الشيوعيون : من منظور أُسَري و قبلي )

قبل البدء في هذه السياحة

أود أن أروي هذه القصة الحقيقية و هي ضمن نطاق المنظور الأسري :

إبن عمي عزالدين ، شيوعي حتى النخاع ، و والده ( عمي رحمه الله ) تجري في دمائه الختمية.
عمي كان ( مفتش صحة ) بالشمالية
و عزالدين يعمل بوابورات بحري
أيام عبود كان عمي يسمع من فترة لأخرى أن إبنه في السجن بسبب إنتمائه للشيوعية
فحزم عمي أمره و تأبط أمرا و توجه للعاصمة
ثم كان له هذا اللقاء مع عز الدين في سجن كوبر :
العم : شوف يا ولد ، على الطلاق بالتلاتة ، لو ما سبت الشيوعيين ديل ، أنا بحرمك من الميراث
فقال عزالدين : خلاااص أحرمني يا أبو العلا

فأبتسم العم و قال متمتما : الله يجازيك يا عبدالرحيم
و سنتعرض لقصة عبدالرحيم لاحقا

حسب معلوماتي المتواضعة
فإن الحزب تكون بعشرة أشخاص في حديقة المقرن بالخرطوم عام 1946م، وكان يعرف باسم الحركة السودانية لتحرر الوطني منذ تأسيسه حتى عام 1956.و بعدها تحول إلى مسمى الحزب الشيوعي السوداني.

كان من ضمنهم إبن عمي المرحوم محمد أحمد داود ( وكيل وزارة التجارة أيام نميري ) و الذي كان صديقا لصيقا للمرحوم عبد الخالق محجوب و يقال أنه كان عراب الحركة.
و يحكي بعض أفراد الأسرة بأن المرحومين عبدالخالق و محمد أحمد داود ، أتيا إلى الخرطوم بقطار ( مواشي ) من وادي حلفا إلى الخرطوم ، زيادة في التخفي عندما هربا من القاهرة و نزلا ضيفين على ( عبدالرحيم ) إبن عمتي الذي تشرب منهما الفكر الشيوعي لاحقاً .
إذن تغلغل الفكر الشيوعي في بعض أفراد الأسرة ، إبتداءا من محمد أحمد مرورا بعبد الرحيم ( الذي قام بدلقه على عزالدين )

لاحقاً ، إنسلخ عبدالرحيم و عزالدين من الحزب الشيوعي السوداني و إنتقلا للإنضمام للحزب الشيوعي الصيني بقيادة ( أحمد شامي ).

لم أتنبه لقصة العلاقة بين أبناء عمومتي و الحزب الشيوعي ، إلا و أنا طالب بالمدرسة الوسطى بأتبرا عندما زارنا المرحوم الشفيع أحمد الشيخ و زوجته فاطمة أحمد إبراهيم.
حيث كانت علاقة أبي متشعبة و مترامية الأطراف بحكم عمله القيادي بورشة المرمة بأتبرا.
ترعرعنا و نحن نشاهد ( منضرة ) بيتنا في الحى الحكومي ( القيقر ) بكل ألوان الطيف السياسي الذي كان يملأ خياشيم أتبرا :
محمد الحسن عبدالله
الحاج عبدالرحمن
كبج
حسن خليفة الأتبراوي
العمدة السافلاوي
طلسم والد البلابل

لا أنسى موقف المرحوم الشفيع أحمد الشيخ عندما توسط لأخي الأكبر المرحوم المهندس حسن و أرسله في بعثة حكومية لروسيا لدراسة الهندسة.

