Post: #1
Title: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-09-2007, 09:32 AM
Parent: #0
(1)
تسرَّب الخبر من الديوان الى المطبخ
ثم قفز فوق الجدار الذى يفصل بين البيتين ..
حيث أخذ طريقه هذه المرَّة من المطبخ الى الديوان
كان أسرع من طىِّ العمامة وخطوات المركوب التى
تلج البيت من بابه بعدة أميال من اللهفة والفرح ..
كيف لا وقد جاء الشقيق يطرق قلبَ شقيقه ..
جاء- كعادتهم - يدفع بابنه الأكبر نحو بنت عمِّه الكبرى
لم يكن الأمر يحتاج الى مشورة ما دام أنَّ (الزيت فى البيت ) ..
وسرعان ما اهتزَّ الجدار الفاصل بين البيتين هزَّة خفيفة تمخَّض
عنها نفَّاجٌ يشدُّ وثاق الأسرتين ، بل يخلطهما معاً حتى تفوح (الخُمْرة)
و (الدِّلكة) و (الزغاريد ) ...
|
Post: #2
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-09-2007, 10:25 AM
Parent: #1
(2)
وبعد عامٍ يتكئ الجَدُّ الكبشَ الأقرنَ وهو يردِّد :
- بسم الله والله أكبر .. قلتَ منو آ جنا ؟
- وحيد .. وحييد يا ابوى
- سمّيناهو محمَّد والساير (وحيد )
ثم يسافر بعد ذلك والد (وحيد) مصرَ مقاتلاً وحدوياً فى إحدى
كتائب الجبش السودانى ضدَّ اليهود ، ليشهد النكسة هناك ويعود
مثقلاً بجراحها وخيباتها ومراراتها .
* * *
كم كان رائعاً استجمام المقاتل فى حضن أسرةٍ يمثِّل ابنُه فيها
نفَّاجاً حميماً بين الخوءولة والعمومة بوصفه الحفيد الأول لكليهما ..
كم كان ذلك رائعاً لولا دمعةٌ صامتةٌ تحدَّرت على خدِّ شقيقة الأب العائد ،
عرف بعدها أن ابن عمه لَوَى عنقَه عن بنت عمه وهو فى طريقه لخطبة إحدى
بنات الحى ..
لم يلطِّخ هذا الحق الشروع سريرته بقدر ما حاول أن يلطِّف الجوَّ بين الأسرتين
من جانب وأن يحافظ على أسرته الصغيرة من جانب آخر ، ولكن هل يصفو بحر
الدميرة والأمطار ما تزال تهطل والوديان تسيل ؟
هل التزاوج بين أبناء العمومة مصاهرة استنَّتْها الضرورة بين توائم أبينا
آدم تلك التى تمخَّضتْ عنها أول جريمة آدمية ؟
أم هو خمْرُ العادة يحتسيها قومٌ فتُطربهم ؛ بينما يحتسيها آخرون فتُحزنهم ؟
وكيف يكون التزاوجُ معادلة إحلال وإبدال متى اختلَّ طرفاها سطق الآخر ؟
وهكذا بدأت الأرضة تنخر عمادَ البيت الصغير الذى حاول أن يصمد أمامها
صمود مدافع ولكـن ما أسرع الانتكاسة بين طرفين غير متكافئين !!
|
Post: #3
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-09-2007, 10:43 AM
Parent: #2
(3)
وفى تلك الأمسية حمل والد (وحيد) ابنه وبكى كثيراًكأن لم يبك من قبل
ثم توجَّه نحو عمه ؛ مثقلَ الخطى ، شاحب الوجه ، مطأطَأ الرأس ، ملعثم الشفاه
حتى بادره عمَّه :
- مالك يا زول .. لعل مافى عوجة ؟
- لا يا عمِّى ..بس (سلوى ) دى أنا طلَّقتها وعفيت منها ..
قال ذلك وهو ينفض طرف جلبابه كأنه يتخلَّص من ترابٍ علِقَ به ..!
