بوستي ال3,000 التهنئة والمباركة مطلوبة من الجميع

جلست في لندن لمدة تقارب الأربعة أشهر. وكما تعلمون فنحن عرب رُحّل نعمل بنظرية أهلنا القديمة التي تقول: (المسار عزّ العرب.. المقام ما ليا طرب). ورحلة الشتاء والصيف هي ديدنا. (يعني من زمن عم الجماعة أبو جهل- نحن يا جماعة الخير عمنا هو جهينة- الذي عنده الخبر اليقين). في بداية الصيف (الخريف بالسوداني) نتجه شمالاً، وهذا ما أفعله تماماً. أوّل ما خرتوم أحمد تسخِّن، طوالي أضرب اكباد الإيربص وأسير شمال قاصداً بلاد الضباب. وعند بداية الشتاء الزمهرير في بلاد العنقليز حيث درجة الحرارة تجاور الصفر المئوي.. أشِدُّ خيل المصرية متجهاً جنوباً لعاصمة السخانة والكتاحة وما أحلاهما. أما الأهم في هذه الرحلة فهو ظهور الخير في كردفان الغرّة أم خيراً جُوه وبرّا. مما جميعه متوفِّر .. لحوم وألبان .. طيور ومواشي .. فواكه ومحاصيل. بالله ما تسألوني عن منقة أبو جبيهة .. دي رخيص السوق عندنا.. الجوافة البيضاء.. ليمون كرادم (دي أسألوا منها بريمة وكبر وعزّاز). حليب بالجركانات ولبن بالبُخس.. لازم الزول يكون عارف الفرق بين اللبن والحليب عشان يفهم، وإلا فالرجوع للثلاثي أعلاه يساعدكم على الفهم. بتسألوا من اللالوب ولا النبق ولا القضيم ولا القنقليس ولا الدليب ولا القشطة ولا الهالوك (البنسيك أُمّك وأبوك) ما عاوز أتكلم عنقليزي لأنه في خيرات كردفانية كتيرة كان ذكرتها حتطالبونني بالترجمة على الشريط.. خليكم في العارفنو دا بس.
بما أنني إن أراد الله خيراً فسوف اُغادر خلال 4 أيام فقط أردت أن أقدِّم تقريراً كاملاً عن هذه الفترة. كيف وجدت الناس المنبريين؟ معتذراً عمّن أصابه رشاش من كلماتي. لم أكن أقصد إساءة أحد ولا تجريح .. وددت أن أقدِّم معلومة قد يُستفاد منها.. فإن فعلت فلي أجران وإن أخفقت فلي أجر الإجتهاد. لكن السؤال هو كيف وجدت الناس في المنبر؟
لا أعرف الناس هنا المنبريين ما أعني بأي صورة من صور المعرفة. ولكن تعرفت على بعضهم وبعضهن بصورة تجعلني أحكم على الواحد(ة) بكل خير. لو لفتُّ إنتباهة أحد فلا أعني تجريحاً ولا توبيخاً إنما قصدت الجانب الحسن من الصورة. لا أدعي علماً فوق علم الجميع.. ولكن لي معرفة أكتسبتها من خيرة السنين المتراكمة.. قد يعتبرها البعض خبرة ويحق للأخرين وضعها في خانة أخرى حسب ما يرون. وفي ومن قراءتي لمداخلات المنبريين والبوستات التي يفتحونها وضعتهم حسب ال categories التالية:
1- منبريين تستفيد من بوستاتهم بالحصول على معلومة جديدة تفيدك في مداخلاتك وردودك على الآخرين. يقدمون أراءً نيِّرة ذات قيمة. أسلوبهم راق في الكتابة. يعرفون الفرق بين الحروف التي تغيِّر معنى الكلمة بتغيير الحرف. خاصة حروف الثاء والذال. كمثال لا حصر: جمال محمود، محمد إبراهيم علي وأمين محمد سليمان، بريمة، كِبِر.
