عمي (اللي) ...ولانامت أعين الانفصاليين

درست الثانويه في أقصى شمال السودان كان معنا سته طلاب من الجنوب أتو بسبب الحرب (جيمس وإستيفن والبقيه ) ...إستيفن كان جاري في الفصل ربطت بيننا صداقه قويه ...إستيفن هذا كان فاكهة الشله ...أكثرنا ثقافة وعلماً وود مدن ...كنت أعتز به أيما إعتزاز لطموحاته وثقافته وتطلعاته

كنت وصديقي إستيفن نتفق ونحن في الثانوي دائماً على أن الحرب التي في الجنوب غير مبرره ...أي كانت مبرراتها ...كنا نتفق دوماً بأن الحرب حتما ستؤدي الى تنشئة جيل محطم من أبناء الجنوب لأنهم سيشعرون بان هنالك شئ ينقصهم دائماً وهو الارتباط بالتراب القريه والمدينه التي فيها أبصر النور جده وأبيه... وصديقي إستيفن يذكر بأن قريتهم صارت هباءاً منثورا..كثيراً ماكان يحدثني عن تلك المآسي التي تعرض لها أهله ...ومن يومها ونحن في ذلك الغض النضير إكتسبت تعاطفاً تجاه أهلي في الجنوب ...وكنت كلما أمر بجوار بيت من (شولات) موقت في عماره جديده أقول ...الله يجازي الكان السبب وهم من أشعلوها وتربعو في عرش نعيمها وضاع فيها المساكين

قبل عشرة أعوام سكنت أسرتي جبره مربع 18 ...وسكن قبالتنا مباشرة عمنا الرائع (اللي) الدينكاوي الجميل والذي يحبه كل ساكني شارعنا ويقدروه وهو أب الكل ...وعم الكل ...أول بيت ندخل عليه في الأعياد نسبة لوعكه صحيه ألمت به ونجتمع في بيته كلنا وشارعنا عباره عن سودان مصغر ...يسكن في الناصيه عمنا آدم الفوراوي وهو رجل سفره عجب (سيأتي الحديث عنه لمن نفتح بوست إذا لا قدر الله طالب سياسي دارفور الله يهدي سرهم الانفصال) ..وفال الله ولا فالي ...عمي اللي له إبن أخ يسكن معه يملك عربه كومر سحاب ...حكى لي (ود جيرانا) بأنه بقوم الصباح بدري وعشان مايزعج الجيران ...بلز الكومر لحدي الميدان بعدين بسخنو عشان مايزعج الجيران ...شفتو النبل كيف ؟

عمي اللي له أبناء خارج السودان ...ولكنه ورغم كبر سنه آثر أن يسكن هنا في جبره وفي شارعنا بالتحديد لأنه يشعر بأنه من هنا وأن المليون ميل مربع كلها أرضه وكل إنسان سوداني أخيه ...عمي اللي أحببناه لأنه عاشرنا بحق وحكن لي أخواتي وكنت حينها خارج البلاد حينما قامت الفتنه (يوم الاتنين الضلما) كيف وقف يدافع عنهن حينما دار نقاش حاد بين مجموعه من بنات الجنوب المغرر بهن ...حتى قلن له أنتا تدافع عنهن عشان عندك بيت زيهن ...لكن حسابات عمي اللي غير ذلك يرى فيهن بنات أخيه ويرى أبي أخيه الذي لم تلد أمه ...ولا فرق في دستور عمي اللي بين شمالي وجنوبي ...ياترى مالذي جعل عمي اللي هكذا وجعل بعض الساسه (سامحهم الله ) يدقون أسفين الكراهيه بين أبناء الوطن الواحد

أرى أن نموذج عمي (اللي) كثير ويمكن أن يكون كذلك لو إمتلك شعب الجنوب قراره وفتح قلبه للشمال (العاقل) ...للأسف الشديد أن من يحكمون الجنوب الآن سخرو جل الميزانيه (السمينه) التي ظفرو بها للتجييش والتسليح ورايت بعضهم يفاخر بأن الجيش الشعبي إمتلك الطائرات وأحدث الاسلحه ..بدلاً أن يسخروها لإستقرار الجنوبيين وملايينهم النازحه والفاقده لأبسط مقومات الحياه ...وكنت أستغرب ولا أرى طوال الخمس سنوات أن لا مشاريع تنميه ضخمه بقدر طموحات (السودان الجديد) وحماس (قرنق) حينما عادو من الحرب ...كنت أظن أن الجنوب سيحولونه الى جنه الثوار (قمحاً ووعدا وتمني ) ...لكنهم يزرعون الشر ويجلبون أسلحة الدمار ...ولمزيد من الدمار والشتات ...يالبؤس السودان الذي قادته هؤلاء...تعساً لكل قائد يسوق أهله لمزيد من الدمار والحرب التي لا تبقي ولا تذر

وحتى وقت قريب وقبل الصاعقه (التي قذف بها فجاءه ) ...رئيس الجنوب سلفا كير ...كنا وكان كل الوحدويين من أبناء الجنوب يأملون في أن تسوق الحركه الشعبيه عضويتها وطاقاتها السياسيه والتنظيميه الى وحده تجعل من الوطن العملاق المعافى من كل الامراض واقعا معاشا ...وكن نظن أن الفهم الذي قاد الشريكين الى (نيفاشا) الصعبه ...سيزلل كل العقبات التاليه ...وحينما رأينا سلفا يخرج على الناس بأنه سيلقي صوته في صندوق الوحده وكذلك إيقا وعقار ...كنا نزداد إطمئنانا...لكن وألف لكن ..مالذي جد حتى يخرجو علينا بتبريرات فطيره لاتمت بصله الى إتفاقية السلام...كيف سيواجه هؤلاء التاريخ وهم قد فوضو بالكامل بشأن الجنوب

لن نترك أبناء الجنوب البسطاء تتقاذفهم أمواج الانفصال البغيض وقد سألت كثير منهم لم يجاوبني أحد بأنه يريد الانفصال ...الشارع العام الجنوبي في الخرطوم وهو الغالب يستبعد أن يصوت للإنفصال ...فهو يريد أن تقوم جبهه وطنيه تبصيريه تنور المواطنين عن مزايا الوحده ومخاطر الانفصال ...لابد من حمله يشارك فيها الكل بلا إسثناء للحديث بوعي عن مخاطر الانفصال وتضيق الخناق على الانتهازيين الذي لا ينظرون الى الوطن الا عبر نفسياتهم المريضه ومصالحهم الآنيه الدنيئه...لابد أن نتجاوز هؤلاء بقفزه واعيه ترى الخير كله في أن يظل الوطن واحدا موحد

هوب