ماذا قال الدكتور سلطان البازعي من السعودية عن السودان !!!

" السودان..؟ وش موديك..؟ "..!



سلطان البازعي



هذا السؤال تردد عليّ كثيراًَ قبل الرحلة وبعدها، والصيغة كما تلاحظون استنكارية تحمل كثيراً من الاستغراب، فلم يعرف أحد أن السودان ممكن أن يكون منطقة جذب سياحي، فهو ليس من دول
"الوناسة" بكل التعريفات السائدة للوناسة، كما أن السودان في الوعي الجمعي بلد فقير لا يحتمل إغراءات الفرص التجارية، ولا هو بالبلد النشط ثقافياً رغم أعداد مثقفيه المنتشرين في كل بلاد الدنيا، ومنهم أعداد تتلمذنا على أيديهم في مراحل التعليم العام والجامعي، وكُتّاب قرأنا لهم شعراً ونثراً من أرفع ما كُتب باللغة العربية، وفوق كل هذا وذاك، فهو بلد أنهكته ومازالت تنهكه الحروب والاضطرابات السياسية.
وقبل أن تذهب يأتي مَن يهمس في أذنك أنك تحتاج إلى أن تتلقى لقاحات ضد بعض الأمراض المستوطنة ومنها الحمّى الصفراء والحمّى الشوكية...!
إذاً هي مغامرة "لست ملزوماً بها"، هكذا قال بعضهم، وأضافوا: "شف لك مؤتمر في دبي ولا بيروت ... لازم الخرطوم يعني؟".
وإجابتي لهم ولكم ـ إن كانت تهمكم الإجابة - أنني تلقيت بفرح دعوة كريمة للمشاركة في الملتقى الإقليمي للمسؤولية الاجتماعية، ودون تردد وافقت على الذهاب، لأن هذه الدعوة أعطتني فرصة مزدوجة.
فهي أولاً تتيح لي فرصة زيارة هذا البلد الذي نعرف عن أهله الطيبين الذين عاشوا بيننا أكثر مما نعرفه مباشرة، فالسودانيون عدا عن طيبتهم وكرم أخلاقهم، هم من أكثر الشعوب العربية وعياً سياسياً على الرغم من أن هذا الوعي لم ينتج عنه حكومات رشيدة قادرة على تحقيق ما كنا ندرسه في كتب الجغرافيا من أنه بلد مؤهل ليكون سلة غذاء العرب. وأنا مثل كثير منكم أعترف بأنني لن أذهب طواعية لزيارة السودان دون إغراء قوي مثل المشاركة في هذا المؤتمر، فبمثل هذه الدعوة زرت اليمن مثلاً، وصدقاً لا أعرف أحداً ذهب للسودان للسياحة إلا هواة القنص.
وثانياً فقد كانت فرصة للتعمق أكثر في مفهوم المسؤولية الاجتماعية التي يتنامى الاهتمام بها على مستوى الوطن العربي وفي المملكة بشكل خاص، وقد أشركني بعض الأصدقاء في الاهتمام بالموضوع عبر تأسيس الاتحاد العربي للمسؤولية الاجتماعية، وهو تحت التأسيس حالياً في مملكة البحرين، ويهدف إلى ترسيخ الممارسة الصحيحة لهذا المفهوم وتأصيله في ثقافة ممارسة العمل الاقتصادي.
منظمو الملتقى وثقوا بي، مشكورين، لكي أقدم ورشة عمل امتدت على مدى ثلاثة أيام تحت عنوان: "التخطيط الإعلامي في إطار المسؤولية الاجتماعية" وشارك فيها أكثر من خمسة وعشرين زميلاًً وزميلة من العاملين في العلاقات العامة والإعلام لمؤسسات حكومية وخاصة ومؤسسات مجتمع مدني. وهؤلاء تعلمت منهم بأكثر مما علمتهم، ولكن المفاجأة كانت في التجارب الحيّة التي اطلعنا عليها، وكانت تعطي مثالاً يجب أن يُحتذى لتطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية ويجب أن يعمَّم بالقدوة والتحفيز والتقنين إن لزم الأمر.
مجموعة دال تملكها عائلة اقتصادية سودانية هم أسامة داوود وأشقاؤه، مثلها مثل كثير من العائلات الثرية في الوطن العربي، وللمجموعة حقيبة متعددة من الأنشطة الاستثمارية في الصناعة والتجارة والمال، إلا أن أحد أبرز نشاطاتها هو في صوامع الغلال ومطاحن الدقيق وهي التي أتيح لنا فرصة زيارتها للاطلاع على ممارسة فريدة في مجال المسؤولية الاجتماعية، اتفق معي كل مَن كان في الوفد أنها تستحق أن تُعرض كنموذج في المؤتمرات الدولية المتخصصة.
أقامت المجموعة ضمن مجمع مطاحن الدقيق مركزاً كبيراً وحديثاً بكل المقاييس للتدريب، والمجموعات التي كانت تتدرب كانت على النحو التالي:
• مجموعة من السيدات يتدربن على صناعة المعجنات والحلويات الفاخرة لكي يتمكنّ من إنشاء أعمالهن الخاصة من البيوت.
• مجموعة من الشباب ـ وكثير منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة ـ يتدربون على إنشاء الأفران لإنتاج أنواع الخبز باستخدام الأفران الحديثة، ويحصل هؤلاء على قروض ميسّرة لمساعدتهم على البدء بمشاريعهم.
• مجموعة أخرى من السيدات يتلقين تدريباً على طريقة طهي المكرونة المتعددة الأنواع بصلصاتها المختلفة بما يرفع من مستوى خدمتهن لأسرهن، قالت لنا إحدى السيدات إن زوجها لم يعد يشتكي من رتابة ما تطبخ.
وتلاحظون أن معظم هذه الدورات تتركز على استخدام منتجات المطاحن من الدقيق الفاخر الفائق الجودة، وبهذا تتحقق فوائد لجميع الأطراف: فالمطاحن تبيع إنتاجها من الدقيق الفاخر، والمواطنون تتحسّن أوضاعهم الاقتصادية بأن يمتلكوا مهارات الإنتاج وأدواته، والمجتمع يحصل على الغذاء الأساسي (الخبز) من مصادر مأمونة وبمستوى فاخر يضاهي ـ ودون مبالغة ـ إنتاج أي مخبز فرنسي أو نمساوي، ومن أيدي مواطنين كان يمكن أن يكونوا في صفوف البطالة، أو الغربة بوظائف رعاة ماشية في دول الخليج.
السودان أرض خصبة لممارسة المسؤولية الاجتماعية لأنه بلد فقير عن سابق إصرار وترصد، ولكن المملكة العربية السعودية بما حباها الله من ثروات هي أيضاً أرض خصبة لهذه الممارسة إذا قيض الله لأبنائها من أصحاب رؤوس الأموال أن يعوا حقيقة المسؤولية الاجتماعية.
وفي هذا فليتنافس المتنافسون.

