كاد الوحـي أن يجِّف .

كاد الوحـي أن يجِّف .


11-09-2010, 07:47 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=310&msg=1289285269&rn=9


Post: #1
Title: كاد الوحـي أن يجِّف .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-09-2010, 07:47 AM
Parent: #0




canada-butchart-gardens.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



كاد الوحـي أن يجِّف .



(1)
هجرتني ملائكتها . انطوت خيمة العشق . ولملمت السُحب أطرافها ، فليس من داعٍ للبكاء . الشمس مصْفرَّةٌ وقرصها أكبر . على وجهها بُدرة الإصباح ، فقد طلّقت حرارتها ليصير الطقس عند انحدار العصر إلى الغروب أنقى وأروع .
(2)
قلتُ للحروف إنكِ شاهقةٌ في عليائك ، وما استطعتُ إليك السبيل . مرت عليَّ أماسٍ ، ولم تزرني تلك الأرواح الهائمة التي تدُلني الطريق الناعم الذي تشقُ فيه الأحرُف المُلساء ورق الحَيرة لأكتب من جديد .
(3)
أعلم أن الشأن العام قاسٍ ، كلماته وحشية ، تشبه الكتابة التقريرية . الخوض فيها كالسير حافٍ في تضاريس الحصى الساخِن . لن تلقى الحياة التي تُحب ، بل الحياة التي تفرُّ منها .
(4)
أحتاج مأدبةً أنا والصفاء ، وذاكرة لولبية ، تُخلط اللُبَّ بالقشر . وترمي الحديث على عواهنه. تشهدُ الخضرة تقفز من فوق بعضها. من أعلى ومن تحت الأفق . أشهد قصيدة تائهة في المروج أمسك يدها شاعر وقبّلها لترضى . عصافير تلك السماوات تجدُ الرزق أنّا شاءت ، رغم قسوة الشتاء ، فالصيف في بلادنا رياح سموم لا ترحم .
(5)
نفتح كوة أولى في الذاكرة . أجد من أُحب وقد التفّت حول جسدها كثُعبان شهوة أملس ومُرَقّط . ليس من ساعة أجمل من أن تكون لصيقاً بمن تُحب . لضربات القلب رنينٌ مُحبب ، يخترق الأجساد ، وللبرد عندما يتلصص أجواءنا ، لا يترك لنا إلا أن نتقرفص .
(6)
نفتح كوة أخرى ، وأجدني في مكانٍ قفر ، وظلمة تحبس الأنفاس ، وصفير الريح من بين فرجة النوافذ والأبواب في بيتٍ غرفه من الطين اللبِن ، مكان فسيح ، وبيوت متناثرة في جزيرة معزولة في بحر تتنازع عليه العرب والفرس .
(7)
خرجتُ من ظلمتي تلك إلى حيث عَباءة السماء تُقددها الأنجم من البعيد ولا قمر . بيدي سراجٌ قديم ، وقوده الزيت وتحميه زجاجة حتى لا تطفئه الريح . الخوف وضربات القلب رفيقان يدعوانك أن تغني بصوت عالٍ كي تطرد الرُعب الساكن تحت الليل وفي المكان وأنت وحيد .
(8)
قررت أن أبيت وحدي هنا ، وأعلم أن هنالك أفاعٍ ، طريقها مرسوم في التراب ، والعقارب السوداء تبحث عن الضوء . هذا هو الخوف الحقيقي ومصدره ،وليس الخوف من الشياطين التي توطنت منذ الطفولة الأولى في الذاكرة ، أو خرجت من قصص خرافة كنا نقضي عندها الليل نُحفِّز أنفسنا بالدهشة والسهر ، ونُعلِّم أنفسنا ارتجال القص .
(9)
قلّبت ورقةً أخرى من أوراق الذاكرة الرمادية ، ووجدت نفسي في طائرة تٌقل الحجيج إلى بيت الله ، وأنا مشتركٌ معهم نصف الرحلة . أدعية بأصوات غليظة وشخير و أنا أقرأ ديوان شعر لشاعر ماجِن .المسافة في الخيال أوسع من أفق الطائرة وهي تعبر من فوق بحار الدنيا ، وحين هبطت افترقت عن رفاق الصدفة ، وسرت بين أطياف القادمين والزوار في المطار الذي قصدت ، بجواري حفنة من البشر جمعتهم الصدفة و رماهم الزمان .كنت بينهم حتى أختام الجوازات للعبور الدولي ، ورجعت وحدي.
حصاد القلب وجعٌ ، كل الدروب إلى سِفر الخروج ولا خروج . هجرتني ملائكة النظم النثري ، حين صرتُ أتوجع مما حولي وأستعجل النُطق قبل هطول الأحزان. فراقها قد طال وأظنه جفاف عِتاب لديه ألف مُبرر .


