لكل منا شوقئذٍ "سنار" تعنيه

لكل منا شوقئذٍ "سنار" تعنيه


11-03-2010, 06:28 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=310&msg=1288762129&rn=0


Post: #1
Title: لكل منا شوقئذٍ "سنار" تعنيه
Author: أبوذر بابكر
Date: 11-03-2010, 06:28 AM

فى النشيد الأول من عودته إلى سنار
قال شيخنا عبد الحى
قدس الخالق روحه وطيب مرقده

بدأ وقال

بالأمس مر أول الطيور فوقنا
ودار دورتين قبل أن يغيب

وها هى طيورنا قد تحلقت حول نار التوق والشوق
تجاور جمر الغياب، ونتدثر نحن بأحلام الإياب

فلكل منا شوقئذٍ "سنار" تعنيه

يعود اليها أو تعود هى، لا يهم
انما الأهم هو أن تمتزج نار الحنين مع ماء الشوق وصلصال الأرض

والآن أفتتح وضوء صلاة العودة الى سنارى التى احب واعشق

فليعلن المنادى بدء وافتتاح موسم عودة "حلنقية"
ولتخرج الروح بردة العودة المزركشة بنجمات الأمسيات الزرقاء
المعطرة برائحة تلك الجروف الصبية
وليقرأ الغائبون آخر أوراد الرجوع

غايب السنين الليله ملو
غنا العصافير غلبو

وينداح صوت الذكرى
متخذا هيئة ضحك النهر حينا
وحينا آخر يلوح بمناديل العصافير التى
لا تطيق تأجيل موعد هجرتها مع الغروب الوفى
الى حيث تسكن الأرواح
متلاصقة كما فيالق الأشواق فى القلب

فى ليلتك تلك يا عبد الحى
إستقبلك أهلك
حجلت خيل فى دائرة النار
ورقصت إمرأة فى الأجراس وفى الديباج
إمرأة حلم

وأنا سوف أفتح باب النهر
سوف أدعو حراس اللغة فينا
وحراس الأرواح فيهم

أول الطقوس سوف تكون

أن أغمس قلبى فى دمعات النهر المشتاق
أقدم العذر والقصائد، عله يسامحنى
وفى حضن موجة قضت ليلها فى نظم أغنيات الوجد
فى تطريز مناديل العاشقين برذاذ الوعد
سوف أغمض الروح قليلا
أنام وأحلم فى فضة الحلم
يكتسى فضاء اللقيا بورد يرتدى حلل العيد الذى مضى
فثياب العيد الآتى
ترقد فى جيب محبتى

سأعود بعد حين
أدخل أصابعى بين أضلاع المودة القديمة
أخرج مدينتى من بينها
أمد الدروب
صعودا من ينابيع الحنين الخجول
هبوطا الى حيث تنتظر الأمهات
ينشدن، وهن يرتدين لون النيم
قد تعطرن بزهو رائحة قهوة ممشوقة العبق
والى الأعلى من صوت اللقاء
أرمق بعض "نيمات" يتهامسن فى حسد أخضر مضئ

هاهو قد أتى

بعد حين يستقبلنى أهلى
أتمرغ فى تراب المحبة
حتى أغدو حجرا
أتدحرج الى أعلى مقام الصفاء لديهم
واصعد مآذن العشق السرمدى

واصيح بملء دمى

حى على اللقاء

Post: #2
Title: Re: لكل منا شوقئذٍ "سنار" تعنيه
Author: أبوذر بابكر
Date: 11-05-2010, 06:00 AM
Parent: #1

وكل طائر مرتحل

عبر البحر

قاصد الأهل

لا يملك الزول غير يحسده

حسد مشوب بى شوية حسرة

ما براك سويتو بى ابدك

Post: #3
Title: Re: لكل منا شوقئذٍ "سنار" تعنيه
Author: أبوذر بابكر
Date: 11-07-2010, 06:02 AM
Parent: #1

فى حلم من الأيام
اسرج الفتى صهوة الحلم وامتطى حزم الأشواق وقفل راجعا
وعلى الأرض إلتحف صمته وأدنى منه سماوات الأمانى، وتغطى

انصهرت أقاليم دمه مع رماد حلمه وهمهمة التراب
تفتحت مداخل الرؤيا وتمطى الحنين

الآن أحتضن النهر
أشارك أطيار الغروب كأسات رحيقها الشفقى، أغازل تلك الموجات الرشيقة، العائدة من أسفل روح النهر إلى أعلى راحات العاشقين
أجل، تلكم الأطيار الوسيمة وهى تعود من رحلة الحب والعيش، أعاقرها كأسات مزاجها من وجد وأمنيات لا تتحقق ابداً
أتقاسم البكاء والحلوى مع الأطفال، وأعبّ من دهشة النظرات فى أعينهم التى إتخذت الحياة فيها، متكأها الأول، وجنتها الأخيرة

كانت راحلة الفتى الى الأعلى، إلى أقاصى الحلم
بعض اشواق
بعض حكايات
وكثير من الوجع والصدأ

تفاجأ بأن القرية قد رهنت براءتها ببعض مصابيح مزيفة
ثم فقدت فى الأخير عذرية وجهها

قد غبت طويلا يا ايها الشقى
لكن قل لى، كيف استطعت إقناع القمر بذلك؟
كيف ارتدت كل النجمات أدعية الرحيل، وغادرت نحو الشمس
كيف رضى الطين؟
ولماذا سافر من عيون تلك النجيمات الشقية الصديقة ذلكم الفرح الطفولى القديم؟

وحين أراد الفتى معانقة البيوت
اشاحت النوافذ بوجهها، وتبللت رموشها بحبات ضوء قديم
قطب النهر الرفيق جبين موجه
ما للخطوات مرتجفة وهائمة؟ وكيف تاهت أغنيات الصيف وأعلن الخريف حداد العصافير؟
تسائل الليل فى استحياء، ثم تمتم ببعض كلمات أخر.
أراد الفتى أن يقفل راجعا حين أدرك تآمر المسافة مع جحافل الأشواق عليه
إنحاز الى الصمت ولاذ بتراب يرتدى شقاوة طفل مبتهج

ولما بدأ فى قراءة أوراد الرجوع
أدرك بأنه قد نسى الحروف، أو هى نسيته ربما، عرف أن كل ابجديات الحضور، قد إنحازت الى دفاتر الغياب

وفجأة قرر أن يبقى
قرر أن يتعلم أسرار أبجدية الطين مرة أخرى
أن ينام على جفن النهر
يغرس قلبه مع رموش الضفاف الزرقاء
يمرغ حلمه فى الموج
ويكسو غناءه بإزار الشمس

قرر أن يصبح شجرة.