بيانٌ فرديٌّ مُكثَّف

بيانٌ فرديٌّ مُكثَّف


12-16-2010, 05:27 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=310&msg=1292516857&rn=1


Post: #1
Title: بيانٌ فرديٌّ مُكثَّف
Author: salwa elsaeed
Date: 12-16-2010, 05:27 PM
Parent: #0

بيانٌ فرديٌّ مُكثَّف

"حول إقصاء النَّاشِطَات هالة عبد الطيف كمرات (نائبة رئيسة الإتحاد النسائي السّوداني ببريطانيا وعضو(ة) الحزب الشيوعي السّوداني)، سوزان كاشف (القياديّة في حركة "قِرِفْنَا" السُّودانيَّة)، ونجاة أبو قرون (القياديَّة في حركة تحرير السُّودان) عن حضورِ أمسيةٍ لتأبين الرَّاحلِ الحي عبد السلام حسن عبد السّلام أقيمت بلندن في 16 أكتوبر، 2010".
*********
إنَّ في التَّصرُّف اللا إنساني، التآمري بامتياز، والمتوكِّد في طرد ثلاث ناشطات سياسيّات وحقوقيّات، هُنَّ الإنساناتُ المُفعماتُ بحبِّ الوطنِ السُّودانِيِّ الماهل الكبير، بحبِّ رؤيا السودان الجديد على وُسعِهَا وإطلاقها الآني والمستقبلي، هالة عبد اللطيف كمرات وسوزان كاشف ونجاة أبو قرون، إرتكاسٌ إنسانيٌّ وارتداد عظيمٌ في الحسِّ والفكر هو من المكونات الأساسيّة لعقليّة إنسان الفكر الشِّمُولي المؤدلجة، المُقيَّدة، والمُطَيْئَفَة، من "طائفيَّة"، فكريَّا، ثُمَّ المُتكلّسة، بامتيازٍ كذلك. وتلكم هي ذاتُ عقليَّة "ليس هنالك سوى كنيسةٍ واحدةٍ هي كنيستنا" الموروثة، في صورتها القرنعشرينيَّة، منذ عهود بدءِ عصرِ "الإشتراكيَّة الوافدة من الصَّقيع" الذي وصفته، بدِقَّةٍ وبلاغةٍ (والبلاغة هي، لمعلوميّة من يهمّهم، ومن لا يهمُّهم، الأمر، هي الإيجاز مع الإصابة)، عُهدةُ وذِمَّة الرّاوي الفيلسوف والكاتب الإبداعي الفرنسي جان بول سارتر الحيّة، بتفصيلٍ تحليليٍّ حسّاسٍ وغاضبٍ، في مؤلّفٍ له بذاتِ الإسم. تلك العقليَّةُ والنَّزُوع النَّفساني، أقولُ، إنّما هما، في تصوّري وفهمِي، مُساقَان، تِحتانيّاً، أي شعورياً ولا شعوريّاً، بخوفٍ أيدولوجيٍّ، بخوفٍ طائفيٍّ- فكريٍّ شِرّيرٍ وسيئ الطويَّة (فهنالك، بالقطع، خوفٌ حَسَن الطَّويَّة كائنٌ، بوفرةِ، في أنفُسِ الكثيرينَ من النّاس الحساسين المُسمَّى، سلباً وقَدْحَاً، بعضهم، إن لم يكن جُلَّهٌم أو حتّى- أحياناً- كلَّهم، من جهةٍ تعالٍ "مُثقَّفاتيٍّ" غير مبرّر إطلاقاً، "عاديّين" أو"سُذَجَ") متُجذِّرُ، بفعل رَانِ أو رَيْنِ، تراكمات التّاريخ الإنساني، النَّفسي والإجتماعي والسياسي ، السيئ التفكير والتقدير والممارسة، في أنفسِ ثُلَّةِ مرتكبي ذاك التّصرُّف المهين وكلِّ من لا "يُلاوونَهُم" فيه، شفاهةً أو كتاباً أو حتَّى أنْسَاً هاتفيَّاً أو بريديَّاً إلكترونيَّاً أو اتِّصاليّاً بشكلٍ ما أو آخر، من الطّامعينَ الطّامحينَ أو الخائفين أو حتّى الإسترزاقيِّن الخُلَّصْ.

