الـفسَادُ مُرتَعِدةٌ فَرَائِصُهُ .... الـثَّـوْرةُ رابطٌ جأشُها

الـفسَادُ مُرتَعِدةٌ فَرَائِصُهُ .... الـثَّـوْرةُ رابطٌ جأشُها
فتحي البحيري

سيسألني صغاري حتماً وهم يقرأون هذا العنوان الذي أكتبه عن معاني المفردات ، وسيسألونني أيضا عن ما أقصده أنا هنا تحديدا من كل مفردة ومعنى منها ولكنهم ربما لا يسألونني – مثلا- لماذا الفساد مذكر ولماذا الثورة مؤنثة ؟ والحق أنني لست صادقا مع نفسي ومعهم ومع اللغة الجميلة مثلما ينبغي .. إذ أنني لو كنت كذلك لما جعلت الفساد مذكرا أبداً... وهو يلوح ويتلوى ويتثنى لي من فوق هذه السطور بسمته الفاضح الراقص المغناج .. ولما كتبت الثورة مؤنثة وهي تبدو – كعهدها اللغوي والواقعي الدائم – صلدة عصية على الفوات والتذويب في صرخات الطغاة الفاسدين اليائسة البائسة كلما ارتعدت فرائصهم من الشعوب الحرة في طبيعتها وبطبيعتها ولها
والفَرِيصةُ- كما يقول الجهبذ ابن منظور رحمه الله - لحمة عند نُغْضِ الكتف في وسط الجنب عند مَنْبِض القَلْب، وهما فَرِيصَتان تَرْتَعِدان عند الفزع.وفي الحديث: أَن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: إِني لأَكْرَه أَن أَرَى الرجلَ ثائراً فَرِيصُ رَقَبَتِه قائماً على مُرَيَّتِه (* قوله «مريته» تصغير المرأة استضعاف لها واستصغار ليري أن الباطش بها في ضعفها مذموم لئيم) يَضْرِبُها؛ و(النضمي لازال لابن مظور) قال أَبو عبيد: الفَرِيصةُ المُضْغةُ القليلة تكون في الجنب تُرْعَد من الدابة إِذا فَزِعَت، وجمعها فَرِيصٌ بغير أَلف، وقال أَيضاً: هي اللحمة التي بين الجَنْب والكتف التي لا تزال تُرْعَد من الدابة، وقيل: جمعها فَرِيصٌ وفَرائِصُ، والفَرِيصةُ: اللحمُ الذي بين الكتف والصدر؛ ومنه الحديث: فجيءَ بهما تُرْعَدُ فرائِصُهما أي تَرْجُفُ.
هذا عن الفرائص التي ترتجف للفساد فماهو الفساد – شخشياً – حتى أكون أنا وصغاري على بينة مما أقوله للناس ؟؟ لقد عنيت – تحديدا- الفساد السياسي ذلك الذي تعرفه المعاجم الحديثة أنه وباختصار ووضوح شديدين (إساءة استخدام السلطة العامة أو الحكومية لتحقيق مكاسب شخصية.) ولولا خوف الملل على القارئ الكريم لاستفضنا في شروحات الفساد وفرائصه والثورة وجأشها ولكن دعونا ندلف سريعا ونتلفت يمنة ويسرة من حولنا هل هناك ، في سوداننا الحبيب هذا ، ما تبقى منه على وجه التحديد بعد خصم حلايب والفشقة ومثلث ليما وكامل الجنوب الحبيب بعيد غروب شمس إعلان النتائج المعروفة سلفا ، هل ترون من أصحاب السلطة من قمتها إلى رأسها من (لا) يسيء استخدامها لأغراضه الشخصية ؟ إذن تعالوا معي لتقارير دولية حولية عن أحوال طقس الفساد عبر الكوكب : أعطى تقرير منظمة الشفافية العالمية السودان درجة متدنية جدا مقدارها 2 فاصلة 2 للسودان عن حال الفساد في العام المنصرم ( مع ملاحظة أن الدرجة الكاملة 10 ) يعني رسوب كبير ، دولة فاسدة بمزااااج !! والأهم من ذلك الترتيب ، وما أدراك ما الترتيب ، ذلك الذي يجيب – لا مؤاخذة سيداتي آنساتي سادتي – سيرة البراطيش!! .. أحرز السودان بهذه الدرجة المخجلة الترتيب 172 من 178 بمعنى أنه جاء (الطيش) تقريبا ... فتأمل– على ضوء هذه المعلومة – تصريحات والي الخرطوم الأخيرة عندما (جمع) بضعة الاف من الذين فشلوا في الاحتفاظ بالسودان دولة عادلة وموحدة وغير فاسدة وهدد بهم المواطنين الذين أصبح النجم أقرب إليهم من قوتهم الضروري نتيجة هذا الفساد وهذا الفشل المدجج (بهؤلاء). هل هدد الوالي المواطنين من حمل السلاح ضد الدولة ؟ أبدا . هل هددهم بأن لا يعمدوا إلى (القصور المشيدة) فيحرقوها انتقاما (لآباروبنيات الفقراء المعطلة) ؟ كلا وحاشا .. فهو يعلم أن السودانيين الطيبين الأشاوس ... (ماشبه كدا) .. لقد هدد الوالي المواطنين الذين عزموا على الخروج في عصيان مدني سلمي وتظاهرات مدنية سلمية أن لا يكون هـ.ـتـ.ـأفـ.ـهـم وتظاهرهم السلمي هذا سببا في زعزعة أمن هذا الفساد وهذا الفشل !! وإلا سيطلق ويشهّد عليهم – إضافة لجيوش الشرطة والأجهزة إياها – هؤلاء الذين جمعهم !! ولعل الوالي الكريم يعلم أي نفع لهؤلاء من واقع خروج الجنوب تماما من الخارطة ومن واقع وصول أطفال العدل والمساواة لمشارف القصر الجمهوري ومن واقع الاجتياح المعلن لطائرات اسرائلية سموات السيادة السودانية وقتلها لقرابة الالف نسمة !! كيف تهدد بقوات (مسلحة) جيشا كانت أو شرطة أو أمن أو دفاع شعبي مواطنيك الذين لا سلاح لهم سوى مطالبتهم (الحق) بعيش كفاف كريم خصما على هذا الفساد العظيم كله أو بعضه ! أية شجاعة تلك التي تدفع بمن يستحي أن يتشوجع على العزل الأبرياء بالوف مؤلفة من المدججين باسلحة تكفي – لو كان حاملوها أكفاء وصادقين – لتحرير بيت المقدس والعراق وافغانستان مجتمعين ؟؟ ايهما أولى بأن يموت – بعد قليل – من الذعر؟ المهدد بدال مكسورة أم المهدد في هكذا سياقات ؟ هل ترغبون في العودة لقراءة عنوان هذا المقال ؟؟
الرعب الإنقاذي من ثورة الشارع السوداني الاتية لا ريب فيها دفعه لاعتقال ثلاثة شبان ليس بتهمة الانتماء لحركة العدل والمساواة ولا الموساد مثلا ولكن لأنه وجد بحوزتهم قصاصات وبيانات صيغت في منتهى التهذيب والالتزام بالدستور والقانون وتحمل اسما لحركة شبابية تخيف الفساد الآن أكثر مما تخيفه العدل والمساواة والموساد وامريكا التي دنا من زماااان عذابها ولم يحن بعد (ولن يحين إذا كان بأيدي هؤلاء الفاسدين المرتجفين من ظلالهم على الدوام ) فبالله عليكم هذه هي حالة الفساد وحالة رعبه منا قبيل اندلاع الثورة السلمية الظافرة ضده ، فما بالكم حين يحمى وطيسها ويشتد أوارها وتؤتي ، بأسرع مما يتوقع أحد بأذن الله ، ثمارها
الثورة بدأت فعلا بخروج التظاهرات في مدني والحصاحيصا والكاملين والفاشر وبابنوسة والخرطوم وأمدرمان وشندي والثورة بدأت بالفعل بتمدد خطاب قرفنا في طول وعرض الوطن وعبر أفئدة وأفكار وحناجر شباب ولدوا وترعرعوا في عهد الإنقاذ الفاسدة والفساد الإنقاذي هذا ، فتأمل .
فهل يستطيع (الصف) الذي لا تجمعه إلا المصالح السحتية النتنة الككخ والتي قالت – مع ذلك - (ببح) الوقوف أمام (صف) لا يجمعه إلا إباء الضيم وإرادة الحياة الكفاف الكريمة .؟ وإذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يرحل عن مضاربه – طوعا أو كرها - الفساد والقمع والاستبداد . لا بد ، يا (هؤلاء).
سل عن الفقراء الأمينين – حقا وصدقا – في أي صف هم ؟ لتعرف أين تقف محبة الله وتأييده ونصره ؟ فلا تحملن كائنا من كان عزة إثمه في مباراة الظالمين ومجاراتهم ولا ران قلبه من (متخ) النار من مخرجات هذا الفساد أن يكون في غير جهة الله في هذا الصراع ... وليكن شعار الصادقين الآن (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ) هود 113 و (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ) القصص 17 و(وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ) النساء 75 والله من وراء القصد وهو الهادي سواء السبيل .

.