سياسيآ بس عندي موقفي السياسي والفكري زي الملايين وأكن للخاتم ولأمثاله ولمركزه وأهله أسمى معاني الحب والتقدير والإحترام. والله المستعان.

محمد جمال

Quote: أين أجد نص ورقة الخاتم "آن أوان التغيير"؟ الباقر موسى

عزيزى الباقر موسى
تجد فى الرابط ادناه تلخيص للورقة كنت قد نشرته فى الحوار التمدن وسودانايل قبل اكثر من عامين
هناك بعض الاخطاء ولكنه قادر على ان يعطيك فكرة جيدة عن الافكار الرئيسية التى سطرها المرحوم الخاتم فى (ان اوان التغيير)

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=164181

كذلك تجدها هنا كاملة حيث قام الزميل امجد ابراهيم بتوفيرها:

وثيقة آن آوان التغيير!! للأستاذ الراحل الخاتم عدلان

التحية والتقدير لكل المتداخلين فى البوست
والشكر لهذا الحوار الفكرى الممتع .
*

Quote: أنا واحد من الناس ما فهمت "مثلآ" شنو يعني (وادارها المتبحر فى قواعد اللغة العربية الأستاذ نادر السمانى). وأهمية التبحر دا شنو وعلاقتها شنو بالموضوع؟

أ/ محمد
بعد التحية
هذه مجرد مداعبة من الشخص الذى يقوم بتخليص الندوة لصديق عزيز للمركز وللعاملين فيه , وهو الأستاذ نادر السمانى .
كل التقدير .

في الذكرى السنوية لرحيل الخاتم عدلان دبجت مقالات عديدة عن سيرته السياسية ومشروعه الفكري، وقد كان لسودانيز أون لاين نصيب من هذا الحراك، بل لعلها استأثرت بنصيب الأسد منه. ولا ريب أن ذكرى رحيل الخاتم تستحق الوقوف عندها، والتدبر في مآلاتها، وإعادة القراءة في ما خلفه من إرث فكري وثقافي ضمنه في عدد من المقالات والكتب، أشهرها بلا شك مخطوطته آن أوان التغيير.
والراحل العزيز يعني للكثيرين أشياء مختلفة، ولا غرو في ذلك، فحياة الخاتم وأفكاره عرفت الاختلاف والتباين الحاد والانقلاب في الموقف من النقيض إلى النقيض، كما أن بلاغته التي اشتهر بها، تحدثاً وكتابة، كانت حاضرة في الحالتين. لقد أمضى الخاتم حوالي 30 سنة من عمره القصير في الحزب الشيوعي السوداني، وبنى اسمه ومجده هناك. ثم أمضى بقية عمره، التي بلغت عشر سنوات، تنقص أو تزيد، في حركة حق، التي ضمت إلى جانب بعض أعضاء الحزب الشيوعي السابقين، أعضاء سابقين في تنظيمات صغيرة، وعناصر من الجمهوريين، وغيرهم. كثير ممن شارك الخاتم في هذا التنظيم حمل معه إحساسا سالبا تجاه الحزب الشيوعي، وبصفة خاصة أولئك الذين يصنفون أنفسهم على أنهم "يسار"، فقد تصوروا أنهم قد تخطوا الحزب الشيوعي، وأن تنظيمهم سوف يكون البديل العصري للحزب العريق، وبعضهم لم يكن يخفي عداءه السافر للشيوعيين وحزبهم. والآن مضى على تنظيم حركة حق ما يزيد على الـ (15) سنة، وهو عمر ليس بالقصير، ولم تزل حق حركة هامشية لا تكاد تحس لها أثراً في الحياة السياسية العامة في السودان، تفتك بها الانشقاقات والنزاعات حتى لم يبق منها غير مركز ثقافي يحمل اسم الخاتم عدلان ينتطح عليه ورثة مشروعه الفكري.

لقد كان الخاتم ماركسياً ثم قطع مع الماركسية قطعاً بائناً، كما يقول مؤيدوه الجدد، فصرنا بذلك أمام حالتين مختلفتين عن بعضهما البعض اختلافاً كاملاً، لذا كان التساؤل ما هو مشروع الخاتم الفكري؟ هل هو الممارسات العملية والمخاطبات العامة والكتابات والمقالات الصحفية خلال الثلاثين سنة التي قضاها في الحزب الشيوعي؟ أم هل هي ورقة آن أوان التغيير وما جاء بعدها من كتابات؟ فلنقل أنه الخيار الثاني. لكن علينا أن لا نتعجل. ففي الندوة التي نظمت بمركز الخاتم عدلان، إحياءاً لذكراه، قال المتحدث الأول في الندوة، دكتور فاروق محمد إبراهيم، ما معناه، إن ما أتي به الخاتم في ورقته الموسومة "آن أوان التغيير" لا يعدو أن يكون كلاماً مكروراً سبق وأن سمعوه، قبل أن ينضم الخاتم للحزب الشيوعي، من عوض عبدالرازق، أحد قادة الحزب السابقين، وبعد أن انضم الخاتم للحزب، في مؤتمر الجريف. أي أن مشروع الخاتم الفكري لا جديد فيه.

