آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي

آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي


07-02-2005, 12:57 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=304&msg=1190017814&rn=6


Post: #1
Title: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: فتحي البحيري
Date: 07-02-2005, 12:57 PM
Parent: #0


ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي

آدم إدريس بخيت
طالب دراسات عليا - جامعة الخرطوم

الأيدلوجيا هي شكل من أشكال المعرفة غير الستندة على أسس علمية وهي من حيث اللغة تعني العقيدة أو علم العقيدة .
أما الأيدلوجيا كمصطلح فتشير إلى تلك المنظومة الفكرية والعقائدية الشاملة التي تحتوي على مجموعة من المعتقدات والأفكار والقيم والممارسات، والتي تشكل في مجملها رؤية أو تصور لما يجب أن يكون عليه المجتمع في كافة نظمه .
وهي من حيث الجانب الموضوعي تعبر عن مصالح وأفكار وفلسفة أقلية من الناس يتوهمون بأنها مصالح المجتمع برمته أو بأسره يبذلون الغالي والنفيس في سبيل أن تنتشر هذه الأفكار وتتغلغل وسط المجتمع والذي دائماً مات تعمل هذه الأفكار على حجب رؤيته المستقلة والمحايدة للأشياء ، وتلبسه العدسات التي من خلالها ينظر لكل ما حوله ، حيث لا تترك له سبيلاً للتفكير المستقل ، على الأقل من الناحية النظرية .
تصبح الأيدلوجية أكثر خطورة عندما تتقمص البرامج السياسية وتصبح طرحاً حزبياً يراد به صياغة المجتمع وإعادة ترتيبه في كافة نظمه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وفق معايير ثابتة وجامدة وبمختلف الوسائل .
إعادة صياغة المجتمع وفق الرؤية الإيدلوجية الضيقة باعتبارها (الصاح ) المطلق يعني عدم الإعتراف بل إقصاء أي رؤية أو مشروع آخر.
ولقد أثبتت التجارب أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال ممارسة سلطة ذات اتجاه واحد الأمر الذي يجعل النظام الشمولي ونظام الحزب الواحد حقيقة ملازمة للأيدلوجيا ونموذجاً مستبطناً .
تحتاج الأيدلوجيا إلى الهيمنة على السلطة الإدارية والسياسية بالدولة ، والتي تمكنها من فرض نموذجها الشمولي وتمكنها من السيطرة المباشرة وغير المباشرة على الوسائل التي بموجبها يتسنى لها أن تتغلغل وسط المجتمع ومن ثم إعادة صياغته وتشكيله . وتشمل هذه الوسائل الإعلام بمختلف وسائله والمؤسسات التعليمية والهيئات التشريعية.
السعي للسيطرة على هذه الوسائل وغيرها يقودنا إلى حقيقة مفادها أن اعتناق الأيدلبوجيا في الغالب لا يكون نتيجة لخيار حر وواعي ، وأن صياغة المجتمع في هذه الحالة لا تتم وفقاً لعمليات طبيعية الأمر الذي يجعل من الانقضاض الشرير على السلطة هدفاً مستبطناً وباقياً .
لم تسلم الحياة الفكرية والسياسية في السودان من مثل هذه النماذج حيث قامت منذ وقت مبكر أحزاب ذات توجهات أيدلوجيا وأصبحت جزء من الواقع السياسي . ونعني بالحزب الأيدلوجي الحزب الذي يمتلك برنامجاً عقائدياً إقصائياً شاملاً .
ولعل أبرز هذه الأحزاب في السودان الحزب الشيوعي السوداني والجبهة الإسلامية السودانية واللذان قامت على أكتافهما أعتى تجربتين شمولييتين في تاريخ السودان .