سلطان البازعي


http://www.anaween.com/FollowNewsDetail.aspx?Fnid=5235
رابط المقال

التحية للأستاذ سلطان البازعي
ولك مثلها أخي امجد البصيري ..
صدقني اسم السودان بدأ يتناقل بين كثير من جنسيات مختلف بلدان العالم والكل بيسأل عن كيفية الذهاب للسودان للاسثمار او العمل فيه ،،،،
تعرف أخي امجد ونحن نتجول بمعرض جيتكس بدبي (بدأ الأحد 17/10 وينتهي الخميس21/10/2010م)ومعي صديقي وجدنااهتمام كبير من جل العارضين وسؤالهم اذا كنا قادمين من السودان؟
حقيقي ينقصنا التسويق لبلدنا ،فبالرغم من ان بلدنا بلد عظيم به الكثير من ادوات الجذب نجد عدم معرفة الاخرين به، فنستغرب عندما يصفونه بمعلومات تنقصها كثير من الصحة والدقة ...
ومن رأي اهم شيء الاهتمام بالاعلام لعكس الصورة الجميلة لبلادنا ..
تحياتي..

Quote: فالسودانيون عدا عن طيبتهم وكرم أخلاقهم، هم من أكثر الشعوب العربية وعياً سياسياً على الرغم من أن هذا الوعي لم ينتج عنه حكومات

البصيري
تحياتي ,,,

دحين الرجل بزيارة واحدة قال فى حكوماتنا المتتالية ما لم يقله مالك فى الخمر ... نحن نقول شنو ؟

شكراً على إبقائنا متطلعين لهذا المقال الجميل

الفاتح شلبى شكرا على المرور

استفدنا كثيرا من وجود الدكتور البازعي بيننا لمده 4 ايام وقد ابدى لنا مدى اعجابه بالسودان واهل السودان .. وكما ترى فى كلماته يظهر هذا الاعجاب

فوق

فوق