هناك مثل في غرب السودان يقول "أم جركم ما بتاكل خريفين". هذا المثل يذكرني بحالة الخاتم الذي أراد له البعض أن يكون فيلسوفاً وصاحب مشروع فكري في الحالتين، عندما كان حاملاً لمشعل الماركسية، ومن أبرز دعاتها في السودان، وعندما تحول لناشط سياسي معاد الماركسية وأصبح أحد أبرز خصومها. هذا مستحيل. أن تكون الشيء ونقيضه في نفس الوقت. أن تنعم بميزات البطولة وألقاب الفلاسفة من شاكلة أصحاب المشاريع الفكرية، وأنت ماركسي، وأحد قادة الحزب الشيوعي، وتظل كذلك، وأنت ضد الماركسية، وضد الحزب الشيوعي.

لقد عرفت جانباً من حياة الخاتم، وعاصرت بعضاً من لحظات سطوعه وعلو نجمه، وشهدت بعضاً من أسوأ أخطائه السياسية التي لن ينساها له الشيوعيون ولا أعضاء الجبهة الديمقراطية. وأقصد قيادته الخاطئة لفرع الحزب في جامعة الخرطوم في عام 1971م، وبسبب تلك القيادة الخاطئة تمت مقاطعة اعتصام الطلاب، بعد أن شارك هو شخصياً في التعبئة لهذا الاعتصام. وانتصر الطلاب المعتصمون في ذلك المساء، وخرجت جموع منهم تجوب داخليات البركس تبحث عن الخاتم للفتك به. وفي ذلك اليوم انطلقت الفرية التي تقول أن الخاتم كان يهتف "أضرب أضرب يا أبوالقاسم". ولقد أدى ذلك الخطأ السياسي إلى مصاعب وعقوبات أمام حركة الطلاب التقدميين ما برحوا يعانون من عقابيلها حتى يوم الناس هذا. وسوف يدرك الخاتم فداحة الخطأ، وسوف يتقدم باستقالته في اجتمع عام للشيوعيين بأحد ضواحي بحري حضره مندوب من مركز الحزب، وسوف يبذل المندوب جهداّ خارقاً لتهدئة الخواطر، واحتواء الموقف، وسوف يتراجع الخاتم عن استقالته، وسوف يصبح ذلك المندوب، في مقبل الأيام، السكرتير السياسي للحزب كما يقول عن نفسه، وسكرتير الحزب الشيوعي كما يعرفه الناس، واسمه محمد إبراهيم نقد.

لا شك، أنني حزين على فقد الخاتم، ولكني أشد حزناً على ذلك العرق الذي سكبه، والجهد الذهني والبدني الذي ظل يبذله طوال ثلاثين عاماً، وبعد أن انصرم من عمره أكثره، ولم يتبق منه إلا القليل، اكتشف، كما يقول نزار قباني، أنه كان يطارد خيط دخان، فوا حسرناه.

Quote: ولم تزل حق حركة هامشية لا تكاد تحس لها أثراً في الحياة السياسية العامة في السودان، تفتك بها الانشقاقات والنزاعات حتى لم يبق منها غير مركز ثقافي يحمل اسم الخاتم عدلان ينتطح عليه ورثة مشروعه الفكري.

عزيزى عبد الرحمن
واين هو الحزب الشيوعى (العريق)!!!! هل اصبح قوى سياسية كبرى بعد كل هذا العمر المديد ام لا يزال حركة هامشية؟
يا راجل حرام عليك!!!!
اكثر ما يحزن ان (ان اوان التغيير) التى كتبها الخاتم من عصارة تحربته لم تجد حتى الان من يواجه التساؤلات التى طرحتها !!!!
خاصة اولئك (المعصومون من الاهتزازات) من منتسبى (الحزب العريق )