أكثر ما يميز هذه الأحزاب ذات التوجه الأيدلوجي أنها تعيش حالة من الفصام والازدواج في ممارستها السياسية . وانفصام الشخصية كمرض نفسي يعني في أبسط صوره أن يعيش الفرد بأكثر من شخصية وهي حالة مرضية تطمس وتصيب الهوية الفكرية والنفسية .
يصبح الفصام أكثر خطورة عندما يكون حقيقة نفسية ملازمة لحزب يتحكم في أو ينتظر أن يقول كلمته في مصير الناس .
تتجلى حالة الفصام لدى الحزب الأيدلوجي في أنه يعيش بوجهين أو عقلين أحدهما ظاهر والآخر باطن . يرتبط العقل الظاهر دائماً بحالة المعارضة أما العقل الباطن فيبرز للوجود عند الاستيلاء على السلطة .
الحالة الأولى أي (العقل الظاهر ) دائماً ما يتقمصها الحزب الأيدلوجي عندما يكون معارضاً ، ويرتبط خطابه في هذه الحالة بشعارات مثل (الديمقراطية ، التعددية ، حقوق الإنسان ، المرأة ، ...إلخ ) . هذه الحالة يتقمصها الحزب لأن جو المعارضة دائماً ما يضعه في ظروف يكون فيها مضطراً إلى أن يكون قريباً إلى وجدان الناس وهمومهم وقضاياهم . وحتى يضفي نوعاً من الشرعية الإنسانية على عمله المعارض ، كما يأتي هذا الاضطرار كذلك لمسلمة مفادها أن الفكر الإنساني السوي والصالح قد تجاوز مفاهيم مثل الشمولية والحزب الواحد حيث أصبح من المخجل المجاهرة بمثل هذه الرؤيا.
تمثل الحالة الثانية (العقل الباطني) الوجه الحقيقي للأيدلوجيا حيث يشير علماء النفس إلى أن العقل الباطن يختزن حقائق الشخصية وتجاربها الخاصة . ترتبط هذه الحالة دائماً بالاستيلاء على السلطة وممارستها وتجعل هذه الحالة خطاب الحزب وممارسته على النقيض تماماً لما كان عليه في الحالة الأولى . وتتجلى هذه الحالة في الاستيلاء على السلطة بالقوة ومن ثم تأسيس نظام شمولي يصادر الآخرويقصيه وما يتبع ذلك من انتهاكات وخطايا في حق الإنسان وكرامته .
تتراوح الممارسة السياسية للأحزاب الأيدلوجية بين هاتين الحالتين ومن المضحك أن التحول من حالة إلى حالة يتم بصورة دراماتيكية ساذجة لاترقى حتى لمستوى التكتيك الواعي والتحايل الفكري .
لذلك لم يكن أمراً عجدباً حينما أتت مايو بكل شرها المستبطن ضاربة بكل مواقف الحزب الشيوعي وخطابه وأدبياته إبان حكم عبود عرض الحائط كاشفة عن الوجه الآخر للأيدلوجيا حيث ظل الحزب الشيوعي منادياً بالديمقراطية من الشعارات الجميلة في خطابه وأدبه طوال فترة عبود بل أكثر من ذلك كان له دور مؤثر في إشعال ثورة اكتوبر والتي كان مقصدها إنها ء العهد الدكتاتوري القائم وتأسيس نظام ديمقراطي على أنقاضه ، وتقمص الحزب في هذا الوضع الحالة الأولى ؛ أي العقل الظاهر للأيدلوجيا ، حيث توفرت كل شروط ممارستها . ولكن مايو والسلطة أفرزتا موقفاً فكريا يقف على النقيض تماماً للحالة الأولى ويتجلى في الاستيلاء على السلطة بالقوة ومن ثم تأسيس نظام شمولي قابض والهيمنة على كافة وسائل التغلغل الأيدلوجي ومن ثم إذلال الإنسان وكرامته .
ولسنا هنا بمحاكمة ما إذا كانت مايو شيوعية حقاً أم لا ، ونكتفي بملاحظات أوردها الصادق المهدي في ورقة له عن حقوق الإنسان في السودان ، حيث يشير إلى أن الكادر العسكري للحزب الشيوعي متورط في الإنقلاب وجزء من قيادة مجلس الثورة كما يشير إلى رعاية الحزب الشيوعي الروسي للنظام الجديد علاوة على الهندسة الشيوعية للنظام الشمولي


