أكتوبر 64 × ثورة شباب تونس 2011..... أبريل 85 × ثورة شباب مصر 2011

اذا ما قدر لثورة شباب 25 يناير أن تحقق أهدافها المعلنة وشعاراتها المرفوعة ستكون الثورة الاكثر نضجا فى المنطقة بأسرها....رغم أن الهبه الجماهرية التى تجتاح مدن وبوادى مصر منذ ما يزيد من الاسبوعين والتى أدهشت العالم من حولها بتسارع خطاها وزخمها الاعلامى الكبير رغم انها ليست الاولى من حيث الشكل فى المحيط الافروعربي ولكنها الاميز من حيث الجغرافيا والمضمون الثوري للمتظاهرين ضف الي ذلك الدور السياسي الاستثنائي الذى تلعبه مصر على محيط سياسة الاقليم والعالم...

21أكتوبر 64 ..ثورة شعبية ضد الظلم والاضطهاد خرجت فيها الالاف تهدر فى الشوارع رافعة ذات الشعار (الشعب يريد أسقاط النظام) وحققت الثورة شعارها الاساس بسقوط نظام الطاغية عبود..كان ذلك قبل ما يقارب ال47 عاما من الآن !!

ابريل المجيدة 85 أو ثورة رجب الاغر الثورة الشعبية الثانية على أرض السودان بعد حوالى 21 عاما جاءت أقوى من سابقتها عندما تكاملت الظروف الظروف الموضوعية لاندلاعها جاءت بنفس الدوافع ظلم وأستبداد العسكر تفشى الفساد وتنامى الطفيليين ورفعت الشعار نفسه (الشعب يريد أسقاط النظام).. وكان للجماهير ما أرادوا بخلع السفاح جعفر نميرى فى المذبلة ..وكان ذلك قبل حوالى ال 26 عاما من الآن !!!

ثم جاءت ثورة شباب تونس فى نسخة 2010--2011 ..أو كما اطلق عليها ثورة الياسمين ... ذات الدوافع والاسباب التى سلفت فى اكتوبر وابريل السودان .............القهر .. الفساد .. سطوة العسكر.. الامن السياسى كبت الحريات. وعندما ضاق الامر بالشعب التونسي وحادثة حريق البوعزيزى التى الهبت الحماسة كان الشعار المحبب (الشعب يريد يريد أسقاط النظام !)..وخرجت الالوف فى الشوارع ولم تعد الا بعد هروب الطاغية بن على وتهاوى اركان نظامه الهش ..و كان ذلك قبل حوالى شهر من الآن ...!!

الان مصر التى ظن العالم كله بما فيهم حكام وشعب مصر أنفسهم انه شعب أستكان للانظمة الشمولية التي تقوم على الاجهزة القمعيه و النظام البوليسي فى أدارتها .. هاهم اليوم شباب مصر ينتفضون علي نحو أصاب السلطة العجوز فى مقتل.. هي ذات المشتركات السالفة قهر تسلط قمع قتل بدم بارد ..لكن ما يضاف لطاغية مصر وفرعونها ولم يتوافر فى غيره قدرته الغير مسبوقة فى (الكنكشة).. فقد أثبت أنه أكثر فاعلية من (السوبر بلو) فى مقدرته على اللصق فى كرسي الحكم... الشعار الاساس هو نفسه (الشعب يريد أسقاط النظام) ... وبرغم السقوط السياسي لمبارك وأركان حربه علي المستوي الادبي الا أن أعلان السقوط أعلاميا لم يكتمل بعد .. ومازالت الانفاس محسوبة تترقب ما يمكن أن تكشف عنه مقبل الايام من عمر الثورة ثورة الياسمين خلال الجارى من فبراير 2011 !!!

نخلص الى ان هناك بلا شك جملة من المشتركات واوجه الشبه من حيث الشكل .. الدوافع والمحركات للفعل الثورى وأداة التغيير ..

نظم قمعية أستبدادية تضيق خناق شعوبها..تكمم الافواه .. مكمن قوتها يتمركز فى بنائها لاجهزة أمنية قوية وتجدد جلدها كلما لزم الامر دون تغيير فى أصلها تستعين في ذلك بطبقة من الانتهازيين والاكاديميين والتكنوقراط الذين تغريهم مظاهر السلطة والأستوزار فيطيل النظام من عمره ويجدد شبابه كلما اصابته الكهولة.. ولا بأس من بعض المطبالتية لاضفاء المزيد من الشرعية الزائفة..

هذه هي المشتركات بشكل مجمل..