Quote: لقد عرفت جانباً من حياة الخاتم، وعاصرت بعضاً من لحظات سطوعه وعلو نجمه، وشهدت بعضاً من أسوأ أخطائه السياسية التي لن ينساها له الشيوعيون ولا أعضاء الجبهة الديمقراطية. وأقصد قيادته الخاطئة لفرع الحزب في جامعة الخرطوم في عام 1971م، وبسبب تلك القيادة الخاطئة تمت مقاطعة اعتصام الطلاب، بعد أن شارك هو شخصياً في التعبئة لهذا الاعتصام. وانتصر الطلاب المعتصمون في ذلك المساء، وخرجت جموع منهم تجوب داخليات البركس تبحث عن الخاتم للفتك به. وفي ذلك اليوم انطلقت الفرية التي تقول أن الخاتم كان يهتف "أضرب أضرب يا أبوالقاسم". ولقد أدى ذلك الخطأ السياسي إلى مصاعب وعقوبات أمام حركة الطلاب التقدميين ما برحوا يعانون من عقابيلها حتى يوم الناس هذا. وسوف يدرك الخاتم فداحة الخطأ، وسوف يتقدم باستقالته في اجتمع عام للشيوعيين بأحد ضواحي بحري حضره مندوب من مركز الحزب، وسوف يبذل المندوب جهداّ خارقاً لتهدئة الخواطر، واحتواء الموقف، وسوف يتراجع الخاتم عن استقالته، وسوف يصبح ذلك المندوب، في مقبل الأيام، السكرتير السياسي للحزب كما يقول عن نفسه، وسكرتير الحزب الشيوعي كما يعرفه الناس، واسمه محمد إبراهيم نقد.

من الملاحظ ان بعض منتسبى الحزب الشيوعى (والاحترام محفوظ ما فى ذلك شك) يقومون باستعراض ما اسموه باخطاء الخاتم ومحاولات ابراز تناقضاته بين ما كان يقوله فى الماضى وبين وبين القيم الكلية التى صاغها فى وثيقة (ان اوان التغيير)
وهى محاولات تظل يائسة فى النيل من المرحوم الخاتم لانها لم تستطيع مواجهة التساؤلات الكبرى التى طرحتها وثيقة (ان اوان التغيير) واستطيع ان اقول ان المحاولات التى تمت من قبل منتسبى الحزب الشيوعى كانت قليلة جدا واهمها كان الكتاب الذى كتبه الدكتور صدقى كبلو ،
احترم محاولة كبلو (موسم الهجرة الى اليمين) على ضعفها لانها على الاقل حاولت ان تتناول (ان اوان التغيير) فى اطار نقدى بعيدا عن محاولات (اغتيال الشخصية) الذى مازال يمارسه البعض من منتسبى ذلك الحزب العريق (استخدم كلمة عراقة هنا لاعنى القدم)
فى الاقتباس اعلاه يقوم كاتب النص بمحاولة ايهام القارئة بأن الاخطاء فى الجبهة الديمقراطية وفرع الحزب الشيوعى تتحملها القيادات وكأن الخط السياسى والتاكتيك يكون معزولا عن قيادة الحزب والتى يحاول الاخ عبد الرحمن ان يعفيها من تلك الاخطاء ويعلقها فى رقبة الخاتم لوحده بل يذهب ابعد من ذلك فى محاولات تصوير مدى تسامحها مع الخاتم !!!
ياسلام !!!!!!!!
هذه الجزئية وحدها توضح بما لا يدع مجالا للشك ان كاتب النص لم يقرأ (ان اوان التغيير) وحتى ان قرأها فمن الواضح انه لم يستوعب مضامينها !
لله درك يا خاتم

والسؤال

هل طلعت الطيب مؤهل للدفاع عن مشروع الخاتم الفكرى

لا اعتقد

فقد انقسم على الخاتم واتضم لمجموعة الحاج وراق

وخاض ما خاض من صراع ضد الخاتم

ثم اذ تنقسم على

حزبك او قيادتك بعنى انك ترفض رقضا بينا كل الممارسات

السياسية والفكرية للكيان او القيادة التى كنت تنتمى لها

وهذا بعنى انك كنت ترفض كل ممارسات الخاتم

ثم انقسم طلعت لاحقا على قيادة حق الحديثة بعد استقالة الحاج وراق

وكون مع احرين قيادة جديدة لحق الحديثة

ثم لاحقا اندمج مع حق الجديدة اى مجموعة الخاتم

ثم استقالتة المشهورة عنهم

ثم الان يخوض مع الخائضين فى صراعات حق بدون وجهه حق

عزيزى رؤوف
تحياتى
صحيح اننى اختلفت مع المرحوم الخاتم وقد كان الاختلاف حول اسلوب معالجة الاشكاليات بين الداخل والخارج
وهو اختلاف صحى وممارسة ديمقراطية لان علاقتى بالرجل لم تكن علاقة شيخ بالحوار ،
الخاتم فى النهاية يأكل الطعام ويمشى فى الاسواق اى انه بشر يخطىء ويصيب واذا شعرنا انه اخطأ نقول له ذلك وهذا
ما فعلته معه فى عدد من الامور تتعلق بمجمل ادراة شئون الحركة حين كنت اتشرف بالمسؤولية التنظيمية لفرع الحركة بكندا، ولكن تلك الخلافات لم تقلل من احترامى للرجل ولفكره وما قدمه للمشروع الديمقراطى وللاستنارة فى السودان والتى من اهمها ان النقد والاختلاف من سنن التعددية
وانه لا يفسد للود قضية
وخلافى معه لا يعنى على الطلاق اننى لا افهم مشروعه الفكرى كما تقول انما قد يعنى العكس تماما
على اية حال استيعاب المشروع الفكرى للاستاذ الخاتم عدلان مطروح هنا للحوار فى هذا البوست اذا تركتم الامور الشخصية وحاولتم ان تناقشوا الورقة التى تتهربون منها قرابة العقدين من الزمان !!!
اما الامور الشخصية الخاصة بى وبتاريخى او بالمرحوم وبتاريخه فاتركوها وركزوا على الورقة
ننتظر ونسمع مساهمتك يارؤوف لانه فى النهاية يبقى ما ينفع الناس
بقية حديثك ليس لدى تعليق عليه!!!!