حكاية أتبرا مع الشيوعيين ممتدة إمتداد الإتبراوي و البطانة

نواصل

قرية صواردة
تقع في قلب أراضي قبيلة ( السِكُّوت ) بالضفة الشرقية للنيل
تحتضن هي و قريتي ( قبة سليم ) جزيرة ( وايسي ) ككتاب تضمه يدان في رفق .
قرية صواردة ، قرية العملاق وردي
إنتمى كثيرون من أبنائها للفكر الشيوعي و الفكر الإشتراكي عموماً.
المرحوم نميري إنطلاقا من معاداته للشيوعيين ، و إنطلاقا من موقف وردي الداعم للشيوعيين ، قام بالمرور على جُل أرض المحس ثم عندما أتى قرب قرية صواردة ، مر على القرية من الطريق الصحراوي دون أن يتوقف بالقرية التي كانت تنتظر مرور رئيسها لتدلق على مسامعه مطالبها ، و من ضمنها البت في أمر طريق حلفا الذي كان يعرف بإسم ( طريق الموت ) لكثرة حوادثه و الوفيات جراءها.
الغريب في الأمر أن قافلة الرئيس نميري تعرضت لحادث و أنقلبت عربة من عربات موكبه و مات نفر غير قليل. رحمهم الله.
أقول بهذا بأن هناك عدد مقدر من أبناء هذه القرية العتيقة إتجهوا إلى مناصرة الفكر الشيوعي لسببين :
1. أولهما أن وردي الذي يعتبر رمزا من رموز الوطن و القرية على وجه الخصوص ، كان من معتنقي هذا الفكر. ( هذا لا ينفي عن المنتمين العلم بالفكر و الإقتناع به عن وعي و إدراك )
2. منطقتنا بالفعل هي مهمشة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى و هذا زاد من وتيرة الحس التكاتفي و العمل بالعون الذاتي في كل المجالات و خاصة في مجال التعليم و الصحة .. و هو ما ألقى بظلاله على الكثيرين و الذين لاقى الفكر الشيوعي لديهم ما يحسون به من غبن البوليتاريو و أطروحات هذا الفكر .

نواصل

على سبيل التحية والمتابعة.

شكل انقلاب 17 نوفمبر 1958 حدا فاصلاً للمرحلة التالية من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني. تمكن الحزب خلال هذه الفترة من توسيع قاعدة نفوذه السياسي وقيادة الحركة المناهضة للحكم العسكري بفاعلية كبيرة. وانضم الحزب لجبهة احزاب المعارضة التي ضمت كل احزاب الحركة السياسية السودانية. كما تمكن الحزب الشيوعي السوداني بنفوذه الحاسم في الحركة النقابية السودانية ومنظمات المهنيين والطلاب من الدعوة الي الاضراب السياسي الذي اطاح بالحكم العسكري في ثورة اكتوبر 1964.

كنت طالبا وقتها
أقنعني ( م س ) الصواردابي ، الذي كان من الشيوعيين البارزين بأن أخرج للحاق بركب الطلبة و العمال المندفعين في طرقات أتبرا مساندة للثورة الوليدة
و بما أن ( م س ) الصواردابي كان رجلا دمث الأخلاق و حلو المعشر و يثق به جميع أهلنا و الجيران ، فقد أندفعت لأرى ما معنى الثورة و الهتاف.
أندفعت لسوق أتبرا الكبير
و لكن كعادة الثورات ، يندس بين صفوفها الغوغاء و الدهماء لينالوا مآرب شخصية
فقد إجتاحت جحافل الغوغاء و الدهماء سوق أتبرا و على وجه الخصوص ( بار تساكوتلس ) و قاموا بنهب البار و تفريغه من كراتين الويسكي و الشري و أنواع المنكر المختلفة.
ثم إنطلقتْ الجحافل نحو مقرن نهر أتبرا مع النيل حيث يقبع كازينو ( حسن عربي ) الذي كانت تفوح منه أقاويل و أقاويل ، فأتت الجحافل على أخضره و يابسه و رأيت محتويات الكازينو تطفح في النيل و تتجه شمالا مع التيار ( سراير و طاولات و كراسي و أشياء أخرى ).
في طريق العودة ، طاردتنا الشرطة على صهوات الخيول
و بما أنني كنت نحيف البنية ، فقد أطلقت ساقي للريح ، و لكنني طوال الوقت كنت أشعر بلفح هواء منخار حصان خلفي
ثم ناولني الشرطي اللعين سوطاً في ظهري ، فألتصق قميصي بلحم ظهري و رأيت عدة نجوم في ظهيرة أتبرا الحارقة..
تمددت شهرا على بطني جراء الضربة ، بينما زوجة عمي الجعلية تقول لي : أفا عليك يا جلال ، كيفن داير تتزوج بتي و أنت ما صابر على البطان ؟؟؟