- مالها ؟ اتلَّومتْ معاكم فى حاجة ..قصَّرت فى حقكم ؟
- لا والله .. نعم الزوجة كانت ..لكن بس انقطع النصيب
- مافى عوجة تَبْ آ ولدى .. انتو الاتنين اولادى
انشاء الله ربَّنا يسهِّل عليك وعليها ..ثم صاح ( الشاى يا بِتْ )
جلس والد (وحيد ) على طرف السرير ليحتسى الشاى مع عمه من يدِ زوجته
قبل لحظات وطليقته حالياً فقط على سبيل المجاملة ..!
وقبل أن يفرغ كوبُه ، نهض واقفاً ومودِّعاً ، حيث أخبرهم أنه ينوى السفر
غداً خارج البلاد ..
|
Post: #4
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-09-2007, 10:53 AM
Parent: #3
(4) قيَّض الله لوالد (وحيد ) فرصةَ انتداب للعمل بإحدى دول الخليج
وهناك انهلَّتْ عليه الدراهم وحسنت أحواله ، وتغيّرت ملامح حياته
وسمقت أحلامُــه ..
ولَوَى عنقَه عن زمنٍ كانت فيه (سلوى) زوجه وسكنه وأم وحيده وكيف كانت تساعد
بيديها - وهى عروس - فى ترميم تلك الحجرة الوحيدة التى تضمهما معاً ..
وكيف كانت تقاسمه الصبر على الحياة وشظف العيش فى سعادة نادرة وقناعة
منقطعة النظير ..
|
Post: #5
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-09-2007, 11:05 AM
Parent: #4
(5)
مرَّت الأيام وتوالت السنين ولا زالت (سلوى ) منكبَّةً
على رعاية وحيدها ، رافضةً الزواج من أىِّ رجل ، ولطالما
استنكر ذلك والدُها .. وهى لا تنفك تُشــير الى وحيدها بأنَّه
ابنها وزوجها وحياتها ومماتها ، ولا تأبه بكل شئٍ ســواه ..
كانت تزدرد غصَّةَ (المطلَّقة ) و (العَزَبه) أو ما يحوى مرارتهما
من ألأقارب قبل الأباعد .. وهى عاكفةً على وحيدها رغم دمامة المجتمع ..
لم تحول (سلوى) بين وحيد وعمومته اطلاقاً رغم أن النفَّاج بين البيتين
انسدَّ وربا .. والسور تطاول قليلاً ،وكان قبلاً يتقاصر دون الصباحات البهيَّة
والعشيات النديَّة ..
|
Post: #6
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-09-2007, 11:32 AM
Parent: #5
(6)
الآن (وحيد) استوى شاباً خلوقاً عاقلاً يسبق عمره
شكلاً ووعياً .. يراود الشهادة السودانية عن نفسها
بحنكة ودراية ومسئولية ..
يرى أُمَّه أمام كل خطوة يخطوها .. يرى عينيها الجميلتين
الحزينتين الصارمتين أمام كل هفوة أو زلَّة يمكن أن يقترفها
شاب فى عمره ..!
فهو يعلم أنَّ أباه لم يتوان قط فى الإنفاق الماد عليه والكساء
وكذلك الخطابات التى يذيِّلها دائماً بقوله :
(أوصيك ونفسى بالصلاة وتقوى الله )
كنوع من أنواع التربية بالمراسلة ..
كل ذلك يعرفه (وحيد ) و لكنه يتساءل :
أين العطف الأبوى ؟
ثمة أشياء نفقدها ويبقى الأمل للعثور عليها ..
ثمَّة أشياء نفقدها الى الأبد ..
كم كنت أتمنى أن أعفِّر جلبابه بالتراب ..
أن ألطِّخ قميصَه بالحلوى ..
ترى كيف يصير الوالدُ والداً دون أن يتبوَّل على حجره يوماً ابنُه ؟!
ترى كيف تبدو أُبوَّةُ أبى؟ كيف يعامل زوجته الحسناء فى المهجر
وإخوتى الصغار ؟
إنَّ أُبوَّةَ المُطلِّق منقوصةٌ لا محالةَ ؛ فما بالُ البنوَّة ؟
يــا ربى ..
