ست الودع ظاهرة تتحدى (الأبراج) والعلماء الفلكيين

ست الودع ظاهرة تتحدى (الأبراج) والعلماء الفلكيين

(1)


(الوداعية) أو (ست الودع) من الرموز الثقافية والاجتماعية التي كادت أن تنقرض لتحل محلها (الأبراج) والخبراء الفلكيون وغيرهم, إلا أنه كله في النهاية تنجيم.. ولا ينقسم الناس في أمر التنجيم بين مصدق ومكذب وحسب, فهناك منطقة ضبابية وسطى واسعة من الاستمتاع بهذا الشكل الذي يمكن إدراجه تحت جنس فني أو إبداعي ما, وللذين فاتهم ذلك الزمن الجميل زمن الوداعيات نحاول هاهنا التقاط جزء من هذه الصورة الدرامية الفريدة

(2)

تطرق الباب في تلك الظهيرة امرأة مهمة، تدل الطريقة التي يستقبلها بها أهل البيت على أنها من النساء المميزات أو أن لها مكانة وشهرة واسعة، يعني (مقيّمة)، تحمل في يدها أو في (طرف توبها) سبع (ودْعات) صغيرات، والودعات جمع (ودْعة) وهي قطعة صغيرة بيضاوية من الصدف أو المحار، وبعد أن تتم مراسم ضيافتها واكرامها من (جبنة وشاي وليمون والذي منو) تقوم وهي (منبطحة) في عنقريب هبابي بطرح (كوم) من الرمل, وذلك حتى لا يعترض حجر أو نتوء طريق واحدة من تلك الودعات عند رميها فيتغير مع تغير خط سيرها مصير إحدى الحاضرات أو أحد الحاضرين

(3)

مع رمي الودع تعمل (شاشات) عرضها الوهمية وتحدد ما سيحدث عاجلاً أم آجلا لهؤلاء الحاضرين والحاضرات الذين تنحبس أنفاسهم في تلك اللحظات مؤملين سماع أنباء سارة من (الغد) ومتوجسين من المجهول غير المرغوب فيه، منهم من يريد أن يتزوج، ومنهن من لا تريد أن يخطب فلان أو يتزوج إلا بنتها أو قريبتها, ومنهم من يتوقع أرباحا عظيمة في تجارته أو (البزنس الليلو), ومنهم من يريد معرفة مصير بعض مقتنياته القيمة التي سرقت أو ضاعت .. ومن كل هذه الأحلام والهواجس والمسكوتات والمجهولات تصنع الوداعية سوقها وأهميتها وشأنها

(4)

ومن أشهر العبارات والكلمات التي كانت تستخدمها الوداعية لخداع الحاضرات قولها: (الطية) (مِحمِّداك) يا فلانه.. و(الطية( هي عبارة عن هدية من (الملابس) فيظهر السرور على وجه فلانة وتبدأ في (بسط وقبض) يدها في إشارة لقبض تلك (الطية).. وتتحف اخرى وتقول لها (الصُفاح) جاكم شوف عيني ياعلانه, و(الصفاح) بضم الصاد هو عقد الزواج فتفرح علانه وبناتها ويشرنَ بنفس الاشارة وكل واحدة منهن تمني نفسها بأن تكون (المصافح عليها) دون أخواتها.. وتضيف لاخرى (الويحيد) منو العندكم مسافر, و(الويحيد ( تصغير للاخ الواحد.. و(ود الصرة) مالكم مزعلنو؟ خلو يعرس (البنية) الدايرة, و(ود الصرة) وهي ايضا بضم الصاد تعني اخر العنقود

(5)

وبعد انتهاء تلك الجلسة ينفض النسوة وهن في تصديق وترقب لما قالته تلك (الوداعية) وفي قناعة تامه بان تلك الودعات (الكاشفات( سوف تحدد مصائرهن جميعا.. وتقديرا وعرفانا لهذه الزولة المهمة ولدورها في مجتمعات ذلك الزمان دبج لها الشعراء القصائد والاغنيات من مثل:

ست الودع ارمي الودع ولي وشوشي

شوفيه لي كان فيه شي

قوليه لي ما تختشي

ومن مثل:

الودعات الشاحبات ليك (حمدو)

الزول الجميل داك ياسيد أبوك

خطبوه لزول ود قبائل وود ملوك

كل يوم يا جميل ليك بالمرصاد

وودعي ما (حمد)

والشرك ماصاد.

*