2- منبريين عنتريين رأيهم دائماً هو الصواب والحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وكأنِّي بهم لم يسمعوا بقول الإمام الشافعي: (رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب). أو كأنهم لم يقرأوا قولة الإمام علي كرّم الله وجهه: (ليس بالرجال تعرف الحق، أعرف الحق تعرف أهله). نظريتهم ثابتة وغير قابلة للتعديل أو التطوير نقول عليها بالعامية: (غرّة يا تشربي يا أكسر قرنِك). الحوار معهم مستحيل. مناقشتهم هي الأسهل. مثلك معهم كشريطي السكة الحديد لا يلتقيان أبداً. هؤلاء تجنبت التداخل معهم معارضاً أو مؤيداً عملاً بقول أبناء النيل: (أبعد من الشر وما تغني لوش.. يمكم يطرب ويجي لك). يفهمون حديثك غلط ويقيموا القيامة عليك ولا يقعدونها. يعتبرون سكوتك عن ترهاتهم البسابس خوف أو جُبن منك. هؤلاء لم يسمعوا بالقول: (لسانك حصانك.. إن صنته صانك .. وإن طلقته أهانك). وهم يطلقون ألسنتهم (فلقت) في الناس لا يرعون إلاًّ ولا ذمّة في أحد. لا يؤمنون بالرأي الآخر وبهذا فهم أسهل الناس في التعامل معهم! كيف؟ أنساهم أرمي طوبتهم ترتاح بالك وتربي عيالك.
3- منبريون يؤيدون الحكومة. هؤلاء ينقسمون لثلاث فئات:-
أ‌- فئة عايرة بالتأييد ولا تفقه أبعد من أرنبة أنفها. حديثها لا يضر المعارضة ولا ينفع الحكومة. كلامهم هو كلام الطير في الباقير. لا تستفيد من مداخلاتهم ولا من بوستاتهم المفتوحة باسمائهم. يعني أعمى ومسّكوه العكاز.
ب‌- الفئة الثانية: فئة المؤيدون فوق فهم أو فائدة – سيان عندي- طالما يعرفون ماذا يقولون؟ متي يقولونه؟ وكيف يقولونه؟ هي قناعات آمنوا بها ويدافعون عنها بمسؤولية وتجرُّد ولا أظنهم يبغون من وراء ذلك جزاءً ولا شكورا. لذا أعتبرهم متجردين لنصرة الحق من وجهة نظرهم بالطبع. ولكن في ردود بعضهم مخاشنة وسلاطة لسان لا أرى لها مبرراً. فالصياح بصوت عالي لا يعني أنك على حق.
ت‌- أمّا ثالثة الأثافي: المؤيدون الذين كالثور في مستودع الخزف. يحطِّم كلّ ما وقف ومن وقف في طريق تأييده للحكومة. لا يقدِّم حجة ولا برهاناً على إدعاءاته. يفرض عليك أن تقبل كلامه على هِنَّاته وعِلاّته. هذا هو الصديق الجاهل الذي قيل فيه: (عدو عاقل خير من صديق جاهل). هؤلاء يضرون الحكومة بتأييدهم الغير علمي وهم يودون نفعها. يحتاجون لتدريب على كيفية التأييد وكسب ود المعارض أو العائم floater لجانبه.
4- منبريون يعارضون الحكومة: هؤلاء مثل سابقيهم ينقسمون لثلات فئات:
أ‌- فئة المعارضون ذوي القضية: هؤلاء لهم فهم في معارضتهم. بنوها على أسس سياسية وإختلاف في الرأي والوسيلة بين ما تتخذه الحكومة وبين ما يرون أو ترى أحزابهم وقياداتهم. لهم رأي محدد وفي كثير من الأحيان يكون علمياً وعملياً. يعارضون فوق رأي وعلى معرفة ودراية بما يفعلون. لكن بكل أسف هم قِلّة. مثال لا حصر: عمر عبد الله فضل المولى وبكري الصائغ.