الآن أدرك أبغضَ الحلالِ عندكـ..
فما هـو أحبُّ الحــــرام ؟؟؟!!
بس
|
Post: #7
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: مهند الجيلي بادي
Date: 01-09-2007, 01:11 PM
Parent: #1
شــــاذلي ،،
قرأتك وعبرتي تغلق الحلق وأطراف أجفاني إمتلأت دموعا ولكني أمسكتها لا لشيء فقط لأني في مكان عام .. !!
يا صديقي ،،
هناك الكثير من أمثال الوحيد .. لم يمت آبائهم أو يطلقوا هم زوجاتهم .. وإنما الاغتراب .. ذاك الذي يجري خلفه الرجال بحثا لوضع أفضل .. فمنهم من نسي أولاده وبلده وترابها وأهله .. ومنهم من واجهته الغربة بمؤخرتها مديرة وجههافشرب أمر الكاسات من الإهمال والحاجة والمرض والإساءة وغيرها من علاقمها .. إندلقت فيه أكواب أكواب الحنان على (الرهاب) .. فنشأ الأولاد محرومين من الأبوة وحنانها .. وذكرياتها إنقلبت عبرات .. فكم من صبي يشتهي أن يقول كلمة (أبوي) .. !!
إفتقدت أبي صغيرا لاغترابه .. وعانيت من ذلك ما عانيت .. كنت أسمع أصدقائي يقولونها - لفظة الأبوة هذي - فتتفجر في رأسي الصغير سيول من التساؤلات ..
لكنه بعد حمدي لله رجع واستقر في قلب أسرته بعد أن شق كل فرد فيها طريقه .. فبتنا لا نرى بعضنا إلا قليلا ..
الآن هو صديق وفي .. وحبيب إلى قلبي حديثه ومجالسته ومسامرته فبقدر ما تتاح لي فرصة أن نكون معا .. نستقلها بكل ما فيها من حنين ووئام وفرح وابتسام معوضين ما فاتنا من كل ذلك ..
أسأل الله لي وله المغفرة والرضوان وأن يطيل صوته فينا
فلكم هو فقد الأب قاس
مرفق : حبي الكبير بــــادي
|
Post: #8
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-09-2007, 02:01 PM
Parent: #7
أخى : مهنَّــد
أهــلاً بكـ
وكلـ عـامٍ وأنت بألف خير
وأحلامك كلها محقَّقة ..
إنَّ هذه الحياة خارج كنف الوالدين- لأى سببٍ كان - مرةٌ لا تُطـاق
كثيرون تجاوزوا هذا السور وحقَّقوا أهداف سامية
ونبيلة ، وأحرزوا نجاحات باهرة ؛ ولكن لم ينجهم ذلك من
جراح ماضيهم وإن اندملت تبقى ندوبها وشماً على كتف الذاكرة العارى ..
وجمال الحياة يتجلَّى تحت جناحَىْ أبوين رحيمين فوق عشٍّ يغرِّد
كل المواسم حميميةً وحباً و وئاما..
ربنا يحفظ وأباك
وسائر الآباء والأمهـــأت
شكرى واحترامى
|
Post: #9
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: أحمد الشايقي
Date: 01-09-2007, 03:24 PM
Parent: #8
الحبيب شاذلي,
لا تزال قصـتك قويـة الوقـع في نفسـي,
واقع متكـرر وهــو جــد أسـيـف,
لك التحيـة يا حبيب
أحمـد
|
Post: #10
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-09-2007, 05:48 PM
Parent: #9
صديقى : الشايقى
توقُّفكـ عندهـا يقع على نفسى برداً وطمأنينة ..
والمرور الجميل ..
تحياتى مقرونة بحبى .
شاذلى
|
Post: #11
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-19-2007, 10:05 PM
Parent: #10
القطة والقمرية
لم تدخل من الباب ولكنها تسلَّقت من الجهة الغربية
للمنزل والتى كانت ميداناً فسيحاً ؛ طالبةً حق اللجوء
متعلِّلةً بأنها مقتتْ حياة التشرَّد والشوارع وتريد أن
تكون قطة بيتٍ محترمة .. وأنها تتعهَّد منذ الآن أن تقطع
علاقاتها مع سمَّار الليل وعاشقيها القدامى ، وان تعتزل
اقتحام المنازل على حين غرة من أهلها ..
