التاريخ الوجيز لقيام أول حائط بناه إنسان في التاريخ

من سيرة أول إنسان قام ببناء حائط:

كان شتاء جليديا قارسا لم تشهد مدينة وينبيك مثله لسنوات خلت لا يزال يعربد هناك وراء النافذتين. غريبان تحت سقف حجرة واحدة. على بعد لمسة، وثمة حائط سميك لا مرئي ينهض هناك، لكأن الوحدة قدر لا فكاك منه. قال مستر جيف واصفا مأساته "جيئنا إلى هذا العالم فرادى وسنغادره فرادى". أفكر هنا في عبارة كازنتزاكي. يُقذف بنا إلى حياة مشبعة بالحوائط كيما ننفقها في هدم تلك الحوائط. إذا توقف الهدم تنهض حوائط الحسرة على أن الحياة كان من الممكن لها أن تغدو أكثر روعة إذا ما تمكنّا من النظر خلف حائط وآخر لم نستطع هدمه. لم أكن راغبا في النوم إلى جانبها في الحال. ولا أحد يدري، لحظة أن أتأمّل مسار تلك الأحداث، كيف غدت حثيثا سنين هذا المنفى الممتد أكثر عددا من تلك السنين التي أنفقتها داخل الوطن.

عدتُ إلى الشقة بملابس الحارس الرسميّة في حوالي التاسعة مساء. لفظني الباص عند المحطة قريبا من تقاطع شارعي تورنتو وسيرجنت. لم يكن ثمة شيء هناك. لا نأمة. سوى هدير الباص المتلاشي في عمق السكون، صفير الريح بين أوراق الأشجار العارية، صوت الثلج يتكسر أسفل أقدامي، الدخان المتجمد أعلى مداخن البنايات مقدار شبر أويزيد، السماء النجميّة الخالية تماما من السُّحب، وفضيلة الصقيع التي أخفت كل أثر للمومسات على امتداد سيرجنت. كان مدخل البناية ذات الطابع الكولونيالي فارغا من أحد. كان صوت الممشى الخشبي بين حوائط الشقق المتقابلة في الطابق الثاني كوحدات للسكنى في معسكر للعمل يصدر صوتا أقرب إلى عواء كل ب جائع للحبّ. كنت ضاجا أثناء الطريق بالرغبة الماسة في لمس كل بوصة من جسد أماندا بون. ظللت أفكر فيها دونما توقف طوال ساعات الوردية الممتدة. أخيرا، فتحتْ لي أماندا بون الباب على مصراعيه متراجعة. كانت عارية تماما. فجأة، ولَّتْ هاربة على أعقابها ضاحكة مرتمية على سرير النوم المرتب بعناية وأفردت عليها غطاء الكتان حتى العنق. "لا تقترب مني، يا وليم"، قالت ضاحكة، وأشارت بوجهها، بينما أتأمّلها واقفا وراء باب الشقة المغلق للتو، قائلة بمرح "جهَّزتُ لك حمام الفقاعات، لا تذهب ناحية الصالة، ثم عد سريعا، حبيبي"، وأخفتْ نفسها مثل طفلة شقيّة أسفل الغطاء تماما. لم أنطق بعدها بمجرد كلمة واحدة. وهذا وقت للجسد. بدت الشقة بنظرة مروحيّة خاطفة نظيفة ومغمورة في دفئها برقة الأنثى. خلعتُ بزّة الحارس ولوازم الشتاء الثقيلة على عجل. كان هسيس أماندا بون يتناهى مستثارا من أسفل الغطاء. كانت الأنوار مطفأة داخل الشقة عدا نور الحمّام. وجدتها قد أعدت لي فانلة قطنية سابغة ومنشفة وسروال متوسط الطول. كانت الأضواء المتسللة عبر نوافذ الشقة الزجاجية الواسعة العارية من ستائر تضفي على الشقة طابعا رومانسيا فاتنا. والبخار يتصاعد فاترا من حوض البانيو الرخاميّ ممزوجا برائحة عطر زهرة اللافندر الذي لا يُقاوم.

إلى حين عودة: