فيصل محمد صالح : مشروع الجزيرة وطعن الفيل الآخر

فيصل محمد صالح : مشروع الجزيرة وطعن الفيل الآخر


09-11-2010, 10:32 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1284240751&rn=1


Post: #1
Title: فيصل محمد صالح : مشروع الجزيرة وطعن الفيل الآخر
Author: فتحي الصديق
Date: 09-11-2010, 10:32 PM
Parent: #0

طعن الفيل الآخر

فيصل محمد صالح


استثمر البعض في فضيحة المتعافي ببيع مشروع الجزيرة، لصالح أجندة أخرى، وتركوا الفيل، لا ليطعنوا ظله، ولكنهم طعنوا فيلاً آخر، باعتبار أن كل الأفيال من فصيلة واحدة. والكتّاب الاسفيريون تركوا حكومتهم التي تستحق شرعاً الحجْر عليها، وذهبوا ليحاكموا ويسبوا ويلعنوا الحكومة المصرية، فماذا فعلت مصر؟
ضاقت الأرض الزراعية في مصر على سكانها، ولم يعد ما تنتجه كافيا لإطعام الشعب المصري الذي يزيد عدد سكانه على ثمانين مليوناً، وبذلت جهوداً في استصلاح الأراضي الصحراوية رغم تكلفتها الهائلة، واستوردت كل ما تستطيع استيراده. ثم فكرت وقدرت أن هناك أراض شاسعة غير مستثمرة في بلاد السودان الشقيقة يمكن استصلاحها والزراعة عليها لمصلحة البلدين، فهل هذا تفكير غير مشروع أو كفر أو خروج على علاقات تبادل المصالح العادية والطبيعية في كل الدنيا؟ كلا ليس في هذا التفكير أي خروج على قواعد تبادل المنفعة والمصالح، وليس فيه تفكير استعماري أو محاولة احتلال، بل هو جهد وعمل حكومة راشدة ورشيدة من أجل مصلحة شعبها، وهو عمل وتفكير تؤجر وتثاب عليه.
أما المتوقع فعله من جانب الحكومة السودانية، فهو ما كان متوقعاً من أي حكومة رشيدة تريد أيضاً مصلحة شعبها وبلادها، وتريد في نفس الوقت تبادل المنافع والمصالح مع الجارة الشقيقة، وهو أن تسلح نفسها بالمعلومات والأفكار والمقترحات، وتضع عدداً من التصورات والمقترحات التي تحقق مصلحة السودان وشعبه في هذه الصفقة، باعتبار أن الجانب المصري كفيل بالبحث عن مصلحة الشعب المصري أيضاً، ومن خلال التفاوض والنقاش والتنازلات المتبادلة يمكن ان يصل الطرفان لاتفاق يحقق مصلحة البلدين والشعبين.
ولست خبيراً زراعياً لأقدم مقترحات محددة، لكني أتصور أن النقاش سينحصر في المناطق التي بها أراضٍ شاسعةٍ صالحةٍ للزراعة ولم يستثمرها السودان حتى الآن، وربما ليست هناك خطط لاستثمارها في المستقبل القريب، ثم ستكون هناك تصورات سودانية حول الفائدة المتوقعة من الاستثمار المصري بالحصول على نسبة من المنتجات بأسعار تفضيلية مثلا، أو قيام مشروعات موازية لفائدة سكان تلك المناطق، بجانب ربط التفاوض بملفات أخرى للحصول على تنازلات حولها.
ومن المؤكد أن الحديث عن إعداد تصورات ومقترحات يعني إشراك كل الجهات الفنية المتخصصة في الإعداد لجولة التفاوض والاستئناس بآراء خبراء من خارج الإطار الحكومي، باعتبار أن الموضوع يستهدف مصلحة وطنية عليا.
لكن ما حدث أن السيد وزير الزراعة، ولا أظنه يتصرف بمفرده أو دون تفويض حكومي قوي، انفرد بالملف والتفاوض وتعامل بعقلية السمسار التي كان يتعامل بها عندما كان والياً على الخرطوم، وكأنه يتفاوض على قطعة أرض في المنشية أو كافوري، وقدم للجانب المصري مليون فدان في مشروع الجزيرة، أخصب وأفضل مساحة زراعية، ربما في كل القارة الأفريقية، تروى انسيابياً، ولها تاريخ وتجربة.
هل كان من المفترض أو المتوقع أن يقول الجانب المصري للمتعافي:" لا ياعم موش عايزين الأرض دي، لأنها خصبة وجاهزة، والأفضل أن تبحث لنا عن ارض أخرى في صحراء العتمور أو ضواحي البطانة أو طوكر"؟
لم تخطئ مصر ولم تستعمر أو تحتل أرضاً، لكنها تفاوضت مع حكومة الواقع في الخرطوم التي باعت كل شيء، فمن غضب لذلك واعتبره بيعاً للشرف والعرض فليصوب غضبه نحو من يستحق

جريدةالاخبار 8 سبتمبر2010