لم نرحِّب بفكرتها فى بادئ الأمر ولكنها لم تكن على استعداد
أن تعود مرةً أخرى الى حياتها القديمة ؛فكنا اذا طردناها من
من الغرفة تذهب الى المطبخ ، واذا نهرتها أمى هناك تلوذ بالراكوبة
وإن وجدتْ فيها ما يكدِّر مزاجها؛ اندسَّتْ بين شجيرات العدسى المزروعة
فى ركنٍ قصىٍ من (الحوش ) ..وهكذا حتى يئسنا من زجرها فأصبحت - شئنا
أم أبينا - جزءاً من حياتنا .. تشاركنا المأكل والمشرب والمرقد
فكثيراً ما يشتبه على قدمى ملمس البطَّانية والقطة النعم فتموء بصوتٍ
خفيت معلنةً وجودها معى على السرير .. جايى
|
Post: #12
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-19-2007, 11:10 PM
Parent: #11
وللحقبقة أحببتها كمخلوقٍ وادعٍ وحالمٍ وأليف
ومسالمٍ للدرجة التى تجعله يدسُّ مخلبه فى غمده
وهو نائم ولا يُشهره جتى عندما تلكزه قدمى ..!
ولطالما وقفتُ بين الحب والإلفة .. والتسلُّق والتملُّق
وهى تلثم قدمىَّ ؛ تدخل بينهما وتخرج ؛ تمسحهما بجسدها
أو تمسح جسدَها بهمــا ..!
ولــكن (القمرية ) كانت أسبق للقطة ..فقد حطَّت على قلبى
الغضِّ منذ الصبا الباكر ..
ولم أصدِّق عينى - فرحةً - فى ذلك الفجر الندى .. عندما
تنزَّل زوج القمرى من علياءه على شجيرات العدسى ، فأكل
منها زاهداً ثم يمَّم وجهه صوب الجدول الصغير الذى كان
امتداداً لخرطوم المياه القصير ؛ ثم عَرَج (السدرة) المتكأة
على الجدار فأخذ يغنى للحياة والجمال والحب والحبور.. كانت (السدرة) عُشَّاً بديعاً لزوج القمرى وفراخه ؛ وكان
لى بدوره مصدراً للسلوى والطرب الأصيل ، ومبعثاً للأمل كلما
فتر شدوُه بفعل الحياة الطبيعى ..
جايى
|
Post: #13
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-19-2007, 11:22 PM
Parent: #12
وعندما عدتُ الى بيتنا بعد نصف يومٍ كامل من الرَّهق
العملى ؛ استقبلتنى القمرية وهى توقِّع سجعها على قمة
عامود الهرباء ؛ فحييتها وتناغمت معها روحى من عمق
أعماقها ..
وعندما دخلت البيت وجدت القطة تنام هانئةً فى وداعتها
المعهودة تحت شجرة السدرة .. ولكن ما هذا الريش الذى
يتطاير حولها ؟
يا الله .. هذا رأس القمرية ..!
فماذا عن الفرخين الزغبين ؟ .. أهرعُ نحو العش فوق
السدرة ؛ لا أثر لهما ..
إذاً فعلتها ولا شك فى ذلك ..
أكلت القطةُ الفرخين ,اباهما أو أمَّهما لست أدرى .. أبقتْ
الرأس والريش من القمرية بينما لم تترك من الفرخين شئيا..!
جايى
|
Post: #14
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: Muna Khugali
Date: 01-19-2007, 11:42 PM
Parent: #13
كرهتها قطتك هـذه.. ولن أغفر لها فعلتها عندما أصل المرة القادمة الي الصالحة..
