النضال الإسفيري – إعادة نظر

طاب للبعض أن يُطلق على الثورة الشعبية في تونس اسم (ثورة الفيسبوك)، حيث كان موقع فيسبوك هو مسقط رأس الشرارة الحقيقية والأولى لانتفاضة الشعب التونسي. التقى عدد من شباب تونس على الموقع المذكور وتبادلوا آلامهم وجراحهم وأحلامهم، ومن ثم بدءوا في التخطيط للثورة عبر هذا الموقع، وكانت دعوات التجمهر والتجمّع يتم التحضير لها أيضاً عبر هذا الموقع، حتى كانت اللحظة الحاسمة، والتي لا أعتقد أنها انتهت بعد بشكل كامل، ولكن يظل العمل الأسفيري هو المحرك الأول لما بدأه الشعب التونسي البطل. ومرة أخرى كان الفيسبوك سبباً في الإعداد لمظاهرات شعبية واسعة في كل من عَمّان والقاهرة وربما مدن أخرى. ولاشك لدي أن هذه الظاهرة مُبررة في ظل تسلّط الحكومات والأنظمة الديكتاتورية على المنابر الإعلامية، وفي ظل عدم توفر القنوات المناسبة والفاعلة للتعبيرعن الرأي والمطالبة بالحقوق. كما لا ننسى أن هذه الظاهرة هي وليدة العصر الحديث: عصر الإنترنت والفضائيات والمعلوماتية، فكان لابد من استغلال موارد هذا العصر المتاحة استغلالاً جيداً يخدم القضايا الوطنية والمصيرية، ولا أعتقد أنه بإمكان أحدنا أن يعيب على أي شعب اعتماده على مثل هذه الوسائط الافتراضية في خلق تحركات جماهيرية وشعبية، فما حدث في تونس وعمّان والقاهرة لم يدع لأحد مجالاً للتشكك في نجاعة هذه الوسيلة، وهو ما يجعلنا نستحضر مصطلح (النضال الأسفيري) الذي وُلد في هذا المنبر على سبيل الاستهزاء والسخرية، واعتباره نضالاً للجبناء. فهل يُمكن لنا أن نتوقع ثورة شعبية سودانية تولد من رحم المواقع الأسفيرية على غرار ما حصل في تونس والأردن ومصر؟ أم أننا سوف نظل متمسكين بعروق النضال الكلاسيكي، آملين في أن يُحدث الحراك السياسي والقوى السياسية أيّ تغيير أو حتى الدعوة لثورة شعبية؟

نداء هام لشباب السودان للخروج للشارع في فبراير للتظاهر ضد النظام