...الإنفصـال سيمثـل أكبر ..إنتكاسـة.. للتطـور الدستوري في السـودان ...

تحدثنا من قبل عن القضية الأهـم

قضية الرئيس السوداني لدى المحكمة الجنائية الدولية,

وأثبتت الأحداث السابقة والحالية وستثب الأحداث اللاحقة أن هذه القضية أصبحت هي حجر الزاوية في مجمل سياسات الحزب الحاكم, وعلاقاته الخارجية وتفاعلاته وردود أفعاله على المستويات الداخلية مع فرقائه

لكن أكبر ما تؤثر فيه هذه القضية لم يظهر للعيان بعد ... وهو في تقديري أنها شغلت أركان الحكم عن التفرغ لحسن إدارة إتفاقية السلام الشامل (نيفاشـا) والتي تتطلب حسن الإدارة لاستحقاقاتها وصولاً لمرحلة (الوحدة الجاذبة) والتي تعني الكثير لجهة بقاء الوطن موحداً تنعم أطرافه بالتماهي والانسجام الكافي للتواصل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من باب أولى في إطار البلاد الواحدة,

لذلك فقد آن أوان إقامة الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان ولما ينتهي الشريكان بعد من استكمال خطوات الترتيب للاستفتاء كما لم ينتهيا بعد من استكمال استحقاقات الاتفاقية من ترسيم الحدود وحسم نقاط الاختلاف وغيرها, هذا بالطبع بالإضافة لما كان يؤمـل من مشاريع تنموية وتكامل اقتصادي وثقافي بنيت تقديرات تحقيقه على تعهدات من المانحين الذين انقلبوا (بفعل قضية المحكمة الجنائية) إلى دول معادية تطالب من جانبها بتسليم المتهمين لدى المحكمة الجنائية وتواجهها الحكومة السودانية بخطاب قاس في سعيها للدفاع عن رمز السيادة الوطنية رئيس البلاد ...


أحمـد الشايقي

لم يحدث الإنفصـال بين شمال السودان وجنوبه بعد ونتمنى مخلصين ألا يحدث .... ونصيحتنا لأطراف النزاع في البلاد ألا يبحثوا عن حلول لقضاياهم عبر المطالبة بإنشاء دول جديدة في أرض السودان رغم اتساع مساحة البلاد وإمكانية تأسيس العديد من الدول على أراضيها, .... وأقوى الأسباب وراء ذلك هو ضرورة عدم البدء من الفشـل لأن الفشـل في حل القضايا في إطار دولة واحدة يصعب جداً تحويله لنجاحات حال الإنفصـال .. ولأن أطراف الوطن الواحد متصلة في صور معقدة غاية التعقيد يصعب جداً فصلها والبحث عن إدارتها بصورة مستقلة وهذا القول يصح في حالة الجنوب ولكنه يصح كذلك في حالة الشمال .... فلبعض الوقت قد يتصور البعض أن الشمال ليس بحاجة للجنوب وهم مخطئين تماماً مثل الذين يتصورون أن الجنوب ليس بحاجة للشمال ...

أحمد الشايقي

الأستاذ / احمد الشايقي

تحياتي

اتفق في جانب كبير من تحليلك، واختلف في جزئية بسيطة ، واختلافي ليس في المضمون انما في اولويات اهل الحكم.فيما يخص الجنوب هناك رأي لقطاع كبير من الناس، وانا منهم يعتقد بأن الجبهة الاسلامية بشقيها الوطني والشعبي،كان من ضمن اهدافها الرئيسية فصل الجنوب والانفراد بتكوين دولة اسلامية في الشمال، وقد عبر عن هذه الرؤية بصورة اكثر وضوحا الدكتور / عبد الرحيم حمدي...
الجبهة القومية فشلت في ادارة البلاد لأسباب كثيرة، ولكن اهمها واخطرها هو عدم وضوح الغايات و الاهداف وكيفية ترتيب الاولويات، بجانب افتقارها للخبرة السياسية الكافية التي تؤهلها لأدارة مرافق الدولة ، فكل خبرتها تمثلت في التمثيل النيابي وبعض المناصب الدستورية ذات الطابع المهني ، وادارة الاتحادات الطلابية ، و المهنية والنقابية، وهذا الافتقار الي الخبرة السياسية المطلوبة هو ما قادها الي اعتماد العنف وسيلة لادارة مرافق الدولة و لفرض رؤاها الأقتصادية لتغطية الميزانية العامة، بجانب نفض يدها من الصرف علي الخدمة العامة ، كذلك ادي الي اعتمادها الكامل علي نظام الادارة العسكري، وتطبيقه علي نؤسسات الدولة وتحويلها من ادارة مدنية الي ادارة عسكرية اعتمد بالكامل علي القاعدة العسكرية (علم وينفذ) وهو ما وفر لها نوعا من الاستقرار في الحكم، ولكنه بالقطع ادي الي انهيار نظام الادارة المدني بالكامل، وبالتالي الي انهيار الدولة، فكما هو معروف ان النظام العسكري هو جزء من نظام ادارة الدولة يهتم بتوفير فرص في اوقات معينة للسياسيين للحصول علي مكاسب سياسية معينة، او فتح كوة في جدار مغلق لتوفير فرص اكبر للحوار السياسي، ولكنه بالقطع غير مناسب لأدارة مرافق الدولة كلها .

لك مودتي