مني
|
Post: #15
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-20-2007, 00:01 AM
Parent: #14
كديسة حاقدة جداً يا منى
نوع الكدسه الـ بقعد معاكـ بى ضراعو
ده ويفتكـ بى حاجاتكـ الجميلةمجرم
مفروض نتخلَّّص منو .. مش؟
من هسه بحر السعادة يفيض
لا حدى جيتكـ القادمة انشاء الله ..
شكرا
|
Post: #16
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-20-2007, 00:26 AM
Parent: #15
الآن أُدرك أن التى توقِّع سجعها على عمود الكهرباء
لم تكن تغنى إنما كانت تبكى بكاءً مريراً ..
فكيف بالله تعاطيتُ بكاءَها غناءً ؟!
تطير القمرية من العمود .. ترنِّق حول عشها المنكوب
ثم تعود أدراجها مفجوعةً ينفطر كبدها حسرةً على ابنيها
وزوجها .. لا يهدأ لها بال ولا يستقر لها حال .. تحطُّ
على مقربة من القطة المتناومة التى تلملم أطرافها فى حذر
ورشاقة .. تنبطح على بطنها وذيلها ينتصب من خلفها فى خط
مستقيم .. لا أثر لأرجلها تزحف على بطنها نحو القمرية الناجية
الوحيدة من العش ..
هنـا أحنق عليها أخلع (مركوبى) ..هل أخبط القطة المفترسة
-التى تمارس غريزتها الدموية - انتقاماً للقمرية ؛ أم أهشّ
القمرية البريئة حتى تنجو بنفسها ..؟
شيئاً ما لست أدرك كنهه أعادنى الى تلك الليلة السوداء
بمستشفى ابن سيناء عندما كان (عمى) يتقيَّأ فتاتَ كبده - وقد مزَّق
أحشاءَه السرطان اللعين - فى سلَّة النظافة بغرفة الانعاش ..
يقول وهو يقسم نظرته بين السلَّة وعينىَّ :
يا ربى صبركـ وعفوكـ ورضاكـ ..
وأقول فى نفسى : يت ربى هل اتضرَّع اليك لتأخذَ روحَه فيرتاح ؛
أم أتوسَّل اليك لتمنحه الصبر أجراً وكفَّارة ؟
وعندما يصرخ عمى بقدر ما أوتى من الصبر والألم؛ يهمهم فى أعماقى
صوتٌ مكتومٌ أخرس .. يا ربى ما الفرقُ بين الابتلاء والعذاب ؟
فيبلعه صوتٌ مكتومٌ يقول : اللهم لا نسألكـ ردَّ القضاء ولكن نسألكـ
اللطفَ فيه ..
فيلطف الله وتعود القطةُ الى مرقدها بعد أن فشلتْ محاولةُ قنيصها
هـذه المرَّة ..
هل ترتنى سلبتُها حقَّ البقاء ؛ أم أنقذت روح القمرية لتحفظ
نسل العش المنكوب ؟ جايى
|
Post: #17
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 01-20-2007, 01:07 AM
Parent: #16
نعم أعشق القمرية ولكن لا أمقت القطة ..
وتصيح الحقيقة إنَّ ملك الغابة لا يفترس
الاَّ عندما يكون جائعاً .. فما بال المملوكين ؟!
أيتها القطةُ كيف تجمعين بين الشراسة والوداعة ؟
إن كان ليس فى مقدور مأواك الاختيارى أن يوفِّر لك
اللحمَ كمَّاً وكيفاً ؛ هل تتركين الوداعة للآخرين ؟
ولماذا لم تأكلى لحمَ الأضحية ؟ ألم يكن عيداً ؟
لماذا تعرضين عن لحم الأضحية وتكتفين بالخبز واللبن
الذى عجنته لك أمِّى ..؟
هل كان ذلك لطفاً منك ؛ أم كان نسكـاً ؟
إن كان ذلك كذلك ؛ لمه تأكلين فرخين لم يتعلَّما
فنون الطيران بعد ؟! كل ذلك لم تعره القطةُ اهتماماً عندما وقفت تتثاءب وهى
تلعق شاربها وتطالع العش المنكوب ..!