الاخ الكريم والصديق العزيز ابو بكر الامين

تحياتي واشواقي

شكرا لرسالتك الكريمة ومعذرة على تأخر الرد ...

Quote: أولا ارجو أن أوضح أن المركز عندما اقترح علينا التحدث في الندوة المعنية لم يقل أن الموضوع هو (مشروع الخاتم الفكري) وإنما كان محدداً بورقة الخانم (آن أوان التغيير) لكن كان واضحاً لي أن المركز يريد تناول هذا المشروع الفكري عبر سلسلة من الندوات مكرسة لذلك الغرض وبالطبع فالمدخل الصحيح هو البداية من حيث بدأ الخاتم مشروعه الخاص ودعوة الناس للمناقشة سواء كانوا مناصريين فكريين أم كانو خصوماً ولا اظن أنك كنت ترغب في منع أحد من الإدلاء بدلوه في هذا الخضم ويغلب علي الظن أنك خلطت بين عنوان الندوة المحدد وبين العنوان العريض الذي يطمح المركز الى حشد المساهمات تحت لافتته، وبالله كيف كان يمكن لاي شخص مؤهلاً كان أم لا أن يتناول ذلك المشروع الضخم كما اشرت في عشرين دقيقة .ـ

شكرا لتوضيح هذه النقطة وبهذا المعني فهذه الندوة هي مدخل للحوار وليس قفل له كما ظننت وهذا لم يكن واضحا لي من عنوان البوست ولا الندوة

Quote: ثانيا قولك "تسليم مسؤولية الحديث عن مشروع الخاتم الفكري لخصم ايدلوجي - وان كان شخصيا صديقا للخاتم يعد جنحة فكرية في حق مشروع الخاتم"ـ يبعدك عن أساسك الليبرالي وهذه جنحة في حق مشروعك الخاص فمن قفل الباب أمام المساهمات؟ وهل هذه هي الندوة اليتيمة التي ليس من بعدها ندوة؟ واجدني محتاراً في تعبيرك "تسليم مسئولية الحديث" ففيه روح قديمة لا يمكن لي إلا أن أردها الى بقية من تربية ساسية ليست بعيدة عن ما خبرناه معاً في حزب الشيوعيين .فما الذي يمنع عندك سجال الخصوم على سوح الحوار الفكري العام من على المنابر العامة وعلى العكس من موقفك سعدت باتجاه المركز نحو هذا الأفق المتسامح الذي لايضيق بالخصم السياسي ولا الفلسفي.ـ

لست اقصائيا ولا امنع احدا من الحوار بل شخصيا حاورت الكثير من الخصوم الفكريين والسياسيبن منذ يفاعتي في المنابر العامة ولكن ان يقوم المركز بدعوتكما فقط وانتما الاثنان ماركسيان والاثنان تحاولان اصلاح الحزب الشيوعي - واحد من اليمين والاخر من اليسار - بينما مشروع الخاتم قائم على تجاوز الماركسية ونقدها ؛ وحديثي في مجمله نقد للمركز وليس لشخصك فمن حقك الحديث بما تشاء عن الخاتم ولكن هل المركز يرغب في نشر افكار الخاتم ام نقضها ؟

Quote: ثالثاً ورقة آن أوان التغيير ورقة سياسية في لحمتها وسداتها ولكنها ذات اساس فلسفي ولا أعتقد انني كنت بصدد الاساس ذاك ومن هذه الناحية يحق لك محاكمتي فلا الفلسفة تاهيلي الأساسي ولا اهتمامي الأول ولكن اظنك توافقني أن هذا لا يمنع من الخوض في لجة السياسة مما ابتدرته تلك الورقة وهزته هزاً شديداً.ـ

اوافقك تماما ومرة اخرى لا احجر عليك المشاركة وكما قلت انت صديق للخاتم وشاهد عصر ومن هنا ارحب بمساهمتك لكني سارجع لتحليلك لمواقف الخاتم بمعيار النقد اذ اني لا اتفق معك فيه ..

لك الود