إلى محبي السفسفة, والرمْرَمة, والبِطْنة (التي لا تُذْهِبُ الفِطْنة!!)

إلى محبي السفسفة, والرمْرَمة, والبِطْنة (التي لا تُذْهِبُ الفِطْنة!!)


09-25-2010, 07:38 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1285439927&rn=0


Post: #1
Title: إلى محبي السفسفة, والرمْرَمة, والبِطْنة (التي لا تُذْهِبُ الفِطْنة!!)
Author: عبد العزيز جامع
Date: 09-25-2010, 07:38 PM


كثيرٌ من الناس-وأيمُ الله أنا منهم- يتخذُ الاهتمامُ بالطعامِ وتنميقِه حيِّزًا كبيرًا من شؤونهم اليومية, ولا أظنّ ذلك معيبًا ما لم يتجاوزه إلى ما قال القائل:
إذا كُسِر الرغيفُ بكى عليه ** بُكا الخنساءِ إذْ فُجِعَتْ بِصَخْرِ
ودونَ رغيفِه قلعُ الثنايا ** وضرْبٌ مِثْلَ وقْعةِ يومِ بَدْرِ
ورأيتُ في المُلَحِ والنوادر المتصلة بذلك ما أورده العلامة الجبرتي المؤرخ صاحب (عجائب الآثار) في ترجمةِ الشيخ عامر البوطي الشافعي حيثُ قال:
"ومات الشيخ الصالح الشاعر اللبيب الناظم الناثر الشيخ عامر الأنبوطي الشافعي شاعر مفلق هجاء ليب شراره محرق كان يأتي من بلده يزور العلماء والأعيان.
و...كلما رأى لشاعر قصيدة سائرة قلبها وزنا وقافية إلى الهزل والطبيخ فكانوا يتحامون عن ذلك.
وكان الشيخ الشبراوي يكرمه ويُكسيه ويقول له: يا شيخ عامر لا تُزَفِّرْ قصيدتي الفلانية وهذه جائزتك. ومن بعده الشيخ الحفني كان يكرمه ويغدق عليه ويستأنس لكلامه.
وكان شيخًا مسنًا صالحًا مكحل العينين دائمًا عجيبًا في هيئته ومن نظمه ألفية الطعام على وزن ألفية ابن مالك وأولها:
يقول عامـر هـو الانبوطـي ** أحمـد ربي لست بالقنوطِ " انتهى كلام الجبرتي رحمه الله
وكان رحمه الله مولعاً بمعارضات القصائد والأراجيز الطوال...وأرجوزته التي أشار إليها الجبرتي هي (ألفية في الطعام) يعارضُ بها ألفية ابن مالك في النحو!!! يقول فيها:ـ
يقول عامر هو الأنبوطي * * * أحمد ربي لست بالقنوطِ
وأستعين الله في ألفية * * * مقاصد الأكل بها محوية
فيها صنوف الأكل والمطاعم * * * لذت لكل جائع و هاتم
.....
طعامُنا الضاني لذيذٌ للنهِم * * * لحما وسمنا ثم خبزا فالتقـم
فإنها نفيسة والأكل عـمّ * * * مطاعما إلى سناها القلب أمّ
....
والأصل في الأخباز أن تقمّرا * * * وجوزوا التقديد إذ لا ضررا
وامنعه حين تشوي الخرفان * * * فإنه يعيق أكل الضــاني
إلى آخرها...وهي ألف بيت!!!
وله منظومةٌ أخرى عارض بها لامية العجم للطغرائي فقال:...
أناجر الضأن ترياق من العلل * * * وأصحن الرزّ فيها منتهى أملي
أكلي غداءً وأكلي في العشاء على * * * حدٍّ سواء إذا اللحم السمين قلي
فيم الإقامة بالأرياف لا شبعي * * * فيها ولانزهتي فيها ولا جذلي
ناءٍ عن الأهل خال الجوف منقبض * * * كمعدم مات من جوع ومن قشل
فلا خليل بدفع الجوع يرحمني * * * و لا كريم بلحم الضأن يسمح لي
طال التلهف للمطعوم واشتعلت * * * حُشاشتي بحَمام البيت حين قلي
أريد أكلا نفيسا أستعين به * * * على العبادات والمطلوب من عملي
والدهر يفجع قلبي من مطاعمه * * * بالعدس والكشك والبيسار والبصل

