البني عامر والمسيرية

عن صحيفة السوداني 4 ابريل 2011

قبل سنوات كنت في قرية قرورة التي يقسمها خط الحدود بين السودان وإرتريا. على الجانب السوداني يسمونها قرورة السودانية والطابع فيها سوداني تماماً. الأبيض هو اللون المفضل لجلابيب الرجال والثوب المسدل على كامل الجسد هو زي النساء. على الجانب الآخر من الوادي تقع قرورة الإرترية حيث طابع القرية إرتري، لكن أهل القريتين يعرفون بعضهم البعض كأي جيران. كنت أتحدث مع صديق من جنوب السودان وأشرح له بلا جدوى: هؤلاء بني عامر أما فلان فهو من الحباب وهم غير البني عامر لكن يوحد بينهم الإنتماء لقومية البجا التي تضم عشر قبائل منها الهدندوة والأمارأر و...و... فيقاطعني الصديق بسأم: ياخي بالله خلينا، ديل كلهم بجا، ثم يشيح بوحهه بعيداً عني كأنه يقول في العالم معرفة أفضل من هذه فاستعذ بالله يا رجل من علم لا ينفع.
السودان كله يدرك هذا إلا البجا الذين يصر بعض زعمائهم على تقسيم المجموعة الإثنية الكبيرة إلى عشائر وبيوت وأفخاذ من أجل التكسب السياسي. حين دارت حرب شرق السودان في التسعينات خسر البنو عامر والهدندوة والحباب عشرات الأفراد من خيار رجالهم ونسائهم وأطفالهم دونما ذنب جنوه سوى أن بيوتهم كانت هناك بين خطوط النار. لقد دفعوا ثمناً غالياً بسبب الإنتماء لوطن وأرض لم يكن لديهم خيار سوى أن يبقوا فيها.

مواطنو الحدود دائماً مغلقون في ملف أمني –سياسي. لا أحد يمكنه إعطاء جرعة دواء أو تقديم وجبة غذاء أو خدمة إقتصاد دون فحص المكاسب السياسية والمخاطر الأمنية. ترى لماذا لا يتم احتساب المخاطر الأمنية حين يتم إنشاء المستشفيات والمدارس وصوامع الغلال في الخرطوم وبورتسودان ومدني؟

في شرق السودان تعيش الجماعة التي شاء حظها العائر أن تولد وتبقى على الحدود أحوالاً متشابهة. مع كل صباح جديد تتنازل الدولة عن هؤلاء لأنهم لا يشكلون ثقلاً و لا يسببون صداعاً ولأن منهم من يقدم أهله كلهم بسخاء مقابل منصب يُعطي راتباً وسيارة ويأخذ ماء العينين ويذهب بالبهاء. كل يوم يخسر مواطنو الحدود في شرق السودان مقومات العيش والبقاء لكنهم يحتفظون بكرامتهم كخط دفاع أخير قبل مغادرة العالم بالموت الزؤام .

في بلدنا هذا تهشم فيها جمجمة عاطل عن العمل لا يملك خياراً سوى تهريب بضاعة بين مدينة وأخرى لا يرى بينهما خطوط الحدود! وفي بلدنا هذا يتقاضى موظف حكومي محظوظ مبلغ 165 مليوناً فوق راتبه الشهري كحوافز وهو أعرف الناس بخط الحدود بين الحلال والحرام . مطلوب ثمة توازن بحيث يتم النظر لسكان الوسط والحدود بعدسات موحدة.
إن لم يكن هذا ممكناً فليتم النظر مرة لسكان حدود شرق السودان بنفس العدسات التي تنظر بها الخرطوم للمسيرية في أببي وسترى العاصمة الفرق.

*

الأخ الأستاذ محمد عثمان

لك التحية .. قرأت ما كتبت بتمعن وتضامن .. لكن وقفت عند هذه النقطة:

Quote: إن لم يكن هذا ممكناً فليتم النظر مرة لسكان حدود شرق السودان بنفس العدسات التي تنظر بها الخرطوم للمسيرية في أببي وسترى العاصمة الفرق.

لم أفهم قصدك ..؟

يا ليت لو شرحت لينا أكثر حتى لا يكون الأمر تأويل ..

