ضربات جوية ضد قوات القذافي: هل يملك المؤتمر الوطني تصورا للخروج بالسودان الي بر الأمان؟

(( أصدر مجلس الأمن قراره بالحظر الجوي علي ليبيا وفرنسا توجه ضربات جوية خلال الساعات القادمة لقوات القذافي ))

وتضخم الذات بلاشك هو أحد عناصر التركيبة الأصيلة للجبهة الإسلامية والمؤتمر الوطني والتي تؤدي ان لم يكن بهم جميعاً فببعض منهم الي عدد من التصورات والاعتقادات ... التي تمتلئ (بالتضخم) وليس بقراءة الواقع ... من ضمن هذه التصاوير المحتملة ان لم تكن الأكيدة هي أن السودان مختلف عن (مصر وتونس وليبيا ) ...

مختلف بقليل من الحقائق غير ذات الأهمية وكثير من (التخيلات والتهويمات والتصاوير) التي تشكلها تضخم الذات الجبهة الاسلامية ومنسوبيها ...
جوهر هذا الاختلاف (في تصورهم) هو القبضة الحديدية التي تدير بها السودان ثم الانهاير والتفكيك لبنيته السياسية ممثلة في أحزاب المعارضة .... وشل قدراتها من قبل الجبهة الاسلامية من جهة وبتهافت قيادات هذه الأحزاب وتسارعها الي ارضاء الحزب الحاكم والتواطؤ معه من جهة أخري

لكن التغيير الذي يلوح في الأفق قد أثبت بلا شك ان كل ذلك غير مهم في ثورات الشعوب ... فالتغيير في المنطقة آت من طرق أخري وشوارع مختلفة وبوابات لا قبل للجبهة الاسلامية بها و ليست الأحزاب احداها بل ولا تمثل أي من بواباتها ... أما القوة فلم توقف اياً من الشعوب التي تحررت من... واذا اقتضي الأمر فالعالم يري ويسمع ويتحرك...

قرار مجلس الأمن تجاه ليبيا يجب ان يضع حداً لتلك التصاوير والتهويمات ... بأن العالم لم يعد وليس بامكانه ان يقبل استخدام اية حكومة او فرد القوة ضد شعب كامل ... فالشعوب لم تعد مغلقة ولم تعد مجرد لعبة في ايادي الرؤساء يفعل بها ما يشاء بل هي تعيش في محيط عالمي ... يؤثر ويتأثر بها

علي الجبهة الاسلامية قراءة ذلك جيدأً فالتغيير قادم لا محالة ... واية محاولة للتقليل من ذلك ليس سوي اهدار للوقت ليس إلا ... فقوة مليشياتها لا تماثل قوة مليشيات العقيد القذافي ... وجهاز أمنها لا يمثل ولا حتي 50% من جهاز الأمن المصري ...

فهل تري تملك الجبهة تصوراً لكيفية الخروج من كل ذلك ؟
علماً بأن تحويل السودان الي لفغانستان اخري ليس سوي (مجرد تهويم مثله مثل تهويمات القذافي)

أزمة الجبهة الإسلامية الحقيقية في القوت الراهن هي أزمة داخلية محضة .... فهي وان بدت متماسكة أمام المجتمع المحلي والدولي خصوصا من خلال إعلامها في وقت الأزمات إلا ان أزمتها الحقيقة في الأساس تكمن في تياراتها المتصارعة ... والتي ستكون هي سبب الانهاير وليس العوامل الخرجية وحدها ... فاتخاذ لقرار حتي وان كان موحداً داخل الجبهة الاسلامية بمختلف تياراتها ... سيظل عاجزاً عجز كبيرا ان لم يكن مطلقا في مواجهة التغيير القادم ...

والأزمة الحقيقة للجبهة هي أن هذه التيارات المتصارعة في داخله ليست كتلك التي يمكن ان نطلق عليها صراع الحمائم والصقور ... فالصراع ليس في مواجهة الخارج فقط بل الصراع في الأساس من أجل مناطق النفوذ والسلطة في الحزب الحاكم نفسه ... أي صراع مصالح .. وهو الصراع الذي ظل ملازماً لجميع الأحزاب السودانية بلا استثناء وهي ما أقعدها وأعجزها وهو ما سفعل ذلك بالجبهة الإسلامية ..

اذن انه بدلاً من ان تواجه الجبهة الاسلامية الواقع الحالي سيأخذها الصراع الداخلي الي طرق مختلفة يمكن ان ينجم عنها (كما عودتنا دائماً) الي اتخاذ قرارات عشوائية وهوجاء لا تفعل سوي مفاقمة الأوضاع مرة وأخري ...

لقد قدرت ثروة الرئيس المصري التي تم تجميدها بما يقارب 31 مليار دولار ...
تري كم تقدر ثروات المتنفذين في النظام ...
وما هو الثمن الذي يودون دفعه للحفاظ عليها ...
الحفاظ عليها من (عضوية الجبهة الاسلامية) ومن الشعب السوداني؟
وإلي أي مدي يمكنهم الذهاب في ذلك ....

هل يكون الي الإمام تجاه إصلاح الأوضاع في السودان والقبول بالاخرين أو التنازل مثل الرئيس المصري
بدلاً من (علي وعلي أعدائي) كما فعل العقيد والذي سيتصح له أن المسألة عليه (فقط) فالشعوب تحيا مهما فعلت الحكومات

الديمقراطية و الحريات
محاربة الفساد
المحسوبية
توفير الوظائف
جهاز الأمن والتعذيب
جرائم القتل والإبادة في دارفور

هي الملفات التي تنتظر فتحها ... عاجلاً او آجلا ... بيد الجبهة الإسلامية أو بأيدي شعبها .... ستخرج المسيرة تلو المسيرة والغضبة تلزو الغضية .. من أجل التغيير وستجتر معها في كل مرة تاريخ ثري بالنضال من أجل الحقوق والحريات ...