أتركها وأمضى وفى أُذنىَّ صوت الشاعر محمد الحسن سالم حميد
يصرخ وسط الفيضان :
يا رازق الحيوان أخو
يا رازق الحيوان أخو
وبس
|
Post: #18
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 02-09-2007, 06:09 PM
Parent: #17
تعال ..
|
Post: #19
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 02-09-2007, 06:40 PM
Parent: #18
أما آن لهذا الحبِّ أن يجلس أمام المأذون ..؟! (1)
ضحكنا كثيراً يومها
أنتِ تتحدثين عن (الشَّبْكه) وأنا أُدير دفَّةَ الحديث نحو (الدِّلْكه) ..
- جِنَّكـ الحكايه دى .. بس تجرى عليها جرى ..
-أنت قايلة شنو ..الدِّلْكه – عندى – رمز للزوجية حميمية السَّكن ؛ فيحاء الزمان
والمكان والأحلام و ... و ..
- دعكـ من الرسم على رمل الوادى البليل - أيها المشاغب – وادنو بمقعدكـ منى قليلاً حتى ننجز مابدأناه ..
كانت روقةً بيضاء أودعناها كلَّ الخُطى الخضراء ...
وحفظناها معاً عن ظهر قلب .. وتلوناها فى محراب الوعــد الوفى ..
وطفقنا ننسج الأيام ثوباً للغدِ الآتى القريب ..
وانطلقنـا ...
|
Post: #20
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 02-11-2007, 04:53 PM
Parent: #19
(2)
وعندما خلدتُ للذكرى فى هزيع الكأس الأخير ؛ تدفَّقن تجاهى
من فجٍّ عميق .. كُنَّ يحملْنها فى قسماتهنَّ بصورةٍ أو أُخرى
فيهنًَّ مجتمعاتٍ شيئاً منها ؛ لكأنَّهنَّ سبَقْنها يبشِّرن بها .. أو أنَّها فصَّلتْ قدومَها أولاً فأجملته أخيراً .. وتقهقرتْ الأيامُ للوراء حين التقيتُها فى شارع البقالة ملتفَّةً
بثوب أُمِّها الأخضر ؛ تقتاد وليد أُختها ؛ تكلِّمنى بيدها اليسرى
وذيل الثوب على عاتقها الأيمن ...تهمس قافشةً فأُدلق ضحكةً
لمَّا تنسجم بعد مع صوت تلك الأيام ..
ثم لا يلبث الزمان حتى يرتدى البنطال البُنِّى والقميص الأبيض
والحذاء الرياضى ..
فتكتنز اللقيا داخل زِيِّها الَّلبنى بعد أن ضاق عنها البُنِّى ..
وبين الدمعة والابتسامة نلتقى بجبران خليل جبران ؛فينقسم
الحُبُّ الى ( روحى وجسدى ) ..
تراها كانت (مارى هسكل ) أم ( ميشيلين ) ؟
هى نفسُها أم صديقتها أو شِبْههما ..؟!
|
Post: #21
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 02-17-2007, 08:14 AM
Parent: #20
(3)
لن أنسى ذلكـ اليوم الذى رأيتها فيه تجلس وحيدةً
فى مدرَّج القاعة الكبرى ؛ وحدها كانت تحدِّق فى البعــيد ..
وذات مرَّةٍ رأيتها تخطب فى ساحة النشاط الطلابى وسط
دائرةٍ من التصفيق والتصفير ..وبين أترابها فى كافتيريا
الجامعة .. لا زلت أذكر كبوتها أمام مكتب المدير ؛ سمنارها
عن الطيّب صالح .. ودمعتها التى سقطتْ على شفق الغروب
عند ملتقى النيلين ..
منتُ ألأمحُ وجهها حيناً ؛ وحيناً أسمع صوتها .. تارةً تشدّنى
لثغتها و خصرها و ضفريتها .. وأُخرى تطربنى بحَّةُ صوتها
وروحها وأفكارُها ..
يا دهشتها وهى تعقد حاجبيْها ..
يا ضحكتها قُبَيْل التلاشى ..
يا وقفتها وهى تُرسل شعرها للوراء ..
يا روعتها وهى تقلِّب الأشياء ومعانيها بين يديها ؛ فتنبتُ
بينهما انسانةٌ أُنثى ..
دنوتُ منها فأزهرتْ حمامة ..
مددتُ يدى فطارت .. رفرف قلبى .. حلَّقت وعــادت حطَّت
على غصنه النشوان وأخذت تغنى للحيتة والحب والجمال ..
حمامتى تغنى ويأخذنى الطرب ..
|
Post: #22
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 02-17-2007, 05:22 PM
Parent: #21
(4)
وافترشنا رداء الظهيرة بين المكتبة والقاعة الكبرى
بعد أن رنَّقتْ حمامتى قليلاً وعــادت ..
قالت بعد أن خلعت عن حبَّة (الترمس) قميصها ثم
زجَّتْها فى فمى ، وسحبتْ بنانها سريعاً تحسباً لأىِّ عملٍ عدائى غادر :
- هــاكـ ..لأنَّكـ أنتَ مكسَّــر فينى ..!
- هسِّى الـ مكسَّر فى التانى منـو ؟
- انتَ ده ..
- بالله ؟ التَّلِج ده الـ كسَّرو منو ؟ والـ قشَّر الترمس ؟
- أقول والاَّ مافى داعى لـ ذكر الكَبْكَبه ..؟
واندلقـنــا ..
أتـذكر ارتباككـ ذاكـ ونحن نعبر عتبةَ الزمالة الى الصداقة ؟
كنَّا نطلقُ عليها الزمالة ، ولمَّا نَمَتْ ورَبَتْ ؛ تفتَّحت أكمامها
عن ناضرةٍ أسميناها الصداقة ..فأثمرتْ تلك الفوَّاحةُ يانعاً
وطازجاً هو أشهى ما فى روضةِ الحـياة ..
- إذن لماذا نسمى تلك الأشياء بأسمائها ما دامت قادرةً على تغييرها
بين الفينة والأخرى ..قد يسبق الاسم المسمَّى ، وقد يسبق
الأخير الأول ؛ وقد يلتقيان صدفةً فيلتصقان مدى الحياة
وقد يتخلَّف الاسم عن مسماه حيناً من الدهر ..
وقد يزور الاسمُ المسمَّى فى داره فيجده فى زيارة اسمٍ آخر ..!!
ولكن الإنسان عندما يغيِّر اسمه ؛ يُعتبَر مزوِّراً ..!
|
Post: #23
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 02-18-2007, 09:36 PM
Parent: #22
(5)
نحن لا نغيِّر الأسماء ؛ إنما المسميَّات ،وذلكـ بتحفيزها نحو الأسمى
والأنبل والأشرف مكانة لتخضرَّ الحياة .. ولا يتأتى ذلكـ - فيما
اعتقد – إذا انعكست الصورة ..
قد تخلع تلك العلاقة اللدود معطفها على أريكة غرفة الاستقبال ؛ وتتكئ
على ظلالى الود و المحبَّة لتحتسى قهوة الأمل والفرح مثلما تعاقرك
الهموم والترح .. ولكنها - قطعاً – لن تتمدَّ على الأسرَّة المخمورة
السَّمر ؛ ولن تأتزِر الصباحات الملامِسةَ الجُنُب ..ولن تُلقمَ أُذناً
حلْمةَ اللغةِ الأولى بين سبَّابة (الباء) ووسطى (الميم) ..
إذاً كيف ترتدى قصةُ الهوى الولهانة معطفَها بعد أن تعتق بنصرها
وتُعيد طلاءَ شفاهها لتجلس على الكرسى أمام منضدة الضيافة فتسأل
الأحوال عن كيفها وتعود من حيث أتت ..!
وكيف تنزع يدها مبلَّلةَ الأردان من قطر العشيات التى تُلقى
ذيل ثوبها على وجه الفجر الصبى وتقول :
بالأمس كان حبيبى
والآن يتدثَّر بثوب صديقى ..!!
|
Post: #24
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 02-23-2007, 10:12 AM
Parent: #23
(6)
أشعلتُ سيجارتى ورحلتُ من ثغرها الى عاصمة وجهها ..