تحياتى

بريمة

سفيان
شكراً على المشاركة
مع تحياتي

بريمة

Quote: قرأت ما كتبت بتمعن وتضامن

شكراً على التضامن

المحترم محمد عثمان

تحية وكل الاحترام

اكتر الناس معاناه في السودان هم البني عامر رغم أعتراف كل الشعب السوداني والحكومة زاتها أدتهم الحرية والجنسية لكن هم خايفيين ومضعضين بين الهوية السودانية والارترية وهم سودانين كاملين اصيلين من مكونات شعبنا ما عارف البخليهم يتعلقوا في ارتريا شنو البني عامر الارترييين مقتنعين بي حالهم وعايشين رغم شجنهم للهوية السودانية

بعدين دا ياهو السودان تجيب حقك براك بي ضراعك تثبت هويتك وأصلك بالرجالة هسع ماشايف الناس هنا بعانو من ناس تراجي وبشاشا وغيرهم قول للبني عامر تعالوا ثبتوا حقكم في بلدكم وأحفظوا مكانتكم بدل الشبيح بين بلدين دا

معليش بكتب ليك الكلام دا لأن أغلب أصدقائي ومعارفي أبناء البني عامر وهم رفاقي وما وجدت أخلص وأصدق وأجمل منهم وياريت الدنيا كلها تكون كلها بني عامر

اخي محمد عثمان
تحية وسلام

كلامك جميل جداً والحكومة ظالمه تماًماً لأهل الشرق عموماً والبني عامر والحباب خصوصاً في شرق السودان فتعامل إنسان طرف السودان الشرقي لم يكن كطرفه في الشمال في الحقوق والواجبات واهلنا من المسيرية هم حديثي العهد بالطرفيه هم كانوا في عمق الوطن ولكن بفضل حاجة المؤتمر الوطني للسلطة والاستمرار في الحكم تم انفصال الجنوب وانكشف ظهر المسيرية واصبحوا سكان المنطقة الطرفية الحديثة في السودان نأمل ان لا يعاملوا كما نعامل نحن ابناء البني عامر والحباب بالشك والريبة والمحزن حقاً ان يكون هذا الإخلال ثقافة يومية يلوكها المواطن العادي ويتعالي بها على شريكه في الوطن والانسانية وعموماً لم يعود اليوم كالأمس .. نأمل ان يعي المركز سأم الناس العيش على هامش الوطن ..

تحياتي أستاذ محمد

Quote: حين دارت حرب شرق السودان في التسعينات خسر البنو عامر والهدندوة والحباب عشرات الأفراد من خيار رجالهم ونسائهم وأطفالهم دونما ذنب جنوه سوى أن بيوتهم كانت هناك بين خطوط النار. لقد دفعوا ثمناً غالياً بسبب الإنتماء لوطن وأرض لم يكن لديهم خيار سوى أن يبقوا فيها.

غير خسائرهم وفقدهم للشهداء والممتلكات
وغير مخاطر الألغام الجمة
هناك آثار أخرى خطيرة لأيام لحرب والقتال
ربما تحتاج من يهم لها

قبائل الأمرأر و البنى عامر و الأشراف و الأرتيقة و البشاريين
تعرضوا لابشع عملية تنكيل و تشريد و عزل فى تاريخ السودان
هل تعرفون السبب ؟؟؟ بكل بساطة السبب هو أن المسئول الأول
عن الشرق و الممسك بملف شرق السودان هو الطاغية المأفون
محمد طاهر ايلا و توأمه السيامى البروف عوض حاج على و هما
وجهان لعملة واحدة ...

