!!! لماذا لا يتبنّى إخوتُنا بورداب الخرطوم هذه المبادرة الوطنية !!!

رغم أنّي غارق في لُجّة من المشاغل،
لكن هذا الموضوع يفرض نفسهُ،
أكاد لا أُصدّق، وفعلاً أنا لا أصدّق أن تكون هذه الأصواتُ
المنطلقة من الشمال ومن الخرطوم خاصَّةً،
حاملةً هذه النبرة العدائيّة نحو إخواننا في جنوب الوطن،
لا أصدّق أنّ هذا هو الرأي العامّ،
رغم أنّ كثيرين كتبوا في هذا المنبر وعبّروا عن مواقف
لا مسؤولة تجاه إخوتنا الجنوبيّين!
لكنّني واثق من أنّ هذه الأصوات لا تُعبّر عن نبض الشعب،
الّذي خرجت ملايينه لاستقبال الزعيم جون قرنق في مطار الخرطوم!
معبّرةً عن حالة من الوعي الاستثنائي،
ومؤكّدةً على أنّ الوعي السّياسي وروح الوطنية العالية،
لا زالت حيَّةً في قلب هذا الشّعب الأبيِّ!

يبدو لي الآن بحسب متابعتي غير المواكبة
لتطور الأحداث أنّ الانفصال صار أمراً واقعاً،
وأكّد لي ذلك صديقي الجنوبيّ المسلم،
والطالب بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة!
والّذي كان في السودان قبل حوالي أسبوعين،
وكان قبل سفره يُعبّر لي عن موقفٍ وحدويٍّ واضح،
ويستنكر تلك الدعوات الانفصاليّة، مع شيءٍ من التحفظ!
والآن بعد عودته كما يقول لي: صار انفصاليّاً مع التحفّظ!
أكد لي عبد الله أنّ الانفصال صار أمراً واقعاً!
وعلى العقلاء أن يتصرّفوا مع هذ الموضوع بما يستحقُّه من وطنيّة وحكمة!
إخوتنا الجنوبيّون يشعرون بالاضطهاد والنَّظرة الدونية والعنصرية،
وهم في ذلك محقُّون، فنحن نعرف جيّداً واقعنا!
ولكن، كنت أتمنّى أن يخوضوا نضالاً مدنيّاً دؤوباً
لاسترداد حقوقهم في إطار الوطن الواحد.
أمّا إذا اختاروا الانفصال فهذا هو خيارهم، فلنتقبّلهُ!
وفي الحالتين أرى أنّنا معشر المتعلّمين، بل وكلّ من ينبض قلبه بالوطن:
نواجه في الظرف الراهن مسؤولية كبيرةً،
تتمثّل في ضرورة بذل جهودٍ إعلامية وشعبية،
من أجل تأكيد علاقات الأخوّة بين أبناء الوطن الواحد!

أتمنّى لو أنّ الشباب في (الشعبية) وفي كلّ حيٍّ من الأحياء
قاموا بحملات اجتماعية،
تتضمّن ندواتٍ وتنويراً للرأي العام،
واتصالاً بالإخوة الجنوبيين من أهل الحيِّ في مواقع عملهم أو سكنهم،
وتواصلاً معهم،
يؤكدون من خلاله لهم أنّهم أبناء وطنٍ واحد وجيرانٌ،
وأنّهم يحترمون خيارهم فيما يتعلق بالاستفتاء،
سواءٌ اختاروا الوحدة أو الانفصال،
ويؤكدون لهم معنى أنهم في كلّ حالٍ إخوةٌ،
وأنّ عليهم أي على شباب الحيِّ واجب حمايتهم
من كلّ اعتداءٍ –لا سمح الله- قد يتعرّضون له،
وأنّ هذا المعنى الوطني والأخلاقيّ هو الجدير بالاحترام،
وهو أكبر من كلّ المواقف السياسية أو الحكومية!

إنّني أدعو إخوتنا بورداب الخرطوم،
وأعضاء سودانيز أونلاين في بقعة من بقاع الوطن،
إلى تولّي زمام هذه المبادرة الوطنية الكبيرة!
والسّير فيها على بصيرةٍ،
بعيداً عن أيّ تسييس أو حزبيّة!
وتعبيراً عن قيمنا الأصيلة!
ومن ثمّ أدعو الإخوة إلى الإدلاء بآرائهم وإفاداتهم حول
هذه الدعوة وسبل إنجاحها!
مؤكّداً أنّ هذه الحملة وإن انطلقت من الظرف الوطنيّ الراهن،
لكنّها تتحرك في فضاء وطنيّ يتجاوز هذا الواقع السّياسيّ المريض،
ويتجاوز كلّ تياراته وأحزابه ورموزه!