الناظر على نمر .. فارس ترجل ..!!

الناظر على نمر .. فارس ترجل ..!!


11-24-2010, 05:49 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=310&msg=1290617342&rn=1


Post: #1
Title: الناظر على نمر .. فارس ترجل ..!!
Author: فضل الله رابح
Date: 11-24-2010, 05:49 PM
Parent: #0



كم أسطراً تختزل أسفاراً .. وتكشف وتبين حقائق و شارات من تاريخ كان شهوداً عليه الكثيرون غير أنك حين تقرأ كلمات بمداد من عاش حب المكان والديار قد تصاب بالدهشة الممتعة وإن كنت من معاصرى ذلك التأريخ ومعايشيه .. هذا ما أحسست به وأنا أقرأ مقالاً كتبه الاديب والشاعر المهاجر فضيلى جماع وهو يرثى خلاله الراحل المقيم الناظر على نمر على الجلة الذى برحيله يترجّلُ عن حصانِهِ آخر كبارِ الفُرسان فى ديار المسيرية كما أورد فضيلى ..
إنَّ محبَّة الناس لا تُشترى بالمال، ولا بالتديُّن الأجوف الذي لا يَنطلق من مبادئَ راسخة وقِيم إجتماعية ثابتة .. إنَّ الأضواء والشُّهرة أوالإتكاء على ماضى أبوى وحدها لن تُجبِر الناس على محبة الرجل أو تجعلها مدينة بالبقاء على حال واحد ما لم يُسخِّرها فاطرُ الأرض والسموات لذلك، فهي إذًا محبة الناس للشخص منحةٌ ومنة إلهيَّة لرشد الرجل أو لعمل صالح ومواقف نبيلة كانت له قبل وفاته وحالة حب المسيرية للناظر على نمر لم تخرج من هذا الإطار فلا غرو فهو الذى حمل نبل وكياسة وحكمة الراحل بابو نمر .. الراحل على نمر هو أخر ناظر لعموم المسيرية بعده توزعت النظارات وتشتت وهاهو قد رحل اليوم بكل ما تحمل أسفاره من سيرة رجل عظيم وقد أبكى فقده الجميع وتركنا نتبارى فى ذكر محاسنه ومكارمه بحسرة , بل نبله وطيب خصاله التى حملت كل تلك الجموع على الوقوف تحتَ أشعة الشمس الحارقة للصلاة عليه واتِّباع جنازته من الخرطوم لمثواه الأخير فى المجلد ، .. الشاعر الرقيق فضيلى جماع وهو يكتب للمناسبة الفجيعة قد قدم ورقة مختصرة لكنها بينت سحر وجمال تلك الربوع ورمالها الناعمة وأحراشها الصعبة وخصال ونبل إنسانها .. فضيلى تحدث بلغة من وطئت قدماه تلك الديار ظاعناً وجرّب الترحال ولو لساعة من الزمان بين سهل يمتد كأنه الأبد , كتب بعبارات من يفهم شارات الفجر والغروب فيها ودلالته العميقة .. إسلوب أدبى رفيع, ساحر وجاذب ذلك صور به فضيلى جماع المشهد رغم الحزن والجرح العميق .. كنت على موعد مع سعادة الفريق مهدى بابو نمر لتسجيل إفادة حول بعض الملفات المتعلقة بقضية أبيي وتداعياتها وقد إتصلت عليه لمعرفة مكان التسجيل ففاجأنى بالنبأ الحزين قائلاً للأسف فقد توفي الناظر على نمر ونحن الآن نرتب لحمل الجثمان فى طائرة خاصة ليدفن فى المجلد مسقط رأسه وهى المدينة التى أحبها وأحبته .. ( دينقا أم الديار )
يقول الشاعر :
قَدْ مَاتَ قَوْمٌ وَمَا مَاتَتْ مَكَارِمُهُمْ وَعَاشَ قَوْمٌ وَهُمْ فِي النَّاسِ أَمْوَاتُ
ولما كان للفواجع المؤلمة أثار فى النفوس وحياة الناس , كان لابد من وقفات لرحيل هذا الرقم وتأمل دوره فى هذه المرحلة التى نعيشها من تأريخ البلاد وتحديداً ما يجرى فى أبيي من مؤامرة لهتك النسيج الإجتماعى هناك ويبقى من الضرورة بمكان أن نحدث بأهمية إجترار حياة أولئك العظماء ( بابو نمر ودينق مجوك وعلى نمر) وغيرهم من كرماء ذاك التأريخ الجميل للإقتداء بهم فى تجاوز هذه التحديات التى أمامنا وكيف كانوا يديرون المجتمع وينظمونه ..
وقديماً قال الشاعر :
لَعَمْرُكَ مَا الرَّزِيَّةُ فَقْدُ مَالٍ وَلاَ شَاةٌ تَمُوتُ وَلاَ بَعِيرُ
وَلَكِنَّ الرَّزِيَّةَ فَقْدُ فَذٍّ يَمُوتُ لِمَوْتِهِ خَلْقٌ كَثِيرُ
إن رحيل النبلاء والمصلحين مصيبة وخصارة لهذه الأمة لأن فى رحيلهم ذهاب للعلم والقيم التى يحملونها وإنحساراً للفضائل التى بوجودهم ينشرونها .. حسنأ فعل الأمير كوال دينق مجوك الذى حضر صباح اليوم الثانى للوفاة , جاء على رأس وفد معزياً ومواسياً وقد فى فراش العزاء يستقبل المعزين مع أسرة الراحل الذى يطلقون عليه ينادونه بوادنا .. حفاظاً على العلاقة بينه ووالدهم دينق مجوك ووفاء للرجلين وبراً لهما .. نسأل الله أن يسد باب الجحيم الذى بدأ الأعداء يخططون لفتحه لهلاك القبيلتين بلا ذنب جنوه .. المخطط يدبر من الخارج نأمل أن يعيه أبناء أبيي داخل الحركة الشعبية والذين يديرون المحرقة بالوكالة للمخابرات العالمية ..