سودان ما بعد الاستفتاء .. موانع الفشل .. متطلبات النجاح

اقل من شهر يفصلنا من انقسام السودان الى دولتين .. رغم تسارع الزمن الا اننا لا نرى اهتماما يناسب الحدث على عظمته و مخاطره .. ربما يكون ذلك لحالة الذهول التى اصابت الجميع بين مصدق و مكذب .. ام انها اللامبالاة و دفن الرؤوس فى الرمال .. ام الخوف من مواجهة الواقع و الهروب للامام من المصيبة القادمة لا محاله .. لذلك هناك اهمية قصوى لفتح نقاش موضوعى حول مستقبل السودان المتبقى .. موانع الفشل و متطلبات النجاح .. فالوقت قد نفد للحديث المجرور عن الوحدة و الحفاظ على السودان القديم .. فالجنوب قد اختار مساره و شق طريقه فى الاتجاه الاخر للاسف .. حتى ان نقاش هذا الامر لم يعد ذا جدوى .. فعلينا ان نخطو الى الامام بواقعية .. لنتدارس كيف للسودان ان يتغلب بنجاح على مرحلة ما بعد ذهاب الجنوب .. كيف لنا ان نتجنب العوامل التى ادت الى ذهاب الجنوب لكى نحافظ على ما تبقى من سودان
اتمنى ان يكون النقاش بعيدا عن الاستقطاب السياسى و التدافع الجهوى
مع تحياتى

اولى موانع الفشل و متطلبات النجاح و الاكثر اهمية هو السعى للتغيير السياسي .. ذلك بتغيير نمط الحياة السياسية السودانية المتمثل فى الاستئثار بالسلطة فى اشكالها المختلفة [ السياسية و الفكرية و الاقتصادية ] .. فالمرحلة القادمة اكبر من اى اتجاه سياسى او فكرى واحد .. و ذلك يتطلب التحول الديمقراطى الحقيقى ليسهم الجميع فى المرحلة الجديدة بفاعلية

لن يكون هناك سودان لا شمالي ولا جنوبي طال ما يحكمه هؤلاء

و ذلك يتطلب الاصلاح السياسى و الاجتماعى بتبنى قيم الانفتاح و تقبل الراى و الراى الاخر و التخلى عن الفكر الشمولى و تبادل السلطة بشكل سلمى و اطلاق الحريات و الشفافية .... و هناك ضرورة للابتعاد عن نهج الدولة البوليسية و نمط التحدث باسم الشعب بدون تفويض حقيقى .. فالمرحلة القادمة اكثر دقة و مخاطر مما مضى فهناك الغام كثيرة ان لم يحسن ادارتها يمكن ان نرى صومالا اخر

هناك اهمية خاصةلاستبدال مقاييس العزوة بمقاييس الكفاءة ... التخلى عن سياسة المحاباة للايدلوجيا و القبيلة و الجهة .. هذه الانماط السلوكية لابد من تغييرها لانها تؤسس للغبن و التفرقة بين مكونات الوطن ... الوطن وطن الجميع فيجب ان تكون المعايير هى الكفاءة و العطاء

علمنة الحياة العامة و عقلنة بنى السلطة من ضرورات المرحلة القادمة .. تجييش عواطف العامة بالدين و رفع شعارات عامة باسم الاسلام ليست من ادوات المرحلة القادمة فالسياسة جيرت الاسلام لصالح الجدل السياسى كل طرف لاهداف مختلفة متجاهلين قيم الدين الفاضلة .. كأن هناك اتفاق بين مؤيدى تديين السياسة و معارضيه لافراق الدين من معناه الحقيقى .. الدين ليس شعارات هلامية .. الدين قيم فاضلة و محامد سلوكية و ممارسات وسطية تتسم بالعدل و الاعتدال