العهر السياسي ليس كالاطماع السياسية يا صحيفة السوداني .... قصة بلد - مقال صالح فرح النسخة الاص

العهر السياسي ليس كالاطماع السياسية يا صحيفة السوداني .... قصة بلد - مقال صالح فرح النسخة الاص


12-05-2010, 08:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=310&msg=1291576030&rn=3


Post: #1
Title: العهر السياسي ليس كالاطماع السياسية يا صحيفة السوداني .... قصة بلد - مقال صالح فرح النسخة الاص
Author: tariq
Date: 12-05-2010, 08:07 PM
Parent: #0

في مقال لصالح فرح ( مرفق ) تم ترسيله لصحيفة السوداني ونشر يوم الجمعة تم تبديل جملة ( العهر السياسي ) بجملة ( اطماع سياسية ) وكماهو معلوم للقارئ ان ما يجري في السودان الان هو عهر سياسي وراءه مصالح وليس اطماع سياسية...... اليكم المقال الاصلي .....

قصة بلد
1
قال العارفون إن من كان على ظهر الأرض قبل قرون مضت لم يكونوا على ماهم عليه اليوم من كثرة . وقال العارفون إن البقعة من الأرض المعروفة اليوم بإسم السودان ، كانت خلاء يغري فضاؤه النازحين إليه من جهاته الأربع ، وهم في نزوحهم قلة فقد كان أهل الأرض يومئذ قلة. ومثلما كانت إلى شرقه وغربه وشماله هجرات ، كانت إلى جنوبه هجرات كذلك وان اقتصرت على المهاجرين من جنوب الجنوب. فوصف " المهاجر" للأولين من أهل السودان يشمل من كان في جنوبه مثلما يشمل من كان في أي ناحية من نواحيه الأخرى . محصلة هذا الكلام هي أن من يعيش في أرض السودان اليوم هو من أصول مهاجرة ولا تتشابه حالته بحالة الهنود الحمر الذين عاشت أصولهم في ما يعرف اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية ، كما لا تتشابه بحال الأبوريجينيز الذين عاشت أصولهم في استراليا . وإن استطاع الهنود الحمر والأبوريجينيزأن يدعوا حقا أصيلا وغالبا في أرض الولايات المتحدة أو استراليا ـ حقا سابقا لما يدعيه المهاجرون الذين لحقوا بهم في ما بعد واغتصبوا أرضهم بعد أن عملوا فيهم تقتيلا حتى لم تبق منهم إلا قلة ممن لم " يتم يومو" فأبقوها في محميات مواد للفرجة ، فإن أي عرق من الأعراق التي تعيش في سودان اليوم لا يستطيع في أمن ان يدعي حقا في السودان أو أي جزء منه كحق الهندي الأحمر في أرض الولايات المتحدة أو كحق الأبوريجينيز في أرض استراليا. والمهاجرون إلى السودان لم يقاتلوا أحدا ليستولوا على أرضه ولم يتوزعوا أرض السودان بينهم بالمسطرة والقلم ، فلا غرابة أن يكون أهل حلايب في ما يلي الحدود حين حددت للسودان حدود ، أو تكون المسيرية في أرض الجنوب حين عينت للجنوب أرض بأخرة من غير أن يبخس ذلك حقهم المشروع لأن يتواجدوا حيث يتواجدون اليوم.
2
سودان اليوم ـ بشماله وجنوبه ـ صنعته الجغرافيا السياسية ، فهو من فعل الفتح المصري التركي للسودان والذي تم في حوالي سنة 1821 . في التسابق نحو استعمار أرض افريقيا واستعباد أهلها Scramble for Africa ، محمد علي والي مصرالتي في الشمال الإفريقي اتجه جنوبا ليقضم ما استطاع من أرض الداخل الإفريقي بعد أن منعته القوى العظمى من التمدد شرقا، فجمع ممالك كانت في ما يعرف اليوم بالشمال السوداني إلى سلطنات من ما نعرفه بجنوب السودان ليصنع منها جميعا سودان اليوم . محمد علي يوم فتح الســودان لم تكن غايته زيادة رقعة مصر بما يضيفه إليها من أرض تقع جنوبها ، كانت غايته هي غاية كل مستعمر . كشفت دراسة للغزو المصري للسودان قام بها د. حسن ابراهيم استاذ التاريخ وعميد كلية الآداب بجامعة الخرطوم في خمسينات وستينات القرن الماضي ، كشفت أن غاية محمد علي من فتح السودان كانت جلب الذهب والعبيد . فتجارة الرقيق في العهد المصري التركي في السودان كانت نشاطا مصريا تركيا وإن وجد بين من يعمل في السمسرة فيه آخرون لم يكونوا جميعهم من أهل الشمال . صيادو الرقيق كانوا ذوي بشرة بيضاء ، وأسواق الرقيق الرائجة كانت في أوربـا وبالدرجة الأولى في أمريــكا ، ومهما يكن فإن لواء الإفراط في الرقيق تجارة ، وفي سوء معاملتهم كبشر انعقد للإنسان الأبيض كما انعقد له اعتباره افريقيا مستودعا للرقيق يصطادهم فيها كما تصطاد وحوش الفلاة ، ومع ذلك فإن الذين بيننا ممن وقع على أسلافهم جور الإنسان الأبيض لا تسمع منهم ولو نأمة تنم عن حقد أو ضغن فقد وفروا ذلك لـ " الضل " وأعتقوا منه " الفيل " .
