جاذبية الوحدة ، و جاذبية الوطن ... مقال ل د. أحمد الأبوابي بصحيفة الجريدة ..

جاذبية الوحدة ، و جاذبية الوطن ... مقال ل د. أحمد الأبوابي بصحيفة الجريدة ..


01-09-2011, 10:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=320&msg=1294607767&rn=0


Post: #1
Title: جاذبية الوحدة ، و جاذبية الوطن ... مقال ل د. أحمد الأبوابي بصحيفة الجريدة ..
Author: azz gafar
Date: 01-09-2011, 10:16 PM

فيما يلي مقال نشر ل د. أحمد الأبوابي بأول عدد لها ، يوم الأحد 17 سبتمبر 2010

جاذبية الوحدة ، و جاذبية الوطن..

د. أحمد الأبوابي


واضح جداً ، أننا نعيش تحت غلبة طقس رأسمالي حقيقي.. فكل ما حولك أضحى مادة للتسويق،و الدعاية .. الدعاية التي تهدف لأن تجعل العميل يقبل على السلعة المعينة ، بغض النظر عن فائدتها العملية، أو حقيقة المزايا التي تروج لها الدعاية .. ها نحن نشهد هذه الروح ((التجاري)) ، تغزو كل مجالات حياتنا ، فأنت على سبيل المثال عندما تتابع هذا الزخم من البرامج التلفزيونية ، و الإذاعية ، الذي احتشد بها شهر رمضان المبارك، تلك التي تحمل شعار الوحدة ،حيناً ، و مضمونها ، حيناً آخر ، ينتابك شعور ، بأنك إنما تشاهد دعاية لسلعة تسمى (الوحدة).. و لإن كانت للرأسمالية مزاياها ، و للدعاية فنونها ، و تقاليدها، فإنه ما من شك أن أمر الوحدة – وحدة بلدنا هذا الجميل – ليس
بالذي يجدي معه هذا النمط ((الإستهلاكي)، للدعاية ، أو قل للدعوة .. إن أمر الوحدة ، لعمري ، لأحرى بتناول جذري، و عميق ، يلحقه بكل الأصول الفكرية ، و السياسية التي يمكن أن ترتبط بما يمكن لكل فرد سوداني ان يسميه (الوطن).. و هو أحرى بحالة من الإنتباهة العامة التي يجب أن تسود كل فرد من أفراد هذا البلد، بأن نراجع ذواتنا، كأفراد، و كيانات اجتماعية.. ، و نتساءل بصدق، عن : ماذا أعددنا لها ؟؟ .. ..الوحدة أعني ..
ذلك كان، و لا يزال أجدى من تلك الدعية الفارغة، للوحدة، و دغدغة العواطف النواضب..و هنا يحضرني أنني لم أستسغ يوماً، ذلك التعبير الذي غزى ساحتنا السياسية، منذ توقيع إتفاقية السلام (نيفاشا)، ذلك هو تعبير( الوحدة الجاذبة) ، التعبير، الذي أوشك إن يصير، إن لم يكن قد صار فعلاً ، تعبيراً مبتذلاً .
لنجعله وطناً جاذباً أولاً:
و ما لا يسيغ لي في تعبير الوحدة الجاذبة ، هو أنه تعبير(انفصالي)، من الأساس .. ذلك بأنه يكرس لنوع من الانفصال الوجداني، و الفكري، لدى المواطن المنتمي لجغرافية ، بعينها ، هي الجنوب ، عن سائر المواطنين المنتمين للوطن الواحد ، المسمى السودان.. فلكأنه يقوم على فرضية ، مؤداها أن الشروط اللازمة ليشعر مواطن جنوبي ، بالانتماء، لهذا البلد، بحيث، يمكنه على سبيل المثال، أن يردد نشيده الوطني من أعماق أعماقه ، هي شروط مختلفة، عن تلك الخاصة، بذلك المواطن المنتمي لغرب دارفور، مثلاً .. أو أن ما يلزم لولاية كجنوب كردفان أن تحقق علاقتها المتوازنة مع ( المركز)، تلك التي تجمع بين استقلالها، و اتحادها معه في آن، يختلف عن ذلك المطلوب، لولاية بحر الغزال، على سبيل المثال. لهذا فإن هذا الشعار (الوحدة الجاذبة)، قد يمثل، بالنسبة لي حالة هروبية من مواجهة جوهر القضية، و أصل ما هو مطلوب..
الشريكان.. و الهروب إلى الهامش..