عبد الله الشقليني
8/11/ 2010 م

*

Post: #2
Title: Re: كاد الوحـي أن يجِّف .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-09-2010, 10:25 AM
Parent: #1




(10)
كتب الشاعر محمد المكي إبراهيم :

مزرعـــــة فـي الجبــــــــل

قبل أن تولدي
وتصيري مزرعة في الجبل
كنت مأوى الثعالب
هاربة من كلاب السفوح
ومأوى العصافير
تجدل أعشاشها في الشجر
كان ماء السماء
يرطب خديك عاما بعام
ويبسط شال المراعي على منكبيك
وفي الصيف كانوا يجيئون
يحتطبونك
والموت يسعى إليك
بينما أنت صامدة كالعقيدة
بالشمس والريح تُجلد
الحجارة من فوق نهديك
تحمى وتبرد
دون أن تفلتي آهة
أو تفوهي كفراً
كان ذلك من قبل أن نلتقي
وتصيري أما ً وحقلاً
قبل أن يرحل الصيف
صفَّـفـت شعرك
والصخر دحرجت عن منكبيك
ثم أعليت حولك سوراً
وأنهضت سداً
وألقيت في الأرض بئراً
وأعددت للزرع مهداً
وأجريت فيك الجداول طولاً وعرضاً
وهيأت متكأً للمقيل
كل ذلك والشمس
واقفة في عمود السماء
وسائلة في الحجر
والرياح تحدد أظفارها
ثم تضرب وجه الجبل
والسماء الكبيرة فارغة
والخريف بعيد.


ذلك الصيف أقسمتُ
لن يسلبوا شعرةً ..
من جدائلك المرسلة
لو يجيئون في الفجر يلقونني
وإذا استتروا بالظلامْ
وجدوا السور حولك والبسملة


رأى السهل ..
أنك مجلوّة للزفافِ ..
فأدرك أنك موعودة للمطر
وأنك أصبحت محسودة
من بنات السفوح
ومحسودة من بنات الجبل
وفي الدغل راحوا يقولون :
إن العصافير تجمع أثواب عرسك
من كل فج عميق
وتنقش حناء كفيك
بالورد والسنبلة
ويروون أن الغمائم
صارت تظللنا طيلة الوقت
من غضب الشمس والقائلة
وفى الليل تزجي إليك الندى
بمظلات وردية اللون
يهبط فوق مدارج نهديك
أو يتناثر فوق حزام القمر
عند ذلك يدخلني وعي
أنك عذراء
تتكئين على مُخمل الرمل
في المنحدر
وأنك لاهثة النهد , محلولة الثوب
تنتظرين المطر
وأنك أم لأطفال حبي
ومزرعتي في الجبل
فأوقن أنك لو نزل الغيث
واكتست الأرض بالخضرة الزائفة
ستبدين مثقلة بالثمر
وبالشجر السيد المنتظر
وتغدين روضاً من الزهر والفاكهة
وفى الصيف
حين تجف النواحي
وترتجف الأرض كالخائفة
تظلين خضراء
حسناء
مثقلة بالثمرْ
تظلين مزرعتي في الجبل


