إلى الأساتذةِ الأفاضِلِ في لَجْنةِ تحكيمِ برنامجِ " سحرِ الْقَوَافي " ، مع التّحيَّة .‏

إلى الأساتذةِ الأفاضِلِ في لَجْنةِ تحكيمِ برنامجِ " سحرِ الْقَوَافي " ، مع التّحيَّة .‏


12-04-2010, 12:35 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=310&msg=1291466150&rn=0


Post: #1
Title: إلى الأساتذةِ الأفاضِلِ في لَجْنةِ تحكيمِ برنامجِ " سحرِ الْقَوَافي " ، مع التّحيَّة .‏
Author: محمَّد زين الشفيع أحمد
Date: 12-04-2010, 12:35 PM

أساتذتي الأجلَّاءُ الأفاضلْ ، وعلى رأسِهِمُ سيِّدي الأديبُ الأريبُ ، الْفَذُّ الْعبارة : مُحي الدِّين الْفاتح ‏مُحي الدِّين :‏
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.‏
ثُمَّ أمَّا بعدُ .‏
قبلَ أيّامٍ مَضَتْ جلسْتُ إلى تِلْفَازِ السُّودان ، أُتابِعُ – مُشاهـدةً - برنامجَكم ثَرَّ الْمعرفةِ ، جَمَّ الْفائدة : ‏‏( سحرَ الْقَوافي ) ، وَلَكَمْ هو برنامجٌ عندي جميلٌ ومُفيد، ولا أُذيعُ لكم سرًّا إنْ قلتُ إنَّهُ قد أعجبني ‏أيّما إعجاب .‏
لكنِ الَّذي أثارَ حفيظتي هُوَ أنَّني رأيْتُ أُستاذيَ / مُحي الدِّين ، يَسْتنكِرُ في تلك الْحلقةِ على أحدِ ‏الشّعراءِ الْمُشاركينَ فيه ، استخدامَهُ للْجَمْعِ ( أخْيَاط ) كجمعٍ لـ ( خَيْط ) ، قائلًا له فيما معناه :‏
- ( هذا الْجمع من عندك ، وليس من الْعربيَّةِ في شيء ) .‏
عليهِ أقولُ وباللهِ التَّوفيقُ : إنَّ هذا الْجمعَ صحيحٌ في الْعربيَّةِ وفصيحٌ غايةَ الإفصاحِ فيها ، وأرى أنَّهُ ‏قد جانبَكَ الصَّوابُ كثيرًا يا أُستاذي في قوْلِكَ وحُكْمِكَ ذاك ، وأعْلَمُ يقينًا أنَّهُ لن تَخْفَى على كثيرينَ مِنَّا ‏أقوالُ الْمعاجمِ الْعربيَّةِ ، لَوْ أنَّا أطَلْنَا النَّظَرَ فيها ، وسنَلْحَظُ أنَّ هذا الْجمعَ قد وردَ في مُعجمِ ( لسانِ ‏الْعرب ) ، والْقاموسِ الْمُحيط ، ومُحيط الْمُحيط ضِمْنَ أربعةِ جُموعٍ صحيحة لـمُفردةِ ( خَيْط ) ، ‏وهذه الْجُموعُ هيَ : ( خُيُوط ، أخْيَاط ، خِيطان ، خُيُوطَةٌ ) .‏
وعلى ذاتِ الشّاكلةِ سَمِعْتُ أحدَ أعضاءِ لجنتكمُ الْمُوقَّرة – أطالَ اللهُ بقاءَها على طاعتِه – الْعَفوَ ، إذْ لا ‏أتذكَّرُ اسمَهُ الآنَ على وَجْهِ الدِّقَّة ، قد رأيْتُهُ يقولُ بتَخطِئةِ أحدِ الشُّعراءِ ، قائلًا :
- ( إنَّ مفردة " فارِد " ليستْ عربيَّةً فصيحة ، وإنَّها من الْعاميَّةِ السُّودانيَّة ) .‏
وهذا في تقديري خطأٌ من الأُستاذِ فاحشٌ ، إذْ إنَّها ، أقصِدُ ( فارِدًا ) من صميمِ اللُّغةِ وفصيحِها ومن ‏معانيها: ( الْمُنفرِد أوِ الْمُتفرِّد ) ، وواردةٌ بأدبِ الْقُدَامَى ، أمثالِ الْجاحظ – إنِ اطَّلَعْنا على مُؤلَّفَاتِه - ‏حينَ يقولُ في كتابهِ " الْحيوان " ، مُستشهِدًا ومُتحدِّثًا عن مَذاهبِ الأعْرابِ وشعرائهِم في الْجِنّ ، هكذا:‏
‏- ونَهْسًا كنَهْسِ الصَّقْرِ ثمّ مِراسهُ **** بكفّيْهِ رأس الشّيخة الْمُتمائلِ ‏