فما هي الفوارق أذن بين أكتوبر 64..ابريل 85 من جهة وياسمين تونس و25يناير مصر ؟

وما هى الدروس المستفادة لصناعة الثورة السودانية القادمة على أسس راسخة تقلل هامش الانتكاس والرجوع للمربعات الخلفية..؟

الملاحظ أن الانظمة التى تبدو عليها مظاهر القوة والتماسك سرعان ما تتهاوي وتتداعى بعد تلقى اول ضربة من ضربات المقاومة الشعبية وتتفتت كما كرة الرمل وتكتشف جماهير الثورة بعد عقود من الخوف والترويع هشاشة هذه الانظمة وخوائها.. لذلك فهى تستخدم آلة الاعلام لتهويل ذواتها وأيهام الشعوب بسطوتها وقدرتها الخارقة علي بسط السيطرة والبطش بالمعارضين .. وذلك على نحو (نحن شلناها بالدبابة والداير يشيلا اليجينا بدبابة) و (الداير السلطة بينا وبينو الشارع) .. وما عارف مين كده تحت جزمتى... وما شاكلها من عبارات تخلص لفقه (كان راجل طالعنى الخلا !) ... كل ذلك دليل لمواطن ضعف فى مفاصل السلطة ناهيك عن خوائها الفكرى .. فكل هذه النظم تعلم ان ادوات المقاومة المجربة ما زالت فاعلة رغم قدمها. على رأسها الاضراب السياسي والعصيان المدنى.. لذلك يحذر دكتور نافع معارضيه بقولته الشهيرة (ما تجرب المجرب !!!) والفى قلبو ...........

دعونا الان نعمل منهج التحليل الثقافى للدكتور محمد جلال هاشم ومن ثم نعيد قراءة العلاقة بين الثورات الشعبية الاربعة وتداخلاتها علنا نستشرف آفاق وواقع الثورة السودانية القادمة

فى تقديري وحسب المنهج أن ثورة شباب تونس او ياسمين تونس اشبه ما تكون بثورة اكتوبر المجيدة .. بينما ثورة شباب مصر أقرب ما تكون لثورة ابريل..

فى حالة تونس +أبريل نجد ان الجماهير الثائرة كانت فى حوجة الى رمز يلهب الثورة ويصل بها الى غاياتها فى تغيير نظام الحكم فمثل ما كان القرشي الرمز الذي قاد لنهاية عهد عبود فى اكتوبر ..كان البوعزيزي الذى اضرم النيران فى جسده ..هو الجسد الذى ارتكزت عليه ثورة الياسمين للاطاحة بنظام بن على..

نرى فى الحالتين ارتباط عضوي بين القرشى أكتوبر والبوعزيزى الياسمين بجسد وعظم الثورتين حتى لا تكاد تذكرلا ثورة اكتوبر الا وكانت ملحمة اكتوبر وكان القرشي شهيدنا الاول..وما ذكرناه عن القرشى ينطبق علي البوعزيزي الذي ينعته الاعلام بمفجر ثورة الياسمين ... برغم أن الرمزين لم يكونا ادوات فعلية في الاعداد والترتيب للثورة !! وهنا تكمن الرمزية
أذن كان الالهام رمزي فى الحالتين وضرورة لاكتمال الثورتين

قبل ان اواصل فى موضوع البوست ..تحية واجبة لشعب وشباب مصر فهاهي ثورتهم تكاد تلامس غاياتهابعد البيان الاول من هيئة قيادة الجيش المشير طنطناوي الذي تلى قل ساعات والذى اكد فيه جاهزيتهم كقوات مسلحة وحامية لمكتسبات مصر وتحقيق مطالب الثوار..سيكونو فى حالة انعقاد دائم لاتخاذ القرارات المناسبة ..نقلة كبيرة فى مسار الثورة..

نأتي اذن لثورة اللوتس المصريه التي تقدمت نحو اهدافها واصبح الآن لا صوت يعلو فوق صوت الجماهير .. التي صقلتها الايام وجعلتها اكثر ترتيبا على عكس ما يأمل النظام .. الزمن دائما كان فى مصلحة الثورة و ضد مصالح النظام..

واذا ما زاوجنا بين اكتوبر والياسمين..فيمكننا ايضا ان نشابه بين اللوتس المصرية وابريل السودانية حيث أننا نجد فى الثورتين قفز مفهوم ومحرك الثورة من الرمز الذى لازم سابقاتهما فى القرشى والبوعزيزى ..الي تجريد الثورة لترتبط بقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وسيادة حكم القانون واستقلال القضاء وبقية المنظومة القيمية اللازمة لاكتمال بنيان الثورة الشعبية... وبالرغم من سقوط الشهداء بالعشرات لم تحاول الثورتان استخدامهم على سبيل الرمزية ... ثورة ابريل اكتملت اهدافها بأنحياز قيادة الجيش للشعب ... وهاهي قيادة الجيش تعلن انحيازها المبدئي لمصالح الشعب ..اذن حتي هذه اللحظه الاحداث تكاد تتشابه لحد كبير