و عندما نتحدث عن جوهر القضية، فإننا نرجع تلقائياً، إلى المحور الغائب، ألا و هو السودان ، دون تجزيء، و ( المواطن السوداني) ، دون تضنيف، جهوي، أو قبلي.. ذلك هو المحور الذي هرب منه الجميع، بحسن نية، حيناً، و بسوء ، في أكثر الأحيان.. ذلك بأنه مما يريح الحكومة، أن نتحدث لها، عن مواطن تلك المنطقة من السودان، و عن تهميشه، و يسير عليها أن تتحاور مع الذين يقودون الحركات الجهوية ، المتمردة، في هذا اللإقليم ، أو ذاك ، بعد حمل السلاح ، أو بعده، و أن تسعى لإرضائهم، بتحققيق ما تيسر من أحلامهم الجهوية، أو طموحاتهم الشخصية .. لكن الذي يصعب علي الحكام، و يستفز طغيانهم، هو أن تتحدث عن (المواطن السوداني)، إذ أن هذا اللفظ يعيد إلى الأذهان سيرة قد أكل الدهر عليها، و شرب، و غطاها النسيان ، فبعد عقدين من الصراع العنيف من أجل البقاء، و سياسة، التجزئة المتعمدة لقضايا هذا البلد، و التي انتهجها نظام الإنقاذ كتكتيك سياسي ناجع، غابت ملامح ما كان يعرف (بالمواطن السوداني) فأنت لدى سماعك هذه اللفظة، تكاد تتساءل كما تساءل الفنان عادل إمام : ( أنهي ناس، اللي بهدوم، و الا المن غير هدوم ؟؟ .. )، فتقول: أي مواطن ؟؟ .. الفوراوي، أم الحمري.. الجعلي، أم الشلكاوي.. الذي من جوبا، أم كاب الجداد.. ؟؟؟..
و لعل أمر غياب ملامح (المواطن ) ، و الوطن، معاً، هو ما يسوقنان لنقرر حقيقة ، هي أنه ليس ما سيحدث في ينايرالقادم، هو المخيف، بل ما يحدث الآن.. إن الإستفتاء القادم ، لن يأتي بجديد.. بل أن انفصال الجنوب ،ليس هو السيناريو الأسوأ ، بل ما هو حاصل الآن، والذي إن استمر على ما هو عليه من حال، سيؤدي إلى التمزق، و ليس الإنفصال لهذا الوطن الواحد.. إن ما هو سائد من خيبة الأمل، و اليأس القائم، لدى النخب المنتمية لأقاليم السودانية المختلفة ، من أن يأتي الحل جملة واحدة، عبر قناعة اضحة عند السلطة، بوجود مشكلة، تخص السودان، و أزمة، يعانيها المواطن السوداني، ثم أن تبدأ سعياً حقيقياً ، لأجل حل هذه المشكلة، من (محورها )، عبر الحوار الحقيقي، مع القوى السياسية، الإجتماعية الأخرى، و عبر الجهد المخلص، لتنفيذ ما يسفر عنه الحوار.. هذا اليأس كرس للتصورات الجزئية ، و الحلول الإنفرادية، و جعل البلد في حالة تمزق وشيك، ما لم تحدث معجزة ما، تحول الأحداث إلى مسار آخر..
إنني أرى أن كل من الحكومة ، و حركات التمرد، قد اختار الحل الأسهل، و الأبعد عن جوهر القضية ، و سلك الطريق الأبعد عن محور المشكلة ، لذا فإنه يصح أن نسمي هذا الواقع، بواقع (الهروب إلى الهامش) ، فها هي الحركة الشعبية ، تتراجع، في صمت مريب، عن (منفستو السدان الجديد)، لصالح دولة الجنوب المستقلة ، ذلك المنفستو الذي بدونه ، تغدو الحركة الشعبية مجرد حركة مسلحة ،إنفصالية، ليس لديها ما يميزها عن سائر لحركات الأخرى..
إن السؤال الأهم،في تقديري ، الآن ، و الذي سيشكل مستقبل بلادنا، و إلى الأبد ، ليس ، ما سيطرحه استفتاء، تقرير مصير جنوب السودان ، و الذي يدور حوله شعار (الوحدة الجاذبة)، بل السؤال الذي يجب أن يساله كل منا لنفسه، الآن .. حكاماً، و محكومين ..هو : هل هذا الوطن جاذب.. ؟؟
_________________

Post: #2
Title: Re: جاذبية الوحدة ، و جاذبية الوطن ... مقال ل د. أحمد الأبوابي بصحيفة الجريدة ..
Author: azz gafar
Date: 01-10-2011, 06:31 AM
Parent: #1

لمزيد من الاطلاع..

Post: #3
Title: Re: جاذبية الوحدة ، و جاذبية الوطن ... مقال ل د. أحمد الأبوابي بصحيفة الجريدة ..
Author: azz gafar
Date: 01-10-2011, 03:31 PM
Parent: #1

up

Post: #4
Title: Re: جاذبية الوحدة ، و جاذبية الوطن ... مقال ل د. أحمد الأبوابي بصحيفة الجريدة ..
Author: محمد قرشي عباس
Date: 01-10-2011, 04:30 PM
Parent: #3

مقال جميل جدا ..

من رجل حكيم جدا