ما يعنينا في هذا السياق هو إثبات الفرضية الأساسية لهذا المقال وهي فصام الشخصية وازدواج الهوية الفكرية للحزب الأيدلوجي والجدير بالذكر أن الحزب الشيوعي الآن حالة العقل الظاهر ويتقمص خطابها بكل أدبياته وشعاراته .
أما الجبهة الإسلامية فهي الأخرى تنطبع تجربتها السياسية بذات الطابع المنفصم . فخطابها المعارض في كافة المراحل مشحون بنفس الأدبيات التي تدل على ممارسة العقل الظاهر للأيدلوجيا ، كما أن تجاربها النضالية تسجل لها مواقف ميدانية للمشاركة في انتفاضات ضد النظم الشمولية ، وهي هنا تمارس عقل وأدب توفرت كافة شروطه . ولكن ظل العقل الآخر مستبطناً إلى أن تهيأت له كافة شروطه حيث جاءت الانقاذ بدورها كاشفة عن الوجه الآخر للأيدلبوجيا ، قوضت الديمقراطية والحرية وأسست نظاماً شمولياً قاسياً ومن ثم سيطرت على كافة وسائل التغلغل الأيدلوجي وإعادة صياغة المجتمع وفقاً لمشروعها .
كذلك لم يكن مستغرباً أن ينادي دكتور الترابي فور خروجه من السلطة بالحريات وأن تصبح مسألة الحريات العامة والتعددية علامات بارزة وصفات مميزة وملازمة لمجمل خطابه المعارض . كذلك لم يكن مستغربا أن ينادي فور خروجه من المعتقل بالحريات وأن يعلق أول تعليق صريح له على الدستور الانتقالي في أنه غير معني بالحريات في شيء (التصريح نقلاً عن سودانيزأونلاين دوت كوم)
نخلص من هذا إلى أن الأيدلوجيا تعاني حالة من الفصام والازدواج في بنائها السكولوجي والفكري وأن الحزب الأيدلوجي يظل يستبطن برنامجاً شمولياً مهما تبنى من شعارات وأدبيات تمليها ظروف وشروط مرحلة مالم يغير في بناءه السيكولوجي والفكري .
إن بقاء هذه الأحزاب على هذه الشاكلة يظل سبباً أساسياً ومباشراً في الحلقة المفرغة التي ظلت تدور فيها التجربة السودانية إلى يومنا هذا حيث لا تجدي مع هذه التركيبة الوثائق والاتفاقات طالما كانت مسألة الالتزام الدستوري أمراً مهدداً وصعباً في ظل بقاء أحزاب على هذه الشاكلة

Post: #2
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: حيدر حماد
Date: 07-02-2005, 01:05 PM
Parent: #1

مقال جيد .... شكراً لكاتبه أدم إدريس

الأخ فتحى .... لو سمحت الإيميل لمراسلتك

Post: #3
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: فتحي البحيري
Date: 07-02-2005, 01:22 PM
Parent: #2

كرا حيدر
إنابة عن كاتب المقال ... وعني

[email protected]



you are welcome

Post: #8
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: فتحي البحيري
Date: 07-07-2005, 01:45 AM
Parent: #3


Post: #4
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: الصادق خليفة
Date: 07-03-2005, 08:51 AM
Parent: #1