Quote: اكتر الناس معاناه في السودان هم البني عامر رغم أعتراف كل الشعب السوداني والحكومة زاتها أدتهم الحرية والجنسية لكن هم خايفيين ومضعضين بين الهوية السودانية والارترية وهم سودانين كاملين اصيلين من مكونات شعبنا ما عارف البخليهم يتعلقوا في ارتريا شنو البني عامر الارترييين مقتنعين بي حالهم وعايشين رغم شجنهم للهوية السودانية بعدين دا ياهو السودان تجيب حقك براك بي ضراعك تثبت هويتك وأصلك بالرجالة هسع ماشايف الناس هنا بعانو من ناس تراجي وبشاشا وغيرهم قول للبني عامر تعالوا ثبتوا حقكم في بلدكم وأحفظوا مكانتكم بدل الشبيح بين بلدين دا معليش بكتب ليك الكلام دا لأن أغلب أصدقائي ومعارفي أبناء البني عامر وهم رفاقي وما وجدت أخلص وأصدق وأجمل منهم وياريت الدنيا كلها تكون كلها بني عامر

عزيزي عبدالعزيز حسين
تحية وسلام

أشكر تعاطفك مع البني عامر سواء كان هذا التعاطف عبر علاقتك الشخصية أو نابع من احساسك بظلم هذه القومية من قبل المركز وهي لا تستحق كما يعلم الجميع فقومية البني عامر وأشقائهم الحباب للأسف كانوا اكثر الضحايا دفاعاً عن المؤتمر الوطني وحكومته التي تنكرت لكل تضحياتهم عبر البوابة الشرقية فمناطق البني لا زالت تفتك بها الألغام وتعاني كل التهميش .. أما علاقة البني عامر بأرتريا فهذا امتداد طبيعي سواء كان امتداد جغرافي أو إمتداد إثني ولكن الغير طبيعي أن لا يعاملوا معاملة القبائل المماثلة لهم ذات الامتدادات الطبيعية عبر اطراف السودان المختلفة وما اكثرها من قبائل في السودان وهم لا يدينون بجميل لحكومة السودان بأن منحتهم الحرية والجنسية السودانية كما ورد اعلاه فالبني عامر هم من أتي أو على الأقل من ساهم في حرية السودان ومن يشك في ذلك عليه ان يراجع سجل الأورطة عرب شرقية أما بخصوص الهوية والجنسية السودانية والتي تبني على الأرض في الأساس هم اصحاب ارض سكناهم إن كانت سودانية والجغرافيا هي من يحدد الهوية وليس الإنتماء لقوميات بعينها في هذا السودان المريض بعقول أبنائه وثق تماماً أخي عبدالعزيز انا شخصياً بني عامراوي سوداني الهوية طالما أرضي سودانية وأقول لمن يري غير ذلك الزارعنا غير الله اليجي يقلعنا..


مودتي وأكيد احترامي

علي قبيلة البني عامر وقبائل الشرق عموما ... النهوض لتمنية مناطقهم بانفسهم بالتكافل والترابط واعلاء قيمة النفير فيهم ... وعدم الركون الي المركز

عبد العزيز حسين عبدالرحيم
آدم شحوتاي
شكراً على المداخلات وربنا يصلح الحال
مع التحايا

Quote: غير خسائرهم وفقدهم للشهداء والممتلكات وغير مخاطر الألغام الجمة هناك آثار أخرى خطيرة لأيام لحرب والقتال ربما تحتاج من يهم لها

يا استاذنا محمد الحسن
أكاد أفهم قصدك. انا أيضاً مشغول بقضية دراسة تأثير تلك الحرب البشعة على الناس والمكان والأشياء. تلك الحرب اثرت على القيم والعادات والتقاليد والأرواح ليس بالمعنى السلبي بطبيعة الحال ولكن بشكل عام. تخيل ان هناك أربعة جامعات في شرق السودان لم تقم أي منهم حتى الآن بعمل دراسة سوسيولوجية أو ما شابه لدراسة آثار الحرب في تلك المنطقة! لو قررت أي واحدة من الجامعات طرح منحة دراسية (ماجستير أو دكتوراة) لمثل هذا النوع من الدراسات لتمت خدمة قضية التنمية على نحو غير مسبوق، أو هكذا اعتقد.
مع أطيب تحياتي

Quote: علي قبيلة البني عامر وقبائل الشرق عموما ... النهوض لتمنية مناطقهم بانفسهم بالتكافل والترابط واعلاء قيمة النفير فيهم ... وعدم الركون الي المركز

تولوس
مع احترامي لرأيك إلا انني أرى أن على الحكومة مركزية أو غيرها واجب القيام بتوفير الخدمات والتنمية.
مع الشكر