الديموقراطية والحب

من وحي الثورات
عبد اللطيف أبوزيد

الديموقراطية والحب

عندما سئل الداعية عمرو خالد عن الفائدة التي جناها من ميدان التحرير، قال بسرعة وبدون تردد (الحب(.
وقفت عند هذه الإجابة السريعة، وأدرت الأحداث التي كنا نتابعها من ميدان التحرير. كل هؤلاء الذين ضحوا بكل غال ونفيس وحضروا إلى ميدان التحرير، كانوا في الهم سواء. كانوا في المطالب والمستقبل والماضي والحاضر سواء.
يعجب المرء كيف يرضى هؤلاء الحكام أن يذلوا شعوبهم بعسسهم يضربون الناس بسياط كأذناب البقر، يبطشون ويتجبرون على هذه الشعوب التي من المفترض أن يكونوا خدامها، يبذلون من أجل إسعادهم كل غال ومرتخص. ولكنهم بدلا من ذلك نهبوا ثرواتهم واستحلوها فهم يموتون – إن ماتوا – بالتخمة وشعوبهم تموت جوعاً. هكذا تفعل الشياطين بالناس، بل أصبح في هذا الزمان شياطين الإنس من المتسلقين وأصحاب المصالح الذاتية هم الذين يسولون لهؤلاء الزعماء فلا يرونهم إلا ما يريدون. هذه الأموال التي استولوا عليها بغير حق لو وزعت في مشاريع تنفع أصحاب المال الأصليين لما هبت الشعوب عليهم كما نراهم الآن ، والمثل الانجليزي يقول: "نحن كأكياس الشاي لا تعرف قوتها الحقيقية إلا عندما توضع في النار"، فالحذر للبقية الباقية من الحكام والذين استغنوا من ورائهم سواء أكان بالتملق أو القربى أو المصلحة المشتركة، قبل أن يفوت الأوان ويقال بعدهم: (أمرتهم ُ أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد)، والعاقل من اتعظ بغيره.
إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لرجل استعمله على الصدقة وقد قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول: هذا لكم وهذه هدية أهديت إلي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً، والله لا يأخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة...) ، فكيف ستحملون كل هذه الأموال والفلل والعمارات الشاهقة على ظهوركم يوم القيامة؟
بعد أن انتصر الشعب المصري، بدت على الوجوه علامات الرضا، والحب، كانوا يداً واحدة في كل شيء، اللجان التي كونوها لاستتباب الأمن، الحفاظ على التراث بحراسة المتحف من بعض مرضى النفوس والذين لا تخلو منهم أي أمة. ما أجملهم وهم يقومون بنظافة ميدان التحرير عند مفارقته بعد أيام الثورة. حينها تأكدت أن رابطاً قويا يربط بين الحرية والديموقراطية والحب.
ما وجدت في وصف هذا الحب الذي تجلى بين الإخوة الثوار إلا قول الشاعر الإيراني المبدع السعدي الشيرازي إذ يقول:

قال لي المحبوب لما زرته من ببابي؟ قلت: بالباب أنا

قال لي أخطأت تعريف الهوى حينما فرقت فيه بينـــنا

ومضى عـــــام فلما جئته أطرق الباب عليه موهــنا

قال لي من أنت؟ قلت انظر فما ثم إلا أنت بالبـــاب هنا

قال لي أحسنت تعريف الهوى وعرفت الحب فادخل يا أنا.

خروج
برقية عاجلة إلى الأستاذ محمد إبراهيم نقد. الرقم الذي طلبته غير موجود بسجلاتنا، نرجو التأكد من الرقم الصحيح ومعاودة الاتصال مرة أخرى.

نقلاً عن (الاحداث)

جيمي يا وغد
مشتاقين