نواصل

البرنس

تحايا كبيرة

سنواصل

Quote: شكل انقلاب 17 نوفمبر 1958 حدا فاصلاً للمرحلة التالية من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني. تمكن الحزب خلال هذه الفترة من توسيع قاعدة نفوذه السياسي وقيادة الحركة المناهضة للحكم العسكري بفاعلية كبيرة. وانضم الحزب لجبهة احزاب المعارضة التي ضمت كل احزاب الحركة السياسية السودانية. كما تمكن الحزب الشيوعي السوداني بنفوذه الحاسم في الحركة النقابية السودانية ومنظمات المهنيين والطلاب من الدعوة الي الاضراب السياسي الذي اطاح بالحكم العسكري في ثورة اكتوبر 1964.

التحية يا ابو جهينة

وولد حينها ما سمي بجبهة الهئيات والتي تم التأمر عليها باكرا لانها مثلت

طموحات لغير الاحزاب التقليدية ..


ساعود بهذه الحكاية

Quote: ساعود بهذه الحكاية

ابو جهينة في البوست ادناه كتبت سابقاعن جبهة الهئيات

شادية عبد المنعم وانت فاكرة حزبكم حلوهوا زمان ليه ؟؟

متابعه ..عزيزى ابوجهينه تحاياى لك والاسره الكريمه...

تحياتي آدم موسى

متابعتك تدفعني للمواصلة
مشكور على المرور

أخي العزيز بخاري عثمان
تحية كبيرة لك و للأخت نجلاء

مشكور على المرور

أرجو أن تتمكن من سرد قصة أخونا شوقي المتسبب في حادثة حل الحزب الشيوعي

دمتم

متابعين البوست الرائع


ربنا يديك العافية ابوجهينة

تحية طيبة


الكتابة عن السيرة الذاتية صادقه وجميله

قد سبقنا الشيخ بابكر بدري وكتب ثلاث اجزاء عن سيرته الذاتية بعنوان حياتي


تحياتي ابو جهينه وعندك اكيد الخبر اليقين

اتابع وقريت ويا ريت تسرد

فانا من المتابع لك في الكتابة
تحية طيبة

Quote: أرجو أن تتمكن من سرد قصة أخونا شوقي المتسبب في حادثة حل الحزب الشيوعي

الغالي ابو جهينة انا اعتقد جازماً ان مؤامرة حل الحزب الشيوعي والتي اعتذر عنها لاحقاً

السيد الصادق المهدي ( حاليا صعب علي ايراد المصدر الذي اعتذر فيه واظنه لقاء مع طلاب )

اعتقد ان حل الحزب لا علاقة له البتة بحادث شوقي وانما بسبب التمدد الذي احرزه الحزب

فاخاف هذا الفعل المؤسسة التقليدية وهنا تجد ما له علاقة بالموضوع :-

Quote: وبدافع غريزة الدفاع عن النفس والصراع من أجل البقاء انتفضت المؤسسة التقليدية في وجه جبهة الهئيات واستخدمت سلاح الدعوة المبكرة للانتخابات وذلك بتعبئة جماهيرها وقد كان لها نفوذ قوي في الاوساط الشعبية وازاء هذا التطويق استقالت حكومة سر الختم الخليفة ( كان من الاكاديمين شغل منصب مدير المعهد الفني بام درمان - درس والدي عثمان الامين وابوي قال لي كان (طيب) ) في يوم 18 فبراير وفي يوم 24 من نفس الشهر تم تكوين حكومة جديدة ضمت في عضويتها وزراء من حزب الامة والحزب الوطني الاتحادي وجبهة الميثاق الاسلامي وجبهة الجنوب وبذلك تم اغتيال واحدة من أهم الحركات الراديكالية في التاريخ السوداني بل ان الاحزاب التقليدية لم تقف عند هذا الحد فبعد عام واحد من استقالة حكومة سر الختم الخليفة تم حل الحزب الشيوعي السوداني بفتوي دينية أصدرها التحالف الطائفي دليلاً واضحاً من المؤسسة التقليدية بضيقها بالرأي الآخر المخالف لها ...

