من أين جاء هؤلاء الشعب!

.

عفوا وعذرا ..
ليس من قبيل التجاسر على المقولة الأشهر للأديب الكبير الطيب صالح،
لكن العبارة الجهنمية قفزت إلى ذهني على هذا النحو،
وأنا أتابع تداعيات الوضع السياسي وحمولاته الخطيرة
بجانب تداعياته على المستوى الإجتماعي والإقتصادي والثقافي منه ..
ذلك على خلفية الإحتفالات المنصوبة لأعياد الإستقلال والسلام والموسيقى والخطب والكلامات التي واكبتها
وأثرها على تلك الوجوه اليابسة.

ونواصل

.

.


إحدى المذيعات تنادي الحضور للإستماع إلى العمل القادم ..
أنا لن أحيد
أداء كورال "كلية الموسيقى والدراما" جامعة السودان،
عندما "هبط" الكورال بالمقطع الذي يقول:
وسياط جلاد تسوق خطاهمو
ما تصنعون؟
يجلجل الصوت الرهيب
كأنه القدر اللعين
وتظل تفغر في الدجى المشؤوم أفواه السجون ..

بدى لي قصيد الشاعر الكبير محي الدين فارس
في تلك اللحظة
غريب الوجه واليد واللسان!

.

.


بينما تعبر مياه كثيرة من تحت جسر أحزانهم ..
تطالعك وجوه الحاضرين بلاستيكية خالية من أي تعبير،
وأي إنفعال ..
لكأن حفل "كورال كلية الموسيقى والدراما" ... (أنا لا زلت على إرتياب من هذا الإسم)
كان يقدم للجمهور الياباني في إحدى المدن البعيدة

.

.

الوقائع الفظيعة، والأخطار التي تحدق بالوطن
لا تعنيهم ولا تعبر بخاطرهم، وهم يستمعون للخطب "العصية" لكل من شاءت له الأقدار
أن يكون خطيبا في المحافل والملمات والمنابر المسروقة ..
تراهم يزحمون فضاء المشاهدة
وقصاصات الصحف المؤقتة
يستحسنون القبح
يصفقون للأكاذيب
بعد أن كفوا عن الهتاف المشروخ .....
يستملحون "الطرف" المملة
ويبتسمون في وجه الأدعياء والمستجدين

.