ب‌- فئة المعارضون الأشاوش: هؤلاء لا يرون إلا المعارضة. ولا أظنهم في سابق أيامهم قد مدحوا إتفاقية السلام رغم ما بها من هِنّات وعيوب. كثيرون منهم بنوا معارضتهم للحكومة على معارضتهم لشخوص حكومية يعرفونها. قد يكون ذلك بدافع الحسد والبُقر ممن حققوا نجاحات في ظل هذه الحكومة – بغض النظر عن كيف حققوها- ولكن لأنهم يعرفون أولئك الأشخاص ومقدراتهم فلم يرض عقلهم الباطن بتفوُّق معارفهم عليهم. ولهذا يبنون معارضتهم على رزق اليوم باليوم. لا يضعون خطة ولا يميزون بين المواقف الخاصة والعامة. فمثلاً يتحدثون عن المواضيع الخصوصية لمنسوبي الحكومة ويحاولون جعلها نقطة إرتكاز لمعارضة الحكومة. مثلاً: ما دخل أن يتزوج المسؤول الحكومي ثلاثاً أو يُطلِّق أحدهم زوجته، أو تتزوج بنت فلان من إبن فلان؟ هؤلاء نسميهم أشباه المعارضون ولا معارضون. إنَّهم كثيرون ولكن أعذروني لن أقدِّم عنهم مثالاً لأسباب بدهية.
ت‌- ثالثة الأثافي كما في مؤيدي الحكومة. معارضون متعارضون لا فهم لهم. أسباب معارضتهم غير مؤسسة ولا حتى شخصية. قصدهم الظهور كمناضلين وعباقرة في المعارضة. ليس لهم تاريخ من أي نوع يستندون عليه. لم يكونوا قيادات طلابية ولا عمالية ولا مزارعين. كثيرون منهم يعتبر فاقد تربوي سياسي حتى ولو تخرجوا في الجامعات. معارضتهم معارضة ممتازة من وجهة نظر الحكومة. إنهم ينفِّرون الناس أصحاب القضايا والفهم الذين يودون معارضة الحكومة، في العمل المعارض بالشكل الذي يديرون به المعارضة. يخلطون بين المواقف الشخصية والعامة. لا يسمحون بالرأي الآخر ولا يقبلونه. يعملون بالنظرية السوفيتية القديمة: (من ليس معنا فهو ضدنا). وكان الأجدر بهم العمل بالنظرية الأميريكية القديمة: (من ليس مع السوفيت فهو معنا). الغريب كثيرون منهم يقيمون في الغرب وأميركا على وجه الخصوص. إنهم ملكيون أكثر من الملك. يتبنون قضايا لا يفقهون فيها الكثير ولا معلومات لديهم. كل همهم ينصب في أن يعارض الجميع الحكومة. ولو لم تؤيد رأيهم وتعارض الحكومة فأنت أمنجي (تعمل في الأمن) ويكيلون لك بالمد الكبير من كل سيئ من الصفات التي ما أنزل الله بها من سلطان. قلت لأحدهم: لو كان لي رأي مسموع في الحكومة لدفعت لكم مرتبات شهرية لتستمرون في معارضة الحكومة بالشكل والصورة التي تفعلون. بهذا تسدون للحكومة خدمة لن تحصل عليها بسهولة. لو جاز لي أن أسألهم سؤالاً: ما هي الفائدة التي تجنيها المعارضة من وصف الرئيس بصفات ذميمة وقبيحة وإساءته إساءة شخصية لا تمت لما قام به من عمل خطأ (من وجهة نظر المعارضة). لن أذكر منهم اسماً، لأن وصف أو ذكر واحد منهم يجعلك كقارئ ومتابع معرفتهم جميعاً، فهم يعرفون من سيماء معارضتهم.
هنالك فئة لم أجد لها مدخلاً مع أي ممن ذكرت من الفئات وهي فئة العلماء في مجالهم. يفيدونك بما تقرأ لهم والحمد لله هم كثيرون ولكنهم كسولين. مثالاً لا حصر: صديقي عزّام حسن فرح والأستاذ أبو بكر. وبجانبهم تجد فئة ناقلي الأخبار الكاذبة المفبركة سواء ضد الحكومة أو معها. ضد المعارضة أو مؤيد لها. هؤلاء يضيعون وقتهم ووقت المنبرين الآخرين في ما لا طائل من ورائه وهي مجرد إشاعات وأضغاث أحلام يتمنونها في يقظتهم.
في الختام أقول لكم العفو والعافية وما تزعلوا وخلوا أعصابكم في ثلاجة الديمقراطية الغربية التي تنعمون بخيرها على كثرة شرورها وشراكها المنصوبة للنيل من شعوب العالم التالت التي استقلت عنهم. مع تحياتي.

كبـَّـاشي الصــَّافي

(العوج راي والعديل راي)