متابعين البوست الرائع

احكى يا رجل

تحياتى لك والمتداخلين

جلال ابوجهينة
انا عايز أدخل منظورك الأسري ده من هذه الناحية مؤقتآ :

Quote: بينما زوجة عمي الجعلية تقول لي : أفا عليك يا جلال كيفن داير تتزوج بتي و أنت ما صابر على البطان ؟؟؟

أها ، هسع كده كويس من عمك دا ؟

اتمنى ان يحرض منظورك الأسري القبلي ملاحظات أخرى تترى
من أخرين ليبينوا شيوعية بعض الأسر أو الإنتماء حسب توجهات الأسرة/القبيلة
أو كبيرها او رمزها
معروف ان الأحزاب التقليدية المعتمدة يتم الإنتماء لها ، في الغالب ، على أساس
الإنتماء الطائفي / القبلي ،، فتجد ان الشايقية وبعض قبائل الشرق ، مثلآ
إنتموا للحزب الإتحادي بحكم إنتمائهم لطائفة الختمية ، ومعظم قبائل غرب السودان
إنضمت لحزب الأمة لأنهم في الأساس ينتمون لطائفة الأنصار
المنتمين للحزب الشيوعي اساسآ تمردوا على الإنتماء بالإشارة لطائفة/ حزب ابائهم
فلماذا لم يسمحوا لأولادهم أن يفعلوا مثلهم ، أو على نحو ادق ، كيف تحولوا هم ذاتهم إلى طائفة
والأمر ينطبق على الكيزان برضك

مودتي المقيمة لكل المتداخلين و سأعود إليهم لاحقا

نواصل المنظور :

رحم الله أستاذي سيد الطاهر حيا و ميتاً.
بعد فشل إنقلاب الشيوعيين . كنت معلما بأتبرا.
كان اللواء الدكتور عثمان جعفر ( خال عماد عبدالله زميلنا هنا ) متعهما الله بالعافية ، كان دفعتي و طلبة سويا عند الإستاذ سيد الطاهر .
أيام فشل الإنقلاب كان اللواء عثمان جعفر وقتها متخرجاً من كلية السجون و أتى للتدرب في سجن أتبرا المركزي.
و بما أن أقطاب مايو قد كشروا عن أنيابهم فقد طالت الإعتقالات أستاذنا سيد الطاهر ، و تم الزج به في السجن بتهمة إنتمائه للشيوعيين ‘
فإذا الطالب يصبح سجانا.
أتاني اللواء عثمان جعفر و الحيرة و الألام على وجهه و قال لي : و الله حاجة صعبة أن توفق بين واجبك المهني و تبجيلك لأستاذك ، يا ريت ما طلبت العمل في أتبرا.
خلال زيارتي له ، قلت له ما يجول بخاطر عثمان ، فقال لي : قل له الواجب فوق المجاملة و هو في أول الطريق.
حمدت الله كثيرا لأنه تم نقلي لأقصى الشمال بحجة أن نقابات المعلمين و إتحادهم أيدوا الإنقلاب.
أرسل لي عثمان بأنه تم نقله إلى سجن أمدرمان ، و رغم أنه إبتعد عن أسرته قليلا إلا أنه كان سعيدا بإبتعاده عن رؤية هذا المعلم الشامخ حبيس الزنزانة.

نواصل

Quote: اعتقد ان حل الحزب لا علاقة له البتة بحادث شوقي وانما بسبب التمدد الذي احرزه الحزب فاخاف هذا الفعل المؤسسة التقليدية

دي زي الإعتقاد الشيوعي السائد بأنه لا علاقة ل"قصر الضيافة" بحمى التصفية النميرية نحو الحزب الشيوعي في يوليو71, و إنما مجرد "نية مبيتة" لا أكثر!
(مع كامل اقتناعي بأنه لا علاقة للحزب "كمؤسسة مدنية" بالحادثة).

.

برضو على سبيل التحية و المتابعة يابو جهينة
ما نحرف ليك البوست!