ممَ يخافُ أولئكْ؟ ما هو المُحفِّز الأساسي، على ضوءِ مجريات وتبدّلات إعتبارات الواقع المُعاش والمنظُور، السُّودانيِّ منهُ خُصُوصَاً، لخوفهم الخبيثِ ذاكَ من الحقيقة والحُرِّيَّة؟ ما الذي، بعبارةٍ أخرى أبسط، يُخفيهِ أولئكَ، بجهلٍ نَشِطٍ خالص أو- وذلك أسوأ بحسب الفيلسوف اليوناني سقراط الذي قال إنّه، في الحكم المُطلق، "حكيمٌ لأنّه يدري أنَّهُ لا يدري"- بجهلٍ يتوهَّمُ، بترفُّعٍ غيرِ مبرّرٍ أبداً، أنَّهُ "معرفة" ("النَّاس قالت"، هكذا يُفْحِمُونَكَ، أو هم يظنّون ويتوهّمون، قَسْرَاً، أنّهم يُفحمُونَكَ!)؟ ما ذلكَ الذي، أسترسِلُ في التَّساؤل، لا تفرَحُ بهِ أنفسُ أولئكَ الناس الملتوية ومن ثمَّ هم لا يبغُونَ، بذلكَ، أن يَطَّلِعَ عليه فضاءُ عقُولِ وأفئدةِ أناس عمومِ العالم الإنساني السُّوداني العريض الباذِلَ جِمَاعَ حَيَوَاتِهِ وثوراتهِ الإنسانيَّة على سبيلِ العدلِ والمساواة والشفافيّة القضائيَّة والحريّة وعلمانيّة الدولة المَدَنِيَّة الإنسانيَّة التي لا يَزالُ يُوجعُ ضميرُها (وما الجَّلدُ العُنصريُّ الأخيرُ لتلكَ الإنسانةِ السّودانيَّةِ اللا فضلَ ظَهْرِ وجيع لها، فيما يبدو، من قِبَلِ ما تُسمَّى "شُرطة النّظام العام" السُّودانيَّة إلا مثالٌ حديثٌ مُفجعٌ، مُفجعٌ، على تسلسل مسلسل ذلك الوجع السّوداني الوحشي حتى هذه اللحظة من زمان القرن "العالمي" الواحد والعشرين فـ"ليس في الأمرِ عجبْ"!) بالإرتكاباتِ الموغلة في الوحشيّة والقُبح والهوس والتّطرُّف الذي ما ينفكُّ نظامُنا السياسي السّوداني الخُرطُوميِّ يُرسِّخُ لاستمراريّتها محروساً في ذلك (كما في تناثُرِ الشاعر السوداني مصطفى بحيري بالكلامِ) بسطوةِ مالهِ الدّمويِّ المُدْمِي وآياتِه المُسلّحة؟

مِمَ يخافُ أولئك ولم يخشونَ الحقيقةَ والحريَّةَ؟ لِمَ يعتصمونَ بمطامحهم على سنانٍ موقدةً السُّمَّ في ذكرى الراحلين؟ لم لا يتركُ أولئكَ، ببساطةٍ، مُطلَقَ كلِّ سودانيٍّ وسودانيَّةٍ، فقط لكونِ كُلٍّ منهُمَا إنسانٌ سوداني أو إنسانَةٌ سودانيّة فحسب بكلِّ انفتاحِ ذاك الإطلاق الرّحب، لحزنِهِ الخاص الصديق، لتذكَّرُهِ، لأساهِ، واحتفائهِ، براحليهِ الإنسانيِّين، ومن ثمَّ لتجديدِ سعيه على سبيلِ ما هم كانوا قد نهضوا فيه، كّلٌ بحسب علمِ وقُدرة مأتاهِ ومِزاجِ مَشْربِهِ؟

لِمَ يعتصمُ أولئكَ، أَتَساءَلُ بإيجازِ "فَقَطٍ" كِتَابِيٍّ أخير، بكُلِّ مطامحِ إستثماراتهم الشخصيِّةِ، والسياسيِّةِ، الخائبِةِ الرَّخيصَةِ، على سِنَانِ مُوقِدَةٍ للسُمِّ في ذكرى الرّاحلين؟

إبراهيم جعفر
كاتبٌ ومُترجمٌ سوداني
لندن، ليل 10 ديسمبر 2010.