*

Post: #3
Title: Re: كاد الوحـي أن يجِّف .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-10-2010, 07:14 PM
Parent: #2




(11)

كتب الشاعر جبران خليل جبران :

سكن الليل وفي ثوب السكون تختبئ الأحلام
وسع البدر و للبدر عيون ترصد الأيــــــــام
فتعالي يا ابنة الحقل نزور كرمة العشـــــاق
علنا نطفي بذياك العصير حرقة الأشــــواق
أسمع البلبل ما بين الحقول يســكب الألحان
في فضاء نفخت فيه التلول نســـمة الريحان
لا تخـــــــــافي يا فتاتي فالنجوم تكتم الأخبار
و ضباب الليل في تلك الكروم يحجب الأسرار
لا تخافي فعروس الجن في كهفها المســحور
هجعت سكرى وكادت تختفي عن عيون الحور
و مليك الجن إن مر يروح و الهـــــوى يثنيه
فـــــهو مثلي عاشق كيف يبوح بالذي يضنيه


*

Post: #4
Title: Re: كاد الوحـي أن يجِّف .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-10-2010, 07:42 PM
Parent: #3






(12)



3ahd-41412e1ef6.jpg Hosting at Sudaneseonline.com




.

Post: #5
Title: Re: كاد الوحـي أن يجِّف .
Author: Mustafa Mahmoud
Date: 11-10-2010, 07:48 PM
Parent: #4

1234_2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

Post: #7
Title: Re: كاد الوحـي أن يجِّف .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-10-2010, 08:52 PM
Parent: #5



في محراب الصفاء نرحب بالزائر الأكرم : مصطفى محمود
وجمّل الملف بباقة تغسل العيون



Post: #6
Title: Re: كاد الوحـي أن يجِّف .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-10-2010, 08:41 PM
Parent: #3






(13)






*

Post: #8
Title: Re: كاد الوحـي أن يجِّف .
Author: طه إبراهيم عبد الله
Date: 11-10-2010, 10:13 PM
Parent: #6

الأستاذ الشقليني
تحية مفعمة بالحب والشجن في آن
..
مطالعة هذا الخيط رحلة قادتني مباشرة إلى رائعة الشاعر مهدي الأمين وأحمد المصطفى في سكون الليل
وقطعاً ستقود مطالعين آخرين إلى مرافئ شتى ومراقي في عالم الروح والجمال .. هذا هو سحر الكلمة ..
..
فى سكون الليل
*******************
فى سكون الليل
دعنا نجتلي صمتو الرهيب
إن فى عينيك معنى
فوق إدراكى عجيب
لست أعني طالما كنت حبيب
***********************
هاهي الأنوار أضفت
والدجى أطل علينا
والمنى فى القلب رفت
واستقرت فى يدينا
والذى عيناك أضفت
قد بدا لما التقينا
واحتسينا وانتشينا ما علينا
أين منا الأمس أين ؟؟
والمنى والحب أين ؟؟
*****************
ثم عدنا وانصرفنا
كلنا يمشي وحيدا
باكيا قلباً وجفنا
خائفاً أن لا يعودا
وانصرفنا ما عرفنا
ما دهى هذا الوجود
كيف منا الأمس أين
اين منا الأمس أين ؟؟
والمنى والحب أين ؟؟



Post: #9
Title: Re: كاد الوحـي أن يجِّف .
Author: عبدالله الشقليني
Date: 11-12-2010, 09:03 AM
Parent: #8



.
الأكرم : الأستاذ / طه إبراهيم
تحيات زاكيات

لا نعرف كيف نشكر صنيعك فقد رفدت الملف بقصيدة لاهبة ،
وأغنية من رصيد أغنيات الشاعر محمد المهدي المجذوب وألحان وغناء
أحمد المصطفى .مست شغاف القلوب وسكنت في الوجدان ..
ألف شكر لك ....


.