وله أخرى عارض بها لامية ابن الوردي والتي مطلعها (اجتنب ذِكْر الأغاني والغزل) ...فقال
اجتنب مطعوم عدس وبصـل * * * في عشاء فهو للعقل خبــل
وعن البيسار لا تحفل بــه * * * تُمس في ضعف وسقم وعلـل
واحتفل بالضأن إن كنت فتى * * * زاكي العقل ودع عنك الكسل
من كباب وضلوع قد زكت * * * أكلها ينفي عـن القلب العلل

وعلى كلٍّ....فهو طريف الفكرة, خفيف الروح...رحمه الله

فائدةٌ لُغَوِيّة:
الوليمةُ: طعامُ العُرْس, والإعْذارُ: طعامُ الختان, والخُرْس: طعامُ الولادة, والوكيرة: طعامُ البناء
والنقيعَة: طعامُ القدوم من سفر, وكُل طعامٍ صُنع لدعوة فهو مأدُبة-بفتح الدال وضمها-
والمَضِيرة: طعامٌ يُتّخذ باللبن الماضر وهو الحامض
واللفيتة: العصيدة, واللهيتة: العصيدة الرخوة, والسخينة: دون ذلك قريب من الحَساء
والخزيرة: لحمٌ يُقَطّع صغارًا ويُصَب عليه ماءٌٌ كثير فإذا نضج ذُرّ عليه الدقيقٌ
والربيكة: طعامٌ يُتخذ من بُرٍّ وتمر, والحيس: طعامٌ يُجْمعُ من أخلاط وهي التمر والأقِط والسمن
والآصية: مثل الحساء
والرغيدة: لبن حليب يُغْلَى ثم يُذَرُّ عليه الدقيق حتى يختلط فيُلْعق لعْقًا
والفريقة: طعامٌ يُتخذُ للنفساء من التمر والحلبة
والقديد والفئيد: الشواء
والحنيذ: المشوي بالرضاف وهي الحجارة المُحماة!!
....الخ) انتهى بتصرفٍ يسير من (كفاية المتحفظ ونهاية المتلفظ) لابن الأجدابي الطرابلسي-رحمه الله
وهذ الكتاب من ذخائر اللغة وأعلاقها النفيسة, وهو من مفاخر إخواننا الليبيين, تناوله العلماء حفظاً ونظمًا وشرحا, وأحسن شروحه هو(شرح محمد بن الطيب الفاسي)
قلت: والتفسير الذي ذكره للحنيذ بمعنى (السلاة) عندنا في شرق السودان, وعلى هذا يكون هو الطعام الذي قدّمه خليلُ الرحمن إبراهيم عليه السلام لضيوفَه الملائكة المكرمين كما قال تعالى:
(ولقَد جاءت رُسُلنا إبراهيم بالبُشرى فقالوا سلامًا قال سلامٌ فما لبث أن جاء بعجلٍ حنيذ) الآية من سورة هود
والعجلُ موصوفٌ في سورة الذاريات بأنه سمين كما قال تعالى: (فراغ إلى أهله فجاء بعجلٍ سمين)
وهذا يدلّ على كرم ######اء خليل الرحمن
والذي رأيتُه في (أضواء البيان) للشنقيطي رحمه الله في تفسير الحنيذ: أنه المُنَضّج..
والعلم عند الله تعالى

والسلام

وكتب: الفقير إليه تعالى
العاجز: عبد العزيز علي جامع
كان الله له