الأخ فتحي البحيري

تحية طيبة
في الحقيقة موضوع جيد و التحليل فيه كثر من المنطق ، ولعل المتابع اليوم للمؤتمر الصحفي الذي عقده دكتور الترابي على قناة الجزيرة مباشر يدرك هذه الحقائق اي الخطاب المزدوج و نصب الدكتور الترابي نفسه حامياً للحريات و الديمقراطيه و تناسى انه من اتى بهذا النظام ولكن عندما وجد نفسه خارج القصر اصبح خطابه فيه الكثير من مخاطبة الوجدان الشعبي ، عموماً يظل هكذا حال الاحزاب العقائدية( في السلطة تجنن وفي المعارضة تحنن) و التي لم يكسب السودان من وراءها خير وصدقني ان لم تغير هذه الاحزاب في طرحها ستظل هنالك حلقة مفرقة كما ذكر الأبن ادم ادريس بخيت .
عبركم تحياتي له وله مني كثير السلام .

الصادق خليفة ادم

Post: #5
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: الصادق خليفة
Date: 07-04-2005, 00:53 AM
Parent: #4

الاخ فتحي

تحياتي

وصلتني رسالة من كاتب المقال وطلب مني ارسال ايملي الخاص وعبركم انقله
له مع خالص الود و التقدير .

الابن ادم
تحياتي لك و الاسرة

الايميل : [email protected]
او [email protected]

Post: #6
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: فتحي البحيري
Date: 07-05-2005, 02:25 PM
Parent: #5

شكرا جزيلا (مرتين) أخي الحبيب الصادق خليفة
نعم
ما كتبه الأخ آدم هنا يستحق النقاش والتأمل
وأتمنى أن تسعفنا الأيام القادمة في متابعة هذا البوست
فربما كان هذا (وقته) الأشد إلحاحا
والتحية لك
وللأخ آدم
ولجميع القراء والمتابعين
ولحسن عبد الله الترابي !

Post: #7
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: فتحي البحيري
Date: 07-06-2005, 11:52 AM

~

Post: #9
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: الصادق خليفة
Date: 07-07-2005, 04:16 AM
Parent: #7

ونقد يا راجل نسيتو

Post: #10
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: فتحي البحيري
Date: 07-08-2005, 01:12 PM
Parent: #9

الاخوان حيدر حماد
الصادق خليفة
لكم الشكر
تابعت تعليقكم علي المقال
تمنيت ان يجد هدا البوست نقاشات اكثر من قبل المعنيين
كل الامل ان اكون عضوا معكم بالمنبر ونواصل
التحية لك اخي فتحي البحيري

ادم ادريس

Post: #11
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: Elsadiq
Date: 07-08-2005, 03:58 PM
Parent: #10

عزيزي فتحي البحيري


شكراً لك على نقلك لهذا الموضوع الذى أراه على جانب كبير من الأهمية , هذا الموضوع موضوع ثرى للغاية لأنه ذو محاور و مداخل عديدة و أحد هذه المحاور أو المداخل هو النظر بتعمّق إلى الراديكاليات و مستقبلها (كون هذه الراديكاليّات هى التى حفّزت أصحاب الطريق الثالث الوسطى إلى الخروج به إلى النور و عقد العزم على السير فيه) ولهذا...إسمح لى بالمساهمة المتواضعة فى موضوعك هذا إنطلاقاً من محور الحديث عن الراديكاليّات و صراعها مع الطريق الثالث . فتوقعني قريباُ هنا ...


مع خالص تحيّاتى

Post: #12
Title: Re: آدم إدريس بخيت : ازدواج الهوية الفكرية في الممارسة السياسية للحزب الأيدلوجي
Author: فتحي البحيري
Date: 07-10-2005, 11:06 AM
Parent: #11

شكرا الصادق خليفة ، آدم أدريس (صاحب المقال) ، والصادق الآخر

اتفق معكم جميعا حول أهمية الموضوع وضرورة أن يجد حظه من النقاش
سلمتم

صديقي الصادق خليفة

ألا توافقني أن الترابي شخشياً أولى بلفت النظر من نقد شخشيا
ولاعتبارات كثيرة ؟؟؟؟