كان عمك لوج أحد سجاني سجن كوبر

بعد يوليو تم اعتقال أعداد كبيرة والزج بهم في كوبر

كان تعليق الشاويش لوج:

"والله الشيوعيين ديل ولدوا كتير خلاس."



الباقر موسى

أستاذنا صبري الشريف

سلام و تحية

Quote: الكتابة عن السيرة الذاتية صادقه وجميله قد سبقنا الشيخ بابكر بدري وكتب ثلاث اجزاء عن سيرته الذاتية بعنوان حياتي

أين نحن من هذا الشامخ؟

مشكور على المرور و بوجودكم هنا نتابع

الأخ العزيز Baktash

تحية ماكنة

مرورك يدفعني للمواصلة

دمتم

الأخ معاوية
مرورك حافز للمواصلة

التحية لابي جهينة وضيوفه الكرام
بوست ممتع
وسرد أمتع
غايتو عندنا الشيوعيين حالتن صعبة خلاااااص
قليل من المقتنعين بالحكاية مَن يقر بشيوعيته


متابعين

خالد العبيد
المعز إدريس
الباقر عثمان

تحياتي لكم
و متابعتكم تغري بالمواصلة

دمتم

أبو ساندرا
تحياتي

سؤالك في الصميم

الشيوعيون الأوائل تأثروا بالفكر الشيوعي من زمالة جامعية أو مهنية و في بعض الأحايين من شلليات مدن السودان و أحيانا إعتنقها البعض هروبا من روتين الحياة السياسية التي أدمنتْ التقوقع في أحزاب طائفية و جهوية معينة.
الجيل الذي تلا الرعيل الأول ، هو جيل في الغالب تم إستقطابه في مرحلة عمرية معينة ( الثانوي في الغالب ) ..
ثم تلا ذلك كله الجيل المتمرد على قناعات الأسرة السياسية و ذلك نظرا لتسارع دولاب الحياة و إيقاعها و تطورات الحياة الإجتماعية.

نواصل

أتبرا ... مدينة و وطن

ستينيات القرن المنصرم
( م.س ) ... شيوعي من جيل كبج و الشفيع.
رغم تواضع مستواه التعليمي ، إلا أنه تشرّب الفكر الشيوعي حتى النخاع.
تم إختياره لتمثيل نقابة عمال السكك الحديدية في إحدى الدول الإشتراكية ، و هناك ألقى خطابا ضافيا ، صفق له الحضور من ( الكموريدز ) ، خطابا تمت ترجمته لعدة لغات.
أيام عبود رحمه الله ، كانت المنشورات توزع ليلا ليجدها الناس صباحا منتشرة إنتشار كتاحة أتبرا في صيفها المستمر.
ثم يلي ذلك إعتقال كل الشيوعيين دونما إستثناء.
و بالطبع كان زولنا أول المعتقلين دائما.
و تكرر الإعتقال. و كانت شقيقته ( ز) ، تولول و تبكي و تملأ الشارع عويلا عندما يجرجرونه للسجن.
و نظرا لدماثة خلقه و وجهه البشوش ، فقد صادقه معظم الضباط و العسكر.
لذا كان عندما يصدر قرار بإعتقاله ، يمر على بيته عسكري ممتطيا ( عجلة ) و يقرع الباب و يخبر أول من يفتح الباب قائلا : بالله قولوا ل ( م . س ) يجي النقطة عشان عاوزينو هناك ،
فيأتي زولنا ليجد الخبر و يجد أن شقيقته قد قامت بتجهيز ملابسه في ( بقجة ) مع بعض ( الكعك و المنين ) ، ثم عند خروجه تودعه اخته بالزغاريد فيخرج الجيران ليشاركوها الزغاريد و كأنه ذاهب إلى ليلة فرحه.
هو الآن منسلخ من الحزب تماما
يعيش في إحدى أركان العاصمة مستكينا أمام متجره و إبتسامته هي نفسها لم تفارق شفتيه
ينظر للأحداث و يجتر الماضي.
يتنسم أخبار الحزب من إخوته الذين ما زالوا نشطين و كوادر بالحزب.
تحدثه عن السياسة ، فيسكتك بإشارة من يده و إبتسامته تجبرك على إحترام رغبته

نواصل