لماذا نكون أحرص على الانفصال ..؟ العاهة العقلية شرط للعمل ضمن طاقم الانتباهة!

لماذا نكون أحرص على الانفصال ..؟ العاهة العقلية شرط للعمل ضمن طاقم الانتباهة!


10-17-2010, 08:07 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=310&msg=1287302852&rn=0


Post: #1
Title: لماذا نكون أحرص على الانفصال ..؟ العاهة العقلية شرط للعمل ضمن طاقم الانتباهة!
Author: jini
Date: 10-17-2010, 08:07 AM

لماذا نكون أحرص على الانفصال ..؟
الكاتب الصادق الرزيقي
الأربعاء, 13 أكتوبر 2010 05:30

ما نحتاجه، هو تقديم مرافعة كاملة عن جدوى الانفصال، وأثره الإيجابي على الشمال، وضآلة ما يسمى بمخاطره، وخطر الوحدة الماحق في حال وجود الحركة الشعبية ومشروعها السياسي وكبيدق للقوى الدولية، في حال ظل السودان موحداً.

إذا كان الخبراء في مجالات الاقتصاد والفكر الإستراتيجي والعسكري، والناظرون بعمق للمشهد السياسي العام، وتداخلات المحلي والإقليمي والدولي، يؤكدون أن الشمال لن يضارَّ من شيء ذي بال في حال انفصال الجنوب وسيكون ذا موارد اقتصادية قوية ويستطيع المضي في مشروع نهضته الشاملة وتقليل مخاطره وتحدياته الأمنية وصون ترابه وحماية أرضه وحسن إدارة أجزائه وتحريك عجلة التنمية وتفجير الطاقات وبناء أمة قائمة على مشتركات حقيقية، فإنه من الواجب إذن ألا نرضخ للأحاديث العاطفية التي ترى في الوحدة مكاسب ومغانم إن تمسكنا بها.

لا تعيش الأوطان على التجاذبات والشقاق والتناقض المستمر والتناحر، إنما تحيا بالتراضي والتعايش السهل والسمح، تحت ظلال منظومات مشتركة من القيم الاجتماعية والمفاهيم الجامعة، وهو ما يتوفر للشمال بالقدر الذي يجعله مؤهلاً لتحقيق غايات ومقاصد العيش معاً والتوحد والبقاء، عكس الخمسين عاماً الماضية التي قضاها السودان في ظل الحرب والنزاعات التي أقعدته من التقدم وألجمته من مخاطبة قضاياه الملحة باقتدار.

ظلت الاعتقادات في الوحدة، طيلة هذا السنوات، مظلة من قش، وأقدام من طين، لم تحمِ من لظى الحر والحرب، ولم تقوَ على حمل البلاد نحو ضفاف الأمن والسلام، ولم تهنأ بلادنا بالعيش الهانيء لتتفرغ للتقدم نحو الأمام، فما أن تخرج من تمرد في الجنوب وحرب، حتى تواجه آخر أشد وأعنف، ولم يستطع العقل السياسي، إيجاد حل مستدام، يخرجنا من قعر الهاوية.

فالاتفاقيات التي توقّع سواء لإنهاء القتال في الجنوب وخاصة اتفاقيتي أديس أبابا 1972م ونيفاشا 2005م، لم توقفا النزاع بل زادتا سُعاره ، وأثارتا براكين الكراهية وفتحتا فوهات الحمم، فالتمرد لم يتوقف، والتربص لم يغب، وازدادت النخب السياسية الجنوبية بغضاً للشمال، وتسارعت خطوات التعجيل بالانتقام، وتضخم سيل الابتزاز من الجنوب للشمال، لتوهُّم الجنوب أن الشمال لا يعيش بدونه، ويستجــــــدي الوحدة مهما كان ثمنها وغلا .

إذا كانت الاتفاقيات السياسية تزيد الطين بِلة ، وتلد حروباً أخرى، وتتناسل منها أوضاعاً أسوأ بكثير من سابقاتها، فلماذا الارتهان لهذا النوع من الحلول ورهن البلاد في ما لا طائل تحته.

فالشمال، إذا تخلّص من القيد الذي أدمى معصمه وقدمه، سينطلق نحو الأمام بلا شك، بحسابات الخبراء والمختصين، فأمنه واستقراره وقدراته الدفاعية ستكون في وضع أفضل مما سبق ويستطيع توظيفها في اتجاهها الصحيح لأي عدو محتمل دون أن تكون مقدرات البلاد كلها مستنزفة في حروب داخلية وأزمات محلية تخلِّف بؤراً من المشاكل والتوترات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وبما أن الجنوب لم يكن قبل البترول مساهماً في الدخل القومي والإيرادات وكان عبئاً في فترات الحرب والسلام ، سيشكل ذهابه وانفصاله، فرصة لاستثمار الموارد التي كان يبتلعها الصرف عليه، وستوجه الميزانيات المخصصة له، لمجالات أخرى تستفيد منها البلاد وتتحقق بها التنمية والنهضة المطلوبة.

وحتى البترول في حال انفصال الجنوب، للشمال حظ من عائداته إلا إذا تركته حكومة الجنوب في باطن الأرض على طريقة عليَّ وعلى أعدائي، لكن تصديره وخروجه - على الأقل - لعشر سنوات قادمة لن يكون إلا عن طريق الشمال وسيوفر ذلك للشمال ما يزيد من 45% من عائداته في عمليات التكرير والنقل والتصدير. والشمال لن يخسر الكثير من إنفراد الجنوب بحقول النفط، لأن عمليات الاستكشاف والتنقيب في الشمال جارية، ثم أن السودان كله كان على قيد الحياة قبل تصدير البترول.

المهم الآن أن الشمال سيكون أفضل حالاً بعد الانفصال، وتستطيع الحكومات التي تحكمه القيام بواجباتها بصورة أيسر، إذا اتسعت تحققت معدلات أكبر في مشروعات الطاقة والبنى التحتية وشبكات الطرق والتنمية العمرانية وزيادة الإنتاج وترقية الخدمات، وتشير تقارير لمؤسسات دولية أن السودان الشمالي في توفر الاستقرار سيشهد طفرة اقتصادية كبيرة ونهضة تضعه في قائمة الدول الأكثر نمواً في إفريقيا، لما يذخر به من موارد ومواد خام وخبرات وتجارب ومؤهلات عديدة تضاعف فرصه في الازدهار الاقتصادي والتنموي .

فنحن عندما ندعو للانفصال، ندرك أن ذلك فيه من الخير العميم على البلاد وسينعكس عليها في مجالات مختلفة يحسها الناس ويحرصون عليها ، وهذه الأمور تحتاج إلى قرارات جريئة وانتقال شجاع من حال التنازع والحروب لآفاق المستقبل الواعد.

ولذلك فإن حسم قضايا ترسيم الحدود والمواطنة والجنسية والبترول وقسمة الأصول وغيرها، يجب أن تسبق الاستفتاء، فمن الضروري أن نكون أحرص عليها وعلى الاستفتاء في آن واحد لأنها الخيط الرفيع الذي يفصلنا عن الواقع الجديـــــــد الذي ستعيشه بلادنا بعد الانفصال ..