دروس من الثورة التونسية.. حالات تشابه مع المسألة السودانية

مايجري في تونس ثورة ديمقراطية.وصفهابثورة الياسمين تقليعة لا تليق بها وهو وصف مستلف من وصف حركات التغيير التي جرت باوروبا الشرقية.ووصفها بكونها ثورة شعبية تعبير عن الآلية التي قامت بها وهي الشعب وبالتالي لا يشير إلى القيمة الأساسية التي جاءت بها وهي الديمقراطية.ولأن الديمقراطية قيمة كبيرةوتكشف كل مستور ؛ نشهد الآن شتى المؤامرات ومحاولات الإلتفاف عليها تماماً كما جرى في السودان على ايام ثورة أكتوبر وانتفاضة أبريل.
يصمت أو يتجاهل العرب بما فيهم التونسيون عما جرى في السودان ونقصد حركتي التغيير في أكتوبر 64م وأبريل 85م من القرن الماضي في بلدنا العزيز حين يتحدثون عن ثورة تونس باعتبار أنها غير مسبوقة في بلداننا.
في كل من السودان وتونس تقفز قوى النظام القديم على الهبات الشعبية في مراحل انتصارها النهائية وتقول للشعب : ها نحن معكم وسننجز شعاراتكم باضضل منكم. في اكتوبر قال الجنرال عبودبعد أن حلً المجلس الأعلى للقوات المسلحة ( وساشرف أنا بنفسي...) ..وبعد انتفاضة أبريل 85 جاء المجلس العسكري الانتقالي بقيادة سوار الدهب كي يتحدث بلسان المنتفضين في ابريل ويتماهى معهم.الشيء نفسه حدث في الثورة التونسية الجارية فمحمد الغنوشي رئيس وزراء النظام الذي قامت ضده الثورة غير جلده فجاة وتحدث بلسان الثورة كسوار الدهب تماماً ومن بعد تم الالتفاف ايضاً بواسطةالمبزع رئيس البرلمان وتم تعيين وزراء سياديين من حكومة بن علي وكلهم اصبحوا يقولون للشعب: نحن حريصون على مباديء الثورة المباركة مثلكم تماماً. بداية الإلتواءات تبدا من هذه العبارة : الثورة المباركة.إنها الكلمة القابلة لافراغها من معناها الملتبس للإلتفاف حول مبدأ الثورة الرئيس: الديمقراطية. هكذا فعلت قوى عديدة عصفت بجبهة الهيئات في أيام ثورة أكتوبر الأولى. هكذا فعل المجلس العسكري الإنتقالي في انتفاضة ابريل بما أدى لعدم العناية بجثمان نظام مايو فبدلاً من دفنه تم تركه في العراء فعادت روائحه تنبعث من جديد بعد يونيو 89م .
الشعب التونسي ينتبه الآن ويناضل يومياً عبر الاعتصامات في القصبة والتظاهرات كي يزيل شبيه (سوار الدهب) . ويخيفون الشعب التونسي بالفراغ في السلطة وباحتمالات الإنقلاب العسكري وبشتى الحيل ويتم حالياً ترقيع مجلس الوزراء وتدخل قوى من المعارضة مع الحرس القديم بهدف تقوية دعاويه الزائفة سواء أكانت غافلة أو كانت لها مطامع تنافسية.
الدروس التي يجب ان تستقيها الثورة التونسية موجودة في هبتي السودان في أكتوبر وأبريل فإن استفادت منها أو قامت بذلك بقدراتها الذاتية كان ذلك عوناً لنا نحن في مقبل حركة التغيير السودانية المقبلة لامحالة.
التلفزة التونسية (التلفزيون العام وقناة حنبعل وقناة نسمة )أصبحت في سعيها لتكريس مبدأ الثورة التونسية الرئيس: (الديمقراطية) مثل الجامعة المفتوحة للشعب التونسي أولاً ولشعوبنا . نستمع ونشاهد ونستقي الدروس ونتعلم.إن ما يجري في تونس ملحمة تاريخية يجب أن يتلاحم معها أبناء شعبنا.

أمام الضغط الشعبي المتواصل اضطر محمد الغنوشي الوزير الاول لأن يتخلص من كل الوزراء من حرس الحكومة الديكتاتورية السابقة القديم ، لكن الشباب يطالبون برحيله هو أيضاً. أعتقد أن هذه الهبة التونسية تحقق نجاحات يوميةوهي في طريقها لأن تصبح ثورة ديمقراطية.