وأنا أحمل بقجة المغالطة إمعاناً فى إثراء الحوار :
- لا شئَ يسلب الصداقةَ حقها – حسبما أرى – أن تعقب
كلَّ الفصول الحياتية .. أن تهطل أينما تشاء ووقتما تشاء
ما دامت النفوس ظمأى والسمــاء سخيَّة ..
ما دامت الأرض شبقى والمعاول فتيَّة ..
تعتدلين فى جلستِك قليلاً لتجدِّفى نحو ضفة الكلام فى لهجة هازلة :
- يا زول هوى .. ده كلام ســاكت ..
عندما يُعزَل القلبُ الجمَّاحُ من منصبه ؛ يخالف تعليماته المستديمة
ويتمرَّد على أوامره الجديدة .. ويدخل الغابة طوااااااالى ..!
لملمتُ أطرافَ ضحكتى سريعاً لأتابعَ ضحكتِكـ وهى فى طريقها
الى التلاشى .. ثم فى صوتٍ خفيضٍ :
- أنظرى الى شجرة الصداقة التى أثمرتْ فاكهة حبنا اليانعة
فبعض الحُبِّ يحتاج أرضاً صالحةً ، مناخاً ملائماً ريثما
توتَّدتْ جذوره فى الأعماق ؛ فيسخر – بعد ذلكـ - من العواصف والأعاصير ..
- ولكن بالله عليك يا صاحب الصوت الخفيض ..كيف تصبح
زهرةٌ بنفسجيةٌ وردةً بنفسجيةً ؟؟!!
أما قلتَ لى قبل اليوم أنَّكَ ضد الموكب الذى تُعبَّد أمامه الطريقُ
وتحفُّه الهتافاتُ وتتضرَّع إليه الأكفُّ بالولاء والدعاء ..؟
|
Post: #25
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 02-24-2007, 08:08 PM
Parent: #24
(7)
قلت :
كلُّ علائق الحب والعلائق المجاورة لها
تستمدُّ ضياءَها من جذوة العاطفة ..
مغامرٌ ذلك الذى يمتطى ترويضها فى مضمار
الرهان ؛ فيُطعمها وقودَ القربِ حيناً وحيناً
يستثيرها بعشب التعلُّل اليابس ..
مغامرٌ هو مَن يضع قاموسها على طاولة النكاح
، ويهزُّ سبحتَه وينصرف فى هدوء ..
مكابرٌ هو مَن يضع مفتاح خزانتها فى جيب الايجاب والقبول ..!
فهل هى الاَّ قصيدةٌ عصماء انحدر منها
بحرُ العَروض ولم تنحدر منه ..؟!
- بالمناسبة مَن ألهمتْتك قصيدةَ البارحة ؟
- ما كتبتُها عن التى جاءتنى تخرُّ الليلَ
ولمَّا تعثَّرتْ خطواتى فى غبش الفجر ؛ أحْجَمَتْ ...!
ولكنى فصَّلتُ القولَ على مقاييس مَن التقيتُها
قبلاَ هنا وهناكـ .. مَن قرأتُ نِتَفاً من نصوص حسنها فى
وجوه العابرين .. من تعرَّفتُ على أشياءِها بين أشياءِ الآخرين
من تتبَّعتُ آثارها فى دروب الظاعنين .. وها هى الآن ملء حنجرتى
نشيد القادمين من المشارف فوق صهوات الحنين ..
ألا يا رياضَ الحُبِّ شقشقى ..
ويا مرافئُ ارقصى .. جاء السفين .....
بس
|
Post: #26
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: حبيب نورة
Date: 02-24-2007, 11:10 PM
Parent: #25
مررت من هنا
|
Post: #27
Title: Re: هَمْهمـــات فى غسـقِ السكــون ..
Author: shazaly gafar
Date: 02-25-2007, 05:34 AM
أهلاً بيكـ حبيب نوره
مروركـ من هنــا يُسعدنى
شكرى
|
|