3
ثم انتهى العهد المصري التركي لحكم السودان بقيام دولة المهدية . في دولة المهدية لم يكن اصطياد الرقيق نشاطا تجاريا تسمح به الدولة فالرق في أعراف الأقدمين تمركز حول النصر والهزيمة في الحرب The victor takes all . استرقاق المهزوم واستحلال ماله كان ثقافة الحرب ولعلها كذلك حتى اليوم وإن تخل الناس عن الإسترقاق ، وإلا ماذا عن العراق وعن فلسطين من قبلها ؟ ومع ذلك لم يعرف الـناس امتدادا لانتصارات حروب المهدية وصلت به الجنوب ، وفي حروبها في الشمال لم يعرف الناس غنائم من البشر بالقدر الذي عرفوه في فتح الخرطوم ، ولم يكن بين غنائم الخرطوم نفر من أهل الجنوب .
4
بعد الفتح الإنجليزي المصري للسودان في نهاية القرن التاسع عشر ابطلت تجارة الرقيق وحرر بقوة القانون من كان منهم لايزال في أسر الرق . في مجتمع التسامح السائد بين الأقوام الذين يعيشون في شمال السودان لم يمارس اضطهاد او تفرقة أسست على اللون ، علما بأن من بين أهل الشمال من هو أسود البشرة . كثيرون ممن شملهم العتق الذي استوجبه القانون او كان بمبادرة من السيد كما في بعض الحالات ، كثيرون من هؤلاء اختاروا البقاء في كنف السيد وفي أسرته . ومنذ الفتح الإنجليزي المصري للسودان وجعله من السودان منطقة عزل جنوبها عن شمالها فجعل من الجنوب منطقة مقفولة في وجه أهل الشمال ، ظل الجنوب عبئا على موارد الشمال على ضآلتها وأي تنمية نالها الجنوب وكيفما ضؤلت كانت بفضل هذا القليل الذي وفره الشمال ، والحال ظل كذلك حتى بعد الإستقلال ولكن بعد الإستقلال ارتفعت تكلفة الجنوب إلى درجة مرهقة حتى اكتشاف النفط .
5
اليوم بعيدا عن العاطفة وما قد يصحبها من انفعالات فإن التصويت في موضوع الجنوب ينبغي أن يشمل كل أهل الجنوب فالأمر يهمهم جميعا كما يهم مستقبل أجيالهم فلا يستقيم أن تنفرد بالقرار فيه قلة متنفذة أو متطلعة ولذلك يجب أن تسجل له الملايين من أهل الجنوب الذين يستوفون شروط التسجيل مع التسليم بأنهم جميعا قد لا يصوتون .وإلا أن تكون النتيجة قد قررها " أب إدن قوية " فإن التدقيق في التسجيل ضروري لضبط التصويت والتحقق من مدى الرضى الذي حققه ما تسفر عنه نتيجة الإستفتاء . الجنوب قديما فكرت الإدارة البريطانية في إلحاقه بالمستعمرات البريطانية المجاورة في شرق افريقيا باعتبار أن مكونات المقيمين فيه تتفق أو تتواءم ومكونات تلك الجماعات ، ولكنها في مقايسة عقلانية حسبت المصالح المتحققة او التي قد تتحقق لأهله ببقائه موحدا مع الشمال ، فعدلت عن مثل ذلك المشروع . ورغم الفصل الذي قامت به الإدارة البريطانية بين الشمال والجنوب ، كان لها دور في تطلع الجنوب نحو الشمال والناس تسير في الطريق إلى الإستقلال . في كشف المصالح : حساب مصالح الجنوب إن تم فصله مع ما يتحقق له من مصالح إن بقي في سودان موحد ، أترك تحقيقه لأهل المعرفة حتى إذا ما أبانوه ، غادر النـــاس أو بقوا ، كانوا على بينة من أمرهم .
6
ومهما يكن ، فإن ما يجري في السودان اليوم لو حلله الناس بإمعان وتجرد لوجدوا أن حاضنته هي العهر السياسي وأن منطلقه هو شبق السلطة أو البحث عن دور يدفع الغبش تكاليفه . وحتى وقتئذ فإن المحقق أنه ليس في ما نحن فيه شجاعة يساغ لأحد أن يشيد بها إذ هي حماقة يتبرأ منها العقلاء ، وأننا لسنا بصدد قصة بلدين فإنما هو بلد واحد .
صالح فرح

Post: #2
Title: Re: العهر السياسي ليس كالاطماع السياسية يا صحيفة السوداني .... قصة بلد - مقال صالح فرح النسخة
Author: tariq
Date: 12-05-2010, 09:30 PM
Parent: #1

ومهما يكن ، فإن ما يجري في السودان اليوم لو حلله الناس بإمعان وتجرد لوجدوا أن حاضنته هي العهر السياسي وأن منطلقه هو شبق السلطة أو البحث عن دور يدفع الغبش تكاليفه . وحتى وقتئذ فإن المحقق أنه ليس في ما نحن فيه شجاعة يساغ لأحد أن يشيد بها إذ هي حماقة يتبرأ منها العقلاء ، وأننا لسنا بصدد قصة بلدين فإنما هو بلد واحد

Post: #3
Title: Re: العهر السياسي ليس كالاطماع السياسية يا صحيفة السوداني .... قصة بلد - مقال صالح فرح النسخة
Author: tariq
Date: 12-06-2010, 02:23 PM
Parent: #2