فلمْ يَسْحبِ الْمنديلَ بينَ جماعةٍ **** ولا فاردًا مُذْ صاحَ بينَ الْقَوابِلِ .‏
ونفسُ الأمرِ عندَ الْمُسيّب بن عَلَس ، في كلمتِهِ الْمعروفةٌ حينَ يقولُ :‏
‏( في ظِلِّ فاردةٍ مِنْ السِّدْرِ ) ، قاصدًا بقولِهِ هذا الْمُنْفَرِدةَ عن سائرِ السِّدْر.‏
ومعاجمُ اللُّغةِ أمثالُ لسانِ الْعربِ والْمُعجمِ الْوسيط وتاجِ الْعَروسِ تذهَبُ كُلُّها ذاتَ الْمَذهبِ ، وتَقْصِدُ ‏ذاتَ الْجِهةِ في شرحِ اسمِ الْفاعل : ( فارد ) ، فيُقالُ : ظبيةٌ فارد ، وشيءٌ فارِدٌ ، أيْ مُتفرِّد ، ومُنْفَرِد.‏
والأمثلةُ لهذا الْجانبِ كثيرةٌ وماتِعة ، يَضيقُ الْمقامُ عن ذكرِها رُغْمَ اتّساعِ الأوراقِ وتَباعُدِ الأسطُرِ ‏فيها ، نَشْدًا منِّي التَّخفيفَ وعدمَ الإطالَة.‏
وأخيرًا رأيْتُكم – أيْضًا - تُصنّفونَ بعضًا من قصائدِ الشُّعراءِ الْمُشاركينَ بأنَّ مفرداتِها من حُوشِيِّ ‏الْقَوْل ، رٌغمَ أنِّيَ لمْ أجدْ فيها ما يُماثِل قَوْلَ صفيّ الدِّين :‏
إنَّما الْحَيْزَبُونُ والدَّردبيسُ **** والطَّخَا والنَّقاخُ والْعَلْطَبيسُ .‏
لُغةٌ تَنْفِـرُ الْمسامِعُ منهــا **** وتَشْمَـئزُّ النُّفـوسُ .‏
وكما قال أُستاذُنا العلامةُ التّعلامَةُ البروفيسور، عبد الله الطَّيِّب الْمجذوب ، طيِّبَ اللهُ ثراه بالرّحماتِ ‏والْغُفران ، فيما معناه :‏
‏( بأنَّ الكلمةَ الْمألوفَةَ الْيومَ ، قد تكونُ غيرَ مألوفةٍ يومَ غَدٍ ..) .‏
وهكذا شيئًا فشيئًا سنجدُ أنَّ اللُّغةَ الْعربيَّةَ أضْحَتْ في غُربةٍ عَنِ الدِّيارِ ، وباتَتْ تشكو قِلَّةَ زائريها ، ‏وطَفِقَتْ تفقِد مَلامِحَها بيْنَ الزِّحامِ والْهُجْنَةِ السَّاحقةِ في هذا الْعصر ، وذلكَ كلَّما بدأنا نتنكَّرُ لمفرداتِها ‏الأصيلة ، قائلينَ بأنَّها من حُوشيِّ الْقَوْل !. ‏
عليْهِ أرجو شاكرًا تَحَرِّيَّ الدِّقَّة فيما تُدلونَ بهِ من أحكامِ ، فالْبرنامجُ – كما تَنَاهَى لسامِعَتَيَّ - لا شكَّ ‏نافِذٌ خيْطُهُ ، وعاليَةٌ مُشاهدتُهُ ، لذا أرجو ألا يُورِّث الْمُشاهدينَ بعضَ أخطاءٍ في الْعربيَّةِ أصيلٌ مجيئُها ‏وتَرْكيبُها ، ونُدْرِكُ أنَّ استخدامَها ماثلٌ بأقوالِ الْقُدَامَى من الأعاريب، ذلك عندما لا تُخْطِئُها عَيْنُ ‏فاحِصْ ، كما أتمنَّى من اللهِ لبرنامجِكم هذا ، الازدهارَ والتَّوفيقَ ،ولَكُم أرجو السَّدادَ في الْقَوْلِ والْحُكْمِ ‏والأفعال .‏
‏ واللهُ أعْلَى و أحْكَم ، وبالصَّوابِ أعْلم.‏
هذا وباللهِ التَّوفيقُ وعليهِ التُّكْلان .‏


أخوكمُ الْمُحِبُّ : مُحمَّد زين الشّفيع أحمد . ‏
يَكتُبُ من الرِّياض بالمملكةِ السُّعوديَّة ، يومَ الأحد : 22/ ذو الْحجّة/1431هـ ،الْمُوافق لـ 28/ ‏نوفمبر /2010م.‏
‏_____________________ ‏

Post: #2
Title: Re: إلى الأساتذةِ الأفاضِلِ في لَجْنةِ تحكيمِ برنامجِ " سحرِ الْقَوَافي " ، مع التّح
Author: محمَّد زين الشفيع أحمد
Date: 12-05-2010, 